مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/02/2022 10:33:00 ص
ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال - تصميم وفاء المؤذن
 ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال
 تصميم وفاء المؤذن
- في القصص الشعبية القديمة نجد عدد من الحكايا المرعبة التي تُقال لتخويف الأطفال ويتوارث الأهالي هذه القصص، ومع توارثها بدأت تأخذ شكل الحقيقة في الوعي الجمعي، لدرجة أن القصص لم تعد مخيفة فقط للأطفال ولكنها أصبحت تخيف الكبار.

وأبطال هذه القصص هي شخصيات |مرعبة مخيفة|، أسماؤهم مليئة بالغموض ويفعلون أشياء مرعبة جداً.

 الصدمة دائماً هي عندما نبحث عن أصل هذه القصص وكيف وصلت إلى أجدادنا وأجداد أجدادنا.

 ولكي تكتسب هذه القصص الصيغة المرعبة، فيجب أن يكون لها حقيقة، وصولاً لهذا الشكل المرعب الذي وصل إلينا، أي أنها قُصت في قديم الزمان على أنها قصة حقيقية، لكي تُحقق الانتشار الواسع الذي يحدث لها بعد ذلك، ومع القليل من التدقيق على مر الزمان ومع تطور الوعي الإنساني وتطور التكنولوجيا، نكتشف أنها (مجرد أسطورة)، وإن من ضمن الأساطير التي ينطبق عليها هذه المواصفات هي "|أسطورة الغول|".

جميعنا كان يسمع عن " |الغول| " أو عن " |أمنا الغولة| " على لسان أحد من الأجداد، وذلك على سبيل التخويف والتحذير.

هل تريد أن تعرف القصة الحقيقية للغول 

سوف نكشف لك القصة بجميع تفاصيلها .

- في الزمان كانت حكاية الغول من الحكايات التي من الممكن أن ترعب وتفزع أي شخص يسمع عنها، وإلى الآن مازالت هذه |الحكايات| تُحكي عنه، فقد وصلت حكايته للغرب وليست فقط منتشرة لدينا في الأوساط العربية، وإن أصل الحكاية نابع من المنطقة العربية وتحديداً مصر وفلسطين ودول الخليج.

- لفترة من الفترات كانت قصة الغول مرعبة جداً وتحولت من مجرد حكاية مستحيلة التصديق إلى قصة مرعبة بمجرد أن تُسرد.

 ماهو أصل كلمة " غول " 

- حكاية الغول كانت حكاية مرعبة للجميع، وكانت تُخيف الكبير قبل الصغير، وأصل كلمة غول كانت ترجع لكلمة " |غالو| " التي نجدها في الأساطير القديمة عند السوماريين والأكاديين.

 فكانوا يستخدمونه عندما يريدون أن يصفوا وحش مخيف شكله مرعب وقادر على التحايل وتغيير شكله وذلك للإيقاع بالفريسة، فإنهم كانوا يسمونه " غالو ".

وكذلك العرب كانوا مؤمنين بأنه نوع من أنواع وأشكال الجن الذي يوسوس للإنسان ويوقعه في شر أعماله، و كان يغير شكله ويتأقلم مع المكان المتواجد فيه، لكي يُسهل على نفسه أن يوقع الإنسان البسيط في شباكه.

ومع تعريب كلمة " غالو " فتحولت إلى " غول " وجمعها " |غيلان|".

شكل الغيلان حسب |الروايات| يكون مختلف ونسبي وليس ثابت، أي أنه يمكن أن تجده موصوف شكلياً بأنه: ( رأس إنسان وجسم حيوان ورجلين نعجة )، ومنهم من يصفه على أنه ( نصف حيوان ونصف إنسان). 

- وفي الغالب فإن هذه الأوصاف للغول غير صحيحة وغير متزنة، لأن الذين يتداولون هذه الروايات كانوا يروه كيان مظلم مخادع يتشكل على شكل إنسان عندما يظهر للناس.

