‏إظهار الرسائل ذات التسميات إسلاميات. إظهار كافة الرسائل

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 5/21/2022 01:57:00 م

أعلامٌ من الصَّحابة  (عبد الرَّحمن بن عَوف)
أعلامٌ من الصَّحابة  (عبد الرَّحمن بن عَوف) 
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر
من السباقين الأوائل إلى الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وممَّن اختارهم عمر بن الخطاب في أمر الشورى ليولُّوا الخليفة من بعده، إنَّه الجواد المعطاء عبد الرحمن بن عوف. 

للحديث أكثر في بعض الحقائق عن هذا الصحابي الجواد تابع معنا المقال التالي.  

 ولادته وصفاته

ولد عبد الرحمن بن عوف في مكة بعد عام الفيل فكان أصغر من الرسول عليه الصلاة والسلام بعشر سنوات، كان يدعى في الجاهلية "عبد عمر"، ومن صفاته كما وصفته زوجته أنه رجل طويل، أبيض الوجه مختلط معه الحمرة، جميل الوجه أحسنه، عريض الكتفين، فارع الطول، ورقيق البشرة.  

كان مثابراً جداً إذ كانت تجارته كبيرة ومستمرة وكان يعدّ من الأغنياء في مكة.  

 إسلامه

عندما نزل الأمر الإلهي على سيدنا محمد  عليه الصلاة والسلام بالدعوة لدين الحق دين الإسلام، بدأ سيدنا محمد ومعه أبو بكر رضي الله عنه بالدعوة للدين الإسلامي في مكة، فأسلم على يد سيدنا أبي بكر الكثير من الصحابة وكان من أولهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، ثم عاش عبد الرحمن في مكة بعد إسلامه - كما الحال مع كل الصحابة - في استضعافٍ وشدة ولم يكن غِناه الشديد شفيعاً له.  

 هجرته إلى المدينة

كان عبد الرحمن رضي الله عنه من الأشخاص الذين هاجروا إلى الحبشة ثم عادوا إلى مكة، ثم هاجروا إلى المدينة المنورة وهناك حدثت المؤاخاة بين المهاجرين الذين استضعفوا في مكة وهاجروا تاركين كل ممتلاكهم خلفهم وبين الأنصار في المدينة، فآخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين |سعد بن الربيع|، وقد كانت هذه المؤاخاة الأشهر وذلك لأن سعد عرض على عبد الرحمن أن يناصفه في كل شيء، سواء في كل ما يملكه من مال وعيال، فكان رد سيدنا عبد الرحمن: "بارك الله لك في أهلك ومالك، بل دلَّني على السوق" أي قرر رغم كل شيء أن يبدأ تجارته من جديد فدلّه سعد على السوق فعمل في |التجارة| من جديد، وبارك الله له في تجارته حتى أصبح من أغنى الصحابة في المدينة المنورة. 

ولكن اتساع تجارة سيدنا عبد الرحمن وغناه وثراءه الكبير لم يؤثر أبداً على كونه أحد المجاهدين في الإسلام، فعندما كان ينادي المنادي إلى الجهاد كان من أول الخارجين مع رسول الله وهو من الذين قيل فيهم: "كانوا في الجهاد أمام النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصلاة خلفه".

أعلامٌ من الصَّحابة  (عبد الرَّحمن بن عَوف)
أعلامٌ من الصَّحابة  (عبد الرَّحمن بن عَوف) 
تنسيق الصورة : ريم أيو فخر  

 في غزوة أحد

كما ذكرنا أن عبد الرحمن رضي الله عنه كان من المجاهدين الأوائل مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد شهد كل الغزوات معه، ومن المشاهد التي تذكر لعبد الرحمن بن عوف في الجهاد مشهدٌ حدث في |غزوة أحد| فلما تشتت جمع المسلمين يوم أحد وفرَّ مَن فر من الصحابة ومن المنافقين ثبت عبد الرحمن رضوان الله عليه في أرض المعركة وقال الحارث بن الصُّمة عن ذلك: 

سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وهو في الشعب: "هل رأيتَ عبد الرحمن بن عوف؟" 

فقلت: نعم رأيته إلى جانب الجبيل وعليه عسكرٌ من المشركين فهويتُ إليه لأصدهم عنه فرأيتك يا رسول الله فعدلت إليك.  

فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة تمنعك"

فيقول الحارث: فعدتُ إلى عبد الرحمن بن عوف فوجدت بين يديه سبعةٌ صرعى، فقلت له: ظفرَت يمينك، أَكل هؤلاء قتلت؟ 

فقال عبد الرحمن: أما هذا فَلابن شرحبيل وهذان فأنا قتلتهم وأما هؤلاء فقتلهم مَن لم أره.  

فقلت: صدق رسول الله. 

وفي غزوة أحد انكسرت مقدمة أسنان عبد الرحمن وجرح أكثر من ٢٠ جرحاً، كان منها جروحاً في رجله حتى أنه اصيب بالعرج بعدها. 

 في دَومة الجندل 

كان عبد الرحمن أهلاً للثقة بالنسبة للنبي عليه الصلاة والسلام، ففي شعبان في السنة الخامسة للهجرة بعث النبي عليه الصلاة والسلام عبد الرحمن بن عوف على رأس سرية إلى دومة الجندل ليقاتل بني كلب بعد أن فرّوا من المواجهة، وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتزوج ابنة ملكهم إذا فتح الله عليه، فأخذ عبد الرحمن اللواء وخرج على رأس ٧٠٠ رجل إلى دومة الجندل فمكث فيها ثلاثة أيام يدعو أهلها إلى الإسلام، فأسلم ملكهم الأصبغ بن ثعلبة فتزوج ابنته كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأنجب منها. 

في غزوة تبوك  

في تبوك حدث أن صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء عبد الرحمن بن عوف، وهذا يعدّ من مناقب سيدنا عبد الرحمن في الإسلام أنه كان إماماً في الصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهكذا كانت العلاقة بين عبد الرحمن والرسول عليه الصلاة والسلام جميلة جداً حتى مات حبيبنا المصطفى، ولكن استمراراً لعلاقة عبد الرحمن الطيبة التي كانت تجمعه برسول الله صلى الله عليه وسلم كان بارّاً بأمهات المؤمنين وكان هو الذي يُنفق من ماله الخاص على |زوجات الرسول| عليه الصلاة والسلام. 

أعلامٌ من الصَّحابة  (عبد الرَّحمن بن عَوف)
أعلامٌ من الصَّحابة  (عبد الرَّحمن بن عَوف) 
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر 
 
ظلّ عبد الرحمن بن عوف من كبار الصحابة في عهد سيدنا أبي بكر الصديق وحارب في حروب الردة، ثم أتى عهد سيدنا عمر فكان عمر بن الخطاب يستشيره في كل شيء ففي سنة ١٨ للهجرة أثناء خلافة سيدنا عمر كان يريد رضي الله عنه أن يخرج إلى الشام، فبَلغ عبد الرحمن بن عوف أن الطاعون كان منتشراً في الشام آنذاك فذهب عبد الرحمن ونصح عمر بن الخطاب ألا يذهب إلى الشام وذكّره بما كان قد قاله الرسول عليه الصلاة والسلام: "إذا سمعتم بهذا الوباء ببلدٍ فلا تقدُموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا منه فراراً منه"، فعدَل عمر بن الخطاب عن وجهته اتباعاً لرأي عبد الرحمن.  

كما أن سيدنا عمر بعد الحوادث التي حصلت في نهاية عهده أوصى الصحابة الذين مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنهم أن يعقدوا مجلساً في بيت أحدهم ليختاروا خليفةً من بعده، وكان من ضمن هؤلاء الصحابة عبد الرحمن بن عوف وبالفعل اجتمعوا وتشاوروا في الأمر حتى اختاروا |عثمان بن عفان|، وكان سيدنا عبد الرحمن في عهد عثمان بن عفان كما كان في عهد عمر بن الخطاب رضوان والله عليهم أجمعين. 

في سنة ٢٤ للهجرة قام عثمان بن عفان باستخلاف عبد الرحمن على موكب كان للمسلمين وعلى رأسه أمهات المؤمنين خارج من المدينة إلى مكة بقصد |الحج|، فأمر سيدنا عبد الرحمن بخَيل أو جِمال لتركبهن أمهات المؤمنين وتقدموا الموكب، وعبد الرحمن بن عوف خلفهم لا يسمح لأحد بأن يقترب منهم. 

موقف يبين زهد عبد الرحمن بن عوف

من شدة ثقة عثمان بن عفان بعبد الرحمن عهِد إليه بالخلافة من بعده فحين أصاب عثمان المرض دعا كاتبه حَمرَان وقال له: "اكتب لعبد الرحمن العهد من بعدي" 

فكتب له وانطلق لعبد الرحمن فقال له:  "البشرى" 

فسأل عبد الرحمن: "وما ذاك" 

فقال له: "إن عثمان قد كتب إليك العهد من بعده"

فقام عبد الرحمن وذهب إلى المسجد النبوي وجلس بين القبر والمنبر وأخذ يدعو الله: "اللهم إن كان من توليتي عثمان إياي هذا الأمر فأمتني قبله"، أيّ زهدٍ هذا؟!

موقف حصل قبل وفاة عبد الرحمن يبين شدة ورعه 

عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: أن عبد الرحمن بن عوف كان صائماً، فأتى له بطعام فقال: "قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني وكفّن ببردةٍ إن غطِّي رأسه بدت رجلاه وإن غطيت رجلاه بدا رأسه، وقتل حمزة وهو خير مني ثم بسِط لنا من الدنيا ما بسِط، وقد خشينا أن تكون حسناتنا قد عجلت لنا" ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام، أيّ ورعٍ هذا؟!

وهكذا نكون قد وصلنا لنهاية مقالنا وسلطنا الضوء على بعض المعلومات في حياة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. 

فضلاً شاركنا آراءك الرَّائعة من خلال التَّعليقات ^-^

آية الحمورة

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 5/21/2022 01:57:00 م

أعلامٌ من الصَّحابة (عمَّار بن ياسر)
أعلامٌ من الصَّحابة (عمَّار بن ياسر)
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر  

واحدٌ من السابقين الأوائل للإسلام، من أشد الصحابة الذين استُضعفوا في مكة، ممَّن هاجروا إلى الحبشة ثم هاجروا إلى يثرب، وشارك النبي عليه الصلاة والسلام في كل غزواته، ومن الصحابة الذين مات صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنهم، إنه الصحابي الفاضل عمار بن ياسر. 

للخوض في بعض المعلومات عن هذه الشخصية العظيمة تابع معنا هذا المقال.  

 ولادة عمار بن ياسر

في البداية سنتحدث عن والد عمار بن ياسر "سيدنا ياسر"، ياسر في الأصل لم يكن من مكة إنما هو من اليمن، خرج منها وسافر متجهاً إلى مكة ثم استقر فيها، وعندما وصل عقد حلفاً مع شخص يدعى أبو حذيفة بن المُغيرة، وعاش ياسر في مكة ثم زوّجه أبو حذيفة من سمية بنت خِيَاط مكية الأصل، فتزوج ياسر من سمية وأنجبوا عمار ليكون عمار بن ياسر. 

 إسلام آل ياسر 

كانت عائلة عمار مجتمعة من أسرع الناس الذين شرح الله صدرهم للإسلام فأسلموا جميعاً واتبعوا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا من السابقين إلى الإسلام. 

 تعذيب واضطهاد آل ياسر في مكة 

كما هي الحال مع كل الصحابة الذين كانوا يتبعون دين محمد في مكة تعرّض آل ياسر لشتى ألوان العذاب والاضطهاد، وما زاد في استضعافهم أنهم كما نعلم في الأصل ليسوا من مكة فليس لديهم سند أو ظهر يحميهم فكانوا أقرب إلى العبودية لذلك استضعفوا وبشدة في مكة.  

كانت مهمة تعذيب آل ياسر موكلة إلى بني مخزوم الذين كانوا يُخرجون العائلة كلها إلى صحراء مكة التي كانت تلقب بالرمضاء لشدة حرّها، يخرجون ياسر وسمية وعمار إلى الصحراء الملتهبة ويتفننون في تعذيبهم بكل قسوة فلب.  

كان صلى الله عليه وسلم يخرج إليهم ويراهم وهم يعذبون ولا يستطيع أن يدفع عنهم العذاب، حتى أن الكثير من |الصحابة| الذين اشتد عليهم العذاب والبغي من قريش كانوا يذهبون إليه صلى الله عليه وسلم ويشكون له عذابهم ومعاناتهم من قريش دون أن يملك لهم نفعاً، ولكنهم كانوا يعلمون أنه لا بدَّ من التضحية فما يحاربون لأجله ليس أمراً عادياً وإنما هو أمر عظيم سيغير مجرى الكون كله، بعد ذلك نزل وحي إلهي على النبي بآياتٍ تصبِّر الصحابة على العذاب.  

أيُّ تضحيةٍ تلك التي قدمها آل ياسر؟! 

في إحدى المرات التي كان فيها النبي ماراً بهم ناداه عمار وقال له: 

 يا رسول الله لقد بلغ منَّا العذاب كل مبلغ. 

