مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 5/01/2022 10:29:00 ص

تعرَّف على قصَّة مطاعم كنتاكي
 تعرَّف على قصَّة مطاعم كنتاكي 
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر 
 
لو جاء ذكر الدجاج المقلي أو الوجبات السريعة في حديثٍ ما، فمن المؤكَّد أنَّ أول اسمٍ يخطر في البال هو دجاج كنتاكي أو KFC بمعنى kentucKy fried chicken أو أي مسمَّى آخر يدل على هذا المكان؛ أشهر سلسلة مطاعم دجاج مقلي في العالم.  

لمعرفة القصة التاريخية لدجاج كنتاكي، تابعْ معنا هذا المقال.  

في الواقع قصة كنتاكي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالرجل الذي نراه جميعنا في شعار دجاج كنتاكي، اسم هذا الرجل "|هارلاند ساندرز|" المولود سنة ١٩٨٠ ميلادي في |ولاية كنتاكي| في الولايات المتحدة الأمريكية.  

عاش هارلاند ساندرز طفولةً صعبة إذْ تُوفِّي والده وهو في عمر الست سنوات، لتأخذ والدته مسؤولية العمل وتأمين متطلبات البيت على عاتقها، فبدأت تعمل عملين في اليوم بينما يبقى ساندرز في البيت مع أخويه الصغيرين حيث كان هو الأخ الأكبر. 

ولأن والدة ساندرز كانت تنشغل عن البيت طوال النهار علَّمت ساندرز الطبخ لكي يحضِّر الطعام لأخويه الصغيرين، ولكن بعد فترة من الزمن ونتيجةً لصعوبة الحياة وقسوتها قررت والدة ساندرز الزواج، وبالفعل تزوجت من شخص لم تربطه علاقة جيدة مع ساندرز.  

عندما بلغ ساندرز ١٢ عاماً ترك البيت وقرر العمل في مزرعة مجاورة والإقامة فيها، كان يعمل ساندرز في تلك المزرعة مقابل ٤ دولارات فقط في الشهر، بعد ثلاث سنوات أي عندما بلغ ساندرز ١٥ عاماً ترك عمله في المزرعة وقرر أن يبحث عن عمل آخر، فعمل الكثير من الأعمال كعمله في محطة بنزين، ثم في تصليح السيارات وغيرها من الأعمال التي تأتيه فرصة للعمل بها.

استمر ساندرز على تلك الحال هادفاً من ذلك إلى جمعه مبلغاً من المال يسمح له في البدء بعمله الخاص، وبالفعل بعد فترة من الزمن استطاع ساندرز جمع مبلغ من المال يكفيه لفتح مشروعه الخاص، و الذي كان عبارة عن عَرَبَة لبيع الطعام.  

كان يبيع ساندرز في عربته الطعام الذي يجيد طهيه مثل: الدجاج المقلي، السلطات، البطاطا وغيرها من الوجبات البسيطة، ثم تفاجأ بعد فترة وجيزة بأن الناس قد أحبَّت الطعام الذي يحضره كثيراً، وازداد الطلب عليه.  

قام ساندرز بعد ذلك بافتتاح نُزُل في المنطقة التي كان يوجد فيها

 والنُّزُل هو عبارة عن مكان يحتوي على عدد من الغرف مع مطعم في الأسفل واستراحة أو مكان مخصص للعب الأطفال أمامها، سمَّاه مطعم ساندرز حيث كان مكاناً بسيطاً جداً إلا أنه كان مهماً جداً لساندرز.  

انتشر اسم مطعم ساندرز في الولاية كلها، واشتهر الرجل لدرجة أن حاكم الولاية بنفسه كان يحب الدجاج الذي يقدِّمه في مطعمه، ويأتي إليه ليتناوله، وبعد ذلك أطلق الحاكم عليه اسم كولونيل ساندرز. 

تعرَّف على قصَّة مطاعم كنتاكي
 تعرَّف على قصَّة مطاعم كنتاكي
تنسيق الصورة : رزان الحموي 
 
بعد انتشار اسم مطعم ساندرز في الولاية كلها، ونيل مأكولاته إعجاب الناس جميعاً، ووصول شهرته إلى حاكم الولاية ليطلق عليه اسم كولونيل ساندرز، استغلَّ ساندرز تلك الشهرة في إضافة وصفات جديدة للقائمة الخاصة بمطعمه، تطوير تتبيلة الدجاج، ابتكار طرق أسرع في تحضير الدجاج بسبب ازدياد الطلب عليه وغيرها.

