‏إظهار الرسائل ذات التسميات اقتصاد. إظهار كافة الرسائل

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/17/2022 10:25:00 ص

ما الذي يحدث في الصين اليوم؟ وإلى أين قد يصل؟
 ما الذي يحدث في الصين اليوم؟ وإلى أين قد يصل؟
تصميم الصورة : وفاء المؤذن  
السيد "أندرو ليفت" هو أحد كبار المستثمرين الذين يمتلكون خبرةً كبيرةً في اقتناص الفرص وصيد الشركات الضعيفة، التي تقوم أعمالها على أموالٍ وهمية، فهو بارعٌ في فضح مثل تلك الشركات وإعلان انهيارها وتوضيح أسباب ذلك بتقارير رسمية، وقد بزغ نجمه في سنة 2012، عندما أصدر تقريراً تحليلياً قال فيه بأن دراسته لشركات العقارات الصينية أدت إلى استنتاج أن إحدى الشركات، وتدعى "إيفر غراوند"، على وشك الانهيار، فهي مدينةٌ بأكثر من 12 مليار دولار، وما أن أصدر "أندرو" ذلك التقرير، حتى منعته الصين من التداول والاستثمار داخل أراضيها، وفرضت عليه حظراً شاملاً، ولكن، وبعد أقل من عشر سنواتٍ، تبيّن بأن تقريره كان صحيحاً، فقد صدقت توقعاته، عندما انهارت تلك الشركة وأصبحت حديث العالم بديونٍ تجاوزت 310 مليار دولار، فهل هذا يُعتبر بداية أزمةٍ في الصين قد تتطور إلى أزمةٍ عالمية؟ ما هي حقيقة ما يحدث في الصين في الآونة الأخيرة؟ لنكتشف ذلك معاً.

ما الذي يحدث في الصين اليوم؟

تعثّرت ثاني أكبر الشركات العقارية الصينية في سداد فوائد قروضها، البالغة 84 مليار دولار، فماذا ستفعل بمبالغ القروض الواصلة إلى أكثر من 310 مليار دولار؟

قد لا يبدو هذا الرقم كبيراً أمام |الاقتصاد الصيني|، الذي يتجاوز حجمه 16 تريليون دولار، ولكن الأنظار تتجه نحو المخاوف من تكرار الأزمة المالية الأمريكية التي حصلت عام 2008، والتي بدأت كأزمةٍ عقاريةٍ أيضاً، ثم تفاقمت عندما تعثّر أحد البنوك الكبيرة بسداد قروضه، وما يزيد مخاوف المستثمرين، هو عدم ثقتهم بدقّة الأرقام المعلنة، فقد يكون العجز الحقيقي أكبر من ذلك بكثير، ولو انهارت تلك الشركة فإن البنوك التي أقرضتها ستعجز عن استرداد أموالها وقد تنهار أيضاً، وهنا نتحدث عن أكثر من ثلاثمئة بنك صيني وأجنبي.

أحجار الدومينو

 لم تكن مشكلة الشركة العقارية مع البنوك فقط، فقد عجزت الشركة أيضاً عن تسديد التزاماتها للعاملين لديها وللموردين أيضاً، ومبالغ هذه الالتزامات ليست قليلة، فلقد اقتربت من مئة وستين مليون دولار، وهذا أيضاً سيعني تأثر الشركات المورّدة في حال انهيار الشركة العقارية المذكورة، وستتأثر شركاتٌ أخرى بذلك، فكأن المسألة أصبحت شبيهةً ب|أحجار الدومينو|، فإذا سقطت إحدى القطع تلتها باقي القطع تباعاً.

ردود أفعال الناس

ما أن انتشر خبر العجز المالي الذي وقعت فيه تلك الشركة العقارية، حتى انهمر الناس إلى الشوارع كالسيل العارم، يطالبون الشركة بأموالهم التي دفعوها لقاء مشاريع مختلفة، فتلك الشركة تمتلك أكثر من ألف وثلاثمئة مشروع سكني في مئتين وثمانين مدينةٍ صينية، أي أكثر من مليون وحدة سكنية غير مكتملة، وبما أنها لم تكتمل فهي لن تُباع، ناهيك عن آلاف العاملين لدى الشركة الذين أخذوا جزءاً من مستحقاتهم كأسهمٍ في الشركة، فمع انهيار سعر السهم أصبحت خسائر الناس هائلة.

اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/11/2022 06:37:00 م
عندما كان الألمنيوم أغلى من الذهب - الجزء الثالث
عندما كان الألمنيوم أغلى من الذهب - الجزء الثالث
تصميم الصورة : وفاء المؤذن  
استكمالاً لما ورد بالمقالة السابقة 

بعد الصدمة التي تلقاها "هول" عندما فشل في تسجيل اختراعه حول كيفية فصل الألمنيوم عن خاماته، كان عليه أن بفعل شيئاً ما لاستعادة حقه وإثبات أسبقيته في ذلك الاختراع. 

هل استسلم "تشارلز هول" للهزيمة؟ وماذا فعل؟

 لم يتقبّل "تشارلز هول" أن يكون غيره قد سبقه إلى اختراعه الذي تعب عليه كثيراً، فتقدم بشكوى إلى المحكمة بحجة أنه سبق "هيرولد" باكتشافه، ولأنه كان يسجّل على الأوراق كل ما يصل إليه في أبحاثه بكلِّ دقة، فقد استطاع أن يثبت أسبقيته في ذلك الاكتشاف، وهذا ما أقرّته المحكمة بعد عدة سنوات، ولكن كلا الباحثين احتفظا بحقهما في براءات الاختراع المتعلّقة بذلك الاكتشاف، ومع الوقت أصبحا صديقين وأصبحت طريقة فصل| الألمنيوم| عن خاماته تعرف باسم "هول هيرولد" تقديراً لهما.

هل هناك صدفٌ أخرى جمعت الصديقين المتنافسين؟

أدّت طريقة "هول هيرولد" إلى تخفيض تكاليف انتاج الألمنيوم بشكلٍ كبير، فأصبح انتاج الكيلو يكلّف بضع سنتاتٍ فقط، فأصبح الألمنيوم معدناً شائع الاستخدام كثيراً في كلِّ بقاع الأرض، وأصبح الحصول عليه سهلاً، ولكي تكتمل سلسلة الصدف التي جمعت بين "هول" و"هيرولد"، فقد توفي كلاهما في نفس السنة (1914) وبنفس المرض أيضاً وبفارق أيامٍ فقط، ومن الجدير بالذكر أن "هول" تمكّن سنة 1910 من جني 30 مليون دولار، وهي أكبر ثروةٍ تمَّ جنيها من خلال براءة اختراعٍ في العالم، فهي تعادل حوالي 35 مليار دولار اليوم، وقد تبرّع بكل تلك الثروة للأعمال الخيرية لأنه لم يتزوج ولم ينجب، بل أنفق حياته على أبحاثه فقط وخاصةً ما يتعلّق منها بالألمنيوم واستخداماته.

هل فقد الألمنيوم قيمته عندما أصبح رخيصاً؟

أصبح الألمنيوم اليوم معدناً استراتيجياً على مختلف الأصعدة، فقد دخل جميع المنازل والمصانع، وأصبح عنصراً أساسياً في الكثير من الصناعات، بدءاً من |الأدوات المنزلية|، ومروراً بالأدوات الكهربائية وخطوط نقل الكهرباء، وليس انتهاءً بالصواريخ والطائرات و|المركبات الفضائية|، ومع أنه أصبح رخيصاً ومتوفراً بكثرة والحصول عليه سهلٌ وغير مكلف، إلا أنه يبقى محتفظاً بقيمته وأهميته التي لا ينافسه عليه أي معدنٍ آخر، ما يعني أن القيمة الحقيقة لأي شيءٍ قج لا تقترن بقيمته المادية.

 ومن الواضح بأن اكتشاف أي عنصرٍ جديدٍ في الطبيعة قد يفتح آفاقاً جديدةً وقد يُحدث ثورةً ما، فما هي المعادن أو العناصر التي تشغل بال الباحثين اليوم؟ إذا كانت لدى القارئ أية إجاباتٍ فنتوقع أن يشاركنا بها، وأن يشارك المقال مع أصدقائه.  

سليمان أبو طافش 


مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/11/2022 06:36:00 م

عندما كان الألمنيوم أغلى من الذهب - الجزء الثاني.
عندما كان الألمنيوم أغلى من الذهب - الجزء الثاني.
تصميم الصورة : وفاء المؤذن
  
استكمالاً لما ورد بالمقالة السابقة
أصبحنا نعرف اليوم بأن معدن الألمنيوم متوفرٌ بكثرةٍ في القشرة الأرضية، فهو يشكّل 8% منها تقريباً، ولكن فصله عن خاماته لم يكن متاحاً قبل أن ينجح العالم الألماني "فريدريك فولر" بذلك سنة 1845، والذي تمكن من معرفة بعض خصائصه، وهذا ما أثار الكثير من المشاكل بين الباحثين حول العالم، فقد تبين أن ذلك المعدن حديث الاكتشاف يتمتع بالقوة وخفّة الوزن والمرونة، ولكن التحدي الأصعب كان إيجاد الطريقة المجدية تجارياً للحصول على كمياتٍ كبيرةٍ منه بأقل التكاليف.

نابليون الثالث يتبنى مشروعاً لإنتاج الألمنيوم

 في سنة 1854 أعلن العالم "روبرت بنزن" عن طريقة لإنتاج الألمنيوم ولكن بكمياتٍ قليلة، ثم قام الفرنسي "هنري إتيان" سنة 1855 في أحد المعارض في باريس بعرض سبيكةٍ من الألمنيوم الخالص، بعد أن نجح في الوصول إلى طريقةٍ معقولةٍ ولكنها مكلفة لفصله عن خاماته، فتنبّه للأمر إمبراطور فرنسا "|نابليون الثالث|" الذي أراد الحصول على كمياتٍ كبيرةٍ من ذلك المعدن لأهدافٍ عسكرية من أجل تطوير جيشه وقواته المسلّحة، خاصةً بعد أن عرف خصائص ذلك المعدن وما يعد به مستقبلاً.