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم طمأنةً لهم وتصبيراً لهم على العذاب: 

- "صبراً آل ياسر، فإن موعدكم الجنة" 

وعدٌ مباشر من النبي عليه الصلاة والسلام لآل ياسر بالجنة. 

أعلامٌ من الصَّحابة (عمَّار بن ياسر)
أعلامٌ من الصَّحابة (عمَّار بن ياسر)
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر
  
 قيل في كثير من الأحاديث عن |عمار بن ياسر| أنه من شدة التعذيب أصيب بالهذيان وكان لا يدري ما يقول، وكما قال عمرو بن ميمون: 
أحرق المشركون عمار بالنار فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرُّ عليه ويمرر يده على رأسه ويردد: "يا نار كوني برداً وسلاماً على عمار كما كنتِ برداً وسلاماً على إبراهيم". 

ظلّ سيدنا عمار صابراً على كل العذاب الذي كان يلاقيه حتى جاء يومٌ ونفذت فيه طاقته، إذ كانوا يكووه بالنار ويرموه على الحصى في الصحراء ثم يأخذونه ويضعونه في الماء حتى تحترق أنفاسه ويتقرَّح جسده، فاشتد عليه العذاب كما رأى أمه في ذلك اليوم تموت تحت التعذيب ففقد وعيه وأصبح يهذي، فقال له المشركون: أُذكر آلهتنا بالخير، فأخذ يردد وراءهم ما يقولونه دون وعي منه ولا إدراك، لكنه عندما عاد لوعيه واستجمع شتات نفسه من جديد فطن لما حدث وتذكر أنه من شدة العذاب نسي الله وذكر آلهتهم فأخذ يجلد نفسه جلداً لا يوصف وتأثرت نفسيته بذلك كثيراً.

بعد هذا الحادث مرَّ سيدنا محمد على عمار فوجده يبكي بحرقة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد علم ما جرى لعمار ولأمه وأبيه وعلم ما قاله عمار فأخذ النبي يمسح دموعه ويقول له: 
"أخذك الكفار فغطّوك في الماء فقلت كذا وكذا؟"
فأجابه عمار وهو يبكي: نعم يا رسول الله 
فطمأنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبتسم وقال له: "إن عادوا فقل لهم مثل قولك" وتَلَا عليه آيات من القرآن، فعاد عمار لهدوء نفسه واستجمع قواه من جديد ولم يعد يبالي بأي نوع من العذاب، فقد نزلت فيه البشرى وآيات من القران فماذا يريد بعد ذلك؟!

ظلّ عمار صابراً محتسباً حتى يئس منه معذبوه، ثم كانت |الهجرة إلى المدينة| فهاجر عمار مع الرسول عليه الصلاة والسلام واستقر حال المسلمين في المدينة المنورة.  

كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحب عمار حباً شديداً ويباهي به أصحابه ويقول عنه صلى الله عليه وسلم: "إن عمار مُلِئ إيماناً إلى مشاشه'.

أعلامٌ من الصَّحابة (عمَّار بن ياسر)
أعلامٌ من الصَّحابة (عمَّار بن ياسر)
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر
حصل سوء تفاهم في إحدى المرات بين سيدنا عمار بن ياسر و سيدنا |خالد بن الوليد| فبلغ ذلك النبي عليه الصلاة والسلام، فقال صلى الله عليه وسلم: 

"مَن عادى عمار عاداه الله، ومَن أبغض عمار أبغضه الله"
فما كان من سيدنا خالد بن الوليد إلا المسارعة إلى عمار والاعتذار منه وتصحيح الموقف. 

 شهد سيدنا عمار بن ياسر بدر وأُحد والخندق وتبوك وكل الغزوات مع الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان عمار في عهد الخلفاء الراشدين أيضاً أهلاً للثقة فقد شارك في حروب الردة، رضي الله عنه، وشارك في فتوحات الروم والفرس، وكان عمار بن ياسر دائماً في الصفوف الأمامية في القتال. 

 في خلافة عمر بن الخطاب عَهِد إلى عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود بيت المال، ولما أراد سيدنا عمر أن يولِّي أحداً على الكوفة ولَّى عمار بن ياسر. 

 ومن فضائله أيضاً أن الحذيفة بن اليمان العالم بلغة السرائر لما كان على مشارف الموت سأله أصحابه: بمن تأمرنا إذا تخلَّف الناس.  
فأجابهم: عليكم بابن سمية فهو لا يفارق الحق حتى يموت.  

أتى زمن الفتنة فمات في سبيل الله عثمان بن عفان وكانت الولاية من بعده لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فبايعه عمار بن ياسر، 
هنا يجب ذكر حادثة حدثت لعمار في عهد النبي عليه الصلاة والسلام

 "كان سيدنا عمار مرةً يعمل بجانب جدارٍ، فوقع الجدار عليه فبلغ ذلك الخبر للنبي صلى الله عليه وسلم فهروَل إليه، فلما وصل النبي عليه الصلاة والسلام كان الناس قد ظنوا أن عمار مات ولكنه عليه الصلاة والسلام قال: 
"ما مات عمار، تقتله الفئة الباغية"

 وبالعودة إلى زمن الفتنة حيث اختلف المسلمون وراح البعض يبايعون علي بن أبي طالب والبعض يبايعون معاوية بن أبي سفيان، وكل فئة على يقين أنها تنصر الإسلام، وهنا لن ندخل بتفاصيل هذه الفترة التي كانت مليئة بالأحداث التاريخية، بل سنركز على سيدنا عمار الذي قلنا أنه بايع سيدنا علي. 

وجاء يوم صفِّين - فئتين من المسلمين يقتتلوا- فخرج سيدنا عمار في جيش |علي بن أبي طالب| وهو في الثالثة والتسعين من عمره، فلما علم رجال معاوية أن عمار في الجيش أخذوا يبتعدون عنه حتى لا يكونوا الفئة الباغية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، إلا أن شراسة عمار بن ياسر في القتال أدت لإصابته بجروح كثيرة واستشهاده فانتشر الخبر وأعيد في أذهان الصحابة جميعهم ما ذكره النبي عن مقتل عمار. 

بعيداً عن تبعات هذا الأمر لما علم سيدنا علي بمقتل عمار حمله بيديه على صدره حتى أخذه في مكان دفنه، ودفنَه بثيابه ودعا له وصلى عليه وصلى المسلمون من خلفه.  

وبهذا انتهت حياة أحد الصحابة السابقين المستضعفين الذين سيحكمون العالم من بعد ذلك، وهكذا نكون قد وصلنا لنهاية مقالنا، وكما نقول دائماً إننا فقط نذكر لمحة سريعة عن حياة هذا الصحابي لنفتح لك المجال لتبحث في الكتب وتقرأ أكثر وتستزد عن هذا الصحابي الشجاع. 
فضلاً شاركنا آراءك الرَّائعة من خلال التَّعليقات ^-^

آية الحمورة

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 5/19/2022 10:45:00 ص
تعرف على خديجة بنت خويلد زوجة النبي محمد - اختيار الصورة ريم أبو فخر
 تعرف على خديجة بنت خويلد زوجة النبي محمد
 اختيار الصورة ريم أبو فخر 
أول من آمن بسيدنا محمد، وأكثر شخصية داعمة له، وكانت ملازمة له في أصعب مراحل حياته.

قصة اليوم عن سيدة من سيدات الجنة، عن السيدة ( خديجة بنت خويلد ).

 من هي السيدة خديجة نسبها ومنشأها

هي |خديجة بنت خويلد| بنت أسد القرشي أم المؤمنين، أول زوجة للرسول محمد، وأم (فاطمة الزهراء ورقية وأم كلثوم وزينب والقاسم وعبد الله)، وجميع أولاد |الرسول محمد| ماعدا ابنه إبراهيم، فكانت والدته مارية القبطية، ولدت السيدة خديجة في مكة عام 556م، كانت من كبار سادات قريش ومن أشهر وأغنى التجار، كانت السيدة خديجة تتصف بالعديد من الصفات الحميدة كالجود والكرم ورجاحة العقل وغيرها من الصفات، تعتبر السيدة خديجة من التجار الذين يختارون العمال الذين يعملون معهم بحذر واهتمام، ومن الصعب أن تثق بأحدهم، وكان العديد من أهل قريش يتمنون العمل لديها، ولكن الأمر كان مختلفاً مع سيدنا محمد.

زواجها من النبي محمد

كان لدى السيدة خديجة خادم يدعى " ميسرة " وكان كثير الكلام عن سيدنا محمد وعن صدقه، كما أن سيرة محمد العطرة كانت منتشرة في جميع أرجاء مكة المكرمة.

في هذا التوقيت كان شائعاً بين الناس أن هناك نبي سيظهر في الفترة القريبة في مكة المكرمة، ومن صفات النبي الأمانة والصدق وغيرها من الصفات الحميدة، ومن شدة ذكاء وفطنة السيدة خديجة توقعت أن |النبي| المنتظر هو سيدنا محمد، وذلك من كثرة الصفات الحميدة التي كانوا يصفونه بها.

تسليم تجارتها للنبي محمد

أرسلت السيدة خديجة في طلب سيدنا محمد وعرضت عليه أن يدير لها تجارتها بين مكة المكرمة والشام، وذلك مقابل ضعف الأجر الذي يتلقاه غيره، وأمرت خادمها ميسرة أن لا يعصي لمحمد أي أمر، وافق سيدنا محمد على تلك العروض وبدأ التعامل بينهم بالتجارة، ومن خلال تعامله رأت السيدة خديجة بعينها صدق وأمانة سيدنا محمد، كما أنها لاحظت شيء آخر بأن تجارتها بدأت تزداد والأرباح زادت كثيراً عما كانت عليه.

إعجابها بالنبي محمد

لم يكن سيدنا محمد عاملاً فقط عند السيدة خديجة، ولكنها كانت دائمة التفكير به بالرغم من اختلاف المصادر بخصوص زواج سيدنا محمد من السيدة خديجة، إلا أن معظم المصادر ومفتي جمهورية مصر السابق " علي جمعة " أجمعوا على أن السيدة خديجة من شدة إعجابها بالرسول الكريم وبصفاته وأخلاقه، فإنها أخبرت صديقة لها تدعى " نفيسة " وقامت بمصارحتها برغبتها بالزواج منه، وأنها غير قادرة على إخباره بذلك لكونها هي السيدة وهو الرجل.

تعرف على خديجة بنت خويلد زوجة النبي محمد - اختيار الصورة ريم أبو فخر
 تعرف على خديجة بنت خويلد زوجة النبي محمد
 اختيار الصورة ريم أبو فخر 
فطلبت من صديقتها نفيسة مساعدتها، والتي بدورها توجهت إلى الرسول محمد وتحدثت معه، وعرضت عليه أن يقوم بخطبة السيدة خديجة، دون أن تذكر له بأن السيدة خديجة هي من طلبت ذلك، فشعرت من خلال حديثها معه أن له رغبة بذلك ولكنه متردد بسبب وضعه المادي، فالفرق بينه وبين السيدة خديجة كبير مادياً، وخاصة بأن العديد من رجال قريش وساداتها يتمنون الزواج من السيدة خديجة، عرضت نفيسة على سيدنا محمد بأن تسأل السيدة خديجة عن رأيها بذلك، وإذا وافقت تخبره وإذا رفضت ينتهي الموضوع، وافق سيدنا محمد على ذلك وذهبت نفيسة وعادت له بعد فترة تخبره أن السيدة خديجة موافقة على الزواج منه، فرح سيدنا محمد من هذا الخبر وبعد عدة أيام أخذ عمه " |أبو طالب| " وذهب لخطبة السيدة خديجة من عمها"  |عمر بن أسد| "، كانت السيدة خديجة في الأربعين من عمرها بينما الرسول الكريم كان في الخامس والعشرين، وتم الزواج وأنجبت له السيدة خديجة اثنان من الصبيان وأربع من البنات.

كان سيدنا محمد نِعم الزوج للسيدة خديجة، وكانت السيدة خديجة مثال وقدوة للزوجة الصالحة، ولم يتزوج سيدنا محمد غيرها إلا بعد وفاتها.

إسلامها وتصديقها للنبي محمد

السيدة خديجة هي أول شخص توجه إليها الرسول الكريم بعد أن نزل سيدنا |جبريل| عليه في غار حراء وأخبره أن الله عز وجل اختاره لرسالته، كان لهذا الموضوع رهبة كبيرة مما جعل سيدنا محمد يترك الغار ويذهب للسيدة خديجة، وكان يرتعش من الرهبة والبرد ويطلب منها أن تغطيه، وعلى الفور أحضرت السيدة خديجة الغطاء ووضعته على النبي محمد، وأصبحت تعمل على تهدئته وتطمئنه حتى ارتاح، وبعد أن هدأ النبي محمد أخذته السيدة خديجة وذهبت لابن عمها ويدعى " |نوفل بن ورقة| "، كان عالماً كما أنه كان لديه علم بالتوراة والإنجيل، وعندما سمع ورقة بن نوفل هذا الكلام أخبر السيدة خديجة بأن سيدنا محمد هو النبي الذي اختاره الله عز وجل لنشر رسالته في الأرض، عند سماع السيدة خديجة لهذا الكلام آمنت به على الفور لتكون |أول من دخل الإسلام|.

