مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/27/2022 11:47:00 م

الدروس المستفادة من الكوارث وحروب الإبادة
 الدروس المستفادة من الكوارث وحروب الإبادة 
تصميم الصورة ريم أبو فخر 

واجهت البشرية منذ فجر التاريخ عدداً يكاد لا يحصى من |الكوارث| الطبيعية والبشرية، ولعلّ الكوارث التي نعرفها أقل بكثيرٍ من الكوارث التي لا نعرفها

 فتاريخ البشرية الذي نعرفه أقل بكثيرٍ من التاريخ الذي لا نعرفه

 فكم من |الحضارات| ظهرت وازدهرت ثم اندثرت دون ان تترك ما يدل على وجودها، فالتاريخ المكتوب قصيرٌ جداً

 ولكننا في هذه المقالة سنستعرض بعض الكوارث الموثّقة التي واجهت البشرية ، لكي نستخلص منها العبر والدروس، فتابعو معنا.

 فيضانات الصين:

تسببت هذه الفيضانات بوفاة أكثر من أربعة ملاين شخص، وجرفت معها الكثير من القرى والمدن، وتركت عشرات ملاين البشر بدون مأوى

 كما دمّرت البنى التحتية، والكثير من الموارد الطبيعية والصناعية، ولا ننسى الخسائر المادية الكبيرة التي خلّفتها. 

وفي سنة 1887 حدث فيضانٌ آخر في الصين يسمى فيضان النهر الأصفر وخلّف وراءه أكثر من مليوني وفاة، والكثير من الخسائر المادية. 

 الزلازل:

ضرب زلزالٌ كبيرٌ| الصين| في سنة 1976، تسبب بأكثر من ستمئةٍ وخمسين ألف قتيل، والكثير من الدمار والخسائر المادية، كما تعرّضت إندونيسيا لزلزالٍ كبير في سنة 1883، تسبّب بأكثر من ستٍّ وثلاثين ألف وفاة

 أما كولومبيا فقد تعرّضت لزلزالٍ مدمّرٍ سنة 1985 ترك وراءه أكثر من عشرين ألف قتيل، وفي سنة 2010 وقع زلزال هاييتي بقوة سبع درجات على مقياس ريختر، ولكنه سبب مئتي حالة وفاة، بسبب سوء البنية التحتية. 

البراكين:

في الفلبين سنة 1991، انفجر بركان جبل "بيناتوبو" مسبباً مقتل حوالي ألف شخص، وتشريد أكثر من مئتي ألف شخص بعد دمار منازلهم وقراهم.

 وفي سنة 1815 انفجر بركان جبل "كامبورا" في إندونيسيا، وهو واحدٌ من مئات البراكين المنتشرة فيها، وقد تسبّب بأكثر من سبعين ألف وفاة.

الأعاصير:

تتعرّض الكثير من بقاع الأرض للأعاصير سنوياً، وبخاصةٍ المناطق المحاذية للمحيطات، وقد سمعنا الكثير عن تلك| الأعاصير| وما تسبّبه من كوارث وخسائر في الأرواح والممتلكات العامة والخاصة

 ولعل من أبرزها إعصار "بولا" الذي ضرب إقليم شرق باكستان المعروف اليوم باسم بانغلادش سنة 1970، وسبب أكثر من نصف مليون وفاة، غير الخسائر المادية الفادحة.

الحروب العالمية:

لا يخفى على أحدٍ بأن الحروب هي أكبر سببٍ بشري لوقوع الكوارث، وقد عرفت البشرية عدداً هائلاً من الحروب عبر تاريخها الطويل، ومعظم تلك الحروب وقعت لأسبابٍ ماديةٍ أو أطماعٍ شخصية

 ولعلّ الحربين العالميتين الأولى والثانية هي أسوأ الحروب التي خاضتها البشرية، ولا زالت آثارها قائمةً حتى الآن، فقد خلّفت| الحرب العالمية |الثانية أكثر من ثمانين مليون قتيل، وخسائر مادية لا تُعدُّ ولا تحصى.

الحروب الداخلية:

رغم فداحة الحروب العالمية وبشاعتها، إلا أن الحروب الداخلية والأهلية تترك الكثير من الدمار والضحايا، وتزرع الشِّقاق بين أبناء البلد الواحد لسنواتٍ طويلة

ففي الصين مثلاً وقع تمرّدٌ في مقاطعة "تايبينغ" الصينية، في أواسط القرن التاسع عشر، استمر لخمس عشرة سنةً، حدثت خلالها حروبٌ طاحنة وإباداتٌ جماعية، أدت إلى أكثر من عشرين مليون وفاة.