إمبراطور فرنسا يتباهى بأدوات طعامه المصنوعة من الألمنيوم

قدّم "نابليون الثالث" ميزانيةً مفتوحةً للعالم "|هنري إتيان|" لكي ينجح في إنتاج كمياتٍ كبيرةٍ من |الألمنيوم|، فتمكّن فعلاً من تطوير أدواته ووسائله حتى نجح بتخفيض تكاليف الإنتاج بشكلٍ ملحوظ خلال بضع سنوات، ولكن تكلفة انتاج الكيلو الواحد من الألمنيوم بقيت مرتفعةً وتصل إلى خمسةٍ وثلاثين دولار، فقرّر الامبراطور وقف المشروع وحوّل جميع الكمية المنتجة إلى صناعة الأدوات المنزلية، وصار يتفاخر بأنه يتناول الطعام بأدواتٍ من الألمنيوم، بينما كان خدم قصره يتناولونه بأدواتٍ من الذهل والفضة، ومن الجدير بالكر هنا أن إنتاج العالم كله من الألمنيوم آنذاك كان لا يتعدّى طنين سنوياً.

أقدم شرمة لإنتاج الألمنيوم

كان "تشارلز هول" طالباً في إحدى الجامعات الأمريكية عندما استمع من أحد مدرسيه إلى انشغال الكيميائيين حول العالم بالبحث عن طريقةٍ رخيصةٍ لاستخراج الألمنيوم، وأدرك حينها أن من ينجح بذلك سيقدّم صنيعاً هاماً جداً للبشرية، وسيحصل على ثروةٍ هائلة، خاصةً بعد أن قرأ كتاباً حول ذلك، فقرّر أن يكون ذلك الشخص، وبعد الكثير من الجهد والوقت، نجح فعلاً في تحقيق ذلك، فكان أحد مؤسسي أكبر وأقدم شركة لإنتاج الألمنيوم في العالم، هي شركة "ALCOA" الأمريكية التي لا زالت قائمةً حتى الآن.

جمعتهما صدفٌ غريبة ووصلا إلى نفس النتيجة

في مكانٍ آخر من العالم وتحديداً في فرنسا، ولد "بول هيرولد" في نفس سنة ميلاد " تشارلز هول" وهي سنة 1863، وبالصدفة قرأ نفس الكتاب الذي قرأه "هول" وجذبه نحو البحث عن طريقةٍ رخيصةٍ لإنتاج الألمنيوم، وقرّر أيضاً أن يكون الشخص الذي يكتشف تلك الطريقة، وقرّر كذلك أن يستخدم الكهرباء بفصل الألمنيوم عن خاماته، وهذا ما فكّر به "هول" أيضاً، وقد توصل كلا الباحثين إلى نفس الطريقة في نفس الوقت تقريباً، ولكن "هيرولد" سجّل اختراعه في 23 إبريل سنة 1986، أما "هول" فقد حاول تسجيله في 22 مايو من نفس السنة، ولكنه انصدم كثيراً عندما علم أن هناك من سبقه إلى ذلك الاختراع.

اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/11/2022 06:35:00 م

عندما كان الألمنيوم أغلى من الذهب - الجزء الأول -
 عندما كان الألمنيوم أغلى من الذهب - الجزء الأول -
تصميم الصورة : وفاء المؤذن
  
أرسل الزعيم السوفيتي الأسبق "جوزيف ستالين" سنة 1941 وفي خضّم أحداث الحرب العالمية الثانية، رسالةً إلى الرئيس الأمريكي طلب منه فيها ثلاثين ألف طنٍ من الألمنيوم، لكي يضمن فوزه على ألمانيا في تلك الحرب، وقد يبدو هذا المطلب غريباً للوهلة الأولى، فقد كان من الأجدى بالرئيس السوفيتي أن يطلب الأسلحة أو المساعدات المادية والعسكرية، ولكنه طلب الألمنيوم، فلماذا الألمنيوم بالذات؟ وما هي قيمته وأهميته في زمن الحرب؟

لماذا اجتاحت ألمانيا حليفتها المجر؟

عندما أشعل هتلر فتيل الحرب العالمية الثانية، كان معتمداً على امتلاكه أكبر مصدرٍ للألمنيوم وقتها، فقد كان ضامناً وجود المجر في جانبه، وكانت المجر آنذاك الدولة الأولى عالمياً في احتياطي مادة "البوكسايت"، التي تعتبر المادة الخام للألمنيوم، وكانت الخامات المجرية هي الأكثر جودةً في العالم كلّه، وذلك كان المورد الأساسي لهتلر الذي سمح له ببناء ترسانته من الأسلحة وخاصةً الطائرات، وهذا ما جعل |هتلر| يجتاح المجر سنة 1944 عندما فكّرت بإبرام صفقةٍ من الحلفاء ومغادرة الحرب.

بريطانيا حوّلت أدوات المطبخ إلى أسلحة

في بريطانيا لا يوجد الكثير من خامات "البوكسايت"، وكان جلب تلك الخامات من الولايات المتحدة أو المستعمرات البريطانية محفوفاً بالكثير من المخاطر، فالسفن التي ستحمل تلك الخامات ستكون فريسةً سهلةً للغواصات الألمانية المتقدمة والمنتشرة في كل مكان، وهذا ما جعل |الحكومة البريطانية| آنذاك تناشد الشعب البريطاني لكي يتبرّع بكل ما لديه من أوانٍ منزليةٍ من الألمنيوم لصالح المجهود الحربي، لكي يتمِّ تحويلها إلى أسلحة، وهذا فعلاً ما حصل.

من الذي جعل الألمنيوم يغزو كافة مجالات الحياة؟

أصبح معدن الألمنيوم متوفراً بكثرةٍ اليوم، ويستخدم في الكثير من الصناعات، ولكنه لم يكن متوفراً لهذه الدرجة قبل قرنٍ ونصفٍ من الآن، ويعود الفضل في وفرة الألمنيوم الحالية إلى شخصين هما الفرنسي "بول هيرولد" والأمريكي "تشارلز هول"، وقد جمعت هذين الشخصين مجموعةٌ من الصدف الغريبة، فما هي قصة هذين الرجلين مع الألمنيوم؟ وما الذي فعلاه لجعل تلك المادة المهمّة متوفرةً على النحو الذي نراه اليوم؟ وما هي تلك الصدف التي جمعتهما؟

اكتشاف الألمنيوم لأول مرة

تم اكتشاف الألمنيوم قبل قرنين من الزمن فقط، فهو عادةً لا يتواجد منفرداً في الطبيعة، بل يكون مع عناصر أخرى، وفصله عن تلك العناصر لم يكن سهلاً، وأوّل من أعلن عن اكتشاف الألمنيوم كان العالم الإنكليزي "|همفري ديفي|" الذي اكتشف أولاً ما يسمى أكسيد الألمنيوم، وهو مركبٌ من الألمنيوم والأكسجين، ولكنه لم ينجح في فصل الألمنيوم عن الأكسجين أبداً، حتى قام العالم الفرنسي "بيير بارتيه" سنة  1821 باكتشاف خامات تحتوي على أكسيد الألمنيوم فأسماها "البوكسايت" نسبةً لمكان اكتشافها، ثم تبين أن هذه الخامات متوفرةٌ في الكثير من دول العالم.

اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/09/2022 10:14:00 م

ماحقيقة حرق الصين لشركاتها - الجزء الثالث- تصميم الصورة وفاء مؤذن
ماحقيقة حرق الصين لشركاتها - الجزء الثالث
 تصميم الصورة وفاء مؤذن

سنكمل كما ذكرنا في مقالنا السابق عن عقوبات بعض الشركات والسياسات الحكومية الجديدة.

عقوبات حكومية على بعض الشركات

عندما رفضت شركة "|ديدي|" عملاقة النقل التشاركي الانصياع للتحذيرات الحكومية، وبعد أن طرحت أسهمها في البورصة الأمريكية بيومين فقط، قامت الحكومة الصينية بمنعها من تسجيل مستخدمين جدد، وحذفت تطبق الشركة الإلكتروني من متاجر التطبيقات الصينية، وفتحت العديد من التحقيقات معها حول الاحتكار وسوء استغلال البيانات وغيرها.

خسائر هائلة لكبرى الشركات الصينية

تُثير الإجراءات والقوانين الصينية الجديدة، مخاوف الشركات المختلفة وكبار |المستثمرين|، ولا أحد يعلم إلى أين ستصل نتائج تلك الإجراءات، ولا أحد يعلم عند أي حدٍ سوف تتوقف، ولكن الواضح بأنها تؤثر سلباً على أرباح الشركات، خاصةً وأن معظم الشركات مرتبطةٌ ببعضها البعض بشكلٍ أو بآخر، وهذا يعني بأن تأثر أية شركةٍ سينتقل بسرعةٍ إلى بقية الشركات، وقد أصدرت الصين مؤخراً، مخططاً مدته خمس سنوات لإعادة تشكيل قطاع شركات التكنولوجيا الصينية.

لماذا تفعل الصين ما تفعله مع كبرى شركاتها

السبب الرئيسي الذي تظهره الحكومة الصينية متعلقٌ بالبيانات، فتوفر هذه الكمية الكبيرة من البيانات بين يدي عدد محدد من أسياد التكنولوجيا يجعلهم يحتكرون السوق كله، وهذا سيمنع قيام الابتكارات الجديدة التي تحتاجها الصين في مجالاتٍ محددةٍ لكي تستطيع الاستمرار والصمود في حربها التجارية مع الولايات المتحدة، خاصةً بعد فرض الكونغرس الأمريكي على الشركات الأجنبية مشاركة المزيد من البيانات والتفاصيل مع الحكومة الأمريكية، والصين ترفض تماماً مشاركة أية بيانات مع الولايات المتحدة.

صراعاتٌ تحت الطاولة: الشركات الصينية المساهمة في |البورصة الأمريكية| مثل "ديدي" و"علي بابا" يتوجب عليهم المشاركة ببياناتهم مع الحكومة الأمريكية، تجنباً لإخراجهم من البورصة الأمريكية والخسائر المترتبة على ذلك، ولهذا طلبت الحكومة الصينية من شركاتها عدم الدخول في البورصة الأمريكية، فكان على الشركات الصينية التي لم تمتثل لطلبات حكومتها تحمل العواقب، فأمريكا تبحث دائماً عن أية وسيلة للضغط على الصين.

خلاصة الحديث: إن |الحرب التجارية| بين الصين والولايات المتحدة بلغت أشدها، وكلٌّ منهما قد يلجأ لأية وسيلةٍ لكسب الحرب، ولذلك ستفعل الحكومة الصينية كل ما بوسعها لإعادة ترتيب بيتها الداخلي انطلاقاً من شركاتها الكبرى وخاصةً التكنولوجية منها، فالتكنولوجيا هي محور الاقتصاد المستقبلي، ولا بأس بخسارة بعض الشركات لبعض المليارات من الدولارات بمقابل المكاسب المتوقعة عند السيطرة على تكنولوجيا واقتصاد المستقبل.

