مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/27/2022 02:55:00 م

معلومات حول تاريخ مكتبة الإسكندرية
معلومات حول تاريخ مكتبة الإسكندرية   
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر 
 

مفهوم المكتبة ليس بالمفهوم الغريب على البشر

 فمنذ الأزل كان هناك وجودٌ لأماكن تُحفَظ فيها الكتب، ومن الحضارات القديمة التي كانت معروفة بامتلاكها المكتبات حضارة مصر، حضارة بلاد ما وراء النهر، الحضارة السورية، مروراً بحضارة آسيا الوسطى وصولاً لحضارة اليونان، كان الشيء المشترك بين كل تلك المكتبات هو كونها معنيَّة بحفظ الثقافة والتراث الخاصين بالبلد الذي توجد فيه، أمَّا فكرة وجود مكتبة عالمية تضم ثقافة وتاريخ البشر ككل، مكتبة تضم حضارة البشرية كلها لم تكن موجودة آنذاك، فكيف نشأت فكرة مكتبة الإسكندرية؟

لنتابع التفاصيل في هذا المقال.  

كان لدى اليونانيين القدماء رغبةً بمعرفة ثقافات البلدان المختلفة والتعرف على حضاراتهم، فبدأ الكثير من العلماء والمثقفين اليونانيين بالسفر إلى خارج اليونان، كالسفر إلى مصر وسوريا وبلاد ما وراء النهر وغيرها، وأخذوا يتعرفون على طريقة عيش تلك الشعوب وثقافاتهم وعلومهم، وبعد اندماجهم في تلك المجتمعات وحصولهم على المعلومات التي يريدونها كانوا يرجعون إلى اليونان حاملين معهم جميع الخبرات التي اكتسبوها من تلك البلاد. 

في الوقت الذي كان فيه اليونانيون متعطِّشون جداً للعلم والمعرفة

 كان الإسكندر الأكبر على رأس الحكم، وكان لديه خطة توسُّعية بدأت سنة ٣٣٤ قبل الميلاد وانتهت ٣٢٣ قبل الميلاد حيث كانت فترة حكم الإسكندر الأكبر صغيرة جداً، وعلى الرغم من أن أغراض الإسكندر الأكبر كانت زيادة رقعة البلاد الواقعة تحت حكمه إلا أن هدفه لم يكن يقتصر على ذلك وحسب، فكان يريد استكشاف البلاد التي يحكمها وليس احتلالها فقط، فكلما فتح الإسكندر الأكبر  بلداً جديداً طلبَ من الجنرالات والعلماء و|الفلاسفة| استكشاف كل صغيرة وكبيرة في ذلك البلد، مما ساهم بشكلٍ كبيرٍ في زيادة معرفة البشر عن جغرافيا الأرض بشكل عام.  

انتشر بعد ذلك حب العلم والمعرفة وحب العلماء بين الناس وبدأت تزداد المعارف والعلوم التي يمتلكها العلماء، فظهرت مشكلة كيفية  الاحتفاظ بكل تلك المعلومات، ليقع اختيار الإسكندر الأكبر على مدينة موجودة باسمه في مصر وهي |مدينة الإسكندرية| لتبنى فيها مكتبة ضخمة تحفظ كل العلوم والمعارف. 

بعد إصدار الإسكتدر لقرار إنشاء مكتبة في مدينة الإسكندرية تفاجأ الجميع بموته، ليستلم الحكم من بعده بطليموس الأول الذي لم يضرب بقرار الإسكندر عرض الحائط وإنما قال بأنه يجب تنفيذ حلم الإمبراطور الأكبر حتى بعد موته. 

بناء المكتبة

في سنة ٢٩٥ قبل الميلاد قام بطليموس الأول باختيار أحد مستشاريه وهو ديمتريوس وأسند إليه مهمة بناء المكتبة نظراً لثقافته الكبيرة، معلوماته الواسعة عن |الهندسة|، حبه للعلم حماسه الشديد للفكرة، وبالفعل تم بناء أول مكتبة عالمية يعرفها العالم كله في عهد بطليموس الأول في الحي الملكي داخل مدينة الإسكندرية. 