 وغالباً يكون على شكل امرأة جميلة تظهر لفريستها لكي توقعها بشكل أسهل، ومن هنا خرج مصطلح " أمنا الغولة ". 

ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال - تصميم وفاء المؤذن
ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال
 تصميم وفاء المؤذن
إن التحولات الشكلية والهيئة المتغيرة هما وصف رئيسي في الحكايات التي تداولت أسطورة الغولة.

 معظم الحكايات التي تحدثت عن الغولة كانت بينها سمات مشتركة مثل ( اللامنطقية في الطرح - |الرعب| الشديد لدرجة الفزع ).

* كما سنرى في الحكايات.

* ماهي أشهر القصص التي تحدثت عن الغولة؟؟

 حكاية الملك وأولاده الثلاثة

 الحكاية بدأت مع ملك لديه ثلاثة أولاد وأمهم متوفية.

ولا يوجد أي امرأة في القصر الملكي تناسب أن تتزوج ولي العهد، لأن الجميع كان على طمع في الملك.

 الأولاد الثلاثة كانوا يعيشون في قصر معزول عن العالم الخارجي، ولا يعرفون عن العالم الخارجي غير الذي تعلموه من الكتب الموجودة داخل القصر.

 قرر الملك أن يزوجهم، وذلك ليحافظ على ملكه من ودون مؤامرات داخل القصر الملكي، فقرر أن يزوج أولاده الثلاثة من عوام الشعب.

 وفي يوم من الأيام أمر جميع الوزراء بتجهيز بنات المملكة ليكونوا متواجدات في صباح اليوم التالي، ويمررن بالترتيب أمام شباك مخصص، وأولاده الثلاثة يرون البنات من خلاله.

وفي اليوم التالي أعطى الملك لكل ولد من أولاده تفاحة، وإن أعجب الولد بفتاة يرمي التفاحة على الأرض دون أن يتكلم.

وبدأت الفتيات بالمرور أمام الشباك، إلى أن رمى الولد الأول تفاحته، ثم رمى الولد الثاني تفاحته، ولكن الثالث لم يرم تفاحته واحتفظ بها لآخر الوقت، ولكن هناك فتاة مرت من أمامه فأوقع تفاحته وكأنه كان ينتظرها.

وبذلك تم اختيار الزوجات الثلاثة للشبان الثلاثة، وبدأت التحضيرات للفرح، وكان فرح أسطوري يليق بالأمراء وبالمملكة.

وفي اليوم التالي قام الملك بالاطمئنان على أولاده ، فاطمئن على الأول والثاني، وعندما وصل إلى غرفة الثالث فتح الشاب لأبيه الباب وهو خائف يرتعش، وهنا انصدم الملك من الذي حدث، فقد فوجئ الملك بأن عروسة الابن الثالث تحولت لوحش مرعب، نصفها إنسان ونصفها الثاني حيوان وعيونها حمراء ومخيفة وابنه جالس ويتوسل له وللخدم في القصر أن يساعدوه، على الرغم من أن الصوت الخارج من الغولة يدل على أنها لن تؤذيه أبداً، لكنها سوف تؤذي الملك والخدم إن اقتربوا منها.

ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال - تصميم وفاء المؤذن
ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال
 تصميم وفاء المؤذن

المشهد كان صادم ومرعب جداً للملك 

 فخرج الملك والخدم وهربوا خارج القصر وتركوا الأمير مع الغولة، كان الأمير يحاول الهروب لكن الغولة كانت تقول له ( لو حاولت الهروب فمسيرتك التي ستقطعها في ثلاثة أيام، سوف أقطعها في لمح البصر، فليس هناك فرصة للهرب نهائياً، وأنه من الأفضل لك أن تبقى في القصر معي ومن دون ازعاج ).