وجهة نظرٍ مختلفة

من جهةٍ أخرى، يمكننا التوقع بأن الحكومة الصينية تخطط لمستقبلٍ مختلف، فهي تطمح لإنتاج منتجاتٍ تكنولوجيةٍ متفوقةٍ وذات مواصفاتٍ عالية، تغزو بها العالم، والشركات الكبرى الحالية، قد تعيق طموحاتها المستقبلية، فربما هي تخطط لإضعاف تلك الشركات لكي تسمح لشركاتٍ أخرى بالصعود، بحيث يمكنها الاعتماد على تلك الشركات الجديدة في خططها المستقبلية، والدليل على ذلك هو ظهور الكثير من الشركات الحديثة في السنوات القليلة الماضية، فالحكومة تحاول تحجيم الشركات الكبرى لتعطي الشركات الجديدة التي تراهن عليها فرصة إثبات نفسها.

إذا كان لديك رأيٌ آخر حول ما طرحناه، فنرجو منك أن تشاركنا به. 

بقلمي: سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/09/2022 10:13:00 م
ماحقيقة حرق الصين لشركاتها - الجزء الثاني- تصميم الصورة وفاء مؤذن
ماحقيقة حرق الصين لشركاتها - الجزء الثاني
 تصميم الصورة وفاء مؤذن
سنكمل كما ذكرنا في مقالنا السابق عن جاك ما.

 مخاوف الحكومة الصينية

مهما زادت ثروة "جاك ما" ومكانته، فهو سيبقى مواطناً صينياً، ولذلك لم تكن |الحكومة الصينية| راضيةً عن علو شأنه الكبير هذا، وخاصةً في ظل الحرب التجارية المشتعلة بين الصين وأمريكا، والتصريحات التي أطلقها "ما" بضرورة انهاء هذه الصراعات العبثية الغبية بين البلدين، وكل ذلك دفع الحكومة الصينية للالتفات أكثر إلى |رجال الأعمال| الصينيين عامةً، والقوة الكبيرة التي يسيطرون عليها، ما قد ينعكس سلباً على سياسات الصين الخارجية في المستقبل.

خططٌ حكوميةٌ مستقبلية: إذا أرادت الحكومة الصينية البقاء على فكرها الشيوعي ومبادئه، فعليها تحجيم القوة الكبيرة التي يتمتع بها رجال الأعمال الصينيين، فبدأت بشركة |ant group| المملوكة لجاك ما، وهي أكبر منصةٍ للدفع في الصين، مع ما يزيد عن مليار مستخدم، منهم 80 مليون تاجر صيني، يتداولون أكثر من 18 تريليون دولار سنوياً، وما يميز هذه الشركة أنها تقدم بعض الخدمات بجانب خدمات الدفع الالكتروني، كالقروض وعروض التقسيط وإدارة الثروات وخدمات التأمين وغيرها.

بداية "آنت غروب"

عندما انطلقت شركة |آنت غروب|، قدمت نفسها كشركةٍ تكنولوجية، معتمدةً بشكلٍ رئيسي على الذكاء الصناعي، فمن خلال قواعد البيانات الهائلة التي تمتلكها عن معظم الصينيين، كانت قادرةً على دراسة وضع كل شخصٍ وتقرير إمكانية منحه أية خدماتٍ كالقروض مثلاً، وعند الموافقة على منح أي شخصٍ لأي قرض، فإن مبلغ القرض سيتحول خلال نصف دقيقةٍ فقط إلى حساب المقترض بدون أية ضمانات، وهذا يشكّل لقطاع البنوك الصينية تهديداً خطيراً يجب القضاء عليه.

أين أصبح "جاك ما" اليوم

لم تكن البنوك والمؤسسات المصرفية الصينية مسرورةً من عمل "جاك ما"، وهو أصلاً لم يحصل على أية تصاريح أو موافقاتٍ منها ليمارس عمله، فقام البنك الصيني المركزي بتحذير جاك ما وشركته، ولكن جاك لم يكترث لذلك واستمر في العمل والنماء، حتى بداية عام 2020، عندما قرر جاك طرح شركة آنت غروب للاكتتاب العام في البورصة، متوقعاً الحصول على أرباح تتجاوز 37 مليار دولار، ولكن الحكومة الصينية حذرته لضرورة عدم فعل ذلك حالياً، غير أنه لم يكترث لتحذيراتها كعادته، وأكمل مشروعه حتى تدخل الرئيس الصيني شخصياً وأوقف الاكتتاب، وتشكلت لجان تحقيق مع جاك ما الذي اختفى منذ ذلك الوقت.

إجراءات وقوانين حكومية جديدة: منذ اختفاء جاك ما فإنه لم يظهر سوى مرةٍ واحدةٍ فقط، عبر شاشة التلفاز الصيني الرسمي، ثم عاد للاختفاء، ثم فُتحت لشركة علي بابا قضايا متعددة حول الاحتكار ومخالفة أنظمة العمل الصينية، حيث يتم إجبار العاملين على العمل منذ الساعة التاسعة صباحاُ حتى التاسعة مساءً خلال ستة أيامٍ في الأسبوع (الرقم 996 المذكور سابقاً)، وهو عملٌ مرهقٌ جداً، ولهذا فقد فتحت الحكومة الصينية الكثير من الملفات المشابهة للكثير من الشركات الصينية، وهذا دفع الحكومة الصينية إلى اتخاذ الكثير من الإجراءات والقوانين الجديدة.

الأطفال والبيانات

قامت الحكومة الصينية بهجمةٍ شرسةٍ على كبرى الشركات الصينية للتكنولوجيا، وقامت بإجراءاتٍ تنظيميةٍ للعديد من الشركات الصينية، مثل شركة تينسنت، عملاق ألعاب الفيديو، المتهمة باستخدام خوارزميات تجعل الأطفال مدمنين على ألعاب الفيديو، ففرضت الحكومة قوانين لمنع الأطفال دون سنٍ معينةٍ من استخدام تلك الألعاب، ولكن تطبيق تلك القوانين سيتسبب بخسائر كبيرةٍ في الأرباح للشركة، كما تواجه شركة تينسينت بعض التهم بسوء استخدام البيانات، بالإضافة للاحتكار.

اقرأ المزيد في الجزء الثالث.

بقلمي: سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/09/2022 10:12:00 م
ماحقيقة حرق الصين لشركاتها - الجزء الأول - تصميم الصورة وفاء مؤذن
ماحقيقة حرق الصين لشركاتها - الجزء الأول
 تصميم الصورة وفاء مؤذن 
استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية سبعينيات القرن العشرين، أن تفرض نفسها كقوةٍ عظمى، بعد أن تفوّقت على الاتحاد السوفيتي في شتّى المجالات، ولكن هذا لم ينهِ الحرب الباردة بينهما بل جعلها تتأجج، ولكن العالم بدأ يدرك حينها، بأن الفكر الرأسمالي في طريقه إلى السيطرة على العالم وإلى تحجيم الفكر الشيوعي، وخاصةً بعد الانتصار الأمريكي الكبير في مجال علوم الفضاء، عندما نجحت في إرسال البشر إلى القمر، ولكن فرحة الأمريكيين لم تكتمل، لأنهم سرعان ما تنبهوا إلى خطرٍ أكبر يهدد سيادتهم.

الخطر القادم من الشرق

برزت الصين كقوةٍ بشريةٍ عظمى، بسبب عدد سكانها الكبير، ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأت الصين تخطو بسرعةٍ نحو النمو الاقتصادي، ما جعل الحكومات الأمريكية المتعاقبة تأخذ حذرها من هذا المارد النائم الذي بدأ يصحو، والأخطر بالنسبة للأمريكيين كان السلطة الشيوعية الحاكمة في الصين، وهذا كله دفع الرئيس الأمريكي نيكسون إلى زيارةٍ تاريخيةٍ إلى الصين، ليفتح أبواب العلاقات بين البلدين.

خطط أمريكية مستقبلية بشأن الصين

اعتقد الأمريكيون بأن العلاقات السياسية والسياحية والتجارية الجيدة مع الصين، ستؤدي مع الوقت، إلى تخلّيها عن فكرها الشيوعي وتوجهها نحو الفكر الأمريكي الرأسمالي، وبالفعل بدأت الصين تتخلى عن بعض مفاهيمها الشيوعية وراحت تستبدلها بمفاهيم رأسمالية تناسبها، ورغم البطء الشديد في ذلك التحول إلا أنه بدأ بالفعل، وما يدل على ذلك هو وجود العديد من الشركات الصينية العملاقة، فبدأ بذلك يتحقق ما تنبأت به الولايات المتحدة، بأن يمتلك رجال الأعمال الكبار زمام الأمور في الصين.

مؤشراتٌ لا تُنبئ بخير

في كلمةٍ ألقاها أحد كبار رجال الأعمال الصينيين، في عام 2020، انتقد بعض رموز الدولة الصينية، وهذا ما لم نكن نجده في الصين قبل عدة سنوات، ومع أن انتقاده لم يكن لاذعاً، بل كان أشبه بتلميحٍ بسيط، إلا أن ردود الأفعال كانت غير متوقعة، ففجأةً بدأت |الشركات الصينية| العملاقة تنهار واحدةً تلو الأخرى، فما الذي يحدث فعلاً وراء الكواليس الصينية؟

كلمات جديدة تظهر في الصين: انتشرت في الصين منذ سنوات، بعض المفردات الجديدة التي تفرض نفسها على |الاقتصاد الصيني|، مثل شركة |علي بابا| ومؤسسها "|جاك ما|"، والاحتكار، والبيانات التجارية، وطرح أسهم الشركات الصينية في البورصة الأمريكية، بالإضافة إلى رقم 996 الذي سنعرف معناه بعد قليل، ولفهم الأزمة الصينية الحالية، يجب البدء من عند السيد "جاك ما".

من هو "جاك ما"؟ 

عند الحديث عن "جاك ما"، مؤسس شركة علي بابا، فنحن نتحدث عن أحد عمالقة الاقتصاد الصيني، فهو حالياً أشهر شخصيةٍ صينيةٍ في العالم كله، ويتمتع بشخصيةٍ نادرة، ذات حضورٍ مميز، وما يميّزه أنه بدأ برسم صورته العالمية منذ زمنٍ بعيد، وله نشاطاتٌ كثيرة، فقد رأيناه كمحكّمٍ في أحد البرامج المختصة بروّاد الأعمال الأفارقة، كما التقى بالكثير من الزعماء الغربيين، ولعل لقاءه برموز السلطة الأمريكية أسهل من لقاء رجال الحكومة الصينية بهم، فقد ظهر في عام 2017 مع دونالد ترامب قبل عدة أيامٍ فقط من توليه الرئاسة.

