مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/22/2021 09:11:00 م

و بعد عشر سنوات .. و بعد قرن الرحيل

و بعد عشر سنوات .. و بعد قرن الرحيل
و بعد عشر سنوات .. و بعد قرن الرحيل


 بعد وفاتك .. و رحيلك عن هذا العالم البائس ..

و بعد طول غياب عن  امتناعي بالذهاب إلى قريتك .. حسب حساباتي الفاشلة .. عشر سنوات .. و لربما أكثر ..

(( أيضاً .. بعد رحيلك عن هذا العالم البائس .. ))

مررتُ بجانب منزلك , وقفتُ أمام الباب , لكنَّ يدي أعلنت الاستسلام , بدأتْ ترتجف .. ترفض طرق الحقيقة المعلومة .. أنك لم و لن.. تفتحي ..


تذكرتُ تلك الليالي الجميلة 

 التي كنا ننتظر الجميع كي ينام .. و نهرب كاللصوص إلى المطبخ .. نحاول تحضير طعام غريب .. لم يجربه أحد .. سوانا ..

ثمَّ تأتي والدتك على ضجيج الصحون و الطناجر .. تقف تشاهدنا .. و تضحك ضحكتها العفوية , لتقول :


" ألم تزهقان من هذه العادة ؟! على الأقل أخبراني كي أساعدكما .. أخشى عليكما من مخاطر المطبخ .. "

فنضحك معاً , و بسخريةٍ ملائكية , و صوتك القروي العذب , تقولين :


" مخاطر المطبخ يا أمي !! "

لأجيب عنها كالببغاء المتقن لدرسه " لربما تلسعنا النار , أو ننزلق و نحن نحاول الحصول على شيء ما من على الرف , أو تحترق يدنا بلهيب الزيت أو السمن .. "

و من بعدها نضحك .. جميعنا ..

الآن ..

حتى و لو ضحكنا .. هنالك مكانٌ فارغ .. مكانٌ كبير .. فارغٌ تماماً ..

تراجعت بخطواتي المثقلة إلى الوراء .. حتى رائحتك اختفت من هنا .. وكأنَّ هذه الدار .. ليست ديارك .. بل هناك ..في الأعلى .. في مكانٍ لا يصل إليه ..إلا الأرواح الطاهرة .. الصادقة ..


على أية حال ..

أكملتُ طريقي , لأجد ذلك الشاب ..رأيته يجلس مع زوجته .. فوق بغضي له .. بغضته أكثر .. 

حقه الطبيعي أن يكمل حياته ..لكن ليس من حقه أن يسلبها منك ..

ألا يقدّر حبك المقدس ..

أنت تعلمين أنَّ قلبي لا يتّسع لكراهية أي إنسان .. ولكنني أكره إهماله لملاكٍ صغيرٍ مثلك ..

و أكره عشقك الكبير له ( دون جدوى )

تأملته ..ترى هل سيعرفني ؟!

هل سينتبه لوجودي ؟!

و بالفعل ..

يبدو أنَّ ذبذباتي الروحية , أُرسلتْ إليه , نظر تجاهي .. نظرته تلك كان يحاول و على ما أظن , أن يجد تفسيراً واحداً .. مصطلحاً واحداً .. لنظراتي .. و التي حقيقةً , حتى أنا .. لا أعرف شعورها , و لا اسمها ..

و لأقل لك سرّاً ..

حاولت البحث عنك في ملامحه الجديّة الذكورية ..

لكنني أيضاً .. لم أجدك ..

لأنك ,و على التوالي .. ملاكً صغيرٌ مثلك .. لا مكان له هنا ..

و بلا وعيٍ مني : صرختُ بأعلى صوتي : أأنتِ هناك ؟؟!! 

كفاكِ  لعباً ..  ألم تتعبي من الاختباء ؟؟!! 


لكن ..

ما من مجيب ...

ابتسم .. و لم أستطيع تحديد نوع تلك الابتسامة .. أهي سخرية أم انتصار ؟!


قررتُ الإبتعاد , كي لا أرتكب جريمة بحقِّ الإنسانية .. 

 و في داخلي , سخطٌ يائس .. غضبٌ شيطاني ..يخبرني أن أعود و أبتر يده اليمنى .. بعد أن بترت كل أعضائي .. و خصيصاً وتيني .. برحيلك ..

و لم أجد دربي .. إلا وصل إليك .. وبمعنى أدق .. إلى أحجارك ..


يقولون أنَّ الميت يعرف بمجيئنا ..يسمعنا ..

لكنني و مع الأسف .. لا أؤمن بهذه الخرافة , بإعتقادي هي خرافةٌ مجتمعية كي نخفف عن ثقل فراغنا ..

و  هذا ما يجعل الأمر صعباً .. معقداً .. مميتاً ..

حزنٌ فوق حزن ..

ألمٌ فوق ألم ..

إنطفاءٌ فوق إنطفاء ..

حكايةٌ قاسية .. فوق الروح .. تهرسها ..

 

مددتُ أصابعي .. لمست تراب قبرك .. لعلّي أملأ فراغي أصابعي من بعدك ..

أغمضتُ عيوني .. و رأيتك !!

تمسكين تلك الفراغات .. بقوة القدر.. و تسحبينني .. نحوك ..



شهد بكر💗

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.