مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/28/2021 06:08:00 م

تكامل الطبيعة الغريب - الجزء الثاني


تكامل الطبيعة الغريب - الجزء الثاني
تكامل الطبيعة الغريب - الجزء الثاني

تتمة لما تكلمنا عنه سابقاً حول تكامل الطبيعة الغريب .....

أمثلة عن التكامل الطبيعي:

 أسماك السلمون:

كلنا يعلم بان أسماك السلمون تولد في أعالي الأنهار، ثم تهاجر إلى المحيطات لتقضي فيها معظم حياتها التي قد تطول لعدة سنوات، ثم تعود عندما تصبح قادرة على التكاثر إلى نفس المكان الذي ولدت فيه لتضع بيوضها.

ورغم أن سلوك هذه الأسماك يبدو غريباً وغير مفهوم وخاصةً من حيث طريقتها في إيجاد السبيل إلى مكان نشأتها، إلا أن العبرة من ذكر هذا المثال أعمق من ذلك، فعندما تعود تلك الأسماك إلى أعالي الأنهار فإنها ستسبح لوقتٍ طويلٍ ضد التيار مجازفةً بحياتها أمام الأخطار الكبيرة و الكثيرة التي تعترضها ومن أهما الحيوانات المفترسة الكثيرة و أكثرها الدببة و الطيور.

ولكن الغريب في الأمر هو أن تلك الأسماك التي تتحول إلى غذاء للكثير من الحيوانات سرعان ما تصبح مجرد بقايا و فضلات تتركها الحيوانات في كل أرجاء الغابات المجاورة وتلك الفضلات تكون غنيةً بالنتروجين الضروري لحياة الغابة، ما يعني بأن أسماك السلمون تغذي نباتات الغابات بقدر ما تغذي حيواناتها.


الصحراء الافريقية الكبرى:

نعلم جيداً بأن الصحراء الإفريقية الكبرى هي أكبر صحارى العالم، وهي منطقة خالية من معظم أشكال الحياة الحيوانية والنباتية، فنكاد لا نجد فيها إلا بعض الأنواع القليلة من الحيوانات و النباتات التي تأقلمت جيداً مع العيش في تلك البيئة القاحلة الحارقة نهاراً وشديدة البرودة ليلاً، ولكن المفارقة العجيبة هي أن تلك الصحراء تعتبر سبباً أساسياً لوجود وبقاء غابات الأمازون، فكيف ذلك؟

وجد العلماء بعد مراقبةٍ طويلةٍ عبر الأقمار الصناعية بأن الكثير من العواصف الرملية التي تثور في الصحراء الافريقية الكبرى تستطيع أن تحمل الكثير من المعادن وبخاصة الفوسفور، ثم تعبر بها كل المسافة الهائلة فوق المحيط الأطلسي حتى تصل إلى القارة الأمريكية الجنوبية حيث تلقي بأحمالها هناك بفعل الأمطار الغزيرة، وبذلك يمكننا القول بأن الصحراء الميتة كانت سبباً رئيساً لحياة الغابات الأكبر في العالم و التي تعتبر الرئة الأساسية لكوكب الأرض وموطن الكثير من الكائنات الحية.


القطبان المتجمدان الشمالي و الجنوبي:

تشكّل القارة القطبية الجنوبية مع القطب الشمالي أكبر خزانٍ للمياه العذبة على كوكب الأرض وهي تعتبر موطناً للكثير من الكائنات الحية، كما أنها غنيةٌ جداً بالثروات الباطنية، ولذلك نجد الدول العظمى تتسابق للحصول على موطء قدمٍ فيها، ولكن جميع النشاطات البشرية حولها وحتى البعيدة عنها تسبب ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري و تهدد بذوبان تلك الكتل الهائلة من الجليد، ما يعني ارتفاعاً كبيراً في مستوى جميع البحار و المحيطات في العالم، وبالتالي غرق الكثير من السواحل و المدن الساحلية تحت الماء، ما  سيترك الملايين من البشر دون مأوى، ناهيك عن الأثر البالغ لذلك على الكائنات الحية التي ستجد اختلافاً كبيراً في نسبة الملوحة في مياه البحار و المحيطات، وذلك الاختلاف قد يعني انقراض بعض أنواع النباتات و الحيوانات التي لن تستطيع التأقلم مع تلك التغيرات.


من كل الأمثلة السابقة نجد بأن التوازن و التناغم و التكامل بين مختلف مكونات الطبيعة الحية وغير الحية هو شيءٌ عظيمٌ ودقيقٌ بقدر ما هو هشٌّ وقابل للتلف وعلينا نحن ورثة الأرض أن نعيد حساباتنا في سلوكنا تجاه الطبيعة لكي نحافظ عليها و ننقلها سليمةً للأجيال القادمة.

نرجو مشاركة المقال مع الآخرين.


بقلمي سليمان أبو طافش ✍️


إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.