الدروس المستفادة من الكوارث وحروب الإبادة
 الدروس المستفادة من الكوارث وحروب الإبادة 
تصميم الصورة ريم أبو فخر 

رأينا بأن الكوارث قد تكون طبيعيةً وقد تكون بشرية، ولكن بعض الكوارث تكون ذات منشأ مشتركٍ بين البشر والطبيعة:

كوارث صناعية:

تسرّب من مصنع "بوطال" الكيميائي في الهند سنة 1984غازٌ سام جداً
 تسبب بموت أكثر من ألفي شخص على الفور، ولكنه في غضون أسابيع قليلة، تجاوز عدد الوفيات العشرين ألفاً، إضافةً إلى إصابة مئات آلاف الأشخاص بإصاباتٍ خطيرةٍ وعاهاتٍ مستديمة كالعمى والأمراض الدائمة

 ومع أن منشأ الكارثة بشريٌّ تماماً، إلا أن الطبيعة ساهمت في نشر الغاز السام وزيادة عدد الضحايا.

كوارث طبيعية وبشرية:

يمكن تلخيص الكوارث الناتجة عن أسبابٍ مشتركةٍ بين البشر والطبيعة في بابين أساسيين، هما الأوبئة والمجاعات، فإذا كانت هذه الكوارث تنتج عن أسبابٍ طبيعية، فإن للإنسان دورٌ كبيرٌ في انتشارها وتفاقمها

 وأحياناً يكون الإنسان هو مصدر هذه الكوارث، ثم تساهم الطبيعة في نشرها. 

أكبر المجاعات في التاريخ الحديث:

حدثت مجاعةٌ كبرى في الصين بين عامي 1958 و1961، أدّت إلى أكثر من خمسين مليون وفاة، وذلك عندما قرّرت الحكومة الصينية تطبيق بعض الإجراءات والقوانين التي دفعت الكثير من الناس إلى التحوّل فجأةً من الزراعة إلى الصناعة
 وكانت الصين قد عانت في سنة 1907 من مجاعةٍ أخرى لأسبابٍ مناخية، تركت أكثر من خمسٍ وعشرين مليون حالة وفاة. 

  الطاعون الكبير:

لعل أكبر الكوارث التي عانت منها البشرية، هي التي وقعت في القرن الرابع عشر، عندما انتشر| الطاعون| في أوروبا وشمال إفريقيا، وغرب آسيا
 وقد استمرَّ لقرابة العقد، حصد خلاله ما يُقارب من مئتي مليون قتيل، وهذا العدد يعادل أكثر من ثلث عدد البشر آنذاك.

الإنفلونزا:

في سنة 1918 انتشر وباء| الانفلونزا |الاسبانية، واستمر حتى سنة 1920، وتشير التقديرات إلى أنه حصد عدداً من الأرواح قد يصل إلى مئة مليون، ورغم تسميتها بالإنفلونزا الاسبانية إلا أنها لم تبدأ من اسبانيا بل من أمريكا
 ثم انتقلت إلى أوروبا مع الجنود الأمريكيين، ولكن العالم تكتّم على ذلك بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى التي كانت دائرةً في نفس الوقت.

وباء نقص المناعة المكتسبة - الإيدز (السيدا):

ظهر لأول مرة في أمريكا سنة 1981، ولكن من المرجّح أنه انتقل إليها من إفريقيا، ثم انتشر منها إلى العالم، ويُقدّر عدد الوفيات بسبب هذا المرض حول العالم بستٍ وثلاثين مليون شخص، معظمهم في إفريقيا
 ولعل سبب ارتفاع نسبة الوفيات في إفريقيا، هو تردّي مستويات الرعاية الصحية، وجهل الناس بطبيعة المرض وكيفية انتقاله والتعامل معه.

