مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/31/2022 04:27:00 م

من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟
 من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟  
تصميم الصورة : وفاء المؤذن
  
نسمع الكثير عن الفايكنغ و جرائمهم التي تجاوزت فظاعة المغول. 

و نراهم في الأفلام الأجنبية على أنهم قبيلة من الوحوش يرتدون فرو الدببة ، و يهزمون أي جيش يقف أمامهم

سنتحدث عنهم بكل حيادية لكي نفهم حكايتهم . يجب أن نعرف أن مصطلح"  فايكنج " كان يتم إطلاقه على القبائل الجرمانية التي سكنت المناطق الاسكندنافية ، و هي كلمة باللغة النوردية القديمة معناها " الجماعات التي تعيش في مناطق الخلجان " ، و تحديداً خلجان الجزر المنتشرة في شمال غرب أوروبا.

و حسب ما تم ذكره من قبل المؤرخين من |حقبة الفايكنج| ، فهم كانوا جماعات تعبد آلهة وثنية مثل " أودين ' إله الحرب و " سور " إله الرعد و " قندر " إله الضوء .

وكانوا مؤمنين بالبعث مثل القبائل الألمانية في هذا الوقت ، و أنهم سوف يخلدون في جنة فالهالا مع هذه الآلهة .

وفي مطلع القرن الثامن الميلادي ، بدأوا يتوافدون على المناطق الجنوبية من |قارة أوروبا| ، لكي يتاجرون مع جيرانهم الذين يعملون في الزراعة ، و هذا لأنها كانت هذه حرفتهم ، نظراً إلى أنهم عاشوا في مناطق ساحلية .

و في هذا الوقت بدأوا ينظمون أنفسهم بشكل جيد ، و اندمجت زعماء القبائل مع بعض ، لكي يحاولوا أن يغزوا المجتمعات الزراعية الموجودة حولهم .

* الغارات التي شنوها الفايكنغ 

في سنة ٧٩٣ م شنوا أول غارة على |الجزر البريطانية| ، و بعدها هجموا على مناطق فرنسية تابعة للامبراطورية الكارولينجية. 

لكن رغم قوتهم الجسدية و عقيدتهم القتالية التي اشتهرت بالشجاعة والوحشية ، إلا أن عددهم كان قليل نسبياً مقارنة بجيوش هذه الأماكن  و بالتالي كانت غزواتهم أقرب إلى الكر و الفر.

أي يهجمون على الأراضي لكي ينهبوا خيراتها بسرعة خلال أيام قليلة ، و بعد ذلك يرحلون قبل أن تستعد لهم جيوش هذه الأماكن . 

و هنا لجأ الفايكنج إلى حيلة ذكية ، و هي أن يضموا قبائل بدائية معروفين باسم " البرسركيين "  لقواتهم .

 وكلمة |برسرك| معناها الهائج أو الغاضب ، و بدؤوا الفايكنغ يستخدمونهم في الغارات على الدول المجاورة ، و هذه القبائل هي التي جعلت العالم كله يخاف من مواجهة الفايكنج ، حيث كانوا قبائل بربرية تلبس جلود و فرو الدبب على أجسادهم ، بعد أن يصارعوها و يقتلونها بأيديهم العارية، و قوتهم كانت تفوق أي إنسان في العالم ، و هذا لأنهم كانوا يحاربون بغضب شديد لا أحد يعرف سببه حتى الآن .

من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟
 من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟  
تصميم الصورة : وفاء المؤذن 
 
تحدثنا عن انضمام البرسركيين لقبائل الفايكنغ 

قبائل البرسركيين كانوا هم نخبة محاربين الفايكنج ، و الشخص الواحد منهم كان يستطيع أن يتصدى لعشر رجال أقوياء في وقت واحد ، و الغريب أنهم أثناء الحرب كانوا يتعرضوا لجروح و طعنات قاتلة ، و مع ذلك كانوا يستمرون في القتال كأنهم لا يشعرون بالإصابة.

