مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/07/2021 09:50:00 م

رماد الذكريات .. هي بقايا الكلمة الأخيرة

رماد الذكريات .. هي بقايا الكلمة الأخيرة
رماد الذكريات .. هي بقايا الكلمة الأخيرة


 يومٌ صيفي بامتياز ،

 حرارةٌ شديدة ، جفافٌ تام ، لا وجود حتى لنسمة الهواء في الأرجاء .

كانتْ تسير لوحدها . شارعٌ فارغٌ من كلِّ شيء ..

السيارات ، الأبنية ، البشر ، الشجر ..

عمّه فقط الدمار ، و اللاشيء .. و الركام ..

تسير بخطواتٍ طفوليّة ، فوق الأحجار الزرقاء ، متجاهلةً لون الجميع و الأحجار الحمراء ..

كنتُ أجلس على طاولة ، في مقهى تراثي ، أفكّر في شخصيةٍ متناقضة ضمن مسلسلي ..


لمحتُ طيفها ..

كانت هي .. الكلمة المفقودة ..

الومضة السحريّة .. 

كانت المشهد النهائي ... للحلقة الأخيرة .

أردتُ العودة لإكمال الدرب في عالمي ، كانت النوافذ كبيرة و مفتوحة .. هبّت الرياح .. و لا أدري من أين أتت ؟!! 

(( ربما من هول القدر ))

طارتْ قبعتها ، مع فستانها ..

وقعتْ القبعة أمامي .. و لكن من الخارج ..

كان بإمكاني التقاطها فوراً ، و لكنني كسائر الرجال ..

مهما بدوتُ إنساناً واعياً ، مثقفاً ، ينظر للأمور من زوايا مختلفة ..

تبقى الغريزة الفطريّة ، موجودة بداخلي .. و لا يمكن لأيِّ أحد معاقبتي عليها ..

لكنَّ الفتاة كانتْ خجولة شرقيّة بما يكفي لتمسك جيداً بقطعة القماش ذو الألوان الفاتحة الصيفيّة ..


فلم أستطع رؤية شيء .. سوى عيونها ..

سبحان من أبدع رسمهما !!!

لا أجد المصطلح المناسب لوصف تلك العيون ..

المهم أنها كانت جذابة أكثر من غريزتي .. لسرق قلبي ..

طارتْ مجدداً تلك القبعة القدريّة بعيدة عني ..

فأخرجني صوتٌ أنثوي خائف : أرجوك ساعدني ..

عيني لم تتحرك عنها ، و لا أعلم إن إكتشفت الأمر وحدها ، أم إعتقدت أنني إلتفت بالنظر إليها ..


أعلنت غبائي المصطنع : 

بماذا ؟

_ لا أعلم من أين عصفت الرياح في مثل هذا الجو ؟!!

طارت قبعتي .. كانت قريبة منك .. لمَ لم تلتقطها ؟

- كنت غارقاً بالكلمة الأخيرة ..

خمنتُ أنها لم تفهم ما أقوله ، لكنها أجابت ضاحكةً : 

يبدو أنَّ الله جعل الريح تهب حتى تنفض عقلك أيها الكاتب ..


و قبل أن أجب ، أعادتْ نداء الاستغاثة : 

ساعدني بالبحث عنها قبل أن تأتي عاصفة من حيث لا نحتسب ..

ابتسمتُ بجدية ، و لكنني وجدت نفسي أغادر المقهى و بدأت بعملية البحث معها :

لا أعلم ما الذي يجبرني على ترك أوراقي ، و قبول طلبك بين هذا الركام كله !!!

غضبت : ليس ركاماً .. هذا رماد ذكرياتنا و أحلامنا ..

لم تنزعج أبداً كبقية الأناث بجميلي المقصود عليها ..


يا الله !!

كم من ندبة خلّفت وراءها .. هذه الحرب الوجوديّة ؟!

و عادت نبرتها الطفوليّة السعيدة : وجدتها .. وجدتها ..

قلت ساخراً : أولهذه الدرجة غالية عليك ؟!

- هي من بقايا العمر الصغير .. سقطت فوق مكانها ..


- أكان منزلك هنا؟!

- كان .. و انتقل إلى هنا  ...

ثم أشارت إلى قلبها ..

و أكملت :

ما أفسدته عشرة أعوام ، لن يصلحه مئة عام ..

فالخراب لحظة .... و النهوض طفرة..

فمَ بالك بكل هذه السنين !!!

- أتمنى يوماً أن تبني مستقبلك المتين ..

وضعتْ قبعتها فوق رأسها .. بشموخٍ و قوة .. التفت ملوحةً بيدها :

أشكرك يا صبي الوعي .. و إلى اللقاء أيها الكاتب السطحي ..

لم أنزعج قط بهذا الصفة ، فقط كانت حقيقة .. 


و أدركتُ أنها هي ....

هي آخر حلقة .. و آخر فتاة ستمرُّ على فؤادي الحزين .



شهد بكر💗

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.