مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/27/2022 06:58:00 م

لَا يَكفِي أَنْ يَكَُِونَ الهَدَفُ نَبِيِلاً
لَا يَكفِي أَنْ يَكَُِونَ الهَدَفُ نَبِيِلاً 

اًفَاقَتْ عَبِيِرِ مِنْ قَيْلُولَةِ الظَّهِيِرَةِ ،لتجد رَائِحَةُ الحَلوَى تَمْلَأُ البَيْتَ

تَلَمَْظَتْ..... مْمْمْ  َكمْ َتبْدُو شَهِيَّةً، إنَّهَا حَلوَىٰ كَعكَة التُّوتِ البَرِّيِ الَّتِي تُحِبَّهَا كَثِيرَاً، أَحَسَّتْ بِرَغْبةٍ شَدِيِدَةٍ لِتَأكُلَ بعضَاً مِنْهَا 

فَنَزلَتْ مُسْرِعَةً عَنِ السَّرِير ،وَبَيْنمَا كَانَتْ تَتَّجِهُ  نَحوَ المَطبَخِ ،تَنَاهَىٰ إلَىٰ سَمعِهَا صَوْتُ وَلَدٍ يَبْكِي كَانَ شُبَّاكُ غُرفَتِهَا مَفتُوحَاً 

وَلِأَنَّ بَيتَها كَانَ فِي الطَّابِقِ الأَرضِيِّ ،وَغُرفَتَهَا تُطِلُّ عَلىٰ الشَّارِعِ ،فَقَد بَدَا الصَّوْتُ وَاضِحَاً 

قَالَ الوَلَدُ لأبِيهِ، أُرِيدُ مِنْ َهذِهِ الحَلوَىٰ 

فَأجَابَه أبُوهُ إِنَّ رَائِحَةَ الحَلوَىٰ تَنْبَعِثُ مِنْ أحَدِ البِيُوتِ، وَلَيْسَت مِنْ مَحَلٍّ لبَِيْعِ الحَلْوَىٰ ،لِذَا لَا يُمكِنُنِي شِرَاؤُهَا بُنَيَّ .

ألَحَّ الطِّفْلُ أَرجُوُكَ بَابَا : قِطعَةً وَاحدَةً فَقَط  . 

أطَلَّتْ عَبِيِرُ مِنَ النَّافِذَةِ ،ثُمَّ نَادَتْ الوَالِدَ : يَاعَمّْ ... يَاعَمَّْ 

 لَقَد سَمِعتُ حَدِيثِكُمَا ، سَأُحضِرُ لِلْطِّفْلِ قِطعَةَ حَلْوَىٰ ،انْتَظِرنِي مِنْ فَضْلِكَ ،وأسْرْعَتْ فَورَاً إلىٰ المَطبَخِ ، وَهِيَ تُنَادِي مَامَا..  مَامَا..

 لَكِنَّ أخَاهَا مَاهِر أَخَبَرَهَا بأنَّ : وَالدَتَها قَد ذَهبَتْ لِتَشْتَرِيَ بَعضَ مُسْتَلْزَمَاتِ الحَلْوَىٰ . 

ارتَبَكَتْ عَبيِرُ ،فَهِيَ قَد وَعَدَتِ الرَّجُلَ

 وَقَالَتْ بِحيرَة ٍ : لَا وَقْتَ لَدَيَّ لِأنْتَظِرَ عَودَةَ مَامَا ،سَأخْبِرُهَا بِالأَمرِ حِينَ تَعُوُدُ 

وَاقْتَطَعَتْ قِطعَةً مِنْهُا ،ثُمَّ نَزلَتْ مِنَ البَيْتِ مُسْرِعَةً، وَنَاوَلَتْهَا لِلَّرَجُلِ الَّذِي شَكَرَهَا وَأثْنَىٰ عَليْهَا، ثُمَّ قَدَّمَهَا لِطفلِْه فَبَدَأ بِتَنَاولِهَا بِفَرحٍ  

سُرَّتْ عَبِيرُ وَشَعَرَتْ بِسَعَادَةٍ غَامِرَةٍ.

