مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 5/11/2022 12:09:00 م

هل بدأ يتعافى ثقب الأوزون
 هل بدأ يتعافى ثقب الأوزون 
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر
  

لا شك بأننا سمعنا كثيراً عن ثقب الأوزون والمخاطر الناتجة عنه، سواء كانت وسائل إعلامية أو كتب أو حتى أفلام سينمائية، والأوزن مثل الدرع الذي يحمينا من مخاطر الأشعة فوق البنفسجية الضارة المنبعثة من الشمس، والتي تحمل معها مجموعة من الأمراض المختلفة، ولكن ما هو السبب في ثقب الأوزون، وإلى أي مستوى وصل اتساعه، وهل يمكن إصلاحه أو سيعتبر منفذ دائم يحمل المخاطر للبشر، وكيف ممكن أن يجتمع سكان الأرض حتى يحافظوا على الدرع الواقي لهم و للأجيال القادمة.

• طبقة الأوزون 

طبقة الأوزون لا تعتبر حالة منفصلة بذاتها، لكن في الحقيقة تسعون بالمئة من الأوزون يطفو في الغلاف الجوي، وتحديداً في طبقة الستراتوس فير، وهي الطبقة الثانية في الغلاف الجوي، وتمتد من ارتفاع ١٠ كيلو متر إلى ٥٠ كيلو متر فوق سطح البحر.

و الأوزون يتكون من ثلاث ذرات |أوكسجين| مدمجين مع بعضهم، ويقوم الأوزون على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية الضارة، وكما يحمينا على الأرض من أضرارها الخطيرة على |الجهاز المناعي| لجسم الإنسان، والأمراض المزمنة.

• الكلروفلور الكربون cfc

وفي أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين بدأ العالم ينتفع من طاقة التبريد أو التجميد في العديد من التطبيقات الصناعية المختلفة،

 وكل ذلك كان عن طريق استخدام مجموعة من الغازات السامة مثل |الأمونيا| والكلوروميثان وثاني أكسيد الكبريت،

 وفي عام ١٩٢٨ ميلادي استطاع مخترع من شركة |جنرال موتورز| أن يقوم في تصنيع مادة كيمائية غير سامة من أجل عملية التجميد، وهذه المادة هي cfc أو كلوروفلور الكربون، وانعرفت على المستوى التجاري بغاز الفريون

 وهي عبارة عن مركبات عضوية وتحتوي في تركيبها على عناصر |الكلور| والفلور والكربون، وتم استخدامها في العديد من الوظائف مثل أجهزة التكيف والثلاجات والمبيدات الحشرية أو رزاز الطلاء أو بلسم الشعر وفي معظم منتجات الرعاية الصحية

 وفي ذروة استخدامها كانت الشركات التجارية تصنع منها كميات بالملايين سنوياً، وبالرغم من الثورة التي أحدثها استخدام cfc في العالم والثروة الضخمة التي عادت على أصحاب الشركات وتحديداً مع اعتباره منتج غير سام للإنسان إلا أنه خطورته كانت أكبر من التوقعات.

• مخاطر cfc على الأوزون

في عام ١٩٧٣ ميلادي بدأ الكيمائين فرانك رولند وماريو مولينا في دراسة التأثيرات الناتجة عن مركبات cfc في الغلاف الجوي للأرض، اكتشفوا أن عندما يطير الكلور والفلور والكربون في الهواء بأن جزيئاته تبقى مستقرة لوقت كافي في الغلاف الجوي حتى تصل إلى طبقة الستراتوس فير، في ذلك الوقت تكون معرضة للانحلال أو التفكك الضوئي

 وهو عبارة عن تفاعل كيمائي تنحل به الروابط في المركبات الكيمائية، والذي يحصل هو أن الأشعة فوق البنفسجية تقوم في تكسير ذرة الكلور من مركب cfc، وفي حال تم التقاء ذرة الكلور هذه المنفصلة مع الأوزون يحصل تفاعل فيما بينهم، وينتج عنه تدمير ذرة الكلور إلى ذرة الأوزون، وكما يقوم في سحب واحدة من ثلاث ذرات الأوكسجين المكونين للأوزون، في ذلك الوقت ينتج عنهم أكسيد الكلور، ومع تعرضه للأشعة فوق البنفسجية تنحل مرة أخرى وتعود ذرة الكلور تبحث من جديد على ذرة الأوزون وتعيد العملية السابقة نفسها.

