مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/06/2022 12:17:00 م

أطول وأشرس المعارك في التاريخ الحديث.
 أطول وأشرس المعارك في التاريخ الحديث.
تصميم الصورة : وفاء المؤذن 
ما أكثر الحروب التي خاضتها البشرية منذ نشأتها حتى اليوم، وقد تنوّعت تلك الحروب كثيراً، فهناك حروبً خاضتها البشرية ضد الأوبئة والمجاعات، ولكن أطول تلك الحروب وأشرسها، هي الحروب التي وقعت بين البشر أنفسهم، والحرب عادةً تتألف من عدة معارك، وضمن المعركة الواحدة قد نجد مجموعةً من الأحداث العسكرية المنفصلة، فهناك الغارات والمناورات والحصار وغيرها، وفي هذه المقالة سوف نلقي بعض الضوء على أطول المعارك وليس على أطول الحروب.

معركة المنصورة بين الكيان الصهيوني والقوات المصرية

تُعتبر معركة المنصورة أطول معركةٍ جويةٍ على مر التاريخ، رغم أن زمنها لم يزد عن ثلاثٍ وخمسين دقيقة، ففي يوم 14 أكتوبر 1973 اعتمدت القوات الصهيونية على القيام بهجومٍ تكتيكي وفق ثلاث موجات، فقامت بتجهيز أكثر من مئةٍ وخمسين طائرةً يقودها أمهر الطيارين لديها، وكان مقرراً أن يشتبك الطيارون الأكثر مهارةً في الموجة الأولى من الهجوم لكي يتركوا أكبر أثرٍ على الدفاعات الجوية المصرية، ثم تقوم الموجة الثانية بالقضاء على ما تبقى من الدفاعات الجوية، أما الموجة الثالثة فعليها القيام بالتدمير الشامل بحيث تحمل أكبر كميةٍ من الأسلحة والذخائر والقنابل.

خطة الدفاع المصرية في معركة المنصورة

وصلت التعليمات إلى |الطائرات المصرية| بصنع قبّةٍ فوق قاعدة الدفاع الجوي في المنصورة، مع عدم مطاردة طائرات العدو والاكتفاء بالدفاع فقط، ورغم محاولات الطائرات المعادية جذب واستدراج الطائرات المصرية لمطاردتها، فإن الطائرات المصرية التزمت بالتعليمات وحافظت على مواقعها، فاضطرت الموجة الأولى من الطائرات المعادية إلى الانسحاب دون أن تحقق أهدافها، وتكرّر نفس الأمر مع طائرات الموجة الثانية، أما الموجة الثالثة فقد وجدت مهمتها مستحيلةً في ظل القوة الكبيرة التي بقيت لدى القوات الجوية المصرية فاضطرت إلى إلقاء حمولتها كيفما كان وانسخبت، وبذلك أصبح يوم 14-10 من كل عام عيداً للقوات الجوية المصرية.

معركة السوم “somme”

أثناء انشغال |القوات الألمانية| في معركة "فيردن Verdun" خلال الحرب العالمية الأولى، طلبت القوات البريطانية من القوات المصرية أن تساعدها على فتح جبهةٍ أخرى للقتال على نهر السوم شمال الأراضي الفرنسية، فبدأت المعركة بقصفٍ مدفعي مكثّفٍ من القوات البريطانية على القوات الألمانية، ولكن التحصين الجيد للقوات الألمانية في الخنادق، جعل الأضرار قليلة، فقامت القوّات الألمانية بهجومٍ معاكس، واستمرت تلك المعركة قرابة خمسة أشهر، سقط خلالها حوالي مليون قتيل من الطرفين، ولكنها لم تؤدِ إلى تغييراتٍ جوهرية على أرض الواقع، ولكنها استطاعت تخفيف الضغط على القوات الفرنسية المدافعة عن مدينة فيردن.

معركة فيردن" Verdun"

هي إحدى أطول المعارك في التاريخ، فقد بدأت في شهر فبراير سنة 1916، واستمرت حتى شهر ديسمبر من نفس العام، وقد أسفرت عن الكثير من الخسائر في الأرواح والمعدات والعتاد للقوات الفرنسية، ولكنها رغم ذلك تشكّل رمزاً للفخر والصمود بالنسبة لفرنسا، فقد كان هدف الجيش الخامس الألماني من تلك المعركة أن يسحق |الجيش الفرنسي| وأن يخرجه من الحرب، وذلك على اعتبار أن التجمّع الرئيسي الأكبر للقوات الفرنسية كان في مدينة فيردن، فوضعت القوات الألمانية خطةً محكمةً لتنفيذ هجومها.