اقرأ المزيد في الجزء الثاني.

بقلمي: سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/09/2022 08:07:00 م
هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الخامس- تصميم ريم أبو فخر
هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الخامس
 تصميم ريم أبو فخر 
بعد الذي تم ذكره في الجزء السابق، في الجزء الأخير من مقالتنا (هل الدولار الأمريكي هو حقاً سيد العالم؟)،سنتابع المزيد من الأحداث الهامة في سياق تطور العملات ولاسيما الدولار على مستوى العالم وكيف تأثر بالمشكلات الاقتصادية فضلاً عن قدرته على الصمود خلال الحرب العالمية الثانية.

سنتعرف أيضاً على النظام المعقد التي تملكه أمريكا للمحافظة على قيمة الدولار رغم طباعة |الأوراق المالية| دون حدوث أي تضخم يذكر....لنتابع...

وبدأ على أثر هذا الأمر يزدهر الدولار الأمريكي أكثر وأكثر، ومع الوقت اعتلى الدولار عرش الاقتصاد العالمي.

وذلك لكون جميع العمليات الاقتصادية التي كانت تجري في العالم كانت تتم بالدولار الأمريكي، ووصل العدد الكلي لتداول الدولار حول العالم في 2019 إلى 1.2 تريليون دولار حول العالم.

ماذا حدث بعد حرب فيتنام

عام 1960 طلب الرئيس الفرنسي من أمريكا أن تقوم بإرسال شحنة من الدولارات لفرنسا، إلا أن أمريكا أجلت الموضوع لحين الانتهاء من حرب فيتنام، وبعد الانتهاء من الحرب لم تتمكن أمريكا من إرسال الشحنة المطلوبة لفرنسا، وذلك لأن أمريكا كانت قد أخلت بالاتفاق، فكانت تطبع أوراق من الدولار بدون أن يكون هناك |احتياطي| من الدولار مقابلها، الأمر الذي أثار حفيظة البلدان الحلفاء نتيجة هذا الأمر، ولم يقبلوا تبرير أمريكا بأنها اضطرت لهذا الأمر نتيجة الحرب.

كيف تم الرد على إخلال أمريكا بالاتفاقية

قررت بعض البلدان التي لم تقبل بحكم أمريكا والدولار الأمريكي بعد الآن بأن تحدث عملة جديدة مقابل الذهب يحل محل الدولار الأمريكي، وهنا نشأت العملات البديلة ك|اليورو| في الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل 20 بالمئة من إجمالي عملات الاحتياطي في العالم، أيضاً ظهر |الين الياباني| الذي يشكل 5 بالمئة من إجمالي عملات الاحتياطي في العالم، وغيرها الكثير من العملات التي ظهرت بعد هذا الأمر. 

منذ الوقت الذي أصبحت به الولايات المتحدة الأمريكية دولة عظمى، والنظام الاقتصادي العالمي يمر بالعديد من المراحل المختلفة والتقلبات الكثيرة، إلا أنه ورغم كل هذه التقلبات والمراحل المختلفة، لم تمنع من كون الدولار هو العملة الأقوى في العالم، وهذا الأمر يعود لكون الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الأكثر قوة في العالم، جعلت من الدولار صاحب القوة والتأثير الثابتين على مر الأزمان، منذ وجوده وحتى الآن. 

ودمتم بأف خير.

بقلمي: ميس الصالح

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/09/2022 08:06:00 م
هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الرابع - تصميم ريم أبو فخر
هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الرابع
 تصميم ريم أبو فخر 
بعد الذي تم ذكره في الجزء السابق, في هذا الجزء من مقالتنا(هل الدولار الأمريكي هو حقاً سيد العالم؟) سنتعرف على مهام |المصرف الفدرالي| بالإضافة إلى كيفية استغلال الولايات المتحدة الأمريكية للحرب العالمية الثانية من أجل السيطرة على العالم  ...لنتابع سوياً.

ماهي مهام هذا المصرف الفدرالي

يقوم هذا المصرف الفدرالي بمساعدة |البنوك الخاصة|، بالإضافة إلى مساعدته للدولة التي كان يقوم بتسليفها مقابل فوائد، وكانت طباعة الأموال عند الاحتياج تقوم على أساس وجود احتياطي من الذهب، من أجل المحافظة على قيمة الدولار، وبالفعل أصبح الاحتياطي مصان بطريقة ممنهجة ومدروسة، وأصبح يسلف دول عظمى كثيرة كبريطانيا مثلاً، وبعد الازدهار الاقتصادي الذي قام نتيجة لهذا الأمر، بدأ الدولار يكون عملة قوية جداً، وأصبحت أمريكا تمتلك ثلثي احتياطي |الذهب| العالمي. 

كيف استغلت أمريكا الحرب العالمية الثانية من أجل الوصول للقمة

بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، بدأت الدول المشاركة بها تتدهور أوضاعها من الناحية الاقتصادية، ويعود هذا الأمر إلى النتائج التي نتجت عن الحرب، إلا أن أمريكا ونتيجة لوجود احتياطي كبير من الذهب، استطاعت أن تنجو ليس هذا وحسب، إنما استغلت قوتها الاقتصادية من أجل إقراض الدول والتحكم بهم من خلال هذه الثُّغْرَة، فاجتمع عام 1944 ميلادي 730 مندوب حول العالم ل44 دولة من الحلفاء بدعوة من أمريكا في منطقة اسمها براتون وودز، للإتفاق على شكل النظام الاقتصادي لعمليات إعادة الإعمار، ثالث وأهم أمر كان اعتماد الدولار كعملة بديلة للذهب في العالم، وما كان من الدول الكبرى كفرنسا وبريطانيا وألمانيا إلا الموافقة نتيجة أحوالهم السيئة بفعل الحرب الأخيرة، و|التضخم| الذي كانت تعاني منه هذه البلدان. 

كيف بدأ الدولار يسيطر على العالم

بدأ الدولار يكون العملة العالمية البديلة للذهب لهذا النظام الاقتصادي الجديد، فكانت أي دولة تحتاج شراء أي شيء من دولة أخرى تدفع لها بالعملة الجديدة وهي الدولار.

-في الجزء التالي من مقالتنا (هل الدولار الأمريكي هو حقاً سيد العالم؟)،سنتابع المزيد من الأحداث الهامة في سياق تطور العملات ولاسيما الدولار على مستوى العالم وكيف تأثر بالمسكلات الاقتصادية فضلاً عن قدرته على الصمود خلال الحرب العالمية الثانية 

سنتعرف أيضاً على النظام المعقد التي تملكه أمريكا للمحافظة على قيمة الدولار رغم طباعة الأوراق المالية دون حدوث أي تضخم يذكر....لنتابع...

بقلمي: ميس الصالح

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/09/2022 08:00:00 م

هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الثالث - تصميم ريم أبو فخر
هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الثالث
 تصميم ريم أبو فخر 
 بعد الذي تم ذكره في الجزء السابق، في هذا الجزء من مقالتنا(هل الدولار الأمريكي هو حقاً سيد العالم؟) سنتعرف على كيفية إنقاذ البورصة الأمريكية من خطر الانهيار، ومن هم الأشخاص الذين قاموا بدفع دفة الاقتصاد نحو الأمان، كما أننا سنتعرف على الخطة التي نفذوها بعد ذلك ...لنتابع سوياً.

أسباب الركود الاقتصادي

وذلك لأن كلا المشروعين لم يتمكنا من خلق حالة |استقرار اقتصادي| للولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لأن الناس لم تكن تثق في البنوك، وأنها ستعيد لهم أموالهم لو حدث وأفلست، وهذا الأمر كان يدفع الناس إلى سحب أموالهم من أي مصرف يشاع أنه ممكن أن يفلس، فنتيجة لهذا الأمر كان المصرف يفلس فعلاً كما لو أن النبوءة تتحقق بذاتها. 

كل هذه الأمور كانت تسبب أزمات اقتصادية كبيرة جداً، وبالتالي |ركود اقتصادي| كبير أيضاً وبقي الأمر على هذا الحال لحين قام في عام 1907 إنشاء مصرف كبير جداً وهو ما يعرف في الذعر الأمريكي الكبير، وفي تلك الأثناء وبشكل مفاجئ انهارت البورصة الأمريكية، ونزلت قيمتها 50 بالمئة ،وأكثر من 10 بنوك في الساحل الشرقي الأمريكي أعلنوا إفلاسهم في نفس الوقت. 

كيف أنقذ الوضع

قامت الحكومة الأمريكية بالاستعانة ب |جي مورغان| الذي كان يعتبر في وقت من الأوقات ملك البورصة الأمريكية، والذي كان يملك مصرف باسمه يعتبر من أكبر البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي أكتوبر عام 1907 قام مورغان بمخاطبة رؤساء أكبر البنوك الأمريكية في وقتها من أجل عقد اجتماع لإنقاذ البورصة الأمريكية من المأزق الذي وقعت به، واتفقوا على إنشاء مصرف مركزي للبلاد، وتمكنوا من الحصول على موافقة الكونغرس الأمريكي على مشروع قانون سيقوم بإنشاء هذا المصرف المركزي الأمريكي، واستمرت المناقشات حول هذا الموضوع حتى عام 1913 حيث تم الاتفاق على إنشاء جهاز حكومي فدرالي مؤلف من 12 بنك إقليمي في ولايات مختلفة، مملوكين من قبل رجال أعمال ومصرفيين من نفس الولاية، ومن أجل أن يكون ذو طابع حكومي، شكل له مجلس إدارة مكون من 7 أشخاص يقوم الرئيس الأمريكي باختيارهم، ويحصلون على موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي. 

-في الجزء التالي من مقالتنا (هل الدولار الأمريكي هو حقاً سيد العالم؟)،سنتابع المزيد من الأحداث الهامة في سياق تطور العملات ولاسيما الدولار على مستوى العالم وكيف تأثر بالمسكلات الاقتصادية فضلاً عن قدرته على الصمود خلال الحرب العالمية الثانية 

سنتعرف أيضاً على النظام المعقد التي تملكه أمريكا للمحافظة على قيمة الدولار رغم طباعة الأوراق المالية دون حدوث أي تضخم يذكر....لنتابع...

بقلمي: ميس الصالح

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/09/2022 07:57:00 م

هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الثاني - تصميم ريم أبو فخر
هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الثاني
 تصميم ريم أبو فخر 
في هذا الجزء من مقالتنا(هل الدولار الأمريكي هو حقاً سيد العالم؟) سنتعرف على عدم امتلاك أمريكا لنظام مصرفي مركزي،  وكما سنتعرف على مؤسسي هذا النظام في الولايات المتحدة الأمريكية بعدما تعرفنا على الاحتياطي الفيدرالي في الجزء السابق...لنتابع سوياً...