و الذي جعل العالم يهابهم أكثر و يعتقد أنهم ليسوا بشر بل حيوانات مفترسة ، هو مظهرهم و سلوكياتهم أثناء القتال ، حيث كان المحارب منهم يعوي و يزأر أثناء المعركة ، و بعد انتهائها بصوت معذب مخيف ، و كأن سرب من |الذئاب| أو الأسود هجمت على هذا المكان ، و كانوا يحاربون بهمجية و وحشية فظيعة ، لدرجة أنهم كانوا ينهشون أحياناً لحم الجندي الذي أمامهم .

وفي هذا الوقت أصبحوا الفايكنج قوة لا يستهان بها ، و اسمهم كان معروف عالمياً على أنهم جماعة من الوحوش غير الآدميين نهائياً .

وكان الخبر بأنهم متواجدون في منطقة ، يكون معناه إبادة سكان هذه المنطقة ، و هذا لأنهم استعمروا أجزاء كبيرة من إنجلترا و فرنسا و روسيا و إيرلندا ، بالإضافة لخضوع جميع |الدول الاسكندنافية| لقيادتهم مثل السويد و الدنمارك و النرويج و فنلندا .

ما هو سبب قتالهم الوحشي  من وجهة نظر المفسرين و العلماء ؟ 

و الحقيقة أن العلماء حتى الآن لا يعرفون سر غضب البرسركيين أثناء القتال ، و هناك انقسام في الآراء بينهم ، و هذا لأن عدد كبير من العلماء رأى أنهم كانوا يتعاطون أعشاب مخدرة مثل فطر عيش الغراب الزبابي ، و هذه الأعشاب هي التي تفقدهم القدرة على الإحساس و الشعور بالألم أو التعب ، و الدليل على ذلك أن جميع المصادر تقول بأنهم كانوا يغرقون في فترات نوم طويلة و عميقة بعد المعركة و كانت تمتد أحياناً لأيام .

من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟
 من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟  
تصميم الصورة : وفاء المؤذن  
لكن عدد أكبر من العلماء يرفض هذه النظرية  تماماً ، و هذا لأنه من المستحيل لإنسان أن يقاتل بهذا التركيز و الاحترافية التي كانوا عليها و هو متعاطي لأعشاب مخدرة ، بالإضافة إلى أنه لا يوجد مخدر يسبب الغضب و الثورة مثل الحالة التي يكونون عليها أثناء القتال.

أما الجانب الآخر من الباحثين يعتقدون أنهم جماعة بربرية مجنونة ، كانوا مصابين بأمراض عقلية وراثية،  و هي التي تجعلهم يشعرون بالغضب بشكل تلقائي و غير مبرر مع بداية المعركة. 

لقد زودوا أسطولهم البحري الذي تعمدوا إظهاره بشكل مخيف ، فكانوا يضعون على سفنهم الضخمة تمثال لمخلوق أشبه بالأفعى. 

وبمجرد أن يلمحوا مراقبين الأبراج الأسطول يقترب من السواحل ، كانوا يهربون بسرعة مع سكان المدينة قبل أن تصل السفن .

و الذين يظلون واقفين أمامهم و مهما  كانت قوتهم وعددهم ، فكان محاربين الفايكنغ يقتلونهم في وقت قصير جداً ، و تتحول المعركة إلى سيرة مرعبة يرددها سكان المدن المجاورة.

* محاربة الفايكنغ للمسلمين و من الذي انتصر بالنهاية 

و ظل هذا لغاية ٢٥ سبتمبر سنة ٨٤٤  ميلادياً ، حيث كانت جيوش الفايكنج في عز قوتها وجبروتها ، لدرجة أن هذه الحقبة من التاريخ يطلق عليها عصر الفايكنج ، فقرروا أن يحاربوا إسبانيا التي كانت تابعة في هذا الوقت للحكم الأموي للمسلمين.