أطول وأشرس المعارك في التاريخ الحديث.
 أطول وأشرس المعارك في التاريخ الحديث.
تصميم الصورة : وفاء المؤذن 
 
الدفاعات الفرنسية في معركة فيردن

كانت الدفاعات الفرنسية مؤلفةً من تسعة عشر حصناً قوياً تحمي مدينة فيردن وما حولها، فاختارت القوات الألمانية المهاجمة أن تبدأ بضرب الحصن الأقوى بينها، فتمكنت فعلاً من اكتساحه وسحق القوة المتواجدة فيه، ولكن الفرنسيين استخدموا طرقاً مبتكرةً في الدفاع عن مواقعهم، جعلت المعركة لا تسير كما خطط لها الألمان، ومع قيام بريطانيا بإشعال الجبهة عند نهر السوم، أصبح موقف القوات الألمانية أضعف، فاستمرت معركة فيردن لأكثر من عشرة أشهر، حتى اضطرت القوات الألمانية إلى التراجع بعد أن خسرت 330000 جندي مقابل 377000 جندي فرنسي.

معركة آخن" Aachen"

هي آخر معركةٍ من معارك |الحرب العالمية الثانية|، وأوّل معركةٍ تدور على الأراضي الألمانية، وهي التي مهدّت لمرحلة الانهيار في صفوف القوات الألمانية، وقد كانت مدينة آخن أول مدينة ألمانيةٍ تسقط بأيدي الحلفاء، وخلال انشغال الحلفاء والألمان بهذه المعركة، قامت |القوات السوفيتية| بشق طريقها نحو برلين مباشرةً، وقد استمرت المعركة تسعة عشر يوماً، حتى انسحبت منها القوات الألمانية لتعيد ترتيب صفوفها وتشنّ الكثير من الهجمات المضادة استمرت نحو خمسة أشهر، وذلك ما أطال أمد تلك المعركة.

معركة المحيط الأطلسي

بدأت هذه المعركة في أوّل يومٍ من أيام الحرب العالمية الثانية، واستمرّت حتى آخر يومٍ فيها، ولذلك أصبحت أطول معركة على مر التاريخ، وهي معركةٌ بحرية، وقد كانت سبباً في جرّ الكثير من الدول إلى الانخراط في الحرب العالمية الثانية، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، فقد حاولت القوات البحرية الألمانية قطع الإمدادات البريطانية عن قواتها لمنعها من مواصلة القتال ضدها، فشنّت ألمانيا الكثير من الهجمات بواسطة الغواصات غالباً لإغراق أية سفينةٍ تجاريةٍ أو حربيةٍ تتعاون مع بريطانيا.

 دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية

كانت الولايات المتحدة تساعد بريطانيا عن طريق |المحيط الأطلسي|، ولم تكن راغبةً في دخول الحرب، ولكن ألمانيا دفعت اليابان والمكسيك لمهاجمة الولايات المتحدة لكي تتوقف عن مساعدة بريطانيا، فدخلت الولايات المتحدة الحرب إلى جانب الحلفاء، ورغم أن ألمانيا فشلت في محاصرة بريطانيا، إلا أنها سبّبت لها الكثير من الخسائر التي هزّت |الاقتصاد البريطاني| ومنعها من العودة إلى قوتها بعد الحرب، ما سمح بصعود قوى عالميةً جديدةً هي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي.

حاولنا في هذه المقالة إلقاء الضوء على أطول المعارك في التاريخ، على أمل أن يتعظ الناس من ذلك ويتوقفوا عن محاربة بعضهم البعض، ويلتفتوا بدل ذلك إلى محاربة الخطار التي تهدد البشرية جمعاء، فالخطر يحيط بنا من كل جانب، ولكن أكبر خطرٍ يهدّد وجودنا هو أطماعنا البشرية، فإذا كنت توافقني الرأي فشارك المقالة مع أصدقائك.

 سليمان أبو طافش


إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.