مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/27/2022 02:51:00 م

هل حظر النفط يعتبر الضربة القاضية لبوتين؟ وهل تتدخل السعودية؟
هل حظر النفط يعتبر الضربة القاضية لبوتين؟ وهل تتدخل السعودية؟ 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 

تحدثنا سابقاً في المقال السابق عن تأثير قرار حظر النفط الروسي على نطاق واسع، وتصريحات أمريكية حول قرار الحظر، وكيف أن أسعار النفط والبنزين ارتفعت بمجرد التصريح عن إمكانية فرض حظر، ودراسة أمريكية فيما يخص هكذا قرار. 

وتوقنا عند سؤالنا لك عزيزي القارئ ....

ما هو سر قوة العقوبات التي فرضت على روسيا منذ بداية الحرب حتى الآن؟ 

سر قوة هذه العقوبات أن عليها إجماع من أمريكا وحلفائها  والذين يسيطرون على أكثر من نصف الاقتصاد العالمي، وبدون هذا الاجماع فإن العقوبات على روسيا لن تكون فعالة، لأن روسيا في تلك الحالة سيكون لديها أكثر من مخرج. 

رأي حلفاء أمريكا بما يخص قرار الحظر 

وحالة هذا الاجماع غير موجودة حالياً بين أمريكا وحلفائها، حول اتخاذ خطوة حظر صادرات النفط الروسي. 

فبعد تصريحات وزير الخارجية الأمريكية بعدة ساعات، خرج المستشار الألماني وصرح بأن أوروبا غير قادرة على الاستغناء عن إمدادات الطاقة الروسية في الوقت الحالي، بسبب عدم وجود بديل. 

وصرح بأنهم عندما قرروا فرض عقوبات على| روسيا |قبل ذلك كان المتفق عليها استثناء قطاع الطاقة الروسي من العقوبات. 

من المتضرر من هذا القرار 

باختصار فإن الأوروبيين هم أكثر المتضررين من محاصرة قطاع الطاقة الروسي، وذلك لأنهم يستوردون أكثر من ٢٥% من احتياجاتهم من النفط من روسيا، في حين أن ٨% فقط من واردات |أمريكا| من النفط تأتي من روسيا، وتعتبر هذه نسبة صغيرة جداً، بإمكان أمريكا شرائها من أي بديل، لكن في أوروبا فالوضع مختلف جداً. 

السبب الذي جعل الغرب قلق من خطوة فرض على النفط الروسي 

هذا السبب مرتبط بسؤال بسيط، من الذي سوف يسد فجوة التي سيتركها خروج النفط الروسي على جانب العرض في السوق؟ 

لو تم تطبيق حظر شامل على روسيا فنحن نتحدث عن خمسة ملايين برميل من النفط الخام سينقصون من المعروض في السوق، وهذا ماعدا المنتجات البترولية.

 وهذه الكميات من أين سيتم تأمينها حتى لا تخرج الأسعار عن المعقول وتفقد أمريكا السيطرة؟ 

البدائل التي يحاول الأمريكان إيجادها

قبل تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بيوم واحد، وتحديداً في ٥ آذار من عام ٢٠٢٢، مجموعة من كبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية، سافروا إلى فنزويلا في زيارة تعتبر الأولى نوعها منذ عدة سنوات. 

وكان الهدف من هذه الزيارة النقاش مع الحكومة الفنزويلية حول إمكانية أن يخففوا عنها العقوبات المفروضة على قطاع النفط الفنزويلي بحيث تصبح قادرة على على ضخ كميات أكبر في السوق. بالإضافة إلى أن كل ماتنتجه فنزويلا هو ٤٠٠ةبرميل نفط يومياً، وصرحت الحكومة الفنزويلية أنه لو تم رفع العقوبات فمن الممكن رفع انتاجها إلى ٦٠٠برميل يومياً، ومن الممكن خلال شهور أن يصل إلى مليون برميل يومياً. 

وفي خلال هذا الوقت سوف يكون بوتين قد سيطر على أوكرانيا، وأكمل طريقه إلى أوروبا. 

هل هناك بدائل أخرى لدى أمريكا؟ 

هل حظر النفط يعتبر الضربة القاضية لبوتين؟ وهل تتدخل السعودية؟
هل حظر النفط يعتبر الضربة القاضية لبوتين؟ وهل تتدخل السعودية؟ 
تصميم الصورة وفاء مؤذن

البدائل التي يحاول الأمريكان إيجادها 

تحدثنا كيف حدثت محاورات أمريكية مع الحكومة الفنزويلية، وكيف أن فنزويلا لم تعتبر البديل الأقوى بالنسبة لأمريكا. 