وذلك بسبب الحرب الأهلية التي دمرت |أمريكا|، فهي أكثر حرب خسرت فيها أمريكا جنوداً، ونتيجة لذلك كانت التبعات الاقتصادية كبيرة جداً، كما أنها كانت ورغم انتهاء الحرب، تدخل كل مدّة بكساد اقتصادي، وكانت الدول الأخرى التي تمر بأحداث مماثلة توكل الأمر إلى المصرف المركزي من أجل إصلاح |الوضع الاقتصادي|، إلا أن أمريكا في وقتها لم تكن تملك أي بنوك مركزية. 

لماذا أمريكا لم تكن تمتلك مَصْرِف مركزي

كانت فكرة وجود جهة رسمية تدير أمور عملة البلد فكرة جديدة بالنسبة للإدارة الأمريكية، فأول مَصْرِف مركزي في العالم كان في هولندا عام 1609، الذي ساهم بتحسين الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير جداً ،الأمر الذي جعل الإنكليز يقومون بخطوة مماثلة، وذلك عام 1694، وهذا الأمر ساعد وبشكل كبير في تكوين الإمبراطورية البريطانية العظمى، وكان الأمر الذي منع أمريكا من القيام بخطوة مماثلة، هو إيجاد خِطَّة مماثلة للبريطانيّة، هو أنها كانت قد خرجت للتو من حرب معها، فضلاً عن كونها وقتها دولة حديثة بالنسبة لبريطانيا العريقة .

وبعد مضي الوقت، وتأزمت الأحوال الاقتصادية الأمريكية، ووجد الأمريكيين أنهم فعلاً بحاجة إلى هيئة حكومية تدير الأمر الاقتصادي في البلد. 

من هو المؤسس للبنك المركزي الأمريكي

بالفعل تم إنشاء |اتفاقية بروتون وودز|، التي وبسببها تم إنشاء ثلاث أشياء أساسية، أولها |صندوق النقد الدولي| الذي كان من مهامه تسليف الدول الأعضاء، ثاني شيء كان البنك الدولي للإنشاء والتعمير وهذا البنك كان مهمته مساعدة الدول الحلفاء الذين تضرروا جراء الحرب العالمية.

كان الكسندر هاملتون المؤسس الأول، وذلك سنة 17091 إلا أن الأمر في البداية لم ينجح كما كان متوقع، ليعودوا لتكرار المحاولة سنة 1816 إلا أنهم لم ينجحوا أيضاً.

-في الجزء التالي من مقالتنا (هل الدولار الأمريكي هو حقاً سيد العالم؟)،سنتابع المزيد من الأحداث الهامة في سياق تطور العملات ولاسيما الدولار على مستوى العالم وكيف تأثر بالمشكلات الاقتصادية فضلاً عن قدرته على الصمود خلال الحرب العالمية الثانية.

سنتعرف أيضاً على النظام المعقد التي تملكه أمريكا للمحافظة على قيمة الدولار رغم طباعة الأوراق المالية دون حدوث أي تضخم يذكر....لنتابع...

بقلمي: ميس الصالح

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/09/2022 07:55:00 م

هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الأول - تصميم ريم أبو فخر
هل الدولار الأميركي هو سيد العالم - الجزء الأول
 تصميم ريم أبو فخر 
إن العملات ومنذ القديم استخدمت كمادة للتداول والمبادلة التجارية من أجل التجارة والاقتصاد، إلا أنه بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وبعد ظهور سوق البورصة، ظهرت العملة الأمريكية كسيدة للعملات المتداولة، وأساس يبنى عليه الاقتصاد العالمي.

في هذه المقالة خصصنا موضوع |الدولار| من أجل الحديث باسترسال وتمعن كبيرين، لإغناء معلوماتكم حول هذه العملة، كيف ظهرت للمرة الأولى؟ ولماذا تعد الأفضل في العالم؟ وماهي البورصة وسوق تداول العملات؟ كل هذه الأسئلة سنجيب عليها في هذه المقالة...لنتابع.

الدولار

يعد الدولار أبرز ومن الممكن أن يكون أكبر إنجاز مالي في العصر الحديث، فهو |العملة الرسمية| للولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ تداوله في أمريكا بعد توقيع الدستور سنة 1792 ومع الوقت استطاع أن يكون العملة الأكثر قوة في العالم، لكن هذا الأمر لم يتم بين ليلة وضحاها، بل هي قصة صعود، فمنذ وجوده في القرن 18 وحتى الآن، كانت رحلته مليئة بالأحداث القوية جداً، التي كان بطلها الحقيقي ما يعرف ب |الاحتياطي الفدرالي|، وهو جهاز حكومي فدرالي له نفس مهام البنوك المركزية، فيمكن أن نطلق عليه بشكل أو بآخر |مصرف مركزي|، فهو الجهة الرسمية المسؤولة عن أهم عملة في العالم. 

ماهي قصة الاحتياطي الفدرالي

هو مؤسسة حكومية ذات نظام شديد التعقيد، ومختلف عن البنوك المركزية الموجودة في العالم، فمن الصعب أن يتم فهم الآلية التي يتبعها بوضوح، الأمر الذي عرضه للكثير من نظريات المؤامرة، ومن أجل أن نفهم هذا النظام المعقد، يجب علينا فهم النظام المالي الذي كان مطبق في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن ال19. 

-كيف كانت الأحوال الاقتصادية والمالية في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن ال19؟

كانت الأحوال المالية السائدة في هذه الحِقْبَة الزمنية سيئة جداً على الولايات المتحدة الأمريكية.

في الجزء التالي من مقالتنا (هل الدولار الأمريكي هو حقاً سيد العالم؟)،سنتابع المزيد من الأحداث الهامة في سياق تطور العملات ولاسيما الدولار على مستوى العالم وكيف تأثر بالمشكلات الاقتصادية فضلاً عن قدرته على الصمود خلال الحرب العالمية الثانية 

سنتعرف أيضاً على النظام المعقد التي تملكه أمريكا للمحافظة على قيمة الدولار رغم طباعة الأوراق المالية دون حدوث أي تضخم يذكر....لنتابع...

بقلمي: ميس الصالح

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/05/2022 08:57:00 م
مالعقوبات التي يمكن أن يفرضها الغرب على روسيا - الجزء الثالث - تصميم الصورة وفاء مؤذن
ما العقوبات التي يمكن أن يفرضها الغرب على روسيا - الجزء الثالث
 تصميم الصورة وفاء مؤذن
بعد كل ما ذكرناه في الجزء السابق عن العقوبات المحتملة من قبل الغرب ضد روسيا، ماذا فعلت روسيا للتصدي لتلك العقوبات ولتخفيف آثارها؟

قامت الحكومة الروسية وعلى رأسها |الرئيس بوتين| بإجراء بعض التدابير للتصدي لأية عقوباتٍ اقتصاديةٍ محتملة، فقام أولاً بإعادة هيكلة الاقتصاد الروسي بأكمله، فقام بتخفيض الانفاق العام، ثم وضع مجموعةً من القيود على استيراد المواد الأجنبية فاتجهت الناس إلى البدائل المحلية وهو ما قوّى الكثير من الصناعات الروسية، ثم أعاد هيكلة ديون الشركات الروسية بحيث تكون بالروبل، كما بدأ بتخفيف اعتماد روسيا على الدولار الأمريكي، فقد انخفضت حصة الدولار من الاحتياطي الروسي من ستين في المئة إلى ستة عشر في المئة، لصالح احتياطيات أخرى كاليورو واليوان الصيني والذهب، كما خفض حجم الديون الخارجية بحيث لا تتعدى ثلث الاحتياطي الروسي من العملات الأجنبية، مع العلم أن ذلك الاحتياطي وصل إلى أكثر من ستمئة وثلاثين مليار دولار. 

قامت الحكومة الروسية بتسعير ميزانياتها القادمة منذ سنة 2015 على سعر النفط عندما كان لا يتعدى 40 دولار للبرميل الواحد، وسعره اليوم تجاوز 90 دولار، ما يعني أن هوامش الربح لدى تلك الميزانيات مرتفعةٌ جداً، وكل تلك الإجراءات وغيرها جعل القيادة الروسية في حالةٍ من الارتياح لقدرتها على تجاوز معظم العقوبات الغربية المحتملة ضدها، فهي قادرةٌ على دعم البنوك الكبرى، وعلى دعم العملة الروسية، وعلى تعويض كبار رجال الأعمال المساندين لها بشكلٍ مباشرٍ أو عن طريق بعض الاستثمارات المحلية، ولكن ماذا عن العقوبات قي مجال الطاقة؟

أرجوحة النفط والغاز بين روسيا وأوروبا

تستطيع روسيا الاستغناء عن وارداتها من صادرات النفط والغاز لعدة سنواتٍ قادمة، ولكن دول أوروبا التي تحصل على 40% من الغاز و30% من النفط من روسيا لن تستطيع الصمود لأكثر من أشهرٍ قليلةٍ فقط، ولا ننسى ما حدث في الأشهر الماضية عندما خفضت روسيا صادراتها من النفط والغاز إلى أوروبا كيف وقعت أوروبا في أزمة عنيفة وكيف ارتفعت أسعار النفط والغاز عالمياً.

ماذا لو استثنت العقوبات مجال الطاقة

تدور بعض الأقاويل حول إمكانية استثناء قطاع الطاقة من العقوبات على روسيا كي لا تتضرر أوروبا من تلك العقوبات، وهنا من البديهي أن توقف روسيا بنفسها توريد الغاز والنفط إلى أوروبا بمجرد فرض العقوبات الأخرى لكي تضغط عليها من أجل رفع تلك العقوبات، فروسيا لن تقبل أن تكون هي المتضرر الوحيد من تلك العقوبات، وعندها سترتفع أسعار النفط عالمياً إلى مستوياتٍ غير مسبوقة، خاصةً إذا تطورت الأحداث ووقعت |الحرب|.

اقرأ المزيد في الجزء الرابع.