بَعدَ قَليِلٍ جَاءَتْ أُمُّهَا ،فَأسْرَعَتْ لِتُخَبِرَهَا بِالأَمْرِ ومَا أَنْ هَمَّتْ بِالكلاَمِ ،حَتَّىٰ رَنَّ جَرَسُ الهَاتِفِ 

 رََدَّتِ الأُمُّ : كَانٌتْ صَدِيقَتُهَا عَلَىٰ الخَطِّ ،رَحَّبَتْ بِِهَا وَقَالتْ لَهَا : لَاتَقْلَقِي عَزِيِزَتَي، لَنْ نَتَأخَّرَ لَقَد صَنَعتُ الكَعكَةَ، ولَمْ َيَيْقَ إِلَّا تَزْيِينَهُا ، خِلاَلَ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ  سَتكُونُ جَاهِزَةً 

سَمِعَتْ عَبيِرُ المُكَالَمَةَ فَوَقَعَتْ كالصَّاعِقَةِ عَليْهَا وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَىٰ خَدِّهَا بِحِيرَةٍ.. 

التَفَتَتْ أُمُّ عَبِيِر وَقَالَتْ وَهِيَ تَتَّجِهُ مُسْرِعَة نَحوَ المَطبَخِ : مَاذَا كُنْتِ تُرِيدِينَ أَنْ تَقُولِي يَاعَبيِر؟ 

اتْبَعِينِي سَنَتَحَدَّثُ فِي المَطبَخِ فَأنَا مَشْغُولَةٌ جِدَّاً

فاليَومُ يُصَادِفُ عِيدُ مِيلادِ نُوُر ابنَةَ صَدِيقَتِي ضُحَىٰ وَ قَد وَعَدتُهَا بِإعدَادِ كَعكَةٍ بِالتُّوتِ البَرِّيِّ

وَسَوفَ تَأتِي ضُحَىٰ بَعدَ قَلِيلٍ لِأَخْذِهِ وَعَلَيَّ أنْ أُنهِيَ تَزّييِنِهِ سَرِيعَاً

تَسَمَّرَتْ عَبِيِرُ مَكَانَهَا ،وَقَالَتْ فِي سِرِّهَا يَاإلَهِي مَاذَا فَعلْتُ؟ 

 بِتَسَرُّعِي وَانْدِفَاعِي أفْسَدتُ الكَعكَةَ وَوَضَعتُ أُمِّي فِي مَوْقِفٍ مُحرِجٍ لَيْتَنِي انْتَظَرتُ مَجِيئَهَا .   

دَخَلَتِ الأُمُّ المَطبَخَ... وَمَا هِيَ إلَّا لَحَظَاتٍ قَلِيلَةٍ حَتَّىٰ بَدأَتْ تُنَادِي بِصَوتٍ غَاضِبٍ مَاهِر.. مَاهِر تَعَالَ إلَىٰ هُنَا. 

تَمتَمَتْ عَبِيرُ  لَقَد اكتَشَفَتْ أُمِّي الأَمْرَ ،وظَنَّتْ أَنَّ مَاهِرَ هُوَ الفَاعِلُ . 

يَجِبْ أَنْ أكُونَ شُجَاعَةً وَأعتَرِفُ بِالحَقِيقَةِ 

دَخَلَتْ عَبِِيرُ إلَىٰ المَطبَخِ وَقَالَتْ بِخَجَلٍ: سَامِحيِنِي مَامَا  ،أَنَا مَنْ فَعَلَ هَذاَ لَمْ أَكُنْ أَعلَمُ أنَّكِ أَنَّكِ....... 

ثُمَّ تَابَعَتْ كَلامَهَا مُتَلَعثِمَةً : لَا ذَنْبَ لِمَاهِرَ عَلىٰ الِإطلاَقِ ،أَنَا جَاهِزَةٌ لأَيِّ عِقَابٍ 

وَرَوَتْ لَهَا بِاختِصَارٍ مَاكَانَ مِنْ أَمرِ الرَّجُلِ وَطِفْلِهِ الصَّغيِرِ ،وانْهَمَرَتْ دُمُوعُهَا. 