القوات التابعة للأمم المتحدة:

بعد وقوع زلزال هاييتي ومقتل من قتل من البشر، تشرّد ملايين البشر من منازلهم، فجاء عددٌ كبيرٌ من جنود حفظ السلام لمساعدة المنكوبين، ولكنهم جلبوا معهم أعداداً من الجراثيم والفايروسات فتسببوا بانتشار الكثير من الأمراض

 ولكن الأخطر من ذلك أنهم قاموا بآلاف الاعتداءات الجنسية على الفتيات هناك، ومع أن الزلزال حادثةٌ طبيعية إلا أن تعامل البشر معه حوله إلى كارثة حقيقية.

الدروس المستفادة من الكوارث وحروب الإبادة
 الدروس المستفادة من الكوارث وحروب الإبادة 
تصميم الصورة ريم أبو فخر 

كارثة مفاعل فوكوشيما:

مفاعل فوكوشيما هو |مفاعلٌ نوويٌ| ياباني، تعرّض لموجة تسونامي ناتجةٍ عن زلزالٍ قوي، ضربت الموجة الساحل الشرقي لليابان، فأصابت المفاعل وأدّت إلى تسّرب المواد المشعة
 ومع أن عدد الضحايا بسببه لم يكن كبيراً، إلا أنه سبّب تشرّد عشرات آلاف الأشخاص الذين اضطروا إلى النزوح لأن مناطقهم لم تعد صالحةً للعيش بسبب ذلك التسرّب.

موجات الحر:

اجتاحت| أوروبا |سنة 2003 موجة حرٍّ تسببت بأكثر من سبعين حالة وفاة، مع أن الحرارة حينها لم تصل لأكثر من أربعين درجة، وربما وصل عدد الوفيات إلى هذا الحد بسبب استهتار الناس أو عدم تعودهم على مثل هذه الظروف، ولكن معظم الوفيات كانت بين كبار السن الذين يعيشون منفردين بحيث لا يجدون من يعطيهم كأس ماْ عند الحاجة
 ولذلك اعتبرنا هذه الكارثة مشتركةً بين الطبيعة والبشر.

الدروس والعبر المستفادة:

من خلال كلِّ ما ذكرناه، وما لم نذكره أيضاً يمكن الوصول إلى مجموعةٍ من الدروس التي علينا تعلّمها لمنع تكرار غالبية تلك الكوارث، أو التخفيف من أضرار الكوارث التي لا نستطيع منعها كالوارث الطبيعية، ومن أهم ما يجب الانتباه له لتحقيق ذلك هو ما يلي:

1) الاستعداد والجاهزية: 
وذلك من خلال اتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة لتجنب حدوث الكوارث المحتملة، من خلال التفكير جيداً بالأماكن المناسبة لبناء المدن والمنشآت المختلفة.

2) تجهيز البنى التحتية:
 بشكلٍ يتناسب مع الحوادث المحتملة، كاستخدام طرق البناء المقاومة للزلازل، والابتعاد عن البراكين المهددة بالانفجار.

3) فرض قوانين صارمة:
 لمراعاة تدابير الحيطة والسلامة والأمان، وخاصةً في المشاريع الصناعية، وبالأخص المشاريع الكيميائية والنووية، وإبعاد المنشآت عن أماكن تواجد البشر قدر الإمكان.

4) تجنّب وقوع الحروب:
 وتشديد العقوبات على جرائم الحرب، فالحروب هي أسوأ ما حدث في تاريخ البشرية، لأنها كثيرةٌ جداً، وآثارها خطيرةٌ وطويلة الأمد، وتنشر الحقد والكراهية بين البشر
 وهي السبب الرئيسي لمعاناة معظم الناس في الوقت الحاضر، فمعظم ثروات البلاد تُستهلك في سباق التسلّح والاستعداد الدائم للحروب.

5) نشر العلم ومكافحة الجهل والتخلف:
لا بد من انتشار العلم والمعرفة والتوعية الصحية بين الناس، وخاصةً في الدول النامية.

6) دور المنظمات الأممية:
لا بد من مساهمة منظمات الأمم المتحدة بشكلٍ أكبر لمكافحة الأوبئة والمجاعات، ونشر المحبة بين الناس، والابتعاد عن تسييس الأمور الإنسانية، والتأكيد على ضرورة مساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة
ولا ننسى بأن الدول الغنية اليوم هي أحد أهم أسباب انتشار الفقر في الدول الفقيرة، من خلال استعمارها واستغلال خيراتها بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر.

ربما كانت لديك دروسٌ أخرى تريد عرضها علينا، فلا تبخل بمشاركتها معنا.
سليمان أبو طافش 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.