تعرف على خديجة بنت خويلد زوجة النبي محمد - اختيار الصورة ريم أبو فخر
 تعرف على خديجة بنت خويلد زوجة النبي محمد
 اختيار الصورة ريم أبو فخر 

نشر رسالة النبي محمد ومحاربة قريش له

عندما بدأ الرسول بنشر رسالته في العالم حاولت |قريش| أن تمنعه بشتى الوسائل لكنه كان يرفض، فعرضوا عليه العديد من العروض المغرية منها:

أن يصبح سيد قريش بلا منازع، وأن يعطوه ما يطلبه من المال، ويزوجه أي فتاة يريد، لكن الرسول عليه السلام رفض كل تلك العروض وأصر على الاستمرار بالدعوة، لذلك قررت قريش فرض حصار اقتصادي قاسي جداً، فاتفق سادة قريش بأنهم لن يتعاملوا بالبيع والشراء مع |المسلمين|، كما أنهم لن يزوجوهم أو يتزوجوا منهم ولا أن يجالسوهم أو يكلموهم، وهذا الكلام يخص بالتحديد بني هاشم وبني عبدالمطلب، وكان الدافع لذلك الضغط عليهم، وأنهم لن ينهوا الحصار حتى يقوم بني هاشم وبني عبدالمطلب بتسليم النبي محمد لسادة قريش والتنازل عن ثأره حتى يقتلوه، وعند ما رفضوا تم عزل النبي محمد وكل من كان معه وحبسهم بشعب بني هاشم.

حصار المسلمين 

منذ البداية كان يبدو أن هذا الأمر صعباً للغاية، وأن أمامهم وقت عصيب وبالفعل لم يعد أحد يبيع المسلمين أي طعام، ووصل الأمر إلى أن المسلمين لم يعد يجدوا أي شيء يؤكل إلى أن أصبحوا يأكلون أوراق الشجر ليقيتوا أنفسهم.

كيف كان موقف السيدة خديجة من هذا الحصار القاسي

كان موقف السيدة خديجة يفوق كل وصف، عندما علمت السيدة خديجة بموضوع الحصار على النبي ومن معه أعلنت بالحال تضامنها معه وانضمت إليهم بالحصار، فقد تخلت عن أهلها وعن مالها وكل شيء والتحقت معهم بالشِعب، كانت تستطيع أن تعيش بأموالها ولن يمنعها أحد من ذلك، إلا أنها رفضت واختارت البقاء مع النبي، اختارت أن تبقى مع المسلمين في المجاعة وبالفعل بقيت معهم كل فترة الحصار، والتي استمرت مدة ثلاث سنوات اختارت السيدة خديجة الوقوف مع زوجها بكل شيء وتنازلت عن بيتها ومالها وتجارتها، كان لوقع هذا الحصار من جوع وتعب أثر سلبي على صحة السيدة خديجة، مما أدى لوفاتها في رمضان في عام الحصار ذاته عام 619م، وكان عمرها خمسة وستون عاماً ودفنت في منطقة |الحجور|، وهو جبل يدفن فيه جميع أهل مكة.

حزن الرسول عليه السلام كثيراً على وفاتها، وقال بعض المؤرخين أن السيدة خديجة توفيت في نفس الأسبوع الذي توفي فيه أبو طالب عم النبي عليه السلام.

توفيت السيدة خديجة ولكن بقي ذكرها فكان رسول الله الكريم دائماً يذكرها بالخير، ويقول عنها ما أبدلني الله خيراً منها أمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها وحرمني أولاد النساء.

الكلام عن السيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها كثيراً جداً ولا ينتهي، ولكن هذا موجز عن حياتها مع النبي محمد.

بقلمي: رهف ناولو

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 5/14/2022 09:36:00 م

كيف تسعد أبويك وتكسب برهما
كيف تسعد أبويك وتكسب برهما
تنسيق الصورة : رزان الحموي
  
يعيش الأولاد في كنف آبائهم وينعمون بكل أشكال الرعاية والعناية والحنان ، وهم لا يدركون  قيمة ما يبذل الأهل من تضحيات في سبيل توفير الحياة السعيدة الهانئة الكريمة لهم، فيتذمرون ويتمادون في مشاكساتهم ، وتراهم ينتقدون تصرفاتهم ويبدون عناداً  في تقبل آرائهم ، ولا يدركون قيمة ما يبذلونه من أجلهم إلا بعد أن يكبروا ويصبحوا آباء وأمهات ، ولكن المهم أن يدركوا برهم، ويعملوا على إسعادهم في حياتهم   قبل فوات الأوان. 

فهل تراهم سيعوضون ما قصروا في حقهم من تقديم فروض الطاعة والوفاء والعرفان بالجميل؟ 

وهل تراهم سيسيرون على نهج آبائهم في تربية أبنائهم ، بعدما عرفوا أهمية ومكانة ما قدموه من أجلهم؟

 وهل تراهم قادرون على إسعادهم  من خلال البر  بهم وإحاطتهم بما يستحقونه من رعاية وعناية  ؟

 وكيف سيتمكنون من إدخال البهجة والسعادة على قلوبهم؟ 

لنتعرف معاً على الأشيا ء التي تبهج الآباء والأمهات وتدخل الفرحة إلى قلوبهم

كونوا معنا... 

إن السعي لإحياء الذكريات الجميلة في نفوسهم يسعد قلوبهم المتعبة ، ويعيد إليهم الفرحة ، ويشعرهم بأهمية دورهم، ولا بأس من الافتخار بعظيم عطائهم ، وتذكيرهم بمواقف وذكزيات جميلة مرت معهم في طفولتهم حين كانوا صغاراً في كنفهم ورعايتهم، فليس من أشياء تسعد الآباء كذكرياتهم مع أطفالهم ، ولا بأس من  تبيان أهميتها والاعتراف بصحة قرارتهم ، فهذا يشعرهم بأهمية  إنجازاتهم . 

إذا قدم لك أبواك هدية

 فأشعرهم بسعادتك بالحصول عليها ، وبمدى أهميتها عندك ، وبمدى تمنيك الحصول عليها ، وأبدي عناية بها ولو كانت نبتة صغيرة

حدثهما عن حياتك ، وأشركهما في قرارتك وأمورك، واحرص على أخذ رأيهما ومشورتهما، وأبد حرصك على حاجتك الدائمة لنصحهما  . 

لا تنس تقديم الهدايا لهما ولو كانت رمزية ، فإنها تشعرهما بمدى اهتمامك بهما ، وبمدى أهميتهما عندك . 

إذا عزمت  شراء  شيء أو بيعه  أو أردت انجاز  أمر ما ، فبادر إلى استشارتهما، و أبد حاجتك لنصيحتهما، فهذا يعيد إلى نفسيهما الحيوية و|الثقة| والفرح. 

لا تنس إضفاء جو من المرح  والدعابة على علاقتك بهما ، لكي تجلو عن نفسيهما الهموم، وتدخل البهجة  والفرح إلى حياتهما. 

قم بزيارتهما دائماً  

 واحرص على برهما ، وشاركهما الطعام والشراب ، ولا تتأفف إذا بدر منهما  عدم انتباه أو سوء تقدير ، فقد باتا في وضع حرج لا يمكنهما من الاهتمام بتلك التفاصيل 

واصطحبهما للنزهات كلما سنحت لك الفرصة

 فليس بمقدورهما الذهاب  وحديهما ، واغدق عليهما بالرعاية و|الحنان| ، وكن العصا التي يتكآن عليها ، فلطالما كانا الذراع الذي يحرص على حملك ورعايتك والعناية بك حين كنت صغيراً،  وقد أفنيا صحتهما وقوتهما للعناية بك، وإدخال البهجة والسعادة على قلبك ريثما اشتد عودك . 

 احرص على دعوة أصدقائهما ومعارفهما  وأحبابهما  فسوف يسترجعون معهم ذكرياتهم وأيامهم  الجميلة، ويعيشون معهم لحظات من  الدفء و الفرح والبهجة. 

كن دائماً الولد المهذب المطيع ولو صرت أباً وجداً أو صرت أماً وجدة

 وانحنِ لهما تقديراً  وإجلالاً، واخفض صوتك أمامهما ، ولا تتقدمهما في مجلس ولا تبد لهما انتقاداً  لا سيما أمام الآخرين  ، ولا تتأفف أو تبدي ضيقاً أو عتباً مهما ضاقت بك الظروف، ومهما بدر منهما ، فأنت الرابح الأكبر في كسب ودهما،، فهذا  |البر| الذي  تقدمه الآن سيعود إليك مضاعفاً وسيكسبك الفوز في حياتك وآخرتك . 

إذا  قضى الله أمره وارتحل أبويك  

 فكن لهما خير ذاكر ، وقدم لهم من البر  ، ومن الدعاء وبذل |الصدقات| ما استطعت ، وبر أحبابهما، وقم بزيارة قبريهما ، وكن الولد الصالح الذي قال عنه الرسول الكريم  في الحديث الشريف :

إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وكان أحد هذه الأعمال الثلاثة (ولد صالح يدعو له) 

حفظ الله آباءنا جميعاً ، وقدرنا على برهم  وإسعادهم، وأعان أبناءنا على برنا ، لأن الزمان يدور دورته، فما تزرعه من بر لأبويك تحصده في بر أبنائك لك . 

بقلمي هدى الزعبي

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/27/2022 08:50:00 م
اقرأ عن عمر بن الخطاب - اختيار الصورة ريم أبو فخر
 اقرأ عن عمر بن الخطاب
اختيار الصورة ريم أبو فخر 
• من أحد ألد أعداء الإسلام إلى أقوى وأشجع المدافعين عنه وعن المسلمين بلغ درجة تأثيره في تاريخ الإسلام لدرجة جعلت الكاتب الأميركي مايكل هارت يعتبره من ضمن ال١٠٠ شخصية الأكثر تأثيراً بالعالم في كتابه المائة الأكثر تأثيراً في التاريخ بطل قصة اليوم هو سيدنا |عمر بن الخطاب| رضي الله عنه.

• - من هو عمر بن الخطاب؟

• - عمر بن الخطاب قبل إسلامه؟

• - دخول سيدنا عمر بن الخطاب الإسلام؟

• - ولاية سيدنا عمر خلافة المسلمين؟

• - ماهي الأزمة التي حصلت في عهد سيدنا عمر بن الخطاب ؟

• - استشهاد سيدنا عمر رضي الله عنه وارضاه ومكان دفنه؟

من هو عمر بن الخطاب

هو عمر بن الخطاب ابن نوفيل بن عبد العزىز بن رياح بن عبدالله بن قرد بن رزاح بن عدي، ويعود نسبه إلى كعب بن لؤي، حيث هنا يشترك نسبه بنسب الرسول الكريم محمد.

 لم تحدد سنة ولادتها من قبل المؤرخين ولكن قيل أنه ولد مابين عامي /586م و 590م/ ، أي بعد ميلاد الرسول الكريم بحوالي ثلاثة عشر عام، وليس له تاريخ هجري لأنه ولد قبل الهجرة بكثير، كما أنه يعتبر هو مؤسس التاريخ الهجري، لقب بالفاروق لتفريقه بين الحق والباطل كما أنه كان مشهوراً بالعدل، فكان يحكم بين الناس بالعدل حتى ولو لم يكونوا مسلمين.

عمر بن الخطاب قبل الإسلام 

 عندما بدأ نشر الإسلام بدأ يظهر من سادة قريش أعداء للإسلام والمسلمين بشكل كبير، وكان عمر بن الخطاب من أشد الناس عداوة للإسلام، ووصلت به العداوة لدرجة أنه جند نفسه لأن يمشي خلف |رسول الله|، وكلما كان الرسول الكريم يدعو أحدهم للإسلام كان يأتيه عمر بن الخطاب ويهدده بأنه سوف يؤذيه في حال دخوله للإسلام، وكان معروفاً بقوته الجسدية ومشهوراً وسط قريش بعصبيته، بلغ درجة كرهه وعداوته للإسلام لدرجة أنه كان يعذب جارية لديه طوال اليوم دون أي استراحة، فقط لأنها أعلنت إسلامها، ويخبرها أنه لن يتوقف عن تعذيبها حتى تعود عن رأيها وتترك |الإسلام|، لم يكتفي عمر بن الخطاب بتعذيب وتهديد المسلمين الضعفاء فحسب بل إنه قرر التضحية بنفسه بأن يقدم على قتل النبي، ومن ثم يقوم بتسليم نفسه لقبيلة بني هاشم حتى يقتلوه.

قبيلة بني هاشم هي قبيلة |النبي|، وهي من أقوى القبائل العربية، وقريش تعرف عز المعرفة بأن قبيلة بني هاشم لن تسكت على قتل رجل من رجالها حتى لو أنهم غير مؤمنين به، فقد وصلت درجة كرهه للإسلام بأنه يضحي بنفسه ويموت، وله الكثير من القصص التي كانت تؤكد شدة عداوته للإسلام.