ولمعرفة المزيد تابع معنا . 

بعد اشتهار دجاجه قام  ساندرز بجمع مبلغ من المال وافتتح مطعماً جديداً

 والذي يعتبر أول مطعم لدجاج كنتاكي في التاريخ، وكان كل شيء يجري على ما يرام لحين قيام |الحرب العالمية الثانية| وانهيار الاقتصاد الأمريكي، الذي أدَّى لتردي الأوضاع الماديَّة للناس الذين لم يعد بإمكانهم بشراء الدجاج من كنتاكي كل يوم كما كانوا في السابق.  

اضطرَّ ساندرز لإغلاق مطعمه وذلك لأن ميزانيته لم تكن تكفي لتغطية تكاليف العمل، ولكن كما نعلم فالحرب العالمية الثانية لم تدُمْ طويلاً وسرعان ما عاود ساندرز فتح مطعمه.  

ولكن آثار الحرب العالمية كانت سيئة على المجتمع الأمريكي فأوضاع الناس لم تعد كالسابق، فتراكمت الديون على ساندرز حتى أجبرته على بيع مطعمه مقابل ٧٥ ألف دولار، على الرغم من أنه كان قد اشتراه ب ١٦٠ ألف دولار، ولكن لسداد ديونه اضطر لبيعه بأقل من نصف ثمنه. 

بعد ذلك خطرت في بال ساندرز فكرة الفرانشايز

 والتي تم شرحها بالتفصيل في مقالٍ سابق بعنوان: |مطاعم ماكدونالدز منذ البداية|، لكن ساندرز لم يكن يملك تلك الشركة الضخمة التي  لها علامة تجارية خاصة ومعروفة، إذ كان كل ما يملكه هو وصفة دجاج كنتاكي الخاصة به، ففكَّر في استغلال شهرة الدجاج الخاص به من خلال فكرة الفرانشايز، كل ما كان مهماً بالنسبة له هو إضافة دجاج كنتاكي على القوائم الخاصة بالمطاعم الموجودة في الولاية أو في الولايات الأخرى. 

ذهب ساندرز لرجلٍ اسمه  بيت هارمن، وأقنعه بإضافة وجبة دجاج كنتاكي إلى قائمة الطعام الخاصة بمطعمه مقابل نسبة من الأرباح كما هو معروفٌ في الفرانشايز، وبالطبع لم يكتفِ ساندرز بمطعم هارمن فقط، بل قام بالذهاب إلى أكثر من ٥٠٠ مطعم في أمريكا وأقنعهم بإضافة وجبة دجاج كنتاكي لقوائم الأطعمة الخاصة بمطاعمهم. 

كما قام ساندرز باعتماد مظهر خاص به يميِّزه بذاته، بحيث أين ما رأى الناس تلك الصورة يربطونها به وبدجاج كنتاكي، وبالفعل كل هذه الأفكار التي قام بها ساندرز عادت عليه ببعض الأرباح التي كانت تكفيه للعودة إلى الولاية وإعادة فتح مطعمه هناك. 

تعرَّف على قصَّة مطاعم كنتاكي
 تعرَّف على قصَّة مطاعم كنتاكي 
تنسيق الصورة : رزان الحموي 
 
بعد اعتماد ساندرز فكرة الفرانشايز لتخطِّي الأزمة المالية التي كان يمرُّ بها، وإقناعه أصحاب المطاعم المنتشرة في أمريكا بإضافة دجاج كنتاكي لقائمة مأكولاتهم، استطاع تحقيق بعض الأرباح التي سمحت له بالعودة لولايته وإعادة فتح مطعمه هناك.  

لمعرفة باقي تفاصيل القصة تابع معنا. 

على الرغم من أن ساندرز فتح مطعمه من جديد

 لكنه لم يكتفِ بذلك لأن فكرة الفرانشايز كانت تعود عليه بأرباح كبيرة جداً، وتساهم بانتشار اسمه بشكل واسع فقام بتكرار الفكرة مع ٦٠٠ مطعم آخر في أمريكا وكندا. 