حيث أن هناك مفاوضات تجري بين أمريكا وإيران حول الاتفاق النووي، فلو تم الاتفاق بينهم بسرعة، فإن إيران قادرة على تزويد إنتاجها حوالي نصف مليون برميل خلال  ستة شهور، حسب مصادر من Goldman Sachs. 

وهنا يخطر في بالك سؤال أين هم كبار السوق؟ 

 تعتبر أمريكا والسعودية أكبر منتجين للنفط في العالم، فلماذا لا يقومون بتزويد إنتاجهم ويأخذوا محل الإنتاج الروسي؟! 

 أولاً بالنسبة لأمريكا وبغض النظر عن رغبات جو بايدن، فشركات النفط الأمريكية ليس لديها استعداد على تزويد إنتاجها حتى برميل واحد، وذلك لسببين: 

أولاً لأن الرئيس الأمريكي قد فرض على أنشطة الحفر والتنقيب في البلد قيود تنظيمية كثيرة، في إطار أجندة المناخ الخاصة به

 والتي يلتزم فيها بمكافحة الوقود الأحفوري. 

ثانياً وهو الأهم فإن من مصلحة  المنتجين الأمريكيين عدم وجود بديل للنفط الروسي لأن ذلك سيرفع الأسعار وسيزود مكاسبهم وسيسمح لهم  بتعويض الخسائر الضخمة التي تعرضوا لها في عام٢٠٢٠.

 وبالتالي يمكننا القول بأن المنتجين الأمريكيين خارج الحسابات. 

أما عن ثاني أكبر منتج في العالم وهو |المملكة العربية السعودية|، هناك ما يسمى في صناعة النفط الطاقة الإنتاجية الفائضة، وهي عبارة عن حجم الإنتاج لدولة معينة، والذي تستطيع أن تزيده على إنتاجها الحالي خلال ثلاثين يوم فقط، وفي نفس الوقت تكون قادرة على الحفاظ على هذه الزيادة لمدة تسعين يوم على الأقل. 

تمتلك السعودية طاقة إنتاجية فائضة، تتراوح ما بين ١،٥ حتى ٢مليون برميل يومياً، هذا حسب بيانات إدارة معلومات   الطاقة الأمريكية. 

ولو تم ضخ هذه الكميات في السوق فسوف تحدث فرقاً واضحاً، فهل ياترى تفكر السعودية في تزويد ضخ إنتاجها؟ 

وليس هناك إشارات على ذلك حتى الآن. 

السعودية وفكرة زيادة الإنتاج

وكل الدلائل تقول أن السعودية لا تفكر في الوقت الراهن بزيادة الإنتاج بمعدلات كبيرة، وليس هناك أدلة على هذا القرار من الاجتماع الأخير لتحالف OPEC+، والذي تتزعمه السعودية وروسيا.

 وبرغم كل| الحرب| التي تحصل في |أوكرانيا |والتي سببت في ارتفاع أسعار النفط، إلا أن التحالف سوف يلتزم بخطته، ولن يزود في إنتاجه في نيسان إلا بما يقارب ٤٠٠ ألف برميل فقط. 

العالم يقف على قدم واحدة، وأسعار البترول وصلت لمستويات تاريخية، وهناك مخاوف من نشوب| حرب عالمية| ثالثة، وأعضاء تحالف OPEC+  لا يحركون ساكن

 لدرجة أن الاجتماع الوزاري بينهم لم يستمر سوى ثلاثة عشر دقيقة، لم يذكر فيهم اسم| روسيا |أو أوكرانيا، وغالباً أن التجاهل مقصود، وكأنه تصريح غير مباشر من قادة التحالف بأنه ليس لديهم أي مشكلة في ارتفاع الأسعار، ولا مع اتزان السوق وهذا التحليل منطقي جداً. 

وحتى الآن ليس هناك بديل للنفط الروسي في السوق وبالرغم من ذلك فإن النفط الروسي يواجه أزمة كبيرة... 