اقرأ عن عمر بن الخطاب - اختيار الصورة ريم أبو فخر
 اقرأ عن عمر بن الخطاب
اختيار الصورة ريم أبو فخر

إسلام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه

 قلنا منذ قليل بأن سيدنا عمر من شدة كرهه للإسلام قرر أن يقتل سيدنا محمد، وعمر معروف عنه أنه كان يكره التردد، لذلك عزم أمره وذهب لقتله، وفي أثناء طريقه صادفه رجل من قريش فرأى أنه يعزم على أمرٍ ما، فسأله إلى أين ذاهب أجابه بأنه يقصد النبي لقتله، فأخبره الرجل إذا كان كذلك فعليك بأهل بيتك، وأخبره بأن يذهب إلى أخته فاطمة وزوجها اللذان أسلما واتبعا دين محمد، عند ذلك أصبح الدم يغلي في عروقه وانتفض من الغضب وتوجه إلى بيت أخته، ومن شدة غضبه دفع الباب بقوة أدت إلى كسر الباب، فوجد أخته وزوجها ومعهم أحد الصحابة كان يعلمهم القرآن، وكان بيد فاطمة أخته ورقة فيها أوائل سورة طه، فأقدم على ضرب أخته ضربة أدت إلى شق في وجهها، ومن شدة الضربة سقطت من يديها الورقة التي فيها الآيات، حاول عمر أن يمسك الورقة ويقرأها لكن أخته منعته، وأخبرته بأنه يجب عليه أن يتوضأ قبل ذلك، فاستغرب سيدنا عمر ما هذه الورقة التي رغم الألم الذي تشعر به رفضت أن تسمح له هو عمر بن الخطاب الذي تهابه الرجال أن يمسك الورقة دون أن يتوضأ، ذهب سيدنا عمر مع فاطمة بنت الخطاب وتعلم كيفية الوضوء، وتوضأ ثم أخذ الورقة وقرأها (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) إلى آخر الآيات ...

عندما قرأ عمر بن الخطاب الآيات قال بينه وبين نفسه من غير الممكن أن يكون هذا كلام بشر، وخرج من بيت أخته متجهاً إلى الرسول الكريم وأعلن إسلامه.

إسلام سيدنا عمر رضي الله عنه كان نقطة فارقة في الإسلام، لأن المسلمين الضعفاء شعروا بقوة كبيرة عند دخول سيدنا عمر الإسلام، ومن شدة فرحتهم أخذوا يهللون ويكبرون.

عندما أمر النبي عليه السلام المسلمين الهجرة إلى المدينة المنورة التي كان يطلق عليها اسم يثرب، كان المسلمين يهاجروا سراً كما أن بعضهم كان ينتظر وقتاً متأخراً من الليل حتى يهاجر كي لا يراه أحد من المشركين، لأنهم كانوا يجبروهم على الرجوع، ولكن الأمر كان مختلفاً مع أثنين من المسلمين وهما سيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنهما، فقد هاجرا في عز النهار وأمام أعين قريش دون أن يستطيع أحد أن يقترب منهم، سيدنا عمر عندما قرر أن يهاجر أخذ سيفه وأمسك بقوسه واتجه نحو الكعبة مكان تجمع عدد كبير من رجال قريش، وطاف عمر حول الكعبة وصلى ركعتين ثم توجه نحو المشركين متحدياً، وقال لهم ( من أراد أن تثكله أمه أو ولده أو ترمل زوجته فليتبعني خلف هذا الوادي )، فأخبر المشركين بأنه مهاجراً وأنه من أراد الموت فليتبعني، فلم ينطق أي أحد من المشركين بأي كلمة، وهاجر |الفاروق| إلى يثرب وصل سيدنا عمر إلى يثرب، وكان الاحتفال به كبيراً جداً من قبل أهل المدينة، وبعد ذلك شارك بغزوتي بدر وأحد بشجاعة قتالية منقطعة النظير.

موقف الفاروق من وفاة النبي عليه السلام

توفي النبي محمد بعد الهجرة بإحدى عشر عاماً، كان هذا الخبر صادماً لجميع المسلمين، لكن سيدنا عمر كانت صدمته كبيرة جداً ومختلفة، ومن ضمن مواقفه أنه عندما شاهد الحزن على وجوه الجميع بسبب وفاة النبي صاح بهم بأن سيدنا محمد لم يمت، وإنما سافر في رحلة إلى السماء مع إخوته الأنبياء لمدة أربعين يوماً، ومن ثم سيعود ثانيةً وصعد على المنبر في أحد المساجد وقال بأن سيدنا محمد لم يمت، واتهم كل من قال بأن سيدنا محمد مات بأنه منافق ويريد إثارة الفتن، فمن شدة حزنه وصدمته بوفاة النبي لم يعد يشعر بما يفعل، إلى أن جاء سيدنا أبو بكر الصديق وقال جملته الشهيرة ( فإنه من كان يعبد محمد، إن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت)، وهنا هدأ سيدنا عمر بن الخطاب واستوعب الأمر.

خلافة عمر بن الخطاب

بعد وفاة الرسول عليه السلام اتفق معظم الصحابة على أن يتولى |خلافة المسلمين| سيدنا |أبو بكر الصديق|، وبالتالي فإن سيدنا أبو بكر هو أول خليفة للمسلمين، وكان سيدنا أبو بكر يرى في سيدنا عمر الشجاعة والقوة التي تساعده في أمور الخلافة، وأصبح سيدنا عمر الذراع الأيمن لسيدنا أبو بكر، وكان له دور بارز بإنهاء أول فتنة بعد وفاة الرسول الكريم، وكانت هذه الفتنة ارتداد عدد كبير من المسلمين بعد وفاة نبي الله محمد، فقد تأزم الوضع ووصل إلى حروب ومعارك بين المسلمين والمرتدين، أشهرها " |معركة اليمامة| "، انتصر فيها سيدنا أبو بكر وأنهى الأزمة بمساعدة نائبه سيدنا عمر.

اقرأ عن عمر بن الخطاب - اختيار الصورة ريم أبو فخر
 اقرأ عن عمر بن الخطاب
 اختيار الصورة ريم أبو فخر
بعد فترة من انتهاء حروب الردة مرض سيدنا أبي بكر وقد شعر باقتراب أجله، فبدأ القلق والارتباك على المسلمين، فمن سيتولى الخلافة بعد سيدنا أبي بكر عند اشتداد المرض على أبي بكر، توجه الصحابة إليه وسألوه من سيكون خليفة بعده، فأخبرهم بأن الأمر لهم يولون من يشاؤون لكنهم لم يستطيعوا أن يستقروا على أحد فعادوا إلى سيدنا أبو بكر واستشاروه فوقع اختيارهم على سيدنا عمر بن الخطاب، وتولى سيدنا عمر الخلافة بعد وفاة سيدنا أبي بكر عام /13ه في/634م .

ماهي الأزمة التي حصلت في عهد سيدنا عمر بن الخطاب 

 بعد تولي سيدنا عمر الخلافة بحوالي خمس سنوات، حصلت أزمة من أصعب الأزمات في المدينة المنورة، والأزمة كانت بأنه لمدة تسعة شهور لم تنزل قطرة مطر واحدة من السماء، ففسدت المحاصيل ونفقت المواشي وحصلت مجاعة في المدينة المنورة وما حولها من المدن والقرى، آلاف من المسلمين ماتوا بسبب تلك المجاعة كما أنه تغير لون الأرض وأصبح رمادياً، وسمي ذلك العام بعام " الرمادة "، وكان يتوجب على سيدنا عمر الوصول لحل لتلك الأزمة، وأول شيء فعله هو أنه حث المسلمين على الصلاة والدعاء،  وطلب الفرج من الله عز وجل وكان يدعو دائماً (اللهم لا تجعل هلاك المسلمين في عهدي)، كما أنه قام بتأخير إخراج الزكاة ووقف إقامة الحد على السارق، لأن الكارثة كانت على جميع المسلمين، وأصبحوا يسرقون الطعام كما أن سيدنا عمر كان يطلب الدعم ممن حوله، استمرت الأزمة فترة ثم فُرجت بفضل الله عز وجل.

فترة ولاية سيدنا عمر كانت من أقوى الفترات للدولة الإسلامية، كما أن الدولة اتسعت لمساحات شاسعة، وكانت من أهم |الفتوحات| التي حصلت في عهده فتح دمشق وحمص وبعلبك والأردن والفتح العظيم لبيت المقدس بعد انتصاره على الروم واسترداده منهم، وأيضاً فتح مصر الذي كان بقيادة القائد القوي |عمر بن العاص| رضي الله عنه وغيرها الكثير من المدن مثل تكريت والموصل والبصرة.

استشهاد سيدنا عمر بن الخطاب ومكان دفنه

 استشهد سيدنا عمر بن الخطاب في السادس والعشرين من ذي الحجة عام 23ه، وكان باغتيال غادر من أحد المجوس ويدعى أبو لؤلؤة المجوسي، وكان ذلك أثناء صلاة الفجر فقد أجمع المؤرخون على أنه أثناء إمامة سيدنا عمر للمسلمين في صلاة الفجر تخلل أبو لؤلؤة المجوسي صفوف المصلين وطعن سيدنا عمر ست طعنات قويات في ظهره وهو ساجد، ومن ثم هرب وكان يقوم بطعن كل من يقف في وجهه أو يحاول إمساكه، عندما شعر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه باقتراب أجله أرسل إلى السيدة عائشة ابنة أبو بكر الصديق يطلب منها بأن يدفن بالقرب من سيدنا محمد وأبو بكر الصديق، لأن السيدة عائشة كانت قد جهزت لنفسها قبراً بالقرب منهم، لكنها وافقت على طلب سيدنا عمر وآثرته على نفسها ثم صعدت روحه الطاهرة إلى خالقها، وفاز بالجنة بعد تاريخ طويل وحافل بالانتصارات والسيرة العطرة.

رضي الله عنه وأرضاه.

بقلمي: رهف ناولو

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/18/2022 02:29:00 م

ماذا تفعل إذا كنت تشعر بالحزن والاختناق؟
 ماذا تفعل إذا كنت تشعر بالحزن والاختناق؟ 
تصميم الصورة : رزان الحموي 
 
سنتحدث عن الصلاة التي تشعرك في الراحة النفسية وتنسيك هموم الحياة، إن الصلاة الصحيحة هي عندما تقف أمام الله تعالى وترفع يديك، وتأخذ نفس كامل وبكل هدوء وتقول الله أكبر، وحالما تقول الله أكبر الكون كله يقف، لايوجد شيئ أعظم من ذلك، فتنسى كل همومك وأعمالك ومشاكلك، تنسى أولادك ومشاكلهم وزوجتك وتنسى كل شيئ ولا يبقى أي هموم، أنت في تلك اللحظات تكون مع الله تعالى، أنت في مكان آخر تماماً بعيد عن كل شيئ لايوجد فيه أي انشغال أو مشاكل، أنت تقف بين يدي الله الذي في يده الكون كله.

 ماذا عليك أن تفعل بعد التكبير للصلاة؟

تبدأ تقول "|الحمد لله رب العالمين|" لكن عليك الوقوف والتأمل وفهم ماذا قلت، مع كل كلمة تقولها ستجد اطمئنان حقيقي في قلبك، في كل حركة سيكون معها اطمئنان.

 ماذا يحصل عندما تصلي في تأمل وخشوع؟

ستكون في مكان آخر مختلف تماماً عن واقعك، وعندما تنهي صلاتك ستنتظر بفارغ الصبر الصلاة التي بعدها، كي تذهب إلى نفس المكان وتنسى الكون والحياة ومشاكلها و|الضعط النفسي والعصبي|، وتذهب إلى الله تعالى وتقول الله أكبر مرة أخرى، وتأخذ نفس عميق وقلبك يكون في أعلى |درجات السعادة| والاطمئنان، فأنت تقابل خالق الكون لوحدك وأنت واقف أمامه.

 ماذا عليك أن تقول بعد الصلاة؟

عليك أن تحضر بقلبك وروحك وترمي كل انشغالاتك ومشاكلك وتتخلص منها، عند هذه اللحظة ستفهم لماذا بعض الناس تصلي قيام الليل لساعات طويلة دون شعور بالتعب أو النعاس، لأنها تكون مع الله تكون خارج نطاق الكون.

 لماذا لانستطيع الصلاة في خشوع؟

عليك فصل نفسك عن الكون كله لمدة بضع دقائق فقط، كي تعود إنسان جديد، فلا تفكر في الدراسة المتراكمة عليك وتحاول العجلة في الصلاة ولاتفكر في مهام التي عليك تنفيذها في عملك، كل فكرة تحاول أن تشتتك ستكون فرصتك لتحرير نفسك من كل قيود الحياة ستكون حر مرة أخرى، مهما كانت قيودك تذكر دائماً أنك تحتاج أن تفصل نفسك عن الكون وأنت في كامل وعيك.

 كيف تجبر نفسك على طرد كل الأفكار من دماغك؟

حاول تدريب نفسك على طرد كل الأفكار من دماغك، من خلال أن تتأمل لمدة عشرون دقيقة، وأخذ نفس عميق والاسترخاء وعدم التفكير في أي شيئ، مكن أن تقول كلمة معينة "الله أكبر" وأخذ نفس وتكرر هذه العملية، وعندما تأتي إلى |الصلاة| تكون متمرّن على هذا الأمر.