هل بدأ يتعافى ثقب الأوزون
 هل بدأ يتعافى ثقب الأوزون 
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر  

• اكتشاف ثقب الأوزون 

وفي عام ١٩٧٧ ميلادي، وفي دراسة العالم كله إلى طبقة الأوزون كانت النتائج جميعها تشير إلى أنها طبقة مستقرة، ولا يوجد فيها أي مشاكل، ولكن بعد خمس سنوات كشفت النتائج عن مؤشرات غير منضبطة في الأوزون، وكأن هناك شيء ناقص ومختلف عن نتائج عام ١٩٧٧

 وتفاجأ العلماء في عام ١٩٨٤ ميلادي في ظهور ثقب عملاق في |طبقة الأوزون| وبعد مجموعة من الدراسات نشروا نتائج الأبحاث من أجل تنبيه العالم لخطورة الوضع، ومدى الارتباط الوثيق ما بين استخدام cfc وثقب الأوزون، وتحديداً مع توقعاتهم في استمرار اتساع الثقب في المستقبل.

وبالرغم من خطورة الوضع إلا أن الشركات المستفيدة من cfc دخلت في معركة بكل قوتها من أجل أن تترك الوضع على ما هو عليه، وحاولوا في نشر الطمأنينة في قلوب الناس من خلال أبواقهم الإعلامية لمحاولة  إقناع الناس بعدم وجود أي خطورة في استخدامه، ولكن الأبحاث أخذت الصدى الإعلامي وكانت بكل بساطة أوضح بكثير من أن يتم تجاهلها أو التراجع عنها بسبب بعض أكاذيب المنتفعين، وأكد للعالم في ذلك الوقت بأننا في صدد لخطر حقيقي على حياتنا ولا بد من الإتحاد والتصدي له.

• معاهدة مونتريال

وفي عام ١٩٨٧ ميلادي، اجتمعت دول العالم وأقرت معاهدة دولية تهدف في حماية طبقة الأوزون عن طريق التخلص التدريجي من الإنتاج واستخدام المواد التي كانت مسؤولة عن ثقب الأوزون

 وأطلق على هذه المعاهدة اسم بروتوكول مونتريال، ودخلت المعاهدة في حيز التنفيذ بعد مضي عامين من الاتفاق على بنودها، وبالرغم من أن cfc يبقى موجود في الغلاف الجوي لفترة طويلة جداً تتراوح من ٤٠ إلى ١٥٠ سنة، إلا أن مع إيقاف انبعاث cfc في الغلاف الجوي بكميات جديدة منه ستؤدي إلى توقف الاستنزاف الشديد لطبقة الأوزون، بالإضافة إلى أن في حالة خلط الكلور مع مركب الميثان في الهواء يتكسر ويكوّن |كلوريد الهيدروجين|، وهو مركب مستقر في الشكل الكافي الذي يجعله يسقط مرة أخرى للأرض.

وبعد مرور ثلاثين سنة تقريباً من توقيع البروتوكول وتحديداً في ٢٠١٥ ميلادي وصل ثقب الأوزون لأكبر اتساع له في التاريخ، ولكن بعد ذلك اكتشف العلماء أن ثقب الأوزون قام في إصلاح نفسه بنفسه

 وفي عام ٢٠١٦ ميلادي كشفت الدراسات أن ثقب الأوزون بدأ يتقلص في صورة ملحوظة عن الأعوام السابقة، وهناك احتمال كبير في عودته إلى حالته الطبيعية مع حلول عام ٢٠٤٠ ميلادي

 وبالرغم من تأثر طبقة الأوزون في الانفجارات البركانية إلا أنه في النهاية يستطيع أن يعيد تشكيل نفسه في صورة طبيعية، فالأشعة فوق البنفسجية مع اصطدامها في جزيئات الأكسجين العادية والتي هي |O2| تقسم الجزيء إلى ذرتين، والذرات المحررة هذه تتجمع مع جزيء أكسجين عادي ويشكلوا |O3|، والتي تستطيع بها طبقة الأوزون أنها تعيد إصلاح نفسها، ومع عدم وجود ذرات الكلور في الغلاف الجوي وسط هذه العملية تتكرر العملية السابقة ويبدأ الأوزن يزداد من تلقاء نفسه، وهو الأمر الذي يعود الفضل الأكبر به إلى بروتوكول مونتريال.

عندما يوجد كارثة بيئية تحوم في الأفق وتدعم صحتها مجموعة من الأبحاث والدراسات العلمية تقف دائماً في مواجهة الحل الشركات والمنظمات الصناعية الكبرى بسبب الأرباح الكبرى العائدة عليهم بالملايين، وهذا الموضوع كان دائماً حالة متكررة على مدار العقود.


كانت معكم صديقتكم ربا

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.