مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/26/2022 05:05:00 م

ما الذي تمتلكه الصين ويجعلها قادرةً على تهديد الولايات المتحدة الأمريكية؟
 ما الذي تمتلكه الصين ويجعلها قادرةً على تهديد الولايات المتحدة الأمريكية؟ 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 

كثيراً ما يستخدم الناس عبارة "لا تقل إننا لم نحذرك" كنوعٍ من التهديد أو التحذير، ولكنهم نادراً ما يعنون تنفيذ تهديداتهم 

ولكن عندما تستخدم الدول عبارات التهديد والوعيد، فمن الصعب التكهن بما تقصده تلك الدول من وراء تلك العبارات

فالسياسة بحرٌ واسعٌ جداً، أما الدولة التي يجب الحذر منها إذا استخدمت العبارة سابقة الذكر، فهي الصين، لأنها لا تستخدمها إلا إذا كانت تنوي تنفيذ تهديداتها.

الصين تهدد الولايات المتحدة الأمريكية:

مع بداية الحرب التجارية بين |الصين |والولايات المتحدة، نشرت إحدى الصحف الصينية مقالةً طالبت فيها الولايات المتحدة بعدم التقليل من القدرات الصينية على حماية حقوقها ومصالحها التنموية

 وجاء في نهاية المقال عبارة "لا تقل إننا لم نحذرك"

وقد لفتت هذه العبارة انتباه المحلّلين، فالصين لا تستخدم هذه العبارة إلا إذا أرادت التهديد، وهي عادةً ما تنفّذ تهديدها

 فقد سبق أن استخدمت الصين تلك العبارة مع الهند قبل اندلاع |الحرب| الحدودية بينهما، كما استخدمتها الصين مع فيتنام قبل أن تغزوها سنة 1978

 فعندما تستخدم الصين هذه العبارة، تكون جاهزةً لتنفيذ تهديداتها.

 فما هي الاستعدادات التي أعدتها الصين لمواجهة الولايات المتحدة هذه المرة؟

سلاح الصين الخفي الذي يقلق الأمريكيين:

تمتلك الصين أسلحةً كثيرةً لمواجهة| الولايات المتحدة| تجارياً، كما أن الولايات المتحدة لديها أيضاً ما يكفي لمواجهة الصين

ولكن الصين قد تمتلك سلاحاً فعّالاً سيحدث فرقاً كبيراً في نتائج المواجهة، وهو ببساطة سلاح المعادن النادرة، التي أصبحت عماد الصناعات التكنولوجية الحديثة، والتي تحتكر الصين معظمها

 فما هي هذه المعادن؟ 

ولماذا هي حكرٌ على الصينيين؟

ما هي مجالات استخدامات العناصر النادرة؟

يوجد في الطبيعة سبعة عشر معدناً نادراً، ساهموا في تحسين الكثير من الصناعات الحالية، كما يعدون بإنجاز الكثير من الابتكارات المستقبلية المذهلة

 خاصةً في عالم التقنيات الدقيقة مثل صناعة الهواتف الذكية والمدخرات والسيارات الكهربائية وحتى في مجال الصناعات العسكرية كالصواريخ والطائرات الحربية

 وبما أن الصين تحتكر أكثر من 90% من هذه العناصر فمن حقها ان تهدد العالم بها.

المعادن النادرة تهدد الصناعات النفطية:

تكمن خطورة| المعادن النادرة| في أنها قد تقضي تماماً على الصناعات النفطية، وعند النظر إلى أسعارها، نجدها تتصاعد باستمرار، ومن المتوقع مثلاً أن يرتفع سعر "النيودينيوم" إلى ثلاثة أضعافه في السنوات القليلة القادمة

 فمع ميول العالم نحو التخلي عن الطاقة الأحفورية والتوجّه نحو الطاقات النظيفة، سيجد نفسه مضطراً لاستخدام المعادن النادرة، وبخاصةٍ معدني "النيودينيوم" و"البراسيوديميوم" اللذين يستخدمان لصناعة المغانط القوية جداً

 ومن المعروف بأن المغانط ضروريةٌ لصناعة التوربينات المولّدة للتيار الكهربائي، والمحركات.