إن هذه فرصتك للاستفادة من الصلاة ولتعلّم صلاة من زاوية جديدة مختلفة، ولعبادة ربك بطريقة صحيحة و|قول الأذكار| بطريقة صحيحة التي تجعل الله يرضى عنك، عندما تشعر في طعم الخشوع والسعادة بالقرب من الله ستصبح صلاتك بشكل دائم كلها خشوع، وتشحن نفسك بالعبادة والصلاة والقرب من الله.

نرجو الفائدة .......

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/09/2022 12:50:00 ص

أهم 3 تطبيقات لاستخدامها بشهر رمضان الكريم ستغير حياتك
أهم 3 تطبيقات لاستخدامها بشهر رمضان الكريم ستغير حياتك 
تصميم الصورة رزان الحموي 

|رمضان |هلال المغفرة، شهر الصدقات، شهر الرحمة، أيامه معدودات مليئة بالبركة والخير

 هو من الأشهر التي كل منا ينتظره بفارغ الصبر، لقضاء حوائجنا والتقرب لله، فكم من مهموم فرج الله همه في هذا الشهر، وكم من مريض عافاه الله به، فهو شهر أوله رحمه، أوسطه مغفرة، وأخره عتق من النار.

ذكره الله بكتابه الكريم: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن"، ونحن كمسلمون خصنا الله به، بل وأكرمنا أيضاً فيه

قال تعالى: "يا أيها الذين آمنو كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تفلحون".

بما أنك مميز لدي اخترت التكلم اليوم عن 3 تطبيقات ستغير حياتك، ومفهوم العبادة لديك لهذا الشهر الفضيل، لذا لا بد لكل هاتف أن يحوي إحدى هذه التطبيقات أو جميعها.

1) التطبيق الأول (حصن المسلم):

أول تطبيق سأبدأ مقالي به، فهو عبارة عن برنامج مختص بالأدعية والذكر القرآني، وعن الأوقات المستحب الدعاء بها، فهو يعرض جميع الأدعية التي يمكن أن تراود ذهنك، ومنها ( دعاء الذهاب للمسجد.... الذّكر قبل الوضوء.... الذّكر عند الدخول للمنزل... دعاء الذهاب للعمل... أذكار الآذان.....)، وغيرها الكثير من الأدعية التي ستشعرك بالروحانية.

فكل الأدعية بهذا البرنامج يتم عرضها بطريقة جذابة ومرتبة، ومقسمة بحسب الموضوع، وهذا الحال سيساعدك بحال أردت حفظها، أيضاً يمكنك ضبطه على الأوقات التي تريدها لتذكيرك بقراءة ودك الخاص، فيقوم بإظهار واجهة صغيرة على الشاشة الرئيسية تبقى بضع دقائق ثم تختفي تلقائياً.

ولكن هذا |التطبيق |عيبه الوحيد أنه يحوي على إعلانات، يمكن أن تظهر بين الحين والأخر، وهو ايضاً برنامج مجاني يمكن تحميله بسهولة.

2) التطبيق الثاني (القرآن الكريم):

هذا التطبيق رهيب تيح لك إمكانية قراءة |القرآن الكريم|، والاستماع إليه، وما يميزه أنه مكتوب بخط واضح وكبير، والصورة فيه كبيرة، حيث يمكنك من سماع الآيات والسور التي تحبها بصوت أي شيخ أو داعية ديني تريده.

وهو تطبيق مجاني، فعال 100%، لا يحوي على أي نوع من الإعلانات المزعجة التي يمكن بظهورها أن تسبب بقطع سلسلة أفكارك.

3) التطبيق الثالث (صلاتي):

قمت بترك الحديث عن هذا التطبيق لأخر فقرة لدي، لأتمكن من الشرح الموسع، فأنا أعتبره من أفضل وأروع ما قد يتم تطويره في التطبيقات الدينية

 إنه رائع ومذهل، لا يمكنني الاستغناء عنه سواءً بشهر| رمضان|، أو باقي أشهر السنة

وإذا بحثت عنه ستلاحظ أنه من أكثر التطبيقات المطلوب تحميلها، لما فيه من مزايا وإضافات جميلة.

فهو تطبيق يتيح لك رؤية أوقات الصلاة (بالدقائق والثواني)، فيقوم بإعطاء مستخدمه إنذار تنبيهي قبل موعد| الصلاة| بدقيقة، ليتمكن الشخص من الوضوء أو ترديد الأدعية الخاصة به

 كما أنه يقوم بوضع الطيران بحالة (صامت) أثناء فترة الصلاة، وبشكل تلقائي يرجع الهاتف للحالة العامة بعد فترة قصيرة من تأدية الصلاة

 أرأيت كم هو مذهل....

ليس هذا كل شيء، بأيام رمضان و بوقت السحور، قبل أذان الفجر يبدأ بإعطائك المدة المتبقية للأذان قبل نصف ساعة، وكل ما يقارب الخمس دقائق يعاود بتذكيرك بالوقت المتبقي. 

وهكذا يا أصدقائي وصلت معكم الى نهاية هذا المقال الرائع


 نصيحتي لك لا تنسى أننا خلقنا من ماء دافق، أفلا نستحي من عصيان الله،

 فنحن ما خلقنا الا لعبادته، وسكرات الموت يمكن أن تأتي بأي لحظة، فادعوا لي على هذه التطبيقات لعلها أن تكون أقرب منولة لله مني.

آلاء عبد الرحيم 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/04/2022 03:10:00 م

أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي
 أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي 
تصميم الصورة : ريم أبو فخر  
استكمالاً لما ورد بالمقالة السابقة

بعد الكلام الذي قاله الرجل المسيحي لسيدنا سلمان عن النبي المنتظر قرر البدء برحلة البحث عن المكان الموصوف له للانتقال إليه والبحث عن النبي هناك.  

رحلة سلمان الفارسي في الوصول إلى المدينة المنورة

 صادف سلمان في أحد الأيام قافلةً عابرة فسألهم عن وجهتهم فأخبروه بأنهم ذاهبون إلى جزيرة العرب، فاقترح عليهم أن يأخذوه معهم إلى هناك مقابل أن يعطيهم كل ما يملك، وبالطبع وافقوا علي عرضه وأخذوه معهم، استمروا في المسير إلى أن وصلوا إلى مكانٍ يسمى وادي القرى، وهناك اجتمعوا عليه وخانوا وعدهم له وباعوه لرجلٍ من اليهود. 

ظلَّ سلمان على ذلك الوضع مستعبداً في وادي القرى عند سيده اليهودي لفترةٍ طويلة من الزمن، وفي إحدى المرات اشتراه يهوديٌّ من |بني قريظة| من سيِّده وأخذه معه، وكما نعلم إن يهود بني قريظة كانوا يقطنون يثرب فعندما وصل سلمان إلى مشارف يثرب لفته مظهرها وأخذ يطابق أوصافها مع الأوصاف التي ذُكرت له من قبل الرجل المسيحي فوجدها مطابقةً فقال في وصف ذلك المشهد: "فَوالله ما إنْ رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وُصفت لي" فعرف أنه وصل إلى المدينة المطلوبة، ولكن في ذلك الوقت لم يكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة بعد.  

في يومٍ من الأيام وبينما كان سلمان متسلقاً إحدى النخلات أثناء عمله عند سيده اليهودي سمع شخصاً من أقرباء سيده يكلِّمه في الأسفل وييخبره بمجيء شخصٍ إلى المدينة يزعم أنه نبي - وصف سيدنا سلمان هذا المشهد بعد حين بقوله "أول ما سمعته أخذتني العَرواء فارتجفت النخلة حتى كدتُ أسقط على صاحبها"- فنزل سلمان من أعلى النخلة بسرعة كبيرة كالبرق ليستفسر عن الخبر ولكن سيده قابله بقسوةٍ شديدة وضربه وقال له بألّا دخل له في الأمر. 

سيدنا سلمان في تلك اللحظة لم يكن يهتم بكلام سيده وصراخه، الشيء الوحيد الذي كان يفكر به ويشغل باله هو أنه كان مسروراً جداً

لأنه تيقن أنه في المكان الصحيح. 

وهنا ستبدأ رحلة سيدنا سلمان في البحث عن الحقيقة جولتها الثانية، وهي التأكد من أمر هذا الشخص الذي جاء إلى المدينة يدَّعي النبوة، هل حقاً يمتلك تلك العلامات الثلاثة التي أخبره بها ذلك الرجل المسيحي؟ هل حقاً سيكون هذا الشخص هو النبي الذي يبحث عنه سيدنا سلمان؟ 

أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي
 أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي 
تصميم الصورة : ريم أبو فخر 
 
بعد التقاء سيدنا سلمان بالنبي عليه الصلاة والسلام بعد طول بحثٍ وعناء دعاه عليه الصلاة والسلام فجلس إليه سلمان و أخذ يحدِّثه بكل ما حدث معه بدءاً من أول حياته ولغاية اللحظة التي التقى فيها به، ثم أسلم على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

بعد إسلام سيدنا سلمان قال له |الرسول عليه الصلاة والسلام| بأن يراسل سيده حتى يُحرَّر ويعتَق من العبودية، فكَاتَبَه وأُعتق من العبودية وأصبح حراً وواحداً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.  

بعد خمس سنوات من هجرة النبي عليه الصلاة والسلام كانت غزوة الخندق والتي تكلمنا عن تفاصيلها في مقالٍ سابق بعنوان: أعلام من الصحابة: سعد بن معاذ، ولكن ما نودُّ قوله هنا هو أنه حين اجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم مع الصحابة للشورى واتفقوا على القتال والدفاع عن المدينة، صعد سيدنا سلمان على هضبةٍ عالية ونظر إلى المدينة من الأعلى فلاحظ ميزةً قويةً جداً تمتاز بها المدينة المنورة وهي أنها محاطةٌ بالجبال والصخور من جميع النواحي عدا فجوة واسعة أمام المدينة وهي الفجوة التي يستطيع من خلالها جيش المشركين الدخول إلى المدينة بكل سهولة، وهنا خطرت فكرةٌ ذكية في بال سلمان الفارسي الذي كان لديه معرفة جيدة جداً بفنون القتال والخداع في الحرب.  

وبالفعل تقدَّم سلمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم باقتراحٍ لم تعهده العرب من قبل وهو أن يقوم المسلمون بحفر خندقٍ أمام المدينة يغطي جميع المناطق المكشوفة فيها بحيث تكون المدينة محصَّنةً من جميع جوانبها، أُعجب النبي عليه الصلاة والسلام بالفكرة كثيراً وأمر الصحابة على الفور بأن يبدؤوا بحفر الخندق وبأسرع وقت، وقد كان جميع الصحابة وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يحفرون في الخندق. 

كان سيدنا سلمان قويَّ البنية إذ كانت ضربةٌ واحدةٌ منه على أكبر صخرة كفيلة بأن تجعلها شظايا مشتتة، ولكنه أثناء الحفر واجه صخرةً كبيرةً لم تنكسر معه بأي شكلٍ من الأشكال وباءت كل محاولاته لكسرها بالفشل لدرجة أن الصحابة عليهم السلام اقترحوا على النبي صلى الله عليه وسلم تغيير مسار الخندق كله لأجل هذه المشكلة. 

فماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟
وهل سيتغير مسار الخندق بسبب تلك الصخرة؟

أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي
 أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي  
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر 
 
 سنتابع الحديث  لنعرف مصير الصخرة الكبيرة التي عجز الصحابة عن تحطيمها أثناء حفر الخندق، ومن ثم ستنتهي هذه السلسلة بوفاة هذا الصحابي المغامر. 

عندما ذهب الصحابة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبروه بأمر الصخرة التي لم تنكسر واقترحوا عليه تغيير مسار الخندق ذهب عليه الصلاة والسلام ليعاين الصخرة

 وعندما رآها دعا بمِعوَلٍ وطلب من الصحابة الابتعاد عن مرمى الشظايا ثم سمَّى بالله ورفع كلتا يديه بالمِعوَل وهَوى على الصخرة فإذا بها تنشقُّ ويخرج من صدعها ضوءٌ وهَّاجٌ قال عنه سلمان الفارسي: 
"لقد رأيته يضيء جوانب المدينة"، ثم كرر النبي صلى الله عليه وسلم ضربه للصخرة مرةً والثانية حتى تفتت تماماً فهلَّل النبي صلى الله عليه وسلم وهلّل المسلمون من بعده

 وبهذا انتهى أمر تلك الصخرة وتم حفر الخندق.  

عندما وصل جيش المشركين الكبير إلى المدينة تفاجؤوا وانصدموا صدمةً كبيرةً مما شاهدوا، فعلى الرغم من أن حفر |الخندق| فكرة بسيطة إلا أنها لم تكن معهودة ومتوقعة أبداً عند العرب، وهكذا كانت فكرة سيدنا سلمان أحد أسباب انتصار المسلمين في غزوةٍ سُميت باسم فكرته |غزوة الخندق|. 

شهد سيدنا سلمان الفارسي كل الغزوات مع النبي عليه الصلاة والسلام، وكان عليه الصلاة والسلام عالماً بفطنة سلمان فعلّمه الكثير من العلم وكان يطري على خلقه وعلمه. 

