مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 3/26/2022 02:20:00 م

عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها
 عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها
تصميم الصورة : وفاء المؤذن
   
وكما ذكرنا في الجزء السابق كيف أن المحقق الذي عينته زوجة جريغ انتقل إلى مدينة بومونت، والتقى بالمحقق أبل الذي كان مسؤولاً عن هذه القضية، وكان هناك بينهما تفاهم لدرجة كبيرة. 

 وكان المحقق أبل متعاوناً لأقصى درجة ومرحب بأي مساعدة يقدمها المحقق كين في القضية، وخصوصاً أنه كان يشعر بأن لغز الفضية صعب جداً، وكأنه وصل إلى نهاية مسدودة. فقدم كل للمحقق كين، ما لديه من مستندات وملفات ومن بينهم تقرير الطبيب الشرعي ، وذهبوا معاً إلى الغرفة رقم ٣٤٨. 

محاولة المحقق كين البدء من غرفة الفندق

بدأ المحقق كين بفحص غرفة الفندق بدقة، وقام بربط الأحداث برأسه وتخيلها، وبعد مرور بعض الوقت من الفحص والبحث والتدقيق في أرجاء الغرفة، اتصل المحقق كين بزوجة الضحية، وسألها سؤال غريب ولم يكن متوقع أبداً!! 

فسألها هل كان زوجك عادةً يدخن باليد اليسرى؟ 

وكانت إجابتها لا بل هو يدخن دائماً بيده اليمنى. 

 وعاد للتفكير بالقضية، في تلك الأثناء أخبره المحقق أبل بأنه لاحظ هذا الأمر عند التحقيق بالقضية لكنه لم يشعر بأنه أمر مهم للتوقف عنده، فأخبره المحقق كين بأنها بالفعل معلومة غير مهمة ولكنها ساعدته على تكوين صورة أوضح لما حدث في تلك الليلة، وبأن تسلسل الأحداث أصبح واضحاً في عقله تماماً. 

تخمينات المحقق كين حول تسلسل الأحداث 

أخبر كين المحقق أبل أنه من الممكن أن تكون أحداث الجريمة قد بدأت عند الساعة الثامنة والنصف مساءً، منذ أن حاول جريغ صنع الفوشار في جهاز التسخين وانقطع التيار الكهربائي، ومن المعلومات التي حصلنا عليها من زوجته أنه يحب الجو البارد، ودائماً ما يترك جهاز التكييف على أبرد درجة ممكنة. ومع كل هذا فإن الواضح من خلال التقرير أن الغرفة كانت حارة جداً، وجهاز التكييف لا يعمل. 

وهذا يدل على أن جريغ توفي بعد انقطاع الكهرباء بفترة قصيرة، لأن |جهاز التكييف| لا يعمل تلقائياً بعد عودة التيار الكهربائي. ومن الطبيعي أن درجة حرارة الغرفة سترتفع بعد مرور حوالي نصف ساعة على عودة الكهرباء، ولو أن جريغ في ذلك الوقت كان على قيد الحياة من المؤكد أنه سيقوم بتشغيل جهاز التكييف. 

ومهما كان ماحصل له فقد حاول أن ينهض من سريره لطلب المساعدة، وفي تلك الأثناء غير مكان السيجارة ووضعها في اليد اليسرى، ليتمكن من فتح مقبض الباب.   

 ولكن قبل وصوله للباب سقط من شدة الألم على ركبتيه، ولم يتمالك نفسه فسقط على وجهه وفارق الحياة. 

رد عليه المحقق أبل، بأن هذا التحليل يعتبر منطقي جداً، ولكن رغم تسلسل الأحداث إلا أنه حتى الآن لم يتبين لنا ماذا حدث معه بالفعل، ومانوع الأذى الذي تعرض له. 

وأكمل المحقق كين حديثه، وقال له هل لاحظت الأثر الموجود على الجدار بجانب الباب!! 

هل هذا الأثر سيكون طرف الخيط الذي سيدلهم على كيفية وفاة جريغ 

عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها
 عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها
تصميم الصورة : وفاء المؤذن 
 
 وعندما سأل المحقق أبل عنه أخبره بأنه أثر مقبض الباب عندما يلامس الجدار عند فتح الباب، اتجه المحقق كين نحو الباب وفتحه حتى التصق بالجدار، ولكن الأثر كان على يمين الباب وليس على يساره، وهذا يعني بأن الأثر لم يكن لمقبض الباب! 

ذكاء المحقق كين في بحثه في أرجاء الغرفة 

 أحضر المحقق كين قلم صغير وحاول أن يدخله في الفتحة الصغيرة الموجودة في الجدار، وبالفعل بدأ القلم يدخل في الجدار بكل سهولة، وهذا يعني بأنه لم يكن مجرد أثر سطحي بل حفرة داخل الجدار.

 وفي تلك الأثناء كان المحقق أبل يحدق بدهشة بالفتحة الموجودة بالجدار، وكيف أنه لم يلاحظ وجودها طول فترة التحقيق. 

واقترح على المحقق كين الذهاب للغرفة المجاورة، لنتأكد إذا كانت الفتحة تصل للطرف الثاني من الجدار، وبالفعل طلبوا من موظفين الفندق فتح الغرفة المجاورة قم٣٤٩،  ولم يكن هناك ما يدل على أن الحفرة تمتد لجدار هذه الغرفة. 

ولكن المحقق كين لا يكتفي بما تراه عينه، واقترب من الجدار وحاول  مسح المنطقة التي قد خمن أنها مقابل للفتحة في الطرف الآخر، وبالفعل بدأت مادة بيضاء بالتفتت من على الجدار، وكان من الواضح أنها استخدمت لتغطي الفتحة من هذه الجهة. 

 كان الدهشة تزداد على ملامح وجه المحقق أبل، من اكتشافات المحقق كين ومهارته في اكتشاف الأمور، والتحقيق بمهارة وذكاء. وكان