بقلمي: سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/05/2022 08:54:00 م
مالعقوبات التي يمكن أن يفرضها الغرب على روسيا - الجزء الثاني - تصميم الصورة وفاء مؤذن
ما العقوبات التي يمكن أن يفرضها الغرب على روسيا - الجزء الثاني 
تصميم الصورة وفاء مؤذن
 يمكن توسيع العقوبات الغربية سابقة الذكر في الجزء السابق من هذه المقالة على روسيا، حتى تشمل مجالات إنتاج واستثمار الطاقة بمختلف أشكالها، فإذا شملت العقوبات النفط والغاز الروسيان، فهذا يعني أن لا أحد سيكون قادراً على شرائهما، أو الاستثمار فيهما، أو توريد التقنيات اللازمة لهما، وهما يشكّلان 60% من الناتج المحلي الروسي، فإذا حُرمت روسيا من كل تلك الأموال فمن الممكن أن نتخيل تأثير ذلك على الاقتصاد الروسي، وبالتالي على الشعب الروسي والحكومة الروسية.

ما هو دور ألمانيا في العقوبات المحتملة ضد روسيا

قامت روسيا مؤخراً بمد خطٍ مباشرٍ للغاز إلى ألمانيا بتكلفة أحد عشر مليار دولار، ولكن |ألمانيا| لم توافق رسمياً على ذلك حتى الآن، فمن الممكن أن تقوم الدول الأوروبية والولايات المتحدة بالضغط على ألمانيا لكي توقف عمل ذلك الخط، ما سيحرم روسيا من عائداته المادية الكبيرة، وذلك قد يشكّل عبئاً إضافياً على الاقتصاد الروسي.

ما هو دور قطاع التكنولوجيا في العقوبات

تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية الحصة الأكبر عالمياً من قطاع إنتاج وسائل التكنولوجيا المتقدمة المختلفة، وتحتاج روسيا كثيراً لتلك التكنولوجيا في مختلف المجالات مثل صناعات |وسائل الدفاع| وفي مجال الفضاء والحواسيب الكمية والذكاء الاصطناعي وغيرها، وسيتوجب على روسيا الاستغناء عن كلِّ ذلك في حال قررت الولايات المتحدة ذلك.

العقوبة الأكثر خطورةً على روسيا:

يمكن تبسيط آلية عمل نظام “SWIFT” بالقول أنه يقوم على امتلاك كل بنكٍ عضوٍ فيه على محفظةٍ لدى بقية البنوك، فإذا أراد شخصٌ ما تحويل الأموال من بنكٍ إلى آخر فإن البنك الثاني يستطيع سحب تلك الأموال من محفظة البنك الأول لديه بكل سهولةٍ ويسر بناءً على رسالةٍ من البنك الأول، ومع أن الأمر اكثر تعقيداً من ذلك إلا أنه يمكننا تبسيطه على ذلك النحو، فلو قامت الدول الغربية  بإخراج روسيا من نظام “SWIFT” فإن البنوك الروسية ستكون عاجزةً عن التراسل مع البنوك الأخرى، ورغم أن روسيا بدأت منذ عام 2015 بإيجاد أنظمةٍ بديلةٍ لنظام “SWIFT” إلا أن تلك الأنظمة لا يمكن مقارنتها بالنظام المعمول به في كل بنوك العالم الكبيرة. 

كيف احتاطت روسيا للعقوبات المحتملة

بدأ الرئيس الروسي |فلاديمير بوتين| منذ ثمانية أعوامٍ تقريباً بتحضير روسيا لمثل تلك |العقوبات الاقتصادية|، فلعله كان يتوقعها منذ وقتٍ طويل، أو لعله كان يخطط منذ أمدٍ لغزو أوكرانيا أو غيرها من دول الاتحاد السوفيتي السابق، فيرى المحللون بأنه يطمح لاستعادة أمجاد الدولة التي كان فيها ضابطاً في الاستخبارات والتي شهد انهيارها وتفككها وهزيمتها أمام محاربي الشيشان في منصف العقد الأخير من القرن الماضي.

هل يستطيع الاقتصاد الروسي امتصاص أثر تلك العقوبات

أصبحت روسيا خبيرةً في التعامل مع العقوبات الاقتصادية والاحتيال للتملص منها، ففي سنة 2014 تم فرض جملةٍ من العقوبات الغربية على روسيا عندما اجتاحت شبه جزيرة القرم، فطالت تلك العقوبات بعض رجال الأعمال وبعض الشركات والبنوك، كما تمّ حظر بعض الصادرات الروسية، مع تصاعد لهجة التهديد برفع مستوى العقوبات حتى تطال مجال الطاقة وإخراج روسيا من نظام SWIFT”"، وكل ذلك دفع روسيا إلى تجهيز نفسها للعقوبات المستقبلية المحتملة.

اقرأ المزيد في الجزء الثالث.

بقلمي: سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/05/2022 08:51:00 م
ما العقوبات التي يمكن أن يفرضها الغرب على روسيا - الجزء الأول - تصميم الصورة وفاء مؤذن
ما العقوبات التي يمكن أن يفرضها الغرب على روسيا - الجزء الأول
 تصميم الصورة وفاء مؤذن
في منتصف ستينيات القرن الماضي، اجتمع عددٌ من البنوك في بلجيكا، وانشؤوا نظاماً للمراسلات فيما بينهم، ما جعل عمليات تحويل الأموال بين تلك البنوك يصبح أفضل وأسرع مما كان عليه في أي وقتٍ مضى، وهو ما جعل الكثير من البنوك تتسارع للدخول ضمن هذا النظام، حتى أصبح عددها يتجاوز أحد عشر ألفاً من مئتي دولة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وأصبح ذلك النظام معروفاً باسم “|SWIFT|”، وقد أصبح هذا النظام مصدر قلقٍ لروسيا منذ أن بدأ الغرب بالتفكير باستغلاله كوسيلةٍ لمعاقبة روسيا والضغط عليها إذا اجتاحت أوكرانيا.

السلاح النووي الاقتصادي

لا يجب الاستهانة أبداً بالقدرات التي يمتلكها نظام “SWIFT” للتأثير على اقتصاد أية دولة، فالكثير من الاقتصاديين يميلون إلى تشبيهه بالسلاح النووي، فهو سلاح دمارٍ شاملٍ عالي الخطورة، لأن استخدامه ضد دولةٍ ما سيعني عزلها عن النظام المالي العالمي، وهذا قد يسبب لها كارثةً اقتصاديةً كبرى، فستعجز بنوكها عن التعامل مع البنوك الأخرى في إيداع وتحويل الأموال، ما قد يشكّل خطراً حقيقياً على اقتصاد الدولة كلها.

أسئلة مشروعة:

لا تزال القيادة الأمريكية تقول وتكرّر قولها بأنها لن تتدخل في أية حربٍ محتملةٍ قد تندلع إذا دخلت |روسيا| إلى |أوكرانيا|، ولكنها كعادتها دائماً تلّوح بالعقوبات الاقتصادية ضد روسيا، فما هي تلك العقوبات المحتملة؟ وإلى أي مدى يمكن تطبيقها؟ وما هي تأثيراتها على المدى القريب والبعيد على روسيا؟ وهل ستطال تأثيراتها دولاً أخرى؟ وهل يستطيع الاقتصاد العالمي تحمّل تبعات ذلك؟ وما هي الاستعدادات التي اتخذتها روسيا لتلك العقوبات؟

أول العقوبات الممكنة

ضمن الخطة التي يروّج لها الغرب حول العقوبات التي يمكن تطبيقها ضد روسيا، كانت أولى العقوبات المقترحة تطال البنوك الروسية الأساسية الأربعة، بهدف شلّ حركة الاقتصاد الروسي، فمعظم ودائع الأسر الروسية لدى تلك |البنوك|، ومعظم الأجور والمعاشات التقاعدية تتم من خلال تلك البنوك، كما تعتمد معظم الشركات والمؤسسات الروسية الكبرى على تلك البنوك في تعاملاتها وفي تأمين احتياجاتها من العملات الصعبة، ولذلك فإن أية ضربةٍ تتعرّض لها تلك البنوك ستعني ضربةً قويةً للاقتصاد الروسي، إضافة لما سيتركه ذلك من أثرٍ على الشعب الروسي الذي قد يتحرّك للضغط على حكومة بوتين.

من هي الجهات التي قد تستهدفها العقوبات

العقوبة الثانية المحتملة هي استهداف الشركات الروسية وكبار رجال الأعمال والكيانات الاقتصادية الكبرى، ومختلف أنشطتهم الاقتصادية وأرصدتهم الموجودة خارج روسيا، وكذلك استهداف أقربائهم الذين يستخدمونهم كوكلاء لامتلاك بعض أصول الشركات في الخارج، وذلك ما سيضيع العلاقة بين تلك الكيانات والحكومة، وما قد يثير الكثير من المشاكل والضغوطات على بوتين.

اقرأ المزيد في الجزء الثاني.

بقلمي: سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/03/2022 07:41:00 م

مستقبل وتداعيات أزمة الغاز بين روسيا وأوروبا
 مستقبل وتداعيات أزمة الغاز بين روسيا وأوروبا 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 

بدأ الاعتماد على |الغاز الطبيعي |كمصدرٍ هامٍ للطاقة في أوروبا منذ ستينيات القرن الماضي، كمصدرٍ رخيصٍ ونظيفٍ إلى حدٍ ما

وله الكثير من الاستخدامات في مختلف جوانب الصناعة والاستخدام المنزلي، خاصةً بعد اكتشافه في بحر الشمال

 ولكن الكميات المكتشفة ليست كافيةً لسدِّ حاجات جميع الدول الأوروبية، فكان على الأوروبيين البحث عن مصدرٍ يزودهم بحاجاتهم من الغاز، ومن الأفضل أن يكون ذلك المصدر قريباً

 فكان| الاتحاد السوفيتي |هو خيارهم الأمثل.

اعتماد أوروبا على الغاز الروسي:

وافق الاتحاد السوفيتي على تزويد أوروبا بالغاز رغم ظروف الحرب الباردة ورغم الاختلافات الكثيرة في الأيديولوجيات والسياسات والطموحات، فأصبح الاتحاد السوفيتي منذ ذلك الوقت المصدر الرئيسي للغاز في أوروبا

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي أصبحت |روسيا |وريثاً له في كل شيء، كونها الدولة الأكبر في الاتحاد وهي المؤسسة له، وبعد أن استعادت روسيا عافيتها وعادت كقوةٍ عالميةٍ كبرى، بدأت المشاكل تظهر وتتفاقم بين روسيا والأوروبيين

 وقد تعاظمت تلك المشاكل كثيراً منذ الأزمة الأخيرة بين| أوكرانيا |وروسيا.