أمدَّ الله تعالى بعمر سيدنا سلمان حتى عاش في عهد أبو بكر وعمر وعثمان عليهم السلام، في الفترة التي تلت وفاة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كانت المسؤوليات ثقيلة على كاهل الصحابة وذلك لأنها كانت فترة انتشار للإسلام وتحديات كبيرة للصحابة في أن يستطيعوا نشر الإسلام بعد وفاة سيدنا محمد، وكان بيت مال المسلمين بحاجة كبيرة للمال فكان سيدنا سليمان معطاءً جداً في ذلك إذ كان يقول: 
"أشتري خصوصاً بدرهم ثم أعمَله فأبيعه بثلاث، فأعيد درهماً فيه وأنفق درهماً على عيالي وأتصدق بالثالث، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت".

ومع مرور السنين تقدّم سيدنا سلمان في العمر

 وأصبح على فراش الموت فدخل عليه سعد بن أبي وقاص فبكى سلمان  ،فقال له سيدنا سعد: "ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ لقد توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عنك"
 
فأجابه سيدنا سلمان: "والله ما أبكي خوفاً من الموت ولا حرصاً على الدنيا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَهِد إلينا عهداً فقال ليكن حظ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب، وها أنا ذا حولي هذه الأساود" بمعنى أشياء كثيرة 

فقال سعد: "فنظرت حولي فما وجدت إلا جفنةً ومطهرة، فقلت له يا أبا عبد الله اعهد إلينا بعهدٍ نأخذه عنك" 

فقال سيدنا سلمان: "يا سعد اذكر عند الله همتك إذا هممت، وعند حكمتك إذا حكمت وعند يدك إذا أقسمت". 

توفي سيدنا سلمان على فراشه لتنتهي  بوفاته حياةٌ كانت مليئة برحلات البحث عن الحق، حياة كانت مليئة بالصعوبات والمغامرات. 

وهكذا عزيزي القارئ يكون مقالنا المتواضع جداً في تسليط الضوء على بعض الجوانب من حياة الصحابي سلمان الفارسي قد اتتهى، أرجو أنه كان مفيداً بالنسبة لك. 

فضلاً شاركنا آراءك الرَّائعة من خلال التَّعليقات ^-^

آية الحمورة

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/04/2022 03:07:00 م

أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي
 أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي  
تصميم الصورة : ريم أبو فخر 
 
لُقِّب بابن الإسلام، قيل عنه أنه سلمان الخير، عبقريُّ الخندق إذ كان أحد أسباب انتصار المسلمين في غزوة الخندق إنّه الباحث عن الحقيقة سَلمَان الفارسي، وهو الصحابي الذي سيكون موضوع مقالنا هذا فتابع معنا. 

ولادته ونشأته

وُلدِ سلمان الفارسي وكما هو واضحٌ من اسمه في بلاد فارس في قرية صغيرة موجودة بجانب مدينة كبيرة في إيران تدعى أصفهان.  

نشأ ضمن عائلة تتَّبع المجوسية، كان سلمان يتصف بشخصيةٍ يختلط فيها الزهد مع الحزم، ويتميز برجاحة العقل، ويمتلك معرفةً كبيرةً جداً بفنون القتال وخدع الحرب، كما تميز بأخلاقه النبيلة.  

كان سلمان الفارسي مجوسياً بحتاً نظراً لكونه مولودٌ في عائلةٍ مجوسية والمجوسي يعني عابد النار، ولم يكن مجوسياً عادياً إنما كان متشدداً فكان معروفٌ عن ناره أنها لا تنطفئ أبداً إذ كان يوقد عليها كلما شارفت على الانطفاء.  

كانت عائلة سلمان ميسورة الحال إذ كانت تمتلك مزرعةً في طرف القرية خاصتهم، وعندما كبر سلمان كان والده يرسله كل فترة إلى تلك المزرعة لإنجاز مهمةٍ معينة، وفي إحدى المرات التي أُرسل فيها سلمان إلى المزرعة لإنجاز مهمة أوكلت اليه صادف في طريقه كنيسة فدخل عليها وأخذ يشاهد كيف كان النصارى يصلّون ويتعبدون، فأُعجب بصلاتهم جداً ورأى أن دينهم أفضل من الدين الذي هو عليه، ثم سألهم عن أصل دينهم، فأجابوه أنه في الشام.  

أكمل سلمان طريقه وأنجز مهمته ثم عاد إلى المنزل و أخبر أباه بما حدث معه، ولكن والده كان مجوسياً متشدداً جداً فقابل ما قاله بعصبيةٍ شديدة ولم يحتمل أن يرى ابنه يدخل في دينٍ غير دينه ودين آبائه، ولأن سلمان في ذلك الوقت كان متمسكاً جداً بالمسيحية لم يجد والده حلاً سوى سجنه في غرفةٍ داخل المنزل مكبَّلاً بالأغلال.

استطاع سلمان بطريقةٍ ما التواصل مع تلك الكنيسة وطلب منهم إخباره في حال ذهاب أحد منهم إلى الشام، وبالفعل قررت طائفة منهم بعد فترة الذهاب إلى الشام، فبعثوا له مرسالاً ساعده في الهرب من المنزل والسفر معهم إلى الشام. 

ماذا حدث مع سيدنا سلمان الفارسي بعد هروبه من المنزل وسفره إلى الكنيسة الكبيرة في الشام؟ 

أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي
 أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي  
تصميم الصورة : ريم أبو فخر   
 سنتابع  لنرى ماذا حدث مع سلمان الفارسي بعد هروبه إلى الشام.  

عندما وصل سلمان إلى الكنيسة الكبيرة في الشام سألهم عن مكان تواجد كبيرهم فأخبروه بمكانه، ذهب إليه على الفور وأخبره بأنه مستعدٌّ ليكون خادماً عنده ويلبي جميع طلباته مقابل أن يعلِّمه الدين المسيحي، فوافق الرجل على بقاء سلمان معه في |الكنيسة|، ولكن بعد مدة وجيزة اكتشف سلمان أن هذا الرجل لم يكن يعرف شيئاً من العلم إنما هو مجرد رجل متعارف عليه للتواجد في الكنيسة فلم يستطع أن يتعلم منه شيء.  

بعد فترةٍ من الزمن مات هذا الرجل واستلم الكنيسة مكانه شخصٌ آخر، كان رجل الكنيسة الجديد صالحاً وكان سلمان يقول عنه دائماً:

"ما رأيت رجلاً على دينهم خيراً منه ولا أعظمَ رهبةً منه في الآخرة"  

تعلَّق سلمان به كثيراً وأحبه حباً شديداً وتعلم منه الكثير من العلم، ومع مرور السنين وتقدم هذا الرجل الصالح في العمر أصبح على مشارف الموت فسأله سلمان سؤالاً واحداً فقط

- سأل سلمان الرجل: إلى مَن توصي بي من بعدك؟

- فأجابه: "إن في هذا المكان لا يوجد مَن أوصيك إليه ولكن هناك رجلٌ في الموصل أوصيكَ بالذهاب إليه".

وبالفعل سافر سلمان إلى الموصل وبحث عن ذلك الرجل حتى وجده وظل عنده إلى أن مات هو الآخر، فذهب إلى الرجل الذي كان قد سلَّمه له ذلك الأخير، وظلَّ |سلمان الفارسي| على هذا الحال يتنقل من رجل دينٍ لآخر يتعلم الدين المسيحي ليكون مسيحياً صالحاً إلى أن اجتمع في أحد الأيام برجلٍ قال له كلاماً مهماً جداً غيَّر مجرى حياته إلى الأبد، قال له ذلك الرجل: "إنه قد أضلَّك زمانُ نبي، يُبعَث بدين إبراهيم حنيفاً، يهاجر إلى أرضٍ ذات نخلٍ بين جبلين فإنْ استطعت أن تخلَص إليه فافعل" ولكن سلمان لم يقتنع بما قيل فقد يجد الكثيرين في ذلك المكان فطلب من الرجل دلالاتٌ وعلاماتٌ أدق فأخبره بثلاث علامات يستطيع من خلالها معرفة النبي دون أن يُخطئ، قال له: "إنه لا يأكل الصدقة ويقبل الهدية ويوجد بين كتفيه خاتم نبوة" 

ثلاث علاماتٍ واضحات لو وجدها في شخصٍ من الأشخاص سيعلم أنه النبي الذي عليه أن يؤمن به ويتبع الدين الذي يأتي به. 

وهنا ستبدأ رحلة سيدنا سلمان في البحث عن صاحب هذه الأوصاف. 

ماذا سيحدث معه يا ترى وهل سيحظى بذلك النبي؟ 

أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي
 أعلامٌ من الصَّحابة سلمان الفارسي  
تصميم الصورة : ريم أبو فخر
   
بعد الكلام الذي قاله الرجل المسيحي لسيدنا سلمان عن النبي المنتظر قرر البدء برحلة البحث عن المكان الموصوف له للانتقال إليه والبحث عن النبي هناك.  

رحلة سلمان الفارسي في الوصول إلى المدينة المنورة

 صادف سلمان في أحد الأيام قافلةً عابرة فسألهم عن وجهتهم فأخبروه بأنهم ذاهبون إلى جزيرة العرب، فاقترح عليهم أن يأخذوه معهم إلى هناك مقابل أن يعطيهم كل ما يملك، وبالطبع وافقوا علي عرضه وأخذوه معهم، استمروا في المسير إلى أن وصلوا إلى مكانٍ يسمى وادي القرى، وهناك اجتمعوا عليه وخانوا وعدهم له وباعوه لرجلٍ من اليهود. 

ظلَّ سلمان على ذلك الوضع مستعبداً في وادي القرى عند سيده اليهودي لفترةٍ طويلة من الزمن، وفي إحدى المرات اشتراه يهوديٌّ من |بني قريظة| من سيِّده وأخذه معه، وكما نعلم إن يهود بني قريظة كانوا يقطنون يثرب فعندما وصل سلمان إلى مشارف يثرب لفته مظهرها وأخذ يطابق أوصافها مع الأوصاف التي ذُكرت له من قبل الرجل المسيحي فوجدها مطابقةً فقال في وصف ذلك المشهد: "فَوالله ما إنْ رأيتها حتى أيقنت أنها البلد التي وُصفت لي" فعرف أنه وصل إلى المدينة المطلوبة، ولكن في ذلك الوقت لم يكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد هاجر إلى المدينة بعد.  

في يومٍ من الأيام وبينما كان سلمان متسلقاً إحدى النخلات أثناء عمله عند سيده اليهودي سمع شخصاً من أقرباء سيده يكلِّمه في الأسفل وييخبره بمجيء شخصٍ إلى المدينة يزعم أنه نبي - وصف سيدنا سلمان هذا المشهد بعد حين بقوله "أول ما سمعته أخذتني العَرواء فارتجفت النخلة حتى كدتُ أسقط على صاحبها"- فنزل سلمان من أعلى النخلة بسرعة كبيرة كالبرق ليستفسر عن الخبر ولكن سيده قابله بقسوةٍ شديدة وضربه وقال له بألّا دخل له في الأمر. 

سيدنا سلمان في تلك اللحظة لم يكن يهتم بكلام سيده وصراخه، الشيء الوحيد الذي كان يفكر به ويشغل باله هو أنه كان مسروراً جداً

لأنه تيقن أنه في المكان الصحيح. 

وهنا ستبدأ رحلة سيدنا سلمان في البحث عن الحقيقة جولتها الثانية، وهي التأكد من أمر هذا الشخص الذي جاء إلى المدينة يدَّعي النبوة، هل حقاً يمتلك تلك العلامات الثلاثة التي أخبره بها ذلك الرجل المسيحي؟ هل حقاً سيكون هذا الشخص هو النبي الذي يبحث عنه سيدنا سلمان؟ 


آية الحمورة

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/31/2022 02:31:00 م

أعلامٌ من الصَّحابة طَلحَة بن عُبيد الله
 أعلامٌ من الصَّحابة طَلحَة بن عُبيد الله 
تصميم الصورة : ريم  أبو فخر 
أحدُ العشرة المبشَّرين بالجنة، أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام، جار النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه شهيدٌ يمشي على الأرض، وأحد الرجال أصحاب الشورى الذين اختارهم سيدنا عمر بن الخطاب ليختاروا الخليفة من بعده. 

إنَّه  طلحة بن عبيد الله، لأخذ فكرة عن حياة هذا الصحابي الجليل تابع معنا المقال التالي. 

ولادة طلحة بن عبيد الله وصفاته

وُلِد طلحة بن عبيد الله في مكة المكرمة قبل الهجرة النبوية بجوالي ٢٨ سنة، وكان طلحة كثيرُ الشعر، حسنُ الوجه، أبيض الوجه مع حُمرة. 

قصة إسلام طلحة بن عبيد الله

كان طلحة في رحلة تجارية  إلى |البصرة|، وفي أثناء الرحلة قابل راهب سأله عن بلده، فأجابه طلحة بأنه من مكة، فقال له: سيظهر نبي في مكة وهذا هو زمنه، فاستبشر طلحة وعاد بالموكب إلى مكة ليجدها بالفعل على غير حالها، الناس جميعاً يتكلمون عن محمد الصادق الأمين الذي شَرَع يدَّعي النبوة ويقول بأن وحياً يُرسَل إليه وأن هناك رسالة قادمة إلى العرب خاصةً والناس عامةً، فأراد طلحة التأكد من صحة ما سمعه وفيما إذا كان محمد قد قال هذا بالفعل، فذهب لسيدنا أبو بكر وسأله عن الأمر فأجابه مباشرةً بأنه أسلمَ واتبع محمد، ثم أخذ سيدنا طلحة يفكر ويقول في نفسه

"هذان الرجلان لا يلتقيان في شرٍّ أبداً، ولا يجتمع الاثنان على ضلالةٍ أبداً، وقد بلغ محمدٌ الأربعين من عمره فما عهدنا عليه طيلة هذا العمر كذبةً واحدة، أَحين يكذب يكذب اليوم وعلى الله!  ويقول إنِّي أُرسِلت وأُرسل إليَّ وحي".

