مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/02/2022 10:31:00 ص

حلف الناتو بين الواقع والمستقبل المرتقب
حلف الناتو بين الواقع والمستقبل المرتقب 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 

استطاعت روسيا فرض إرادتها في القرم فسيطرت على أوكرانيا، كما أصبحت كلاًّ من بلاروسيا وصربيا في أحضانها، أما حلف شمال الأطلسي فقد تقلّص نفوذه كثيراً في أوروبا الشرقية، كما انتهى وجوده الفعلي في أفغانستان

 أما على حدود الصين الواسعة، فتواجده شبه معدومٍ تقريباً

فهل انتهى عصر الناتو؟ أم أن الولايات المتحدة تبحث عن أحلافٍ جديدةٍ بعد أن فقد ذلك الحلف أهميته بالنسبة لها؟ أم أن في الأمر ما لا نعرفه؟ لنتابع معاً.

نشأة جلف الناتو:

نشأ |حلف الناتو| (حلف شمال الأطلسي) سنة 1949، وقد ضمّ عند إعلانه اثنتي عشرة دولةً، أهمها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، ولكنه سرعان ما توسّع حتى شمل تسعاً وعشرين دولة

ويقدّر إنفاق الحلف بحوالي 70% من إجمالي الانفاق العسكري العالمي، أما ميزانيته فقد تصل إلى مليار دولارٍ تقريباً، ولكن الولايات المتحدة وحدها، تنفق حوالي 70% من تلك الميزانية

أسباب تأسيس حلف الناتو:

قام الحلف أساساً لوقف التمدّد الشيوعي بقيادة |الاتحاد السوفيتي|، الذي أنشأ في المقابل حلفاً آخر كان يُعرف باسم حلف وارسو، ومع أن حلف وارسو قد انتهى منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، وربما قبل ذلك، إلا أن حلف الناتو ما زال قائماً حتى الآن 

وقد تطوّرت أهدافه نحو منع قيام الاتحاد السوفيتي ثانيةً، ومحاربة أعداء الغرب، فخاض الحلف حروباً كثيرةً في البلقان وأفغانستان والخليج العربي، وانتشر وجوده العسكري حتى بلغ معظم أرجاء الأرض.

الموقف العالمي من حلف الناتو:

لم يحصل حلف الناتو وانتشاره الواسع على رضى الكثير من القوى العالمية الصاعدة مثل |الصين| وروسيا ودول أمريكا الجنوبية، كما لاحظت بعض الدول الأعضاء فيه مثل فرنسا، بأن الحلف قد انتهى فعلياً، فوصفه رئيسها "ماكرون" بالمريض الميّت سريرياً

 أما الولايات المتحدة فقد وصفته بالحلف العتيق، للإشارة إلى قدمه وتراجع مستواه وأدائه، وكانت على وشك حلّه نهائياً، خاصةً وأن السبب الرئيسي لإنشائه لم يعد موجوداً.

ما الذي قد يؤدي إلى إنهاء حلف الناتو؟

 قد نجد الكثير من الأسباب التي تدفعنا للاعتقاد بأن حلف الناتو على وشك الانتهاء، فالولايات المتحدة تتململ من اعتماد الحلف عليها، كما تغيّرت معظم الأنظمة التي شاركت في تشكيله

 فتركيا الحالية لم تعد هي تركيا القديمة، أما ألمانيا المنهزمة في| الحرب العالمية |الثانية فقد أصبحت اليوم أكبر اقتصادٍ في أوروبا، بينما تحنُّ فرنسا لماضيها العريق، وتريد إثبات وجودها في الساحة العالمية مجدداً

 ولا ننسى بأن الكثير من أعضاء الحلف لم يعد يجمعهم العدو المشترك أو المصالح المشتركة.

المخاطر الخارجية التي تهدّد حلف الناتو:

إضافةٍ لكل الأسباب السابقة، والتي يمكن اعتبارها أسباباً داخليةً تهدد بإنهاء حلف الناتو، فقد نجد الكثير من العوامل الخارجية التي تهدده أيضاً، فهناك الصين التي أصبحت المارد المستيقظ ولم تعد المارد النائم 

أما روسيا فقد نهضت من تحت الركام وسارت على خطى استعادة أمجاد الاتحاد السوفيتي، كما برزت قوىً عسكريةٌ جديدة، مثل باكستان وإيران والهند.