وفي يوم من الأيام خرج الأمير يتمشى في حديقة القصر، فرأى حصان فقرر أن يركبه ويهرب به، لكن الحصان قال له " أنت سوف تؤذيني وتؤذي نفسك، لأن الحقيقة هي أنه لا مفر من الغولة، وأن الحل يمكن أن تجده عند المهرة ).

فذهب للمهرة وسألها 

 فأعطته ثلاثة عيدان ملونة " أحمر وأسود وأبيض ".

 وقالت له الحل الوحيد لك لكي تستطيع أن تتخطى الغولة هو العيدان الثلاثة ، فاهرب منها وعندما تقترب منك ارمي بينك وبينها عود الخشب الأسود، فسوف يظهر بينك وبينها أشواك كثيرة ستجعلها تتأخر عنك قليلاً، وعندما تتجاوز الشوك إرمي العود الأحمر، فسوف يظهر بينك وبينها نيران كثيفة ستأخرها عنك قليلاً، وإن تجاوزت النار ارمي العود الأبيض، فسوف يجعل بينك وبينها سبعة بحور واسعة ومن المستحيل أن تلحق بك، وعند استخدامك لهذا العود فلن تستطيع العودة للمملكة مرة أخرى، ولن تستطيع رؤية أهلك أبداً.

فأخذ الأمير عهد على نفسه أن يتخلص من الغولة ومن هذا |الكابوس المرعب|، ونفذ الأمير نصيحة المهرة بجميع تفاصيلها وتخلص من الغولة نهائياً، لكنه اختفى ولا أحد يعرف مكانه من حينها.

الحقيقة أن حكايات الغولة ستجدها أيضاً في حكاية أجدادنا المصريين القدماء في " قصة سخمت ".

والتي لها تمثال في معبد بتاح شمال معبد الإله آمون في الكرنك ...

ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال - تصميم وفاء المؤذن
ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال
تصميم وفاء المؤذن

قصة الغولة سخمت 

 |سخمت| هي امرأة من ثلاثة أضلاع في الثالوث المقدس لمدينة " منف " المصرية القديمة، وهي زوجة "رعا " وابنها " نفرتون ".
وعند المصريين القدماء كانت هي آلهة الصحراء والأمراض والأوبئة.
 وعندما قرر الإله "رعا" أن ينتقم من البشر، أرسلها لهم لكي تنشر بينهم الأمراض والأوبئة المستعصية المزمنة، وكانت أيضاً تخطف الأطفال الصغيرة وتقتلهم، وحسب الرواية المصرية القديمة كان مكتوب في البرديات أنه وصل عدد ضحاياها من الأطفال لسبع أطفال.

تمثال سخمت 

موجود في معبد الإله " بتاح " شمال معبد الإله آمون في الكرنك.
تمثالها شكله غريب جداً فهو عبارة عن جسد أنثى ورأس أسد ملامحه صارمة وعيونه مخيفة جداً، وسخمت كانت معروفة بأنها |شبح الأطفال الصغيرة| ومرعبتهم المخيفة، فقد كانوا يخافون منها.
- وكان العرب يعتبرون الغولة نوع من أنواع الجن أو فصيل من فصائله المتعددة، وتحديداً النسخة المؤنثة منه " أمنا الغولة ".

 ماهو سبب تسميتها " أمنا الغولة " 

- إن سبب تسميها بهذا الاسم هي قصة أغرب من |الخيال|، إن غولة من الغولات أحبت رجل عادي فتجسدت في هيئة فتاة شديدة الجمال، وحاولت إغوائه إلى أن أحبها وتزوجها، واختارت الغولة أن تعيش معه حياة طبيعية جداً وأنجبت منه ولدين، وكانت تعيش معه حياة سعيدة جداً، وكان الجميع يلاحظ حبها المفرط له ولأولاده بشكل مبالغ به، لكن في ليلة حدثت حادثة غريبة جداً، الرجل تفاجئ أن زوجته كل يوم تخرج بعد نومه وترجع عند الفجر، فقرر أن يراقبها بعد خروجها، ووجدها تقابل غولة أخرى في نصف الطريق، وفهم من الكلام الذي دار بينهم بأنها أختها، ويتحول شكل زوجته فجأة لوحش كبير مظلم مليء بالشعر وشكله مخيف جداً.
ومن ثم ذهبن للمقبرة وحفرن القبور وأخرجن الجثث حديثة الدفن وأكلنها.
ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال - تصميم وفاء المؤذن
ماهو أصل قصة " أمنا الغولة " التي تخيف الأطفال
 تصميم وفاء المؤذن