 مع وصولنا لسنة ١٩٦٤ ميلادي كان ساندرز قد تقدَّم في السن و أصبح غير قادر على القيام بعمله السابق، فعرض عليه شخصٌ اسمه "جون براون" أن يشتري منه شركته، |شركة دجاج كنتاكي| مقابل مليوني دولار، إضافةً لِ ٤٠ ألف دولار تُدفَع لكولونيل ساندرز سنوياً مقابل أن يبقى هو العلامة التسويقية للشركة بعد بيعها لبراون، طبعاً مع حفاظ ساندرس على بعض الفروع التي كانت موجودة في أمريكا وكندا. 

 كان جون براون اآنذاك في عمر ٢٩ سنة،

 خرّيجٌ من |كلية الحقوق|، ومن الظاهر أنه كان مخطط لامتلاك شركة كنتاكي من قبل، حيث أن براون كان مدير الشركة التي يعمل فيها بيت هارمن الذي ذكرناه سابقاً وقلنا أنه كان صاحب أول فرانشايز لدجاج كنتاكي، وبهذا يكون لدينا إدارة ثلاثية مشتركة لشركة كنتاكي ما بين: جون براون، بيت هارمن وكولونيل ساندرز.  

حيث أن ساندرز كان يمتلك بعض الفروع الموجودة في أمريكا وكندا، إضافةً لكونه المدير التسويقي للشركة، وجون براون هو صاحب ومالك الشركة ولكن نظراً لصغر سنِّه طلب من بيت هارمن أن يكون رئيسها، بينما هو يتدرب تحت إدارته على ريادة وإدارة الأعمال.

بفضل التعاون الذي حصل بين هذا الثلاثي استطاعت شركة كنتاكي التوسع بشكل كبير داخل وخارج الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وصلت شركة كنتاكي بتوسُّعها لدرجة أنها فتحت مطاعم لها في جميع ولايات أمريكا، اليابان، بورتريكو، المكسيك، ووسَّعت عملها في كندا، كما بدأ يوجد لها فروع في دول مثل جامايكا، وبدأت كنتاكي تحصل على ترتيبات عليا بين شركات الوجبات السريعة المشهورة في العالم لتأخذ المركز الخامس حتى أنها تغلبت على شركة مثل ماكدونالدز والتي تحدثنا عنها في مقالٍ سابق بعنوان: مطاعم ماكدونالدز منذ البداية. 

 كانت فكرة الفرانشايز هي أساس رأس المال الذي اعتمدت عليه شركة كنتاكي

 لهذا قامت بتقدبم تسهيلات عدة للراغبين بفتح فرانشايز تابع لها، ففي سنة ١٩٦٧ كانت تكلفة الحصول على موافقة لفتح فرع تابع لشركة كنتاكي هي ٣ آلاف دولار فقط، ثم تحتاج وسطياً إلى ٦٥ ألف دولار لتستطيع فتح مطعمك وفق المعايير الخاصة بالشركة، وهو بالطبع ليس بالمبلغ البسيط عامة لكنه بالمقارنة مع حجم اسم دجاج كنتاكي الكبير والمشهور يكون قليلاً جداً.

تعرَّف على قصَّة مطاعم كنتاكي
 تعرَّف على قصَّة مطاعم كنتاكي
تنسيق الصورة : رزان الحموي 
 
بعد الانتشار الواسع لشركة كنتاكي لا بدَّ من التنويه إلى أن جميع مطاعم كنتاكي كانت ذات طابع رسمي وغير متلائم مع جيل الشباب الجديد، حيث كانت تستهدف مَن هم في جيل ساندرز، لذلك ومن أجل زيادة العملاء الخاصين بالشركة قاموا بإضافة الوجبات السريعة وما يسمى الوجبات الجاهزة (وهي الوجبات التي تشتريها وتأخذها معك إلى البيت) إلى قائمتهم، مما أثَّر بشكل إيجابي جداً على رأس المال المطلوب لفتح فرع للشركة. 

فلو أردتَ فتح فرع تابع لكنتاكي

فلست بحاجة إلى فتح مطعم كبير بتجهيزات ثمينة، يمكنك فتح مطعم صغير تقوم فيه بتحضير الوجبات وبيعها للناس دون الحاجة إلى وجودهم في مطعمك لتناولها، مما جعل الشركة مغرية جداً بالنسبة لأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة الموجودين في أمريكا وفي كل دول العالم. 

