مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 2/25/2022 06:04:00 م

صديقة الأمطار تلتقي بعدو الغابات
صديقة الأمطار تلتقي بعدو الغابات  
تصميم الصورة رزان الحموي 

 كانت النهاية منهكة للحد الذي ما عاد بإمكاننا فعل شيء ، سوى العودة للبداية !

لقد أهلك المرض صدرها الدافئ ، ونهش ملامحها الطفوليّة ، وجعل إشراقها يتآكل و يتآكل ويتآكل ، حتّى ما عاد للبسمة أن تشقَّ طريقها ضمنت معالم روحها ..

كانت تقف جانباً في الطريق العام ، والأمطار فوقها تتكاثف هطولاً ، انتقاماً من زمهرير البرد القاتل للأطفال ، المتحالف مع الأمراض .

لم تكن سعلة ألمٍ عابرة ، بل عمليةٌ لانفصال الروح عن الجسد ..

ركضتُ نحوها ..

باندفاع مشاعر العالم و جنون الأيام ..

أنثى صغيرة ، ناعمة البنية و القوام ..

مذ عرفتها وهي تتعارك مع عمالقة الآلام ..


نظرتْ نحوي ..

تحاول البحث عن شخصٍ مات مع الصرخات ..

بإصرارٍ تام على قتل ما تبقى من| الذكريات| ..

فلا الطريق طريقنا ، ولا الذكرى تحتل الفؤاد للرجوع إلى ماضي الوهم و الضربات ..

أمسكتُ يدها للتتشبث بها بقوة الحقد والعتاب ، و دون أن تسند تلك الكتلة الضخمة المملوءة بالأفكار والاحتمالات ..

تحولت نظرة البحث ، إلى نظرة غضب شديد ، لتتلوها جملة حاقدة : من بين كل البشر تظهر أمامي ؟!

أبعدتني عنها قصراً ، كما فعلت بها سابقاً .. طوعاً ..


توقفت الأمطار ، و تبدلت غيوم عيونها ، لتهطل أمطار أخرى .. على أرض خديها ..

كانت المياه تحاوط جسدها من كل مكان ، من كل زاوية .. 

والرياح باتت تصاحب حبالها الصوتيّة المتأرجحة ..

- من أين ينبع كل هذا الشرور ؟ 

- إنه ليس شروراً ، هو فقط ردة فعلٍ بسيطة عن جحيمك .. و إن كان له منبع .. فهو هذا الثقب و هذه الندوب التي أحدثتها أنانيتك وقلة ضميرك ..

- ولكنني هنا لأخبرك بكل شيء ، ألستِ أنت من طلب الحقيقة ؟

صمتتْ لثوانٍ معدودة ، لأقوم باستغلالها ، وانهمر من ثغري كل ما حدث ، كل حكايتي ، قصتي اللعينة ..

هذه المرة بدوري ، جرفت السيول النابعة من عيني ، كل ما خلّفه الزمان من نقصٍ وعُقدٍ والفجوات ..


رأيتها تتقدم بخطواتٍ مترنحة ، ظننتها ستصفعني بيديها المالحة ..

لكنها فضلت أن تسقط فوق صدري ، وتعصر وجعي بكل ما أوتيت من| قوة الإشراق| ..

وبعدما دفنت رأسها ضمن هذه المقبرة الباردة ، قالت :

تأخرت .. تأخرت كثيراً ..

لا مكان لنا .. لا وطن لنا ..

لا حياة لنا ..


شهد بكر💗

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.