هَدَأتْ ثَورَةُ الأُمِّ قَلِيلَاً ،فَقَد أَدرَكَتْ أَنَّ عَبِيِرَ لَمْ تَكُنْ تَقصِدْ إلَّا فِعلَ الخَيْرِ . 

  ثُمَّ أَنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهَا مُتَّسَعَاً مِنَ الوَقْتِ لِتَأنِيِبِهَا فَكَّرَتْ بِسُرعَةٍ، كَانَتِ الأُمُّ ذَكِيَّةً وَعَمَلِيَّةً.  

فَقَرَّرَتْ تَغييِرَ شَكْلِ الكعكة ،وَجَعلَتْهُا عَلَىٰ شَكْلِ قَلْبٍ وَنثَرَتْ فَوقَه حَبَيْبَاتٍ مِنَ الشُّوكُوُلَا البَيْضَاءَ ،ثُمَّ أَحَاطَتْه باِلتُّوتِ البَرِّيِّ المَائِلِ إلَىٰ البَنَفْسَجِيِّ الأخَّاذِ 

بَدَتِ الكَعكَةُ أصغَرَ قَلِيِلَاً لَكِنَّهُا صَارَتْ أَجْمَلُ...

وَضعَتْهُا فِي الثَلَّاجَةِ وَتنَهََدَتْ الْحَمْدُ لِلّٰهِ بَقِيَ نِصفُ سَاعَةٍ  ،ثُمَّ دَخَلَتْ بِلَهْفَةٍ غُرفَةَ عَبِيِر 

كَانَتْ مُسْتلَقِيَةً فَوقَ سَرِيرِهَا ،والحُزْنُ بَادٍ عَلىٰ وَجْهِهَا ...

سَحَبَتْهَا مِنْ يَدِهَا ِإلَىٰ حَيْثُ وَضَعَتِ الكَعكَةَ صَرَخَتْ عَبِيرُ بِِدَهْشَةٍ وَاوْ  .. ِإنَّهُا جَمِيلَةٌ جِدَّاً أَنْتِ مَاهِرَةٌ وَذَكِيَّةٌ مَامَا 

قَالَتْ أُمُّهَا أتَرَيْنَ حبِيِبَتِي لَقَد أَصلَحتُ الأَمرَ ،لا تَقْلَقِي وَلكِنْ انْتَبِهي فِي المَرَّةِ القَادِمَةِ 

لا يَكْفِي أَنْ يَكُونَ الهَدَفُ نَبِيلَاً وَيِجِبُ ألَّا نَنْدفِعَ وَنَتَسَرَّعَ 

وَإنَّمَا يَنْبَغِي أنْ نَتَعَقلَ وَنُحسِنَ التَصَرُّفَ وَأَنْْ نَسْتَأذِنَ مَنْ هُم ْأكْبَرُ مِنَّا 

فِي المَرَّةِ القَادِمَةِ لاَ تَتَصَرَّفِي دُوُنَ استِئْذَانٍ لَا زِلْتِ صَغِيرَةً بُنَيَّتِي وََلاتُجِيديِنَ تَقْدِيِرَ الأمُوُر َ. 

نَعَمْ... نَعَمْ.... هَزَّتْ عَبِيرُ رَأسَهَا ، ثَمَّ لَفَّتْ يَدَيْهَا حَولَ عُنُقِ أمِّهَا  وَهِيَ تَقِولُ : أَعِدُكِ بِذَلِكَ أُحِبُّكِ كَثِيرَاً مَامَا . 


وأنتم أحبَابُِ جَدَّتِكُمْ 

هَلْ مَرَرتُمْ يَومَاً بِمِثلِ هَذَا الْمَوْقِفِ؟ 

هَلْ أَخْطَأتْ عَبِيرُ  بِتَسَرُّعِهَا؟ 

وَهَلْ أدَرَكْتُمْ أَنَّ الكِبَارَ يُحسِنُونَ التَّصَرُّفَ أكْثَرَ مِنَ الصِّغَارِ؟ 


أنتظر أن أعرف ماذا تعلمتم من قصّة اليوم في التعليقات بلهفة ..

🤍دمتم برعاية الله أحبائي🤍 


👵🏻كانت معكم جدتكم المُحبَّة هدى الزعبي

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.