 وجدت الأبحاث أن الأشخاص الذين يقومون بفتح فروع لكنتاكي هم إما أشخاص عاديين يقومون بفتح مطعم صغير كباب رزقٍ لهم، أو أشخاص من أصحاب الأموال ورجال الأعمال الذين يجذبون زبائن أكثر إليهم بفتحهم فرع لكنتاكي، ولكن هنا ظهرت مشكلة وهي أن فتح المليونير فرع لكنتاكي قضى على فروع البسطاء، غير أن المليونير والشخص العادي يدفعون نفس المبلغ مقابل فتح فرع تابع لكنتاكي، وهذا ما وجده أصحاب الفروع الصغيرة مجحفاً بحقهم  فبدؤوا ببيعون مطاعمهم ويتنازلون عنها، لتنخفض بعد ذلك أسهم الشركة من ٥٥ دولار ونصف إلى ١٠ دولارات فقط.  

كل هذا حدث في سنة ١٩٧٠

 السنة المحورية بتاريخ الشركة والتي استقال فيها جميع روَّاد الشركة ليبقى براون لوحده في حالة إفلاس كامل، ثم تأتيه الضربة القوية من كولونيل ساندرز، صاحب الشركة الأول ومخترع دجاج كنتاكي يريد التخلي عن الشركة. 

 بعد كل تلك الضربات قرَّر براون أن يبيع الشركة في وقت كان يوجد ٣٤٠٠ مطعم لكنتاكي حيث كان هناك ١٢٣ مطعم تابع للشركة نفسها، والباقي عبارة عن فروع، فتشتري إحدى الشركات كنتاكي بمبلغ ٧٠٠ مليون دولار.  


بعد ذلك بدأت حركة إصلاح الشركة من قبل الإدارة الجديدة لها عن طريق تغيير شكل الفروع لتصبح عصرية أكثر، وإلزام جميع فروع كنتاكي بقائمة الأطعمة القديمة (الدجاج المقلي).

ومع وصولنا للثمانينات توفي كولونيل ساندرز

 وكان لوفاته أثر إيجابي في استعادة الشركة لمكانتها الكبيرة، حيث قامت الإدارة الجديدة بنعي ساندرز على نطاق واسع وتذكير الناس بمَن يكون، وبدجاجه الخاص، وبعد سنة واحدة من نجاح الحملة الإعلامية تأتي شركة أخرى وتشتري الشركة التي كانت قد اشترت شركة كنتاكي بمبلغ ٢.٤ مليار دولار، ثم توسِّع الشركة لتتواجد في ٥٤ دولة بحوالي ٤٥٠٠ متجر. 

التقدم الملحوظ والواضح للشركة وحب الناس لدجاج كنتاكي دفع شركة بيبسي للمشروبات الغازية لشرائها بمبلغ وقدره ٧٠٠ مليون دولار، ونتيجة الخبرة السابقة لبيبسي في مجال الأكل طوَّرت من شكل كنتاكي وأضافت خدمات جديدة عليها مثل خدمة التوصيل (ديليفري) ثم أضافوا السندويش لقائمتهم، فكانت بيبسي هي صاحبة الازدهار الحقيقي لكنتاكي. 

أصبحت الشركة في ذلك الوقت مغرية جداً بالنسبة لعملاق الأكل على مستوى العالم، للشركة التي تمتلك الوجبات السريعة والحلويات وكل الأطباق اللذيذة والمشهورة، شركة يَم Yum، فتشتري كنتاكي من |شركة بيبسي| بشكل كامل ونهائي، ولا تزال إدارة يَم هي التي تدير شركة كنتاكي إلى يومنا الحالي. 

تعتبر كنتاكي حالياً من أكبر مطاعم الوجبات السريعة على مستوى العالم، لديها أكثر من ٢ ألف فرع ومنتشرة في جميع دول العالم تقريباً، وعلى الرغم من كل تلك النجاحات إلا أننا لا ننسى كولونيل ساندرز، الرجل الذي بدأ حياته بعربة أكل ووصل بالشركة لمراحل جيدة جداً، ولا ننسى أيضاً الإدارة الحكيمة للشركة التي استطاعت خلال ٣٠ عام الارتقاء بالشركة من ٢ مليون دولار إلى ٧٠٠ مليون دولار. 

وهكذا عزيزي القارئ نكون قد وصلنا لختام هذا المقال الذي تحدثنا فيه عن تاريخ أشهر سلسلة مطاعم في العالم، أرجو أنه كان مُثرياً لمعلوماتك. 

فضلاً شاركنا آراءك الرَّائعة من خلال التَّعليقات ^-^

آية الحمورة 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.