هكذا كان سيدنا طلحة يفكر ويتحاور مع نفسه، ثم إنه لم يجد أي مبرر يجعل شخصاً مثل محمد يكذب ويفتري، ولا شخصاً مثل أبو بكر يصدِّقه ويشدَّ على يده ويؤمن به سوى أن يكون ما جاء به محمد هو الحق وأنه رسولٌ من عند الله الواحد، فذهب سريعاً إلى بيت سيدنا أبو بكر ولم يُطِل عنده لأنه كان مشتاقاً لرؤية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فصَحِبَه |أبو بكر| إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليُسلم طلحة بن عبيد الله بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. 

وهكذا كان سيدنا طلحة من السابقين الأوائل إلى الإسلام

أعلامٌ من الصَّحابة طَلحَة بن عُبيد الله
 أعلامٌ من الصَّحابة طَلحَة بن عُبيد الله 
تصميم الصورة : ريم أبو فخر
 سيدنا طلحة بين يدي رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام بعد تفكير عميق في محاولة البحث عن الحقيقة

على الرغم من ثراء سيدنا طلحة الكبير في مكة وتجارته القوية وأمواله وثرواته الكثيرة إلا أن كل هذا لم يشفع له عند| قريش| إسلامه ولم يكن مانعاً لهم من اضطهاده كغيره ممَّن كان يسلم، ولكن سيدنا طلحة كان من المحظوظين إذ كانت تجارته مستمرةً بشكلٍ دائم، فكما قلنا أنه حين أسلم كان عائداً من إحدى رحلاته التجارية في البصرة وبعد إسلامه مباشرةً كان لديه رحلة تجارية إلى الشام، فأسلم وخرج في رحلته.

طلحة بن عبيد الله والهجرة

أثناء عودة طلحة من رحلته في الشام قابل النبي عليه الصلاة والسلام وأبو بكر رضي الله عنه في عرض الصحراء فسألهما عن السبب، فأخبراه بأمر الهجرة إلى |يثرب|، أهداهما من كسوة أهل الشام التي أحضرها معه وأكمل طريقه إلى مكة، وعندما وصل إلى مكة ذهب إلى آل بيت سيدنا أبو بكر، أخذهم وخرج بهم إلى المدينة المنورة، وهكذا كانت هجرة طلحة بن عبيد الله مع آل بيت سيدنا أبو بكر إلى المدينة. 

طلحة بن عبيد الله وغزوة بدر 

على الرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر، ذلك اليوم العصيب على المسلمين كان بحاجةٍ لكل فردٍ أن يكون معه في الحرب ويسانده إلا أنه عَهد لطلحة وسعيد بن زيد إنهاء مهمةٍ أخرى بعيداً عن المشاركة في الغزوة، فلم يشهد سيدنا طلحة غزوة بدر مع النبي صلى الله عليه وسلم. 

عندما عاد طلحة وسعيد من مهمتهما إلى المدينة كان الجيش قد عاد منتصراً من غزوة بدر فأصابهما الألم في نفسيهما أن يكونا قد فوَّتا أجر المشاركة مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوةٍ من الغزوات، وليست أي غزوة، إنها الغزوة الأولى، أول حرب في الإسلام ضد الكفر والشرك، فطمأنهما النبي صلى الله عليه وسلم بأن لهما مثل ثواب الذين شاركوا في غزوة بدر، وقسم لهما من الغنائم مثل المحاربين والمقاتلين في ساحة الحرب.  

أعلامٌ من الصَّحابة طَلحَة بن عُبيد الله
 أعلامٌ من الصَّحابة طَلحَة بن عُبيد الله 
تصميم الصورة : ريم أبو فخر
  
بعد الحديث عن هجرة سيدنا طلحة ثم عدم مشاركته في غزوة بدر، سننتقل  إلى الحديث عن |غزوة أُحد| وبعض الألقاب التي أطلقها النبي عليه الصلاة والسلام على هذا الصحابي المقدام. 

طلحة بن عبيد الله وغزوة أُحُد

كما نعلم من مقالاتٍ سابقة تم الحديث فيها عن غزوة أُحد، أن وطأتها كانت شديدة جداً على المسلمين، ففي ذلك اليوم أخطأ الرماة وخالفوا وصية النبي صلى الله عليه وسلم بألَّا ينزلوا من الجبل في أي حال إذ اعتقدوا أن الحرب قد انتهت فنزلوا ليجمعوا الغنائم، فاستغل الكفار نزولهم وعاودوا مهاجمة المسلمين مرةً ثانية بشكلٍ أشد وأعنف فتشتت جمع جيش الإسلام، وعندما رأى سيدنا طلحة ذلك بدأ فوراً يبحث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجده قد زلَّت قدمه في حفرة فكان كالصيد السهل بالنسبة للمشركين، فركض على الفور لكي يلوذ عن النبي صلى الله عليه وسلم كل اعتداءٍ يهاجمه ويصدَّ عنه كل ضربةٍ تأتيه، وبالفعل دافع عن سيدنا |محمد صلى الله |عليه وسلم أفضل دفاع حتى أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت عنه:  

"كان أبو بكر إذا ذُكر يوم أُحد قال: إن ذلك كله كان يوم طلحة، كنت أول مَن جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لي ولأبي عبيدة بن الجراح: دونكم أخاكم، فنظرنا إلى طلحة فإذا به بضعٌ وسبعون طعنةً أو ضربةً أو رمية وإذا بإصبعه مقطوع فأصلحنا من شأنه". 

هذا ما فعله طلحة في يوم أُحد، موقفٌ شجاعٌ يستحق أن يقال عنه ما قيل. 

طلحة الخير

شهد سيدنا طلحة كل الغزوات مع الرسول عليه الصلاه والسلام وكان دائماً في مقدمة الصفوف يبغي وجه الله ويحارب في سبيله ويفتدي راية رسوله وروحه، حتى لقَّبه النبي صلى الله عليه وسلم بطلحة الخير. 

طلحة الجَواد

كان سيدنا طلحة عليه السلام شديد الكرم والعطاء، وقد كان كما ذكرنا سابقاً ثرياً جداً فكان كلما طلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مالاً لبيت مال المسلمين من أوائل الناس المتبرعين، كما كان يُنفق من ماله بغير حساب، فلقَّبه النبي صلى الله عليه وسلم بطلحة الجواد، ومما ذُكر عن زوجته أنها قالت:  

"دخلتُ عليه ذات يومٍ فرأيته مهموماً فقلت له: ما بك؟ فقال: المال الذي عندي قد كَثُر حتى أهمَّني وأكرمني، فقلت: ما عليك اِقسمه، فقام ودعا الناس وأخذ يقسم منه حتى لم يتبقى منه درهمٌ واحد". 

عطاءٌ لا يوصف وموقفٌ جليلٌ جداً من سيدنا طلحة وزوجته أيضاً.

أعلامٌ من الصَّحابة طَلحَة بن عُبيد الله
 أعلامٌ من الصَّحابة طَلحَة بن عُبيد الله 
تصميم الصورة : ريم أبو فخر

طلحة بن عبيد الله وفتنة عثمان

أمدَّ الله في عمر سيدنا طلحة حتى شهد فتنةٌ كانت من أصعب الفتن على الصحابة عليهم السلام وهي فتنة |عثمان بن عفان|.  فكان موقف سيدنا طلحة مؤيداً للمعارضين لسيدنا عثمان وكان يزكِّي ما يريده المعارضون، لكن سيدنا طلحة لم يكن يتخيل أبداً أن يصل الموقف لما وصل ويؤدي لاستشهاد سيدنا عثمان وهو لم يشترك على الإطلاق بأي شكلٍ من الأشكال في قتل سيدنا عثمان بن عفان سواء أكان تحريضاً أو دعماً أو مشاركةً فعلية في قتله.  

بعد استشهاد عثمان بن عفان بدأ سيدنا |علي بن أبي طالب| بأخذ البيعة من المسلمين فأخذها من طلحة والزبير بن العوام، ثم استأذناه حتى يخرجا في عمرةٍ إلى مكة، ومن مكه ذهبا إلى البصرة وفي ذلك الوقت في البصرة كان هناك جماعة تتشكَّل للأخذ بثأر عثمان بن عفان، ووقعت |موقعة الجمل| التي التقى فيها فريقين: الفريق المطالب بدم عثمان بن عفان والفريق المناصر لعلي بن أبي طالب، وأثناء اصطدام الفريقين لاحظ سيدنا علي وجود طلحة والزبير في الجيش المقابل المطالب بالثأر لعثمان، فطلبهما وتحدث معهما. 

استشهاد طلحة بن عبيد الله

بعد الحديث مع الإمام علي اقتنع طلحة والزبير بأن عليهما ألا يشارك في هذه الفتنة والحرب على الإطلاق وبالفعل انسحبا منها، ولكن للأسف انسحاب طلحة والزبير من تلك الحرب كان إعلاماً بنهاية حياتهما فقد تم اغتيال الصحابيان ليستشهدا في سبيل الله. 

شارك الإمام علي كرَّم الله وجهه في دفن طلحة والزبير ولما انتهى ودَّعهما قائلاً:

'اللهم إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير وعثمان من الذين قلت فيهم:  

بسم الله الرحمن الرحيم "وَنَزَعْنَا مَا فِيْ صُدُوْرِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانَاً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِيْن" صذق الله العظيم 

ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 

'طلحة والزبير جاريَّ في الجنة"

وهكذا كانت نهاية حياة طلحة بن عبيد الله في زمن الفتنة. 

بالطبع حياة سيدنا طلحة كان فيها الكثير من التفاصيل المهمة التي لم يسعنا ذكرها هنا، ولكن كما نقول دائماً هذا ليس إلا باباً للدخول منه إلى عالم هذا الصحابي والقراءة عنه وعن سيرته بالتفضيل. 

فضلاً شاركنا آراءك الرَّائعة من خلال التَّعليقات ^-^

آية الحمورة

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/27/2022 12:52:00 م

أعلامٌ من الصَّحابة حمزة بن عبد المطَّلب
 أعلامٌ من الصَّحابة حمزة بن عبد المطَّلب  
تصميم الصورة : ريم أبو فخر   
النَّاس في الحياة أجناسٌ وألوان، منهم الصالحون ومنهم الفاسدون، منهم مَنْ يختار مساندة أهله والوقوف معهم ومنهم مَن يتخلى عن أهله، منهم مَن يوظِّف إمكاناته وقوته في نصرة الحق ومنهم مَن ينصر الباطل.  

سنتحدث في هذا المقال عن أحد الأخيار الذي كانت اختياراته دائماً في مكانها الصحيح حمزة بن عبد المطلب.  

سيدنا حمزة بن عبد المطلب بن هشام سيد قريش وسيد مكة كلِّها هو عمُّ الرسول مُحَمَّد صلَّى الله عليه وسلم، وسيِّد الشهداء، أسد الله ورسوله، ولقِّب بأبي عِمَارة، وُلِدَ حمزة في مكة المكرمة قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم بحوالي سنتين أو أربع سنوات حسب بعض المصادر.  

صفات سيدنا حمزة في الجاهلية

كثيراً ما كنا نجد الصفة وضدها تجتمعان في شخصِ سيدنا حمزة عليه السلام، الذي عُرف بالشجاعة حين يتطلب الأمر والسماحة واللطافة واللين في أحيان أخرى، كما كان يتمتع بأجمل صفات العرب مثل: الكرم والسخاء، إضافةً لكونه أشد فتى في قريش وأكثرهم شجاعة.  

نشأ سيدنا حمزة في بيئة قريش الصعبة جداً، والتي علَّمته استخدام السلاح منذ الصغر، وعلى الرغم من سنِّه الصغيرة إلا أنه شارك في حرب الفجار التي كان لها دوراً كبيراً جداً في تدريب سيدنا حمزة على الشدة والبأس في شخصيته واستخدام السلاح.  

في هذه الفترة وُلِدَ ابنٌ لأخ سيدنا حمزة، عبد الله بن عبد المطلب وهو: مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه أفضل الصلاة والسلام، ولد بعد ولادة سيدنا حمزة بسنتين أو أربع سنوات كما دكرنا، فكان أقرب أفراد العائلة له سناً. 

من المواقف التي تبيِّن قرب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لعمه حمزة

هو أنه عندما عرضت |السيدة خديجة بنت خويلد| "أم المؤمنين" الزواج على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سيدنا حمزة أحد الأشخاص الذين أخذ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام المشورة منهم في أمر الزواج ذاك، إذ لم يكن هناك شيءٌ يعكِّر صفو العلاقة ما بين سيدنا حمزه وسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام سوى الدعوة للدين الاسلامي وعبادة الله الواحد.  