كيف تؤمن أوروبا حاجتها من الطاقة؟

تحتاج الدول إلى الطاقة بكافة أشكالها لتدوير عجلة اقتصادها وتأمين مختلف حاجياتها، وبما أن معظم الدول الأوروبية دولٌ صناعية متقدمةٌ ومرفّهة، فإن حاجتها من الطاقة تفوق حاجة الكثير من الدول الأخرى 

ولذلك فهي تعتمد على عدة أشكالٍ من |الطاقة|، فتغطي 12% من حاجتها من الطاقة النووية، و31% من النفط، و15% من الفحم، و14% من الطاقات المتجددة، و28% من الغاز، ومن الواضح أن نسبة الغاز ليست قليلةً أبداً في سد الحاجات الأوروبية من الطاقة.

المستقبل المتوقع لمصادر الطاقة:

ستعتمد أوروبا بشكلٍ متزايدٍ على الغاز خلال العقود الثلاثة القادمة، لأن الغاز هو المصدر الأقل تلويثاً للبيئة من بين المصادر الأحفورية

وقد بدأ العالم يتجه نحو تقليل الاعتماد على| النفط| و|الفحم| بسبب ظاهرة الارتفاع الحراري وتغيّر المناخ وتلوث البيئة، وبعد ذلك ستكون مصادر| الطاقة النظيفة |هي البديل الطبيعي لجميع مصادر الطاقة

 ولكن تجهيز تلك المصادر البديلة سيحتاج إلى الكثير من الوقت إلى أن تسمح بالاستغناء التام من مصادر الطاقة الأحفورية.

من أين تحصل أوروبا على حاجتها من الغاز؟

في الوقت الحالي، لا يزال الغاز أهم مصادر الطاقة في أوروبا، وتحصل أوروبا على 40% من حاجتها من الغاز من روسيا، وعلى 22% من النرويج، وعلى 18% من الجزائر، وعلى 9% من أذربيجان

 أما باقي حاجتها فيصلها من قطر والولايات المتحدة عبر البواخر على شكل غازٍ مسال، ومن الواضح ان روسيا تسدُّ الجزء الأكبر من حاجات أوروبا للغاز.

خطط الاتحاد السوفيتي المستقبلية:

أدرك الاتحاد السوفيتي منذ البداية أهمية الغاز بالنسبة لأوروبا، فأدرك بأن جعل مصدر الطاقة الرئيسي لأوروبا بيديه خطوةٌ هامةٌ جداً، وقد تصبح ورقة ضغطٍ لا يمكن الاستهانة بها في الأوقات الحرجة،

 وقد تعددت خطوط إمداد الغاز الروسي إلى أوروبا وتفرّعت كثيراً منذ الستينيات، حتى أصبحت أشبه بالشرايين التي تغذي كامل الجسد الأوروبي، ولكن القلب الذي يضخّ دماء الاقتصاد الأوروبي في أيدي الروس.


اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/03/2022 07:41:00 م

مستقبل وتداعيات أزمة الغاز بين روسيا وأوروبا
 مستقبل وتداعيات أزمة الغاز بين روسيا وأوروبا 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 

 استكمالاً للمقال السابق ...

 عند وصول| الغاز الروسي إلى أوروبا، يتم تعبئته في خزاناتٍ خاصة، ويجب أن يبقى مخزون تلك الخزانات عند حدودٍ معينةٍ لا تقل عن 80% من سعتها كي تبقى أوروبا ضمن المنطقة الآمنة

ولكن ذلك المخزون انخفض إلى 47% في الفترة الأخيرة، فشعرت |أوروبا| بأنها في خطرٍ شديدٍ يهدّد أمنها الاستراتيجي، خاصةً في ظروف فصل الشتاء القاسية

 حيث تزداد الحاجة المنزلية للغاز،ويتم توفير تلك الحاجات على حساب المنشآت الصناعية، وهذا طبعاً سيؤثر على الاقتصاد الأوروبي.

تداعيات انخفاض الاحتياطي الأوروبي من الغاز:

لم يسبب انخفاض احتياطي الغاز الأوروبي إلى ضرب |الاقتصاد |فقط، بل ارتفعت أسعار الغاز المنزلي عدة أضعافٍ أيضاً، ومن المرجّح أن ترتفع أكثر في حال عدم الوصول إلى حلٍّ سريعٍ لهذه المشكلة، ولكن ما هي المشكلة أصلاً، ولماذا حدثت؟ 

 هناك عدة أسباب أوصلت أوروبا إلى هذه المشكلة، ولعلّ أهمها هو عودة الطلب الكبير في آسيا على الغاز الطبيعي بعد |جائحة كورونا|، حيث عادت المصانع إلى العمل بعد توقفها

 والسبب الثاني هو البرد الشديد الذي تميّز به فصل الشتاء هذا العام، ما يعني المزيد من الطلب على الغاز، ولكن هذه الأسباب عالمية ولا تختص بها دول أوروبا فقط، فما هي الأسباب الخاصة بأوروبا؟

لماذا انخفض احتياطي الغاز الأوروبي؟

نقص الامداد الروسي لأوروبا من الغاز منذ بداية الصيف، وذلك بحجّة حاجة |روسيا |إلى تأمين احتياطياتها من الغاز قبل الشتاء وقبل تصديره

 وزعمت روسيا بأن ذلك ليس ناتجاً عن أية أسبابٍ سياسية، ولكن زعماء أوروبا لم يقتنعوا بتلك الحجج، واعتبروا أن روسيا تسعى لخلق أزمة طاقةٍ في أوروبا، لكي تضغط عليها في الخلاف القائم بسبب أزمة| أوكرانيا|

 وهذا كان الهدف الأول لروسيا في افتعال أزمة الغاز الأوروبية، فما هو الهدف الثاني؟

خط الغاز المباشر بين روسيا وألمانيا:

أرادت روسيا أن تضغط على أوروبا عموماً وعلى| ألمانيا |خصوصاً من أجل تنفيذ خطٍ جديدٍ للغاز يربط بين روسيا وألمانيا مباشرةً، مع العلم أن ذلك الخط قد تمّ تنفيذه فعلاً

ولكن ألمانيا لم تنتهِ من أعمال المصادقة على عمله بعد وهي تماطل في ذلك، وقد أعلن الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" صراحةً بأن أزمة الغاز الأوروبية ستنهي بمجرّد مصادقة ألمانيا على عمل ذلك الخط الجديد

وهذا أيضاً شكلٌ من أشكال الضغط الذي تمارسه روسيا على أوروبا مستغلةً ورقة الغاز.

مواقف معارضة لخط الغاز الجديد:

لا ينال خط الغاز الروسي الجديد رضى وموافقة الكثير من الدول الأوروبية، وكذلك أبدت |الولايات المتحدة الأمريكية |اعتراضها عليه، فمن شأن ذلك الخط أن يمنح روسيا المزيد من السيطرة على الطاقة في أوروبا، وسيجعلها قادرةً على فرض ارادتها على أوروبا في نواحٍ كثيرة

 وهذا طبعاً ليس في مصلحة الولايات المتحدة التي تتزعّم العالم الحالي، وكل ذلك يخلق المزيد من المشاكل السياسية والاقتصادية في أوروبا.


اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/03/2022 07:41:00 م

مستقبل وتداعيات أزمة الغاز بين روسيا وأوروبا
 مستقبل وتداعيات أزمة الغاز بين روسيا وأوروبا 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 
 استكمالاً للمقال السابق ...

رأينا بأن روسيا تؤمن لأوروبا معظم حاجتها من |الغاز|، ومن الجدير بالذكر أن 35% من الغاز الروسي الواصل إلى أوروبا، يمرُّ عبر الأراضي الأوكرانية

وأصبح معلوماً لدى الجميع واقع الأمر في| أوكرانيا| التي أصبحت بؤرة توترٍ من المحتمل تحولها إلى ساحة حربٍ قادمةٍ قريباً، بعد حشد روسيا لأكثر من مئة ألف مقاتلٍ على حدودها مع أوكرانيا، وارسال الأوروبيين للكثير من الأسلحة إلى أوكرانيا، وإعلاناتهم المتكررة بأنهم لن يتخلوا عن أوكرانيا في حال اندلاع حربٍ بينها وبين روسيا.

هل نحن أمام حربٍ عالميةٍ ثالثة؟

إذا اندلعت الحرب بين| روسيا |وأوكرانيا، فإن جميع موازين القوى تميل لصالح روسيا

 وإذا وقفت أوروبا أو الولايات المتحدة عبر حلف الناتو بجانب أوكرانيا عسكرياً، فقد يعني ذلك حرباً عالميةً ثالثة، ولا أحد في العالم يرغب بذلك، ولكن روسيا تجعل الخيارات صعبةً على الجميع 

فمن الواضح أنها لن تتراجع دون تحقيق أهدافها غير المعلنة، ولكن بالنسبة لأوروبا، فإن احتمال انقطاع الغاز الروسي عنها يزداد يوماً بعد يوم، ما يضعها في موقفٍ لا تحسد عليه.

هل يمكن لأوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي؟

تبحث أوروبا مع الولايات المتحدة عن أي بديلٍ يعوّض النقص الحاد في |الغاز |الأوروبي، ويأخذ مكان روسيا في سدّ حاجة أوروبا من الغاز، ورغم أن الولايات المتحدة من أكبر مصدري الغاز المسال في العالم

 ورغم أن قطر مستعدةٌ لمساعدتها في توريد الغاز المسال إلى أوروبا، إلا أن حل المشكلة الأوروبية لن يكون سهلاً، فإيصال الغاز المسال إلى أوروبا بالكميات الكبيرة التي تحتاجها ليس امراً سهلاً.

ما الذي يمنع قطر والولايات المتحدة عن اسعاف أوروبا؟

تقوم قطر وشركات الغاز الامريكية بإنتاج الغاز المسال بطاقتها القصوى، وهي مرتبطةٌ بعقودٍ طويلة الأجل مع الكثير من الدول والشركات، وبخاصةٍ في شرق آسيا، ولذلك فهي لا تستطيع تحويل انتاجها إلى أوروبا

 ورغم أن بعض البواخر الأمريكية بدأت تغيّر وجهتها من آسيا إلى أوروبا، إلا أن ذلك لن يكون كافياً، ولا يجب أن ننسى بأن تكاليف وصول الغاز المسال إلى أوروبا أعلى بكثير من تكاليف وصول الغاز الروسي

 وهذا طبعاٍ سيشكّل عبأً كبيراً على| الاقتصاد| وعلى المواطن الأوروبي.

ما الذي تحاول الولايات المتحدة فعله؟

تحاول الولايات المتحدة أن تقنع قطر وبعض الدول الآسيوية التي تأخذ الغاز القطري لكي يحوّلوا جزءاً من مخصصاتهم من الغاز باتجاه أوروبا، ومع أن ذلك ليس سهلاً إلا أنه ليس مستحيلاً على الأمريكيين

 فهم في النهاية لا يزالون أسياد العالم، ولهم أذرعهم في كل مكان، ولكن كلّ ذلك لن يكون كافياً لسد الحاجة الأوربية من الغاز إذا قرّرت روسيا وقف تصدير الغاز إلى أوروبا عند اندلاع الحرب مع أوكرانيا.

