مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/21/2021 06:45:00 م

الأنا ... فلسفة المعرفة


تكلمنا في المقال السابق أن ديكارت طبق تجربة الشيطان الشرير على فكرة وجوده 

 فوجد أن الحالة الوحيدة التي الشيطان يستطيع أن يجعله يعتقد في وجوده ، هو أن يكون له  وجود فعلاً


 قال :  ( كيف يمكن أن يشك في وجوده ، إلا إذا كان له وجود ، لكي يشك في هذا الوجود ).


 أعلم تماماً بأن هذه الجملة صعبة .


 فكر لو لم يكن لك وجود ، فكيف سيكون لديك شكوك الآن !؟

فيجب أن يكون لديك نوع من الوجود ، وذلك لكي تستطيع أن تشك في أي شيء حتى في الوجود نفسه. 


وبذلك يصبح بالتأكيد لك وجود 

 الفكرة البديهية : ( أنا أكون ... أنا موجود) . 


تمثل| اليقين |الأول عند ديكارت في أعماله الأولى. 

وبعد ذلك قام بتعديل الجملة إلى : 

( أنا أفكر ... إذاً أنا موجود). 


لكنه غيّر هذه الكلمات مرة أخرى حين  كتب كتاب " التأملات".

 لأنه لم يكن يريد أن يوحي بالاستنتاج مباشرة.


بل على العكس .. كان يريد أن يصل القارئ لوحده لهذه النتيجة .

 بمجرد التفكير في فكرة " نفسه" أو " الأنا". 

الذي سيقوده مباشرة إلى إحساس بديهي وليس نتيجة ، ( انا موجود).

 بالرغم من دقة ديكارت في عرض أفكاره بوضوح،  الجملة كانت جذابة لكثير من الناس.

 فاكتسبت شهرة غير عادية. 

وإلى وقتنا الحالي .. (اليقين الأول هو الأنا) .


   القديس " أوغستين " أحد آباء الكنيسة المؤثرين في الكاثوليكية كتب في كتابه " مدينة الله " :

( نتيجة لأخطائي ...  إذاً أنا موجود ) .


بمعنى .. لو لم يكن لي وجود .. كيف لي أن أعمل الخطأ.

يوجد تشابه بين الفكرتين 

 القديس أوغستين لم يستخدم هذه الفكرة على نطاق أوسع كما فعل ديكارت .

الأنا " التي وصل لها ديكارت فكرة محدودة وبسيطة جداً ، هي " أنا المتكلم " " خاصة جداً " ،| الأنا |الخاصة بي لها معنى عندي فقط ، والأنا الخاصة بك ليس لها معنى عند أي حد غيرك .

بمعنى أن الشيطان يستطيع أن يخدعني في وجود الأنا الخاصة بك ، ولكنه لا يستطيع أن يخدعني في وجود الأنا الخاصة بي .


 هذه الأنا في الحاضر فقط .. أي أنا موجود عندما أفكر ، واللحظة التي أتوقف عن التفكير .. الأنا تنعدم ، وحقيقة وجودي يكون فيها نوع من الشك .


وأخيراً ...

 حتى الأنا الموجودة .. لانستطيع أن نحدد ماهي طبيعة وجودها أو شكلها ، لأن الشيطان الشرير يمكن أن يصورها لنا بشكل آخر غير شكلها الحقيقي للأنا .


إن فكرة ديكارت عن الأنا أو الشيء المفكر الموجود ، هي لحظة من " الإدراك الذاتي " منفصلة عن أي شيء حتى عن ماضيك .


ديكارت كان هدفه أن يوصل القارىء عند هذه النقطة  إلى أنه " شيء مفكر" 

   والآن أسأل نفسك :

ياترى هل أنا فعلاً موجود ؟

اسمع صوت أفكارك 

ياترى .. هل لي وجود الآن لأنني فكرت ؟

وماذا سوف يحدث لهذا الوجود إن انتهت أفكاري ؟

وهل أفكارك برهان على وجودك ؟ 

 فكر مرة أخرى ... 


بقلمي رهف ناولو 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.