مع بداية جهر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بالدعوة إلى الله الواحد الأحد لم يكن سيدنا حمزة مع ابن أخيه ولم يُرِد الابتعاد عن عقيدة آبائه وأجداده، على الرغم من محبته الشديدة واحترامه الكبير لمحمد صلى الله عليه وسلم، وما كان يحصل آنذاك هو أن جميع القرشيين كانوا يذمّون الرسول عليه الصلاة والسلام، فأخذ سيدنا حمزة موقف الحَذِر، المراقب الصامت، ملتزم بالحياد وعدم الإساءة لابن أخيه، على الرغم من انبهاره الشديد تجاه ثباته على عقيدته بالرغم من أنهما تربَّيا في بيتٍ واحد، فلم يكن لدى سيدنا حمزة شكٌّ بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على الإطلاق، لكنه لم يكن مؤمنٌ به بعد. 

ترقبٌ شديدٌ كان يعيشه سيدنا حمزة، خوفٌ وقلقٌ على ابن أخيه حتى جاء اليوم الموعود. 

أعلامٌ من الصَّحابة حمزة بن عبد المطَّلب
 أعلامٌ من الصَّحابة حمزة بن عبد المطَّلب  
تصميم الصورة : ريم أبو فخر
   
 سيدنا حمزة لم يؤمن بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، بالرغم من محبته الشديدة له، لكنه كان يعيش حالة خوفٍ وقلقٍ دائمٍ عليه حتى جاء ذلك اليوم الذي أسلم فيه.  

لمعرفة قصة إسلام حمزة بن عبد المطلب فلتتابعْ 

قصة إسلام حمزة عليه السلام

 في يومٍ من الأيام خرج سيدنا حمزة من قبيلته قاصداً الصحراء للصيد والتي كانت هوايته المفضلة، وكان حمزة صياداً ماهراً جداً، وكان من عاداته أنه حين ينتهي من الصيد ويرجع إلى مكة يذهب للكعبة ويطوف حولها، ثم يعود إلى منزله. 

 وبالفعل عندما انتهى من الصيد و عاد إلى مكة قاصداً الكعبة المشرفة قابلته خادمة عبد الله بن جدعان، وقالت له: يا أبا عِمَارة لو رأيت ما لقى ابن أخيك محمد آنفاً من أبي الحكم، وجده جالساً هناك فأذاه وسبَّه وبلغ منه ما يكره، وشرحت له كل ما فعله أبوجهل بسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام من إيذاءٍ وضربٍ وسبٍّ وشتم. 

غضب سيدنا حمزة كثيراً وأكمل طريقه إلى الكعبة ليجدَ أبو جهل جالساً بين مجموعةٍ من |قريش|، ودون أي سابق إنذار يأخذ سيدنا حمزة قوسه و يضرب أبو جهل على رأسه ضربةً تسيل دمه، وتترك الجميع في دهشة.  

 كان أبو جهل وحمزة من سادات قريش، فكيف يحصل هذا؟

 تساؤلات يغرق بها الجميع، كيف لاثنين من سادات قريش أن يفعلا هذا ببعضهما علناً وأمام الجميع؟ ولماذا؟ ليقطع سيدنا حمزة تلك الدهشة بقولٍ صادمٍ أكثر يوجهه لأبو جهل: أتشتمُ محمداً وأنا على دينه، وأقول ما يقول؟ 

ياللهول أسلم حمزة!  نسي الجميع ما حصل لأبو جهل، والتفتوا لما نطق به حمزة.  

 فإسلام حمزة لم يكن بالأمر العادي، حمزة كان رجلاً قوياً جداً، شجاعاً لأبعد الحدود، مما دبَّ الرعب بقلوب جميع الكفار، كما أن إسلامه سيزيد من بأس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك إضافةً إلى أن أحد أعمام الرسول يؤمن به أمرٌ سيزيد من ثقة سيدنا محمد وسيرفع من معنوياته، وتشجيعٌ لجميع الخائفين من دخول الإسلام، وكيف يخافون وقد أصبح فيهم حمزة.  

 ولكن على الرغم من دخول حمزة الإسلام إلا أن تساؤلاتٍ كثيرة لا زالت تخطر في باله، لماذا أسلمت؟ كيف أسلمت؟ ومتى أسلمت؟ هل من السهل هكذا في لحظة غضب أن أنسى دين آبائي وأجدادي وأقف ضدهم؟ هل صوابٌ أن أؤمن بدينٍ آخر لا أعرف مبادؤه ولا أعرف ماذا يعبدون ومَنْ يعبدون؟

أعلامٌ من الصَّحابة حمزة بن عبد المطَّلب
 أعلامٌ من الصَّحابة حمزة بن عبد المطَّلب  
تصميم الصورة : ريم أبو فخر   

 كيف أسلم سيدنا حمزة عليه السلام وكيف دافع عن ابن أخيه أمام أبو جهل

 كانت تساؤلات كثيرة تخطر في باله بعدما أعلن إسلامه.  

أمضى سيدنا حمزة الليلة وهو يفكر فيما إذا كان على استعدادٍ حقٍّ للدخول في دين محمد، في حين كان يشعر بحنين لدينه الأصلي، ومع زيادة الصراع الداخلي بين عقله وقلبه، وعدم اتضاح الأمور في ذهنه قرر الذهاب إلى الكعبة وأخذ يدعي ربه أن يهديه إلى الطريق الصحيح.  

كان سيدنا حمزة دائماً يقول: عندما كنت أكتحلُ بنومٍ وأتيتُ إلى الكعبة، وتضرعت الله أن يشرح صدري للحق، ويُذهِب عني الريب، استجاب الله لي، وملأ قلبي يقيناً…  ثم غادر الكعبة وذهب إلى |سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام| ووأخبره بكل ما حدث من ذهابه لأبي جهل إلى النهاية، فدعا له سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بأن يهدي الله قلبه للإسلام. 

 ها هي باختصار شديد قصة إسلام سيدنا حمزة وإعلان إسلامه وبيعته للرسول عليه الصلاة والسلام. 

كان إسلام سيدنا حمزة مختلف

 ففي تلك الفترة كان المسلمين مستضعفين جداً، إذ كان غالبية أتباع الرسول عليه الصلاة والسلام من الفقراء أو العبيد، ومن غير أقارب الرسول عليه الصلاة والسلام، باختصار كانوا من المستضعفين عموماً في قريش، لهذا كان إسلام سيدنا حمزة أحد أعمام الرسول وأحد سادات قريش سنداً كبيراً له ولدعوته.  

بعد فترة من الزمن أذن الله لنبيِّنا محمد عليه الصلاة والسلام بالسماح لبعض المسلمين الموجودين في مكة الهجرة إلى |يثرب| هرباً من بطش قريش، فهاجرَ سيدنا حمزة قبل الرسول عليه الصلاة والسلام، وبالطبع كان أحد أهم المؤسسين للدين الإسلامي في المدينة المنورة. 

كان المهاجرين الذين دخلوا يثرب في بادئ الامر يقومون بتعليم الأنصار |مبادئ الدين الإسلامي| لكي تتوسع رقعة الإسلام وتزداد أعداد المسلمين، ثم هاجر سيدنا محمد مع |أبي بكر الصديق| ليصبح القادة الموجودين في المدينة هم: محمد عليه الصلاة والسلام، أبو بكر الصديق، و|عمر بن الخطاب|، وحمزة رضوان الله عليهم أجمعين، اجتماعٌ فيه من الحكمة والقوة ما فيه.  

عندما غادر المهاجرين مكة راحلين إلى المدينة تركوا وراءهم منازلهم وأموالهم، نساءهم وأبناءهم وكل شيء لديهم، فقامت قريش بالاستيلاء على كل ما تركوه، وهنا كان لا بدَّ للمهاجرين بقيادة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام أن يردوا اعتبارهم. 

كان ردُّ الاعتبار عن طريق اعتراض قافلةٍ لقريش ذاهبة من الشام إلى مكة، حيث كانت أقرب نقطة تمر فيها القافلة من المدينة هي منطقة اسمها سيف البحر، أمر النبي عليه الصلاة والسلام بتشكيل سَرِيَّة من ثلاثين رجلاً لتنفيذ هذه المهمة، كان على رأسهم سيدنا حمزة عليه السلام وبالفعل استولى الصحابة على تلك القافلة ونجحوا في المهمة. 

أعلامٌ من الصَّحابة حمزة بن عبد المطَّلب
 أعلامٌ من الصَّحابة حمزة بن عبد المطَّلب  
تصميم الصورة : ريم أبو فخر   

بعد استيلاء المسلمين على قافلة قريش ثارت حفيظة الكفار و استشاطوا غضباً مما فعله المسلمون بقافلتهم فهي إهانةٌ لهم بين العرب، فقاموا بتجهيز الجيش لمواجهة المسلمين في مكانٍ اسمه بدر. 

كان من أعراف الحروب آنذاك أنها تبدأ بخروج مجموعة من كل جيش يتبارزون فرداً لفرد أمام الجيشين، فخرج من الكفار عتبة بن ربيعة، وابنه |الوليد بن عتبة|، وأخيه شيبة بن ربيعة، ثم خرج لمبارزتهم ثلاثة من الأنصار

- فسأل عتبة: مَن أنتم؟

- فأجابوا: نحن من الأنصار.  

- فردَّ عليهم: ما لنا بكم من حاجة، ونادى بصوته: يا محمد أخرج لنا أكفاءنا عن قومنا. 

- فقال النبي عليه الصلاة والسلام: قم يا عبيدة (عبيدة بن الحارث)، قُمْ يا حمزة، قم يا علي (علي بن أبي طالب)  

- فلما خرجوا سألهم الكفار: من أنتم؟ فأجابوهم بأسمائهم، فقال الكفار: نعم أكفاءٌ كرام.  

وانتهت المبارزة بين الطرفين بانتصار المسلمين، حيث قُتل الكفار الثلاثة، واستشهد |عبيدة بن الحارث|، لتبدأ الحرب بعد ذلك بين المسلمين والكفار وتنتهي كما نعلم جميعاً بانتصار المسلمين عليهم. 

عاد الكفار إلى قريش بعد المعركة منكسرين مذلولين يتطلعون للأخذ بثأرهم من المسلمين، ولكن كانت هناك امرأةٌ لها ثأرٌ مختلف وهي |هند بنت عتبة|، والتي كانت تريد أخذ الثأر من سيدنا حمزة الذي قتل أبيها وعمها وأخيها وابنها.  

أثناء تجهيز الكفار جيشهم من أجل شنِّ حرب أخرى على المسلمين وردّ اعتبارهم، قامت هند بنت عتبة باستئجار عبدٍ حبشي اسمه وحشي لكي ينفذ عملية اغتيال في تلك الحرب لسيدنا حمزة. 

 قصة استشهاد سيدنا حمزة عليه السلام على لسان قاتله وحشي

كان يجلس وحشي مع رجلين ويحدِّثهما قائلاً: 

أمَا إني سأحدِّثكما كما حدَّثت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كنت غلاماً لجبير بن مطعم، وكان عمه طعيمة بن عدي قد أُصيب يوم بدر، فلما سارت قريش إلى أُحُد قال لي جبير: إنْ قتلت حمزة عمُّ محمد بعمي فأنت عتيق، فخرجت مع الناس وكنت رجلاً حبشياً اقذف بالحربة قذف الحبشة، وقلَّما أُخطِئ بها شيئاً، فلما التقى الناس أخذت أنظرُ حمزة، أترقَّبه حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق، يهدُّ الناس بسيفه هدَّاً، وما يقوم له شيء، والله إني لأتهيَّأ له وأستتر منه بشجرةٍ أو حجرٍ ليدنو مني فتقدَّمني له سُبَاع بن عبد العزة، فلما رآه سيدنا حمزة قال له: هلمَّ إليَّ يا ابن مُقطِّعة البذور، فضربه ضربةً كأنْما أخطأَ رأسه، وهزَزْت حربتي ودفعتها عليه فوقعت في ثَمَتِه حتى خرجت من بين رجليه، وذهب ليَنُوء نحوي فغُلِب، فتركته و إيَّاها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي ورجعت إلى العسكر وقعدت فيه فلم يكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأُعتَق.

حزن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام على وفاة عمه حزناً شديداً، وانكسر لموته انكساراً عظيماً، فقد علمنا مما سبق قربهما لبعض، وقد كان حمزة بن عبد المطلب سنداً يستند عليه الإسلام، وحصناً منيعاً يدافع عن |الدعوة الإسلامية|، فأنزلَ الله سبحانه وتعالى الوحي بآياتٍ عدة على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يواسيه ويصبِّره ويعلِّم الناس كيف يتعاملون في حالاتٍ.

وبهذا عزيزي القارئ نكون قد وصلنا لختام مقالنا  في الحديث عن سيدنا حمزة عليه السلام، بالطبع هذا كلامٌ لا يفيه حقه ولكنه لمحةٌ مختصرة تفتح لكم باب القراءة والاستزادة عن هذا الرجل العظيم. 

فضلاً شاركنا آراءك الرَّائعة من خلال التَّعليقات ^-^

آية الحمورة 

يتم التشغيل بواسطة Blogger.