مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 6/28/2022 08:25:00 ص
الأصدقاء هم الأوطان الصغيرة - الأديب والشاعر عبَّاس العقَّاد
الأديب والشاعر عبَّاس العقَّاد  - الأصدقاء هم الأوطان الصغيرة

وُلد |عباس محمود العقاد| في ٢٨ حزيران ١٨٨٩ في مصر في محافظة أسوان، كان |الكاتب| و|الشاعر| و|الناقد الأدبي| العظيم الذي تميز عن أدباء عصره. 

إذا كنت مهتماً في معرفة بعض المعلومات عن حياته تابع معنا المقال التالي.  

كما نعلم أن عباس العقاد لم يُكمل تعليمه المدرسي

 إذ اكتفى بالتعليم الابتدائي، وذلك لأن محافظة أسوان لم يكن متاحاً فيها التعليم فوق الابتدائي، وكانت أغلب العائلات ميسورة الحال فيها ترسل أبناءها لإكمال دراستهم في القاهرة، ولكن الوضع المادي لعائلة عباس لم يكن يسمح لهم بإرساله إلى القاهرة، لكن عباس لم يتوقف عند هذا الحد إذ أنه أكمل تعليمه بشكل غير رسمي وذلك عن طريق شرائه للكتب وقراءته المستمرة.  

كانت الكتب التي يقرؤها عباس العقاد في طفولته متنوعة وفي مجالات مختلفة، إذ قرأ في الدين، الجغرافيا، التاريخ وغيرهم، كما استطاع تعلم اللغتين الإنجليزية والفرنسية من خلال السيّاح الذين كانوا يأتون إلى أسوان، مما دفعه لعدم الاكتفاء بقراءة الكتب العربية، بل بدأ يقرأ الكتب الأجنبية. 

عندما كبر العقاد وأصبح شاباً 

بدأ يتقدم لوظائف حكومية، ونظراً لعدم امتلاكه شهادات تعليمية عالية جاء تعيينه في مصنع حرير في مدينة دمياط، ثم عمل في سكة الحديد، وعلى الرغم من قلة مدخوله المادي إلا أنه كان ينفق الكثير من المال على الكتب، ثم أتته فرصة للعمل المكتبي في الصعيد، ثم ذهب إلى مدينة الشرقية وعمل فيها بعدة أماكن كعمله في التلغراف ثم في وزارة الأوقاف ثم البريد المصري، كان هذا تزامناً مع بداية كتابته لمقالات تُنشر في الجرائد وهنا أحسَّ أن العمل الحكومي يشكل عائقاً له فقام بتقديم استقالته من البريد المصري.  

اتجه عباس العقاد بعد ذلك إلى |الصحافة| وهو محمّل بقدرٍ عالٍ من |الثقافة| التي اكتسبها ذاتياً من خلال قراءته الكتب، ثم تشارك مع شخص يدعى محمد فريد وجدي في إنشاء صحيفة الدستور التي أتاحت له فرصة للتعرف بشكل أكبر على الزعيم |سعد زغلول| والتأثر بمبادئه وأفكاره والإيمان بها، ومن هنا بدأت تتشكل قناعات عباس العقاد السياسية.

كعادة أي كاتب وأديب دائماً يعبّر عن آرائه السياسية من خلال كتاباته التي ينشرها، فلو نظرت إلى كتابات العقاد آنذاك لوجدتها تدافع بشكل كبير عن الشعب وحقه في الاستقلال والحرية، مما عرّضه لبعض المشاكل مع القصر الملكي ولكنه لم يكن يلقِ لها بالاً فهو يعمل في صحيفته ولديه دخله الكافي، لكن الوضع تغير فجأة عندما أقفلت الصحيفة الخاصة به وعادت أوضاعه إلى الصفر. 

تُرى ماذا سيفعل العقاد بعد ذلك؟

لا شيء يؤذي الروح أكثر من بقائها عالقة في مكان لا تنتمي إليه. - عباس محمود العقاد
لا شيء يؤذي الروح أكثر من بقائها عالقة في مكان لا تنتمي إليه - عباس محمود العقاد

أقفلت صحيفة العقاد

 مما دفعه للانتقال بعد ذلك إلى إعطاء الدروس الخصوصية ليكون مصدر دخل له، وكان يكتب بعض |المقالات| وينشرها في جرائد مختلفة عن طريق معارفه وأصحابه.  

