مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 5/28/2022 09:54:00 ص
مشهد الدماء المرتجفة - شهد بكر
مشهد الدماء المرتجفة - شهد بكر

 في الليلة السابقة ..

كنت أرتعش مع كل |ذكرى| عابرة امتزجت بها دماء طفولية ، دماء حربية ، دماء روحية ..

أحاول إغماض عيون خوفي ، لكن شرارة الهرع تدخل في صراع مرعب معها .. وتنتصر في نهاية المطاف .


وذات نهارٍ صيفيٍّ لاسع ، يحاول ضغط الشمس لتحرق أرضنا مع أيامنا ..

قررتُ وأخيراً الذهاب إلى الموت البطيئ ، أتحدى الزمان والمرض .. وأمضي نحو مخبر الدم ..


دخلته ورائحة المعقمات المرضيّة طغت على رائحة ياسميني .

تقدّمتُ بخطوات مترددة ، خائفة ، مرتعشة .. خطوات جبانة لا تفقه شيء عن بطولاتي وشجاعتي القدريّة .


أخذت فتاة شقراء شرقية  بياناتي الشخصية مع ورقة طلب التحاليل ، نظرت بصدمةٍ غريبة وكأنها ترى هذا النوع من الورق لأول مرة ، عبّرت عن تلك الورقة :

أوهذه كلها تحاليل لك ؟!


ابتسمتُ ابتسامةً باهتة، مرتجفة.. وهززت رأسي دون نطق حرف ألمٍ.

قالت لي بعد تسجيلها بقية البيانات:

تفضلي بالجلوس، بعد قليل دورك.


جلست وأنا أنتظر.. حياتي كلها عبارة عن انتظار..


يالا سخافتي!

لستُ قادرة على تحمّل وغزة إبرة ، ويومياً هنالك مرضى سيطرت على أجسادهم ونفسيتهم أمراض مميتة .


ابتسمتُ باستهزاء، وتذكرتُ أنَّ الذي أوصلني لهذا المكان.. مرضٌ خبيث يقتل رحمي.. يقتل فطرتي.. يقتل أمومتي..


جاء دوري، شعرتُ للحظةٍ أنَّ قدماي ما عادت قادرة على سند وزني الخفيف، ومع ذلك.. تقدمت..


استقبلتني المخبرية بابتسامةٍ مشرقة، سرقتها من شخصيتي الماضية، أخبرتها إني أخاف بل أكره الدم، وأخبرتني كما يفعل الجميع " أغمضي عيناك فقط ".

لكنها لم تكتفي عند هذا الحد فقط، بل بدأت تناقشني عن حياتي العامة.

لكنني سكتُ فجأةً ..

تنفستُ بذبذبات الخوف، وحررتُ شفاهي لتطلق حرية صرختها الصامتة.


تذكرتُ قرة عيني، كيف لها أن تتحمل سكتةً قلبية؟!

وبدأتُ أشاور ذاتي، لو أنَّ وجودها الآن معي كان سيتوقف على قطرات الدم هذه.. دون أي تردد سأعطيها ..


وبينما سرحتُ بعالم الأسئلة، سمعتُ صوت ..

صوت .. صوت ..

لكن ما هو ؟!

من أين يصدر ؟!


دفعني فضولي لكسر حاجزي، فرأيت الدماء تدفق من وريدي إلى الإبرة..

صوت تدفق الدماء!

كلا .. صوت تبعثر الدماء .. على مدى سنوات العمر ..


 نثريات شهد بكر # 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.