معلومات حول تاريخ مكتبة الإسكندرية
معلومات حول تاريخ مكتبة الإسكندرية   
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر
  

شكل مكتبة الإسكندرية

كثرت الأقوال واختلفت حول التصميم المعماري لمكتبة الإسكندرية، حيث ذهب البعض إلى أنَّها بنيت من قبل الإغريق فكان لها شكلٌ يشبه شكل حضارتهم، بينما ذهب فريقٌ آخر من المؤرخين إلى أنها ذات شكل فرعوني وهذا طبيعي كون المكتبة مبنية في مصر فستتحكم الحضارة الفرعونية المصرية في شكلها، ولكن الرأي الراجح في ذلك هو أن المكتبة كانت تجمع بين الحضارتين اليونانية والفرعونية المصرية.  

محتويات بمكتبة الإسكندرية 

كان الخيار الأول بالنسبة لبطليموس الأول هو جمع العلم الموجود في المكان الذي يعيش فيه أو في الأماكن الواقعة تحت حكمه، وبالفعل بدأ بجمع كل المخطوطات (في أيِّ مجال كانت) الموجودة في اليونان أو في مصر، ووضعها في المكتبة وفق معايير خاصة به وهي جمع المخطوطات الأصلية حصراً وليس المخطوطات المنسوخة، ولم يكتفِ بجمع المخطوطات وحسب إنَّما بدأ يجمع علماء الإغريق ومصر في مكتبة الإسكندرية، ثم يوفِّر لهم مكاناً يقيمون فيه مع أزواجهم وأولادهم، ويؤمِّن لهم الطعام والشراب وكل ما يحتاجونه من حسابه الخاص مقابل أن يتفزَّغوا للإبداع وكتابة العلوم التي يعرفونها على شكل مخطوطات توضع في المكتبة. 

وبذلك اتّسعت نشاطات المكتبة ولم تكن عبارة عن رفوف توضع عليها المخطوطات والكتب فقط، إنما أصبحت مكاناً يوجد فيه العلماء ويدرِّسون فيه الطلاب، وعلى الرغم من كل ذلك التميز إلا أن حكماء الإسكندرية لم يكتفوا بذاك القدر فقد كان طموحهم والذي ورثوه عن الإسكندر الأكبر هو جمع كل نسخ الكتب الموجودة على سطح الأرض ووضعها في المكتبة.  

لحسن الحظ  كانت مدينة الإسكندرية أحد أهم الموانئ الموجودة في |البحر المتوسط| وفي العالم كله فاستغل حكام الإسكندرية كونها أول ميناء مشهور على مستوى العالم ليشترطوا على أي سفينة تقصد ميناءهم أن تُحضِر معها كتابٌ من المكان القادمة منه، وذلك لكي يقوم كتَّاب الإسكندرية بنسخه وأخذ الأصل لهم وإعطاء النسخة لأصحاب الكتاب وقد كانت خطة في منتهي الذكاء، كما قاموا أيضاً باستئجار بعض السفن للتنقل بين دول العالم والبحث عن الكتب، ولم يكتفوا بهذا أيضاً، ماذا بعد؟ 

كانت مصر البلدَ الأول على مستوى العالم في تصدير ورق البردي

 الذي كان يُستخدم في صنع المخطوطات واللفائف التي كان يستخدمها أغلب العلماء في ذلك الوقت ليسطِّروا عليها كتاباتهم وعلومهم لكونها أسهل طرق التدوين آنذاك، وهنا قامت مصر بمنع تصدير |ورق البردي| لخارج البلاد، لكي تجبر أي أحد يريد كتابة علمٍ ما بأن يأتي إلى مصر ويكتب كل ما يريد فيها، كل هذه العوامل جعلت |مكتبة الإسكندرية| تحوي كل المعلومات التي كتبها العلماء والأدباء وغيرهم على وجه الأرض. 

ولم تقتصر مكتبة الإسكندرية على كونها قبلة العلماء من أجل كتابة مخطوطاتهم، إنما أصبحت قبلة لأي باحثٍ يريد البحث في موضوعٍ ما، فمكتبة الإسكندرية آنذاك كانت كغوغل في الوقت الحالي. 