هل حظر النفط يعتبر الضربة القاضية لبوتين؟ وهل تتدخل السعودية؟
هل حظر النفط يعتبر الضربة القاضية لبوتين؟ وهل تتدخل السعودية؟ 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 

 الأزمة التي يمر بها النفط الروسي 

 أغلب الشركات والتجار في أماكن كثيرة في العالم، يتجنبون التعاقد على النفط الروسي، خوفاً من أن تفرض العقوبات على روسيا في أي لحظة، وتكون الشحنة التي دفعوا ثمنها مازالت في البحر،وبسبب ذلك لن يحصلوا على النفط وسيخسرون أموالهم. 

وحسب بيانات شركة (Energy Aspects)، فإن ٧٠% من صادرات النفط الروسية تواجه صعوبة كبيرة جداً في إيجاد مشترين مهتمين بها، أما ٣٠% المتبقية يتم نقلهم عن طريق خطوط الأنابيب لأوروبا، ويواجه بيعهم صعوبات مؤخراً. 

اضطرار روسيا إلى الخصم من سعر النفط 

حيث بدأت الموانئ الأوروبية ترفض استقبال سفن النفط التي ترفع علم روسيا وتحول مسارها، وحتى تتمكن من البيع اضطرت روسيا أن تبيع النفط بخصومات كبيرة. 
وعلى سبيل المثال، في ٤آذار من عام٢٠٢٢،  قامت شركة(shell) بشراء ١٠٠ ألف طن متري من خام الأورال بخصم ضخم جداً. 

فضيحة شركة (shell) والمشكلات التي واجهتها 

 فالشركة التي تعتبر أكبر شركة نفط في أوروبا، دفعت في كل برميل ٢٨،٥ دولار، وهذا أقل من سعر خام برنت، وهذا الحسم لم يحصل من قبل أبداً. 
وكسبت الشركة من هذه الصفقة بحسب تقديرات (FINANCIAL TIMES)، مايقارب العشرين مليون دولار. 

وطبعاً تمكنت الصحافة من الكشف عن هذه الصفقة، وتعرضت شركة(Shell) لفضيحة كبيرة. 

وعن طريق مواقع التواصل الاجتماعي(تويتر)، فضح وزير الخارجية الأوكراني حيث نشر تفاصيل الصفقة، وذلك قبل تصريح الشركة بأنها سوف تتبرع للجمعيات الخيرية التي تحاول أن تخفف من معاناة الشعب الأوكراني. 

مشكلة التي تواجه المصافي الأوروبية 

ولكن لايزال هناك مشكلة تواجه هذه الشركة، وغيرها من الشركات الأخرى العاملة في السوق الأوروبي، وهي أنا المصافي الأوروبية معتادة على خام الأورال الروسي، وهو خام نسبة الكبريت فيه عالية جداً، وبالتالي فيجب عليها شراء الخامات عالية الكبريت أيضاً.  

التوجه نحو نفط السعودية والعراق 

وبناءً على ذلك، فقد لجأ الكثير من المشترين الأوروبيين إلى الخام العربي المتوسط، والذي يعتبر أقرب شبيه للأورال الروسي من حيث المواصفات، وهذا الخام يتم إنتاجه بشكل أساسي في السعودية والعراق. 

وربما خطر في بالكم سؤال مهم، لماذا لم نذكر دور الاحتياطيات الاستراتيجية من النفط الخام الموجودة عند أمريكا وأوروبا؟ 
وهل من الممكن أن يستخدموا هذه الاحتياطات؟ 

بالطبع من الممكن ففي أول شهر آذار من العام الحالي٢٠٢٢، فإن ٣١دولة من الدول الأعضاء بوكالة الطاقة الدولية، أعلنوا أنهم سيقومون بضخ ٦٠مليون برميل من احتياطاتهم الاستراتيجية في السوق. 
وكان تأثير هذا القرار على السوق في تلك اللحظة عادي جداً، لأن ٦٠مليون برميل يغطي الاستهلاك الأمريكي ثلاثة أيام فقط، وربما يستطيعون أن يغطوا مكان النفط الروسي مدة أسبوعين فقط، وبعد مرور أسبوعان سوف تحتاج أن تضخ مرة أخرى. 

وكالعادة هناك سؤال لك عزيزي القارئ 
هل سيتمكن الرئيس الأمريكي من إقناع دول الخليج أن تتخلى عن تحالفها النفطي مع روسيا وترفع إنتاجها بحيث تغطي أي فجوة يخلقها حصار قطاع الطاقة الروسي؟ 
  

تهاني شويكي 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.