وفي هذا الوقت كانت مقالات العقاد مناهضة للملك والاستعمار البريطاني، فبدأ يُذاع صيته بين الناس وينتشر اسمه ليتم بعد ذلك انتخابه كعضو في مجلس النواب، أثناء كونه عضو في مجلس النواب سنة ١٩٣٠ تم القبض عليه بتهمة إهانة الذات الملكية، وتم الحكم عليه بالسجن تسعة شهور وكان السبب هو التالي: 

كان الملك فؤاد ملك مصر والسودان آنذاك يريد إسقاط مادتين من الدستور المصري هما: الدولة مصدر السلطات والوزارة مسؤولة من البرلمان، وفي نفس اليوم الذي كان يتم فيه النقاش لإسقاط هاتين المادتين في مجلس النواب نهض العقاد من مكانه وهتف قائلاً: "إنَّ الأمة على أتم الاستعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه" ومن هنا توجهت له تهمة إهانة شخص الملك.  

هذه الفترة كانت بداية الحرب العالمية الثانية حيث كانت القوى النازية قد بدأت حكم ألمانيا بقيادة |هتلر|، وفي هذا الوقت كان العقاد قد أتقن اللغتين الألمانية والروسية إضافةً إلى الإنجليزية والفرنسية، ولنذكر هنا لمحة عن وضع الشعب المصري وموقفه من الحرب العالمية الثانية: 

مصر كانت محتلَّة من قبل المملكة المتحدة البريطانية التي كانت مشاركة في الحرب ضد القوى النازية وقوى المحور عموماً، في بداية الحرب كان الشعب يرى أن قوى الألمان وقائدهم تمثل لهم الخلاص من الاحتلال الإنجليزي، فأخذوا يقفون في صف الألمان وراحوا يمجِّدون هتلر بشكل كبير. 

الأديب والشاعر عبَّاس العقَّاد
الأديب والشاعر عبَّاس العقَّاد 

بالعودة إلى العقاد

 سنجد أن نظرته إلى الموضوع كانت مبنية على قدر كبير من |الثقافة والوعي|، ورأى أن خلاصهم من إنجلترا عن طريق ألمانيا ما هو إلا انتقال من احتلال لاحتلال آخر، ومع بداية ظهور ديكتاتورية هتلر كتب العقاد كتاب "هتلر في الميزان" حيث أن هتلر في الأصل كان يكره الكتب والكتَّاب لأنه يرى فيهم المحرّض الأساسي للشعوب، وكان دائماً يعمل على مهاجمة الكاتب وحرق كتبه في حال كانت تحرّض الشعوب ضده، وبالفعل بعد صدور كتاب هتلر في الميزان تم وضع اسم العقاد في قائمة المطلوبين للعقاب كما أُذيع في الإذاعة الألمانية، ثم هرب من مصر إلى السودان وعاد إلى مصر بعد انتهاء الحرب سنة ١٩٤٣ والتي انتهت بخسارة قوى المحور. 

كتب العقاد بعد عودته الكثير من المقالات التي تتحدث عن حق الشعب في تكوين فكره السياسي، وحق كل الناس في ممارسة نشاطاتهم المختلفة حتى الفوضويين والوجوديين منهم، كما دافع عن الإسلام في بعض كتبه مثل كتاب الله وكتاب حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، كما أنه شرح في سلسلته العبقريات عبقرية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وعمر وغيرهم، ثم كتب كتاب هذه الشجرة والذي دافع فيه عن المرأة وحقوقها بطريقة فلسفية عميقة، ثم بدأ دفاعه عن اللغة العربية الفصحى ضد أصحاب اللغة الركيكة بحكم كونه عضو في مجمع اللغة العربية في القاهرة من خلال كتابه اللغة الشاعرة. 