معلومات حول تاريخ مكتبة الإسكندرية
معلومات حول تاريخ مكتبة الإسكندرية   
تنسيق الصورة : ريم أبو فخر
  
وصلنا في حديثنا حول مكتبة الإسكندرية القديمة إلى أنها أصبحت قبلةً للعلماء والباحثين عن أيِّ معلومةٍ كانت، ولمزيدٍ من التفاصيل تابعوا هذا المقال.  

نتيجة العدد الهائل من المخطوطات والكتب التي احتوتها المكتبة، والعلماء الذين يزيد إنتاجهم وإبداعهم يوماً بعد يوم، صارت تظهر مشكلة صعوبة البحث عن المعلومات بالنسبة للباجثين، فماذا كان الحل؟ 

لحسن الحظ كان في المكتبة باحثٌ اسمه كاليماخوس وجد الحل الجذري لتلك المشكلة، وكان عبارةً عن فهرسٍ للمكتبة، وبالفعل قام كاليماخوس بكتابة فهرس للمكتبة والذي كان يتألف من ١٢٠ مجلد، كان لذلك الفهرس فائدة عظيمة ونتيجة واضحة على مستوى إبداع العلماء في الإسكندرية.  

نماذج عن بعض العلماء الذين صنعتهم مكتبة الإسكندرية

١- أراتوستينس: قام هذا العالم بإثبات كروية الأرض وحَسَب نصف قطر الكرة الأرضية ومحيطها بإمكانياتٍ بسيطة ودقة عالية جداً.
٢- هيروم: استطاع صناعة أول محرك بخاري في التاريخ، وذلك قبل حدوث الثورة الصناعية بحوالي ٢٠٠٠ سنة.  

كيف اختفت مكتبة الإسكندرية القديمة؟ 

في سنة ٤٨ قبل الميلاد وفي عهد |يوليوس قيصر| قام قيصر بفرض حصار على مدينة الإسكندرية وأمر بحرق كل السفن الموجودة في مينائها، فاعتقد بعض المؤرخين أن تلك الحرائق امتدَّت حتى وصلت إلى مكتبة الإسكندرية وأحرقتها، ولكن هذه المعلومة خاطئة وذلك لأن الكثير من المؤرخين وصلت إليهم مخطوطاتٍ من مؤرخين كانوا يعيشون في الإسكندرية استطاعوا وصف الحريق الذي أمر به يوليوس قيصر وذلك دليلٌ على أن المؤرخين والعلماء والفلاسفة كانوا يتوافدون على مكتبة الإسكندرية بعد فرض الحصار على المدينة. 

في الحقيقة إن مكتبة الإسكندرية لم تختفِ بلحظةٍ معينة أو في عصر شخصٍ بعينه، ولِفَهم كيف تمَّ انهيارها علينا معرفة التالي: 
 
تم حكم القطر المصري بما فيه مدينة الإسكندرية ومكتبتها من قبل |الدولة اليونانية| ثم الدولة الرومانية ثم المسيحية ثم الإسلامية، ومع كلِّ نظامِ حكمٍ يتوالى على مكتبة الاسكندرية كان الحكام الجدد يرون أن العلم والعلماء الموجودين داخل المكتبة مصدر رعبٍ لهم، فعلى سبيل المثال: الدولة الرومانية كانت ترى أن الكتب اليونانية التي تشرح تاريخ اليونان والفلاسفة اليونانيين هم عبارة عن أكاذيب وكل معتقداتهم ليس لها أي أساس من الصحة، ولذلك قاموا بالتخلص من جميع تلك الكتب، وهكذا وبنفس الطريقة كانت المكتبة تنهار بالتدريج.  

أثبت أغلب المؤرخين أن مكتبة الإسكندرية لم تُهدَم في زمنٍ معين أو في عصر شخصٍ بعين، إنما هدمها كان على التوازي مع هدم العقول والخوف من العلم والمعرفة. 

كان هذا كل شيء نريد قوله عن مكتبة الإسكندرية القديمة، وبهذا نكون قد وصلنا لختام مقالنا، أرجو أنه كان مفيداً بالنسبة لك ومُثرياً لمعلوماتك. 
فضلاً شاركنا آراءك الرَّائعة من خلال التَّعليقات ^-^


آية الحمورة

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.