عاد الرجل لبيته وهو يرتعش مما رأى

 وعندما وصلت زوجته، طلب منها أن تحضر له كأس ماء، رغم معرفته بخوفها الشديد من صوت المياه، وحكى لها بغضب ما رأى، فغضبت وتحولت لغولة، ولم تقتله فقط من أجل الأولاد، وذهبت واختفت هي وأختها.

 * الحقيقة أن الغول هو أسطورة عربية أصيلة 

 لكنها تسربت للثقافة الغربية بشكل واسع، لكونها فعلاً |حكاية مثيرة| ومخيفة جداً.

فسوف تجد في الثقافة الآسيوية قصص للغول الذي يسكن منطقة التابلت وتبدأ الحكاية مع مجموعة من الغيلان كانت تسكن منطقة جبل التابلت، وكل فترة يظهرون لسكان المدن، ثم يهربون إلى الجبل ويختفون مرة أخرى.
الجبل كان عليه حراس، فقرروا الناس أن يذهبوا بسكاكين غير حقيقية وتركوها مكان الحراس ووضعوا عبوات خمر أيضاً، والحراس عندما رأو السكاكين والخمر شربوا منه وبدأوا يتمازحون مع بعضهم بالسكاكين ويرقصون ويطعنون بعضهم البعض، ثم ناموا.
. وعندما رأو الغيلان هذه الاحتفالات المجنونة  للحراس، قرروا أن يقلدوهم ونزلوا من الجبل وشربوا الخمر، وبدأوا يتمازحون مثل الحراس ويطعنون بعضهم البعض ظناً منهم أنها لا تقتل، لكن الناس قامت برماية سكاكين حقيقية لهم وماتوا جميعاً بعد طعنهم بعضهم البعض، إلا غول واحد فقط، فقد كان بعيد عنهم، فقرر أن يعود ويسكن الجبل، ومن حينها وهو يسكن الجبل ويحاول أن ينتقم من البشر وأهل هذا المكان.

وإلى الآن يستخدمون هذه الحكاية في تخويف أطفالهم

 لكي لايخرجون في الليل ولا ينزلون جبل  التابلت وحدهم.
وسوف نجد ذات المنطق والمنهجية في قصة الوحش  الياباني " ناما هاجي"، الذي بحسب الأسطورة اليابانية يخرج كل أول سنة ويمر على البيوت وي|خطف الأطفال| السيئة ويأكلهم. 
ونجد الكثير من الأساطير في ثقافات كثيرة جداً تناقش ذات القصة بذات المنهجية، لكن بشكل مختلف من حكاية وأخرى، لكن الأسطورة العربية ستبقى هي الأكثر رعباً.
وأخيراً .. إن هذه القصص غير موجودة و|غير حقيقية|، لكنها بالنسبة للناس القدماء كانت قصص حقيقة وواقعية، لدرجة أنه عندما صنّف العرب  المستحيلات الثلاثة كان من ضمنهم " الغول "، والذي يعتبر كيان مؤثر في الوعي الجمعي العربي على مر التاريخ.
ولنعلم أخيراً أنه لايوجد شيء يخيف الإنسان أكثر من عقله، فالعقل هو الذي يخلق أفكار تعطي الأشياء شكل غير شكلها لتثير الرعب والخوف.
بقلمي: رهف ناولو

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.