حلف الناتو بين الواقع والمستقبل المرتقب
حلف الناتو بين الواقع والمستقبل المرتقب 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 

المؤشرات الدّالة على ترّهل حلف الناتو:

أصبح حلف الناتو يعاني من العوامل الداخلية والخارجية التي تهدد بإنهائه، والكثير من أعضائه لم يعودوا يؤمنون بضرورة وجوده، خاصةً بعد تكاثر الأحداث التي تشير إلى أن الحلف لم يعد قادراً على فعل الكثير

 فقد عادت روسيا بقوةٍ لتفرض وجودها في أوروبا والعالم، عندما انتزعت شبه جزيرة القرم، وتسلّلت إلى دول البلقان عبر صربيا، وأحيت أحلام يوغوسلافيا بالسيطرة على شرق أوروبا، ثم حرّكت بلاروسيا لتضغط على الأوروبيين بموضوع اللاجئين، ولم تكتفِ روسيا بذلك، بل هدّدت الأوروبيين بقطع الغاز وبطائراتها النووية الجديدة.

موقف الولايات المتحدة من حلف الناتو:

لم يفعل حلف الناتو شيئاً لوقف الزحف الروسي، باستثناء التهديدات والعقوبات الاقتصادية غير المجدية، حتى عندما غزت روسيا الشرق الأوسط من بوابة سوريا، وأصبحت على احتكاكٍ مباشرٍ بالقوات الأمريكية هناك

 فهل الولايات المتحدة غافلةٌ عن ذلك؟ 

أم أنها لم تعد راغبةً في الدفاع عن القارة العجوز ،أم أن شيئاً آخر يجري من تحت الطاولة؟

المارد المستفيق:

أما الصين فقد سارت على خطى حليفتها روسيا، ورغم ما فعلته في تايوان، حليفة الغرب، فإن الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً، كما أنها لم تحفظ وجودها في بحر الصين، ولم تعد قادرةً على كبح جماح كوريا المدعومة من روسيا والصين، كما أن الصين لم تقف على حدود قارة آسيا، بل أصبح نفوذها الاقتصادي يجتاح العالم.

الحلف الجديد قد يكون بديلاً لحلف الناتو:

أبطلت الولايات المتحدة صفقة الغواصات النووية بين فرنسا وأستراليا، فرأت فرنسا في ذلك تحدياً صارخاً لها، وسبق ذلك انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي 

وفجأةً ظهر للعالم تحالفٌ جديدٌ يدعى "أوكوس"، وهو يضم أكبر الدول الناطقة باللغة الإنكليزية (الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا)، فاعتبر الكثيرون ذلك إعلاناً من واشنطن بتغيير موقعها، وتركها للأوروبيين بمواجهة روسيا بمفردهم.

مخططات أمريكية خفية:

قام حلف "أوكوس" للحد من توسّع الصين، ووقف نفوذها على سواحل المحيط الهادئ، فنظراً للتوسّع الصيني الكبير، ونموها الاقتصادي المتعاظم، وتنامي قوتها العسكرية والسياسية، أصبح لزاماً على الولايات المتحدة التفرّغ لها وترك أوروبا تواجه الخطر الروسي بمفردها

وقد يكون وراء انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان مخططاً ما لضرب الصين بواسطة طالبان التي أصبحت المسيطرة هناك، فأفكار الصين الشيوعية ستصطدم بالفكر الطالباني حتماً.

أولويات الولايات المتحدة:

يمكن القول بان واشنطن وجدت في التصدي لبكين ضرورةً أكثر إلحاحاً من حماية دول البلقان وشرق أوروبا من الزحف الروسي باتجاهها، ولعلها متفقةٌ أصلاً مع روسيا على تقاسم الحصص في القارة العجوز، ولعل الاتفاقات السرية بين القوى العظمى أكثر وأعمق مما ينتشر عير وسائل الإعلام أو حتى عبر بعض التسريبات

وربما تكون التسريبات مقصودةً أيضاً لإشغال العالم بغير ما يجب أن ينشغل به.

بعد كل ذلك، هل سنشهد قريباً نهاية حلف الناتو رسمياً وإعلان وفاته؟ ننتظر منك مشاركتنا برأيك. 


سليمان أبو طافش 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.