توقعات مستقبلية مقلقة:

من المتوقع أن يصل حجم عائدات صناعات السيارات الكهربائية في السنوات القادمة إلى أكثر من تريليون دولار، كما يمكن أن يصل حجم استخدام الرياح لتوليد الكهرباء إلى مئةٍ وسبعةٍ وعشرين مليار دولار

ومن المتوقع أيضاً أن يصل حجم الصناعات القائمة على الطاقات البديلة في سنة 2030 إلى أكثر من تريلوني دولار، وكل ذلك قائمٌ على المعادن النادرة التي تحتكر الصين معظمها.

ما الذي تمتلكه الصين ويجعلها قادرةً على تهديد الولايات المتحدة الأمريكية؟
 ما الذي تمتلكه الصين ويجعلها قادرةً على تهديد الولايات المتحدة الأمريكية؟ 
تصميم الصورة وفاء مؤذن 

العالم يعلن الحرب على الطاقة الأحفورية انتصاراً للبيئة:

في عام 2015، خرج العالم بمعاهدةٍ للحد من استخدام الطاقات الأحفورية، واستبدالها بالطاقات النظيفة، لمحاربة التغيّر المناخي للأرض، والحد من ظاهرة| الارتفاع الحراري|، وكانت الصين من أولى الدول الداعمة لهذه الاتفاقية، رغم أنها تضر كثيراً بمصالحها
 فهي من أكبر المستهلكين للنفط في العالم، ولكنها تدرك بأن الطاقات البديلة ستقوم على المعادن النادرة التي تمتلك معظم مصادرها.

الزعيم القوي يقرأ المستقبل ويعمل لبنائه:

قال الرئيس الصيني السابق "دينج شياو بينج" سنة 1978 ما معناه: "إذا كان الشرق الأوسط يمتلك النفط، فإن الصين تمتلك العناصر النادرة"
 ويعتبر "بينج" زعيم النهضة الصينية الحديثة، عبر الخطط الاقتصادية الكثيرة التي وضعها لإقامة| الاقتصاد |الصيني الذي نراه اليوم، ولعل هذا ما يجب أن يستمتع به زعيم أية أمةٍ تتطلع إلى بناء مستقبلها.

احتياطي العالم من المعادن النادرة بالأرقام:

تمتلك الصين حوالي 37% من احتياطي العالم من العناصر النادرة، كما تمتلك الولايات المتحدة 13% منه، أما استراليا فتمتلك 6%، أما باقي الاحتياطي العالمي فهو موزعٌ على معظم دول العالم
 ولكن ما يميّز تلك الدّول الثلاثة عن غيرها، هو أن استخراج العناصر النادرة فيها أسهل من غيرها بكثير وأقل تكلفة، خاصةً وأنها تتواجد في أراضيها بتراكيز عالية.

ميّزاتٌ خاصةٌ لا يمتلكها غير الصينيين:

تمتلك الصين إلى جانب الاحتياطي الكبير من العناصر النادرة، على التقنية اللازمة لاستخراجها ومعالجتها، ولذلك فهي تحتكر 90% من الصناعات القائمة على تلك العناصر، وليس هذا فقط، فقد نجحت الصين باستقطاب الكثير من الشركات العالمية التي تنقّب عن المواد الخام
 ثم تستخرجها وتجلبها إلى الصين، لاستخراج المعادن النادرة منها
 ومن هنا يمكن رؤية القوة الحقيقة التي تمتلكها الصين وتلوّح بها عند تهديدها للأمريكيين.

العناصر النادرة والولايات المتحدة الأمريكية:

كان انتاج العناصر النادرة والصناعات القائمة عليها، محصوراً بالولايات المتحدة الأمريكية منذ ثلاثينيات القرن الماضي حتى تسعينياته، ولكن الصين استطاعت أن تسحب سوق العناصر النادرة منها بلعبةٍ ذكية
 ولكن تلك قصةٌ أخرى سنعرضها في مقالةٍ أخرى فتابعونا، وإلى ذلك الحين، يمكن متابعة آثار التهديدات الصينية من خلال أسعار النفط والذهب و|العملات |في السوق الأمريكية.

إلى أين ستصل الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وهل ستنعكس سلباً أم إيجاباً على الاقتصاد العالمي، هذا ما ستبديه لنا السنوات القادمة، ولكي نبقى على معرفةٍ أوسع وأشمل، نتوقع من القارئين نشر مقالاتنا.

سليمان أبو طافش 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.