و بالفعل دخلوا بسفنهم الضخمة سواحل |مدينة الأندلس| ، و غزوا الأراضي الاشبيلية في ٣ أكتوبر. 

وفي هذا الوقت تحديداً كانت الأندلس تمر بمرحلة شديدة الاضطراب ، و هذا لان العباسيين عندما أخذوا الحكم من الأمويين ، رفض المسلمين في الأندلس الاعتراف بالخلافة العباسية ، و أعلنوها دولة مستقلة عاصمتها قرطبة ، فاستطاع الفايكنج أن يدخلوا الأراضي بكل سهولة ، و ينهبوا خيراتها و يستعمروها أيضاً.

 لكن عندما سمع الأمير عبد الرحمن الأوسط حاكم الأندلس خبر سقوط اشبيلية على يد قوات الفايكنج ، أمر بتجهيز جيش كبير بقيادة عيسى ابن شهيد و أرسل إلى عمال المدن المجاورة لكي يحثهم على الجهاد مع قائد الجيش

من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟
 من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟  
تصميم الصورة : وفاء المؤذن  
 أمر حاكم الأندلس بتجهيز جيش ، و انضم القائد موسى ابن موسى بقواته إلى صفوف المسلمين رغم عداؤه الشديد لحاكم الأندلس ، فاجتمعت القوات كلها في قرطبة عند أحد التلال القريبة من اشبيليا ، و مع بداية شهر نوفمبر هجم جيش المسلمين على الفايكنج بطريقة مرعبة ، و استطاعوا أن يقتلوا أكثر من ١٥٠٠  محارب. 

وكان منهم عدد كبير من البرسركيين ، و تم تدمير أسطولهم بالكامل ، و استولوا على أكثر من ٣٠ سفينة ضخمة تخصهم ، و حسب شهادات جميع المؤرخين العرب مثل ابن قوطية و ابن عزاري المراكشي و النويري ، و المؤرخين الاسبانيين في |معركة طليطلة| التي حدثت في ١١  نوفمبر سنة ٨٤٤ م ، حيث أذلت قوات الفايكنغ و تم القضاء على أسطورتهم التي أرعبت العالم لسنين طويلة. لدرجة أن زعيمهم هاستيم و الملك يان ايرون سايد توسلوا إلى الأمير عبد الرحمن الأوسط حاكم الاندلس ، لكي يسمح لهم بالعودة و الخروج من إشبيليا بسلام ، مقابل أن يسلموا كل الغنائم التي حصلوا عليها. 

لكن الأمير اعتبرهم قبائل مجوسية لا يجوز التفاوض معهم ، و أمر الجيش بأن يستمروا في قتالهم لغاية أن تتم إبادتهم بالكامل ، و ظلت سفن المسلمين تلاحق سفن الفايكنج إلى أن غادروا شبه الجزيرة الايبيرية للأبد ، و أصبح علم أو راية المسلمين بمثابة نظير شؤم على أي محارب من قوات الفايكنغ ، بعد أن عادوا إلى أراضيهم خاسرين .

 أمر الحاكم عبد الرحمن الأوسط بتجهيز الدروع و تحصين مدينة إشبيليا ، لكي تعود أقوى من السابق ، و بدأت تظهر الحركات التفسيرية في المدن الأوروبية ، و استطاعت أن تجذب عدد كبير من الفايكنغ لكي تدعوهم إلى اعتناق المسيحية ، و بدأ عصرهم ينتهي بهزيمتهم في معركة جسر ستانفورد ، التي كانت ضد الملك هاروس جارد وينسون حاكم انجلترا سنة ١٠٦٦ م  

و توالت هزائمهم من فرنسا و إنجلترا و إيرلندا. لغاية أن اصبحت الديانة المسيحية هي العقيدة الرسمية للدولة الاسكندنافية في أواخر القرن الحادي عشر.

شاركونا آرائكم بالتعليقات

رهف ناولو

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.