مع جميع الكتابات الأدبية لعباس العقاد إلا أنه بدأ حياته كشاعر وناقد شعري، وسنتحدث في هذا المقال عن هذا الجانب فتابع معنا.  

أسَّس العقاد مع |إبراهيم المزني| و|عبد الرحمن شكري| مدرسة شعرية جديدة اسمها مدرسة الديوان، والتي كانت تنادي بالتجديد والخروج من إطار |الشعر القديم|، وهنا بدأت تظهر معارك العقاد الأدبية والتي كانت مع كل الأدباء تقريباً، كان أولها مع الرافعي وذلك لأن العقاد والرافعي كان بينهم بعض الاختلافات في فكرة الإعجاز العلمي للقرآن واللغة بين الإنسان والحيوان، ثم دخل في معركة مع طه حسين عن فلسفة أبي |العلاء المعري|، ثم دخل في معركة جديدة مع أمير الشعراء وغيرها، وتم جمع كل المعارك التي خاضها العقاد في كتاب اسمه معارك العقاد الأدبية من تأليف عمار العقاد تحدث فيه عن معارك العقاد بالتفصيل. 

كما قلنا كان شعر العقاد مختلفاً عن غيره وسنذكر هنا لمحة عن شعره:  

كان أول ديوان كتبه العقاد هو ديوان |يقظة الصباح| الذي تم إصداره سنة ١٩١٦ ويعتبر هذا الديوان أول ديوان من بين العشر دواوين التي كتبها العقاد، كما كان يكتب أناشيد مثل نشيد مصر الذي كان يذاع في الإذاعة المصرية وكان من ألحان عبد الحميد توفيق زكي. 

لم يخلُ شعر العقاد من بعض المشاكل التي عانى منها بعض الأدباء والتي أثارت جدلاً كبيراً بينهم، حيث كان الخلاف بين فريقين: الفريق الأول بقيادة الدكتور جابر عصفور كان يرى أن الفلسفة الزائدة التي تظهر في شعر العقاد تُفقد الشعر بعض مصداقيته وتُفقد الشاعر حالة الوجدان المفروضة عليه، كما رأوا أن شعره عمل عقلاني بشكل زائد وأن العقل لا يجتمع مع الشعر من وجهة نظرهم وذلك لأنه يقطع التدفق التلقائي للانفعالات، أما الفريق الثاني بقيادة زكي نجيب محفوظ فكان معارضاً للفريق الأول وكان يرى أن فلسفة شعر العقاد منحته طابعاً مميزاً عن غيره من الشعر، كما شبَّه شعر العقاد بالحضارة المصرية القديمة من حيث الإحكام والإتقان.  

بالانتقال من الشعر إلى المؤلفات الأدبية 

سنجد أن الفترة التي ازدهرت فيها مؤلفات العقاد كانت تلك الفترة التي تم فيها تعطيل صحيفة الدستور، فكانت هذه الفترة أكثر فترات حياته إنتاجاً حيث كتب فيها ٧٥ كتاب من أصل ١٠٠ كتاب خلال حياته وأكثر من ١٥ ألف مقال نُشر في المجلات أو الجرائد أو كتب لأدباء آخرين.  

مع تقدم عباس العقاد في السن اقترح عليه أحد أصدقائه والذي كان رئيس تحرير مجلة الهلال أن يكتب سيرته الذاتية، وبالفعل نشر العقاد مقالين في مجلة الهلال تحدث فيهما عن عقديه الرابع والخامس، وأوصى رئيس التحرير أن يقوم بتجميع مذكراته في كتاب واحد وينشره بعد وفاته. 

توفي عباس محمود العقاد يوم ١٢ آذار سنة ١٩٦٢، وبالفعل بعد وفاته تم إصدار كتاب أنا الذي يتحدث عن شخصية عباس العقاد من منظور عباس العقاد. 

وإلى هنا نكون قد وصلنا لنهاية مقالنا عن صاحب العبقريات الشاعر والأديب عباس العقاد بشكل مختصر جداً، شاركونا آراءكم من خلال التعليقات ^-^
بقلمي: آية الحمورة

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.