مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 10/17/2021 10:05:00 م

 رحلة العلم منذ العصر الحجري _ الجزء الثالث

رحلة العلم منذ العصر الحجري _ الجزء الثالث
رحلة العلم منذ العصر الحجري _ الجزء الثالث


استكمالاً لما تكلمنا عنه سابقاً حول رحلة العلم منذ العصر الحجري ....


انهيار الحضارة و التطورات العلمية:


منحدرات زلقة:

مع انهيار |الحضارة الإغريقية| ونشأة |الحضارة الرومانية| توقفت حركة العلوم الطبيعية إلى حدٍ كبير، فرغم الإنجازات الحضارية التي قدمتها الحضارة الرومانية فإن معظم إنجازاتها كانت في مجال البناء والعمران، ولم تحافظ على التصاعد العلمي الذي بدأته |الحضارة اليونانية|، خاصةً بعد عودة الدين للسيطرة على الدولة وعلى الإنسان وطريقة تفكيره، فعاد الإنسان إلى عصر الظلمات والخرافة والأسطورة من جديد، ولاسيما بعد اتخاذ |الكنيسة المسيحية| موقفاً حاداً ومعادياً من العلم والعلماء بسبب تعارض أفكارها ومصالحها مع ما يجيء به العلم من تفسيراتٍ لا تتفق مع ما جاءت به المسيحية مثل فكرة مركزية الأرض غيرها.

وحتى بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية في القرن الخامس الميلادي بقيت الأفكار والمعتقدات القديمة مسيطرةً على عقول الناس خاصةً في أوروبا لما يزيد على ألف سنة، وهي الحقبة التاريخية المسماة بالعصور الوسطى المظلمة لأنها غلّفت عقول البشر بظلامٍ دامس.

ولكن ما سمح بإنقاذ الثورة العلمية في أوروبا هو قيام |الدولة البيزنطية| التي شجّعت حركة التَّرْجَمَةً وبخاصةٍ تَرْجَمَة الكتب اليونانية المليئة بما اكتشفوه وقدموه من علوم، وهذا ما لعب دوراً كبيراً في نقل معارف الإغريق وعلومهم إلى الحضارة الإسلامية التي فرضت نفسها بقوة فأخذت علوم الإغريق ودرستها وحللتها وزادت عليها الكثير، وهنا برز الكثير من العلماء والفلاسفة الذين عاشوا وبرزوا في كنف الدولة الإسلامية التي شجعت العلم والعلماء في معظم فترات قوتها.


تطورات علمية حقيقية:

بعد استقرار الدولة الإسلامية في العصر العباسي وتشجيع الكثير من الخلفاء لحركة الترجمة والتأليف ودعم العلم والعلماء، فقد استطاعت الحضارة الإسلامية أن تضع بصماتها الواضحة والقوية في رحلة العلم وتطوّر العلوم والمعارف، فقدمت للبشرية بعض الأسماء العظيمة التي ظل فكرها وعلمها مصدر إلهامٍ لمن جاء بعدهم لمئات السنين، فظهر جابر ابن حيان كرائدٍ ومؤسسٍ لعلم الكيمياء، وبرز ابن سينا في الطب و الفلك والفلسفة، كما بزغ نجم علم البصريات على يدي الحسن بن الهيثم، وأسّس الخوارزمي علم الجبر، إضافةً إلى عددٍ كبيرٍ يصعب حصره من المفكرين والعلماء الذين قدّموا إسهاماتٍ علميةً جليلةً لا يمكن تجاهلها مع الكثير من الاختراعات التي أفادت البشرية كثيراً والتي لا زال بعضها مستخدماً حتى الآن مثل الأسطرلاب والكثير من أدوات الجراحة وغيرها.


ورغم كلِّ ما قدمته |الحضارة الإسلامية| من علومٍ ومعارف إلّا أن الأمانة تقتضي ألّا نغفل دور |الحضارة الصينية| التي قامت بالتّزامن مع الحضارة الإسلامية بإعادة إحياء الثورة العلمية العالمية من خلال ما قدّمته في مجال تحويل المعارف الطبيعية إلى تطبيقاتٍ عمليةٍ واقعيةٍ عندما قدّمت للبشرية مجموعةً كبيرةً من الاختراعات أشهرها البارود والورق والطباعة التي ساعدت كثيراً على انتشار العلوم والمعارف.


ومرّةً أخرى يحاول بعض رجال الدين المستفيدين من جهل الناس أن يوقفوا عجلة العلم والتطور التي بدأت تهدّد مناصبهم ومكاسبهم فراحوا يحرّضون الناس ضد العلم والعلماء، فانتشرت بين عامة الناس حملات التكفير والاضطهاد ضد علماء وفلاسفة الحضارة الإسلامية، ما أدى مع غيرها من العوامل الكثيرة إلى انهيار العصر الذهبي للحضارة الإسلامية.


ولكن ولحسن حظ البشرية فقد شاءت الأقدار ألّا تتوقف رحلة العلم بعد انهيار الدولة الإسلامية، فالأوروبيون الذين غطسوا في جهل وظلمات العصور الوسطى سرعان ما استفاقوا من غفوتهم ليجدوا كلَّ ما قدمّه من سبقهم من إغريق وصينين ومسلمين بين أيديهم فحملوا على عاتقهم رفع راية العلم من جديد وإكمال رحلته.

اقرأ المزيد...

بقلمي سليمان أبو طافش ✍️

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.