هل لدى أوروبا خياراتٌ أخرى؟

قد يعتقد البعض بأن أوروبا تستطيع التخلي عن الغاز الروسي إذا اتجهت نحو المصادر الأخرى للطاقة، ولكن ذلك ليس سهلاً، ففي ألمانيا مثلاً لم تكن الرياح كافيةً في العام الماضي لإنتاج ما يجب انتاجه من الطاقة، بمعنى أن الطاقات البديلة ليست الخيار الأفضل حتى الآن

 أما الطاقة الناتجة عن |الفحم |و|النفط |فأوروبا تحاول الاستغناء عنها، ولا يمكنها العودة إليها، كذلك يتجه العالم وعلى رأسه أوروبا إلى التخلي عن| الطاقة النووية| بسبب مخاطرها، ولكل ذلك تبقى أوروبا تحت رحة الغاز الروسي.


بناءً على كل ما ذكرناه، تبقى الأزمة الروسية - الأوروبية مثار جدلٍ كبير، ومن الصعب التنبؤ بمستقبلها، ولكنها حتماً ستكون مرهونةً بتطورات الأزمة بين روسيا وأوكرانيا

 فكيف ستنتهي تلك الأزمة؟ وإلى أين ستصل العلاقات الروسية الأوروبية؟ 

نتوقع ان تشاركونا آراءكم وان تشاركوا المقال. 

سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/03/2022 05:59:00 م

هل تريد الولايات المتحدة خفض أسعار النفط أم رفعها؟ - الجزء الثاني -
هل تريد الولايات المتحدة خفض أسعار النفط أم رفعها؟ - الجزء الثاني - 
تصميم الصورة : وفاء المؤذن 
 
استكمالاً لما ورد الجزء السابق

 ما علاقة أسعار النفط بعيد الشكر

لا شك في أن ارتفاع أسعار النفط، مكسبٌ كبيرٌ للدول المنتجة، وقد يكون فيه تعويضٌ كبيرٌ لها عن خسائرها طوال فترة الإغلاق، ولكنه بنفس الوقت، يشكّل عبئاً ثقيلاً على المستهلكين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، التي تعتبر أكبر مستهلكٍ للنفط في العالم، وقد تزامن ارتفاع سعر النفط وبالتالي البنزين الأمريكي، مع اقتراب موعد |عيد الشكر|، فمن المتوقع أن يسافر قرابة خمسة ملاين أمريكي للاحتفال بهذا العيد المقدس.

زيادة مستوى التضخم الأمريكي

تبدأ مواسم الأعياد الأمريكية مع عيد الشكر، وتستمر حتى بداية السنة الجديدة، وعادة ما يستهلك الأمريكيون كمياتٍ كبيرةً من البنزين في تنقلاتهم، كما يستهلكون المزيد من السلع والمنتجات، فيزداد بذلك مستوى |التضخم|، فتنخفض بذلك القدرة الشرائية للناس، وقد وصل مستوى التضخم الأمريكي هذه السنة إلى أعلى مستوياته منذ سنة 1990، وهذا يضع الرئيس الأمريكي "بايدن" أمام مشكلةٍ كبيرة.

لماذا يسعي "جو بايدن" إلى خفض أسعار النفط؟

يستعد حزب "جو بايدن" الديمقراطي إلى خوض |انتخابات الكونغرس| الهامة في سنة 2022، ولهذا نجد البيت الأبيض يحرص على خفض أسعار النفط قبل موعد الانتخابات، ولكي يتحقق ذلك، يترتّب على دول "أوبك+" زيادة انتاج النفط، ولكن تلك الدول اجتمعت في بداية تشرين الثاني \ نوفمبر \2021 وقرّرت الالتزام بخططها السابقة والحفاظ على الكميات المنتجة، رغم جميع المحاولات الأمريكية لإقناعها بزيادة الإنتاج.

الإدارة الأمريكية تبحث عن أوراقٍ لتلعبها

تقتضي خطة "أوبك+" بزيادة كميات الإنتاج ببطء، وهذا لا يتناسب مع الأمريكيين، فنظرت الإدارة الأمريكية إلى ما لديها من أوراقٍ قد تساعدها على تحسين أوضاعها، فوجدت فرصةً في استخدام الاحتياطي الاستراتيجي من النفط، فتواصلت مع الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية، لكي تقنعهم بضخ جزءٍ من مخزوناتهم الاستراتيجية للنفط في السوق، بهدف خفض سعره.

هل وجدت أمريكا الحل؟

لو أن تلك الدول قامت فعلاً بضخ كمياتٍ كافيةٍ من النفط في نفس الوقت، فإن سعر النفط سينخفض فعلاً، ولكن ما هي الكميات الكافية لذلك؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب النظر إلى المخزونات الاستراتيجية لتلك الدول، فلو قامت جميعها بضخ كامل مخزونها الاستراتيجي دفعةً واحدة، فإنه قد يغطي الاستهلاك العالمي المقدر بخمسة وتسعين مليون برميل يومياً لعدة أيامٍ فقط، ما يعني بأن التأثير على أسعار النفط إذا حدث، سيكون مؤقتاً.

الورقة الأولى التي حاولت أمريكا أن تلعبها

لم تقم أية دولةٍ حتى الآن بضخ أي برميلٍ من مخزونها الاستراتيجي في السوق، ليبقى ذلك مجرد تهديدٍ لدول "أوبك+" التي تعلم جيداً عدم جدوى هذه المحاولة، فلا نجد أية متغيراتٍ في سياساتها النفطية حتى الآن، فاحترقت ورقة "بايدن" الأول، وهذا ما جعل الولايات المتحدة تلجأ إلى ورقتها الثانية في محاولة التأثير على أسعار النفط الخام المرتفعة.

اقرأ المزيد ...

سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/03/2022 05:59:00 م

هل تريد الولايات المتحدة خفض أسعار النفط أم رفعها؟ - الجزء الثالث
هل تريد الولايات المتحدة خفض أسعار النفط أم رفعها؟ - الجزء الثالث
تصميم الصورة : وفاء المؤذن   
استكمالاً لما ورد بالجزء السابق 
ما هي الورقة الثانية لتي يمتلكها "بايدن"؟

الورقة الثانية التي رأى فيها "بايدن" فسحة أملٍ لتجاوز أزمة ارتفاع أسعار النفط هي قانون منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط، والمعروف بقانون "نوبك"، ولكن هذا القانون ما زال مشروعاً ولم يتم اعتماده لكي يصبح قانوناً، ويسمح هذا القانون في حال إقراره لوزارة العدل الأمريكية برفع دعاوى قضائية ضد "أوبك+" بتهمة الاحتكار ومحاولة التحكم بأسعار النفط.

لماذا لم يصبح "نوبك" قانوناً؟

سيصبح قانون "نوبك" سلاحاً بيد الولايات المتحدة، تستخدمه ضد كبار منتجي النفط، لأنه سيسمح لها بالحصول على تعويضاتٍ ماليةٍ هائلة، ولكن مشروع قانون "|نوبك|" ليس جديداً، فقد تم اقتراحه عدة مرّاتٍ في السنوات العشرين الأخيرة، ولكنه لم ينجح مطلقاً في التحول إلى قانون، فهناك الكثير من المعارضين له على الساحة الأمريكية وعلى رأسهم وزارة الخارجية ومعهد البترول الأمريكي وغرفة التجارة الأمريكية. 

كيف احترقت ورقة "بايدن" الثانية؟

ما يجعل مشروع قانون "نوبك" غير مرغوبٍ فيه في الكثير من الأوساط الأمريكية، هو تداعياته السياسية والدبلوماسية من ناحية، وتأثيراته على السوق من ناحية أخرى، ولذلك فمن المستبعد تماماً أن يصبح هذا المشروع قانوناً أو سلاح ضغطٍ بيد |البيت الأبيض|، وبذلك يفقد البيت الأبيض ورقته الثانية لمواجهة أسعار النفط المرتفعة.

حلولٌ بديلة قد تبدو منطقية

قد يبدو من المفيد لإدارة بايدن أن تنهي مشاكلها مع كلٍّ من إيران وفنزويلا لكي تدفعهما نحو ضخ نفطهما في السوق، ولكن ذلك غير مجدٍ أيضاً، فهاتان الدولتان جزءٌ من منظومة "أوبك" ولن تخرجا على مقرراتها، كما أن النفط الإيراني والفنزويلي موجودٌ أصلاً في السوق رغم |العقوبات الأمريكية|، وذلك من خلال السوق السوداء.

لماذا لا ترفع أمريكا من انتاجها للنفط؟

لا يمكن للبيت الأبيض زيادة الإنتاج الأمريكي من النفط، فشركات النفط الأمريكية تجني الكثير من الأرباح بسبب ارتفاع أسعار النفط، فهي لن تتخلى عن أرباحها لأجل أحد، وهي ليست شركاتٍ حكومية، بل هي شركاتٌ خاصةٌ فيها الكثير من المستثمرين الذين يسعون وراء الربح قبل كل شيء.

موقف "بايدن" المحرج

لقد قد قدّم بايدن نفسه للعالم عامةً وللأمريكيين خاصةً، على أنّه البطل المنقذ الذي سينقذ مناخ الأرض من المزيد من التداعيات، فقد دعم التشريعات التي تكافح الوقود الأحفوري وتدعم مصادر الطاقة النظيفة، ولذلك فهو لا يستطيع الطلب من منتجي النفط الأمريكي زيادة انتاجهم، لأنه سيضع نفسه في موقفٍ محرجٍ جداً.

تراجع شعبية "بايدن":

هكذا نجد بأن "|جو بايدن|" وإدارته أمام موقفٍ لا يحسدون عليه، وتشير استطلاعات الرأي إلى تفاقم مشاكلهم مع |زيادة التضخم| يوماً بعد يوم، فقد أصبح 49% من الأمريكيين غير راضين عن أداء بايدن وحكومته، وهذه أسوأ نتيجةٍ له منذ دخوله البيت الأبيض، فما الذي سيفعله ليخرج نفسه من كل المآزق التي وصل إليها؟

هذا سؤالٌ برسم الجميع، وننتظر من القرّاء المشاركة في الإجابة عنه وبحث تداعيات أزمة ارتفاع أسعار النفط العالمية. 

سليمان أبو طافش 

يتم التشغيل بواسطة Blogger.