مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/24/2022 10:31:00 م

المدن الكبيرة التي هجرها سكانها
المدن الكبيرة التي هجرها سكانها
تنسيق الصورة : رزان الحموي 
 
في كل عام تصدر تقارير من قبل الأمم المتحدة عن المدن العشرة الأولى من حيث التعداد السكاني، وعادةً يتبادلون الدول المركز فيما بينهم بصورة مستمرة، لكن في الجانب الآخر يوجد مجموعة من المدن لا تغير مركزها أبداً من سنين طويلة والسبب هو أن عدد سكان هذه المدن فيها ثابت عند الصفر.

• مدينة كراكو

مدينة |كراكو الإيطالية|، وهي من أشهر المدن لدى صُناع السينما والمصورين، وتوجد هذه المدينة في جنوب |إيطاليا| بالقرب من البحر الأيوني

 والمدينة بالكامل مبنية على منحدر جبلي شديد الوعورة، وتصل بعض مناطق هذه المدينة لارتفاعات تقدر بحوالي ٤٠٠ متر فوق سطح البحر، وموقع المدينة وتصميمها كان السبب في توفير الحماية للسكان، واستمرت الحماية منذ إنشائها في القرن العاشر بعد الميلاد حتى هجرها أهلها تماماً في منتصف القرن العشرين، لأن الموقع والطريقة التي صممت عليها المدينة مثلما وفرت لها الحماية من الأعداء أيضاً كانوا السبب في تحويلها إلى المدينة أشباح.

المدينة كانت تتأثر بالانهيارات الجبلية التي تسببها الظروف الطبيعية، ووجود المدينة بهذه الطريقة كان للتأثير عليها لا يحتاج إلى زلزال أو بركان، لكن مجرد بعض العواصف والأمطار الغزيرة كانت ممكن أن تسبب الذعر في المدينة كلها، ولذلك في عام ١٩٦٣ ميلادي اتخذت الحكومة الإيطالية قرار في إخلاء المدينة وتهجير كل السكان، ومع مطلع الثمانينات حولت الحكومة الإيطالية المدينة إلى معلم سياحي يتم زيارته مع اتباع تعاليم السلامة.

• مدينة تامز

تعتبر |مدينة شنغهاي الصينية| أحد أكبر مدن الصين من حيث تعداد السكان، ومع بداية القرن العشرين تجاوز عدد سكانها عشرين مليون نسمة، وكمحاولة لتخفيف الضغط عن المدينة فكرت لجنة التخطيط في |شنغهاي| بحل مبتكر من أجل التقليل من أعدد السكان المتزايدة، وبدأت في حملة دعائية شعارها لن يتمكن الزوار قريباً من معرفة أين تنتهي أوربا وأين تبدأ الصين

والفكرة كانت عبارة عن إنشاء تسع بلديات أو مدن صغيرة بالقرب من شنغهاي لا يتجاوز بعد البلديات عنها ٤٠ دقيقة بالسيارة، والفكرة كانت بأن هذه التسع بلديات يتم بنائهم على الطراز الأوربي بنفس التخطيط والتصميم

وكانت البداية مع مدينة تيمز والتي تم التخطيط لها لمحاكاة الطراز الفيكتوري البريطاني، وتم إنفاق ما يعادل ٣٣٠ مليون دولار على مدار ثلاث سنوات لاستيراد أعمدة الإنارة وكبائن هواتف وحافلات على نفس الطراز الإنكليزي

 وكما تم إنشاء محلات تجارية في نفس الأسماء الشهيرة في انكلترا، وبالإضافة إلى أنهم شيدوا كنيسة مشابهة تماماً لكنائس بريستول الموجودة في جنوب انكلترا

 وبالفعل المدينة بدأت في بيع الكثير من الوحدات السكنية، ولكن المشكلة كانت بعدم الإقبال عليها من الطبقة المتوسطة للإقامة فيها، ومعظم سكان المدينة كانوا من المستثمرين وأثرياء الصين، والذين كانوا يعتبرون المدينة سكن ثاني أو ثانوي، والنتيجة كانت بأن المدينة بقيت فارغة من السكان سواء من الطبقة الوسطى الذين لم يقوموا في الشراء فيها، أو من الأثرياء الذين كانوا يزورون المدينة على فترات متباعدة جداً، ومع الوقت تسببت هذه المدينة إجهاض مشروع التسع مدن واستمرت لوحدها كمدينة مهجورة.

•  مدينة كينيكوت

المدينة النائية التي تقع أقصى شمال |ألاسكا|، بدأت قصتها عام ١٩٠٠ ميلادي بعدما تم اكتشاف خام النحاس بالقرب من نهر جليدي والذي يحمل اسم المدينة نفسها، وبعد هذا الاكتشاف بدأ الزحف الحضاري لمكان المدينة بدافع الاستفادة من الخام المكتشف

 في البداية المدينة كانت عبارة عن مخيم صغير لعمال المناجم، ولكن بعد ذلك وبسرعة تحول هذا المخيم إلى مجتمع كبير واستمر بالنمو، والتي تحولت إلى مباني وانتشرت فيها الخدمات، واستمرت المدينة في الازدهار وخلال الفترة من عام ١٩١١ ميلادي حتى عام ١٩٣٦ ميلادي كانت المدينة تنتج نحاس قيمته توازي ٣ مليار دولار، لكن في عام ١٩٣٨ ميلادي نفذ خام النحاس من المكان، وبعدها لم يعد يوجد أي مبرر لدى الناس على أن يبقوا في هذه المدينة المعزولة من دون أي استفادة تذكر، ومع الوقت هجرها جميع السكان وتحولت مدينة كينيكوت إلى مدينة أشباح، ولكن بعد ذلك قامت إدارة ألاسكا في تحويلها إلى مزار سياحي وحديقة وطنية كبيرة.

المدن الكبيرة التي هجرها سكانها
المدن الكبيرة التي هجرها سكانها
تنسيق الصورة : رزان الحموي
  

• قرية كياكوي

تقع |قرية كياكوي| المكونة من ٤٠٠ منزل حجري مهجور في جنوب غرب تركيا، ولكن قبل أن يهجرها أهلها كان قد وصل عددهم إلى حوالي عشرة آلاف إنسان، ومع قيام الحرب اليونانية التركية بعد الحرب العالمية الأولى، بدأت أعداد سكان القرية في التناقص، ومع نهاية الحرب عام ١٩٢٠ ميلادي كان أكثر من ثلاث أرباع السكان قد هجروا القرية بالفعل، والربع الأخير الذي تمسك في البقاء زلزال ١٩٥٧ ميلادي والذي وصلت قوته إلى ٧.١ ريختر كان الكفيل في أن يقنع السكان المتبقين بأن المكان لم يعد صالح للحياة، وخاصةً بعدما أثر الزلازل على كل شيء في القرية تقريباً، لكن الحكومة التركية استطاعت في أن تحتفظ ببعض المعالم على أطراف القرية، وحوّلتها إلى مزار سياحي.

• مدينة كولمانسكوب

قصة كينيكوت تكررت بعد ثماني سنين في صحراء ناميبيا، ولكن في هذه المرة الذي تم الكشف عنه كان أغلى بكثير من النحاس، ففي عام ١٩٠٨ ميلادي تم الكشف عن الألماس في صحراء ناميبيا

وفي عام ١٩١٢ ميلادي كان العمال والذين أغلبهم من الألمان حولوا البلدة الصحراوية إلى مجتمع متكامل وحدات سكنية ومشفى وقاعة احتفالات والمحلات التجارية، بالإضافة إلى مصنع الثلج الذي يستورد المياه العذبة عن طريق السكك الحديدية، وكان يصل إنتاج هذه المدينة إلى حوالي ١٢ بالمية من إجمالي |إنتاج الألماس| على مستوى العالم، وبناءً عليه كان من الطبيعي انتشار البزخ والإسراف في المكان، وحتى المسؤولين عن المدينة كانوا يستقبلون فرق الأوبرا والموسيقى الأوربية

ولكن في النهاية لم يختلف مصير |مدينة كولمانسكوب| عن مصير مدينة كينيكوت، وبحلول عام ١٩٥٦ ميلادي عادت المدينة الصاخبة إلى الطبيعة الصحراوية الهادئة بعدما هجر جميع السكان المدينة، وبعد ٤٦ سنة من النسيان كانت المدينة قد اقترب من الاختفاء تحت الرمال، لكن في عام ٢٠٠٢ ميلادي منحت حكومة |مدينة ناميبيا| قبلة الحياة إلى المدينة المهجورة وحولوها إلى مزار سياحي الذي يساعد ولو بصورة أقل بكثير من الألماس في جلب الأموال للبلاد.

• أورادور - سيور - جلان

القرية الزراعية الفرنسية أورادور سيور جلان، كانت شاهدة على واحدة من أعنف المذابح للجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، وكان يسكن في القرية أعداد قليلة من الناس وتقدر بالمئات، وكانت القرية تقع في المنطقة التي يحكمها الألمان، ومن الطبيعي المنطقة التي يحكمها الألمان تكون فيها عمليات مقاومة نشطة، وفي واحدة من عمليات المقاومة تم قتل واحد من الضباط الألمان، وفي عملية للانتقام  دخلت القوات و أبادت القرية بما فيها، لم ينجى منهم إلا أعداد بسيطة، وخلال محاكمات نورنبيرغ عام ١٩٤٦ ميلادي تم تقديم بعض المسؤولين عن المذبحة للمحاكمة، واللجنة الفرنسية للتحرير الوطني تركت القرية على حالها حتى تكون نصب تذكاري للضحايا، وتكون شاهدة على ويلات الحروب والنضال الفرنسي، وتحولت القرية من يوم المذبحة إلى قرية مهجورة وانكتب لها الحياة أكثر من سكانها الذين كانوا يقيمون فيها. 

وهذه لمحة عن بعض المدن والتي هجرها سكانها والأسباب مختلفة، لكن المشترك بينهم أنهم أصبحوا مدن خالية من الحياة.

كانت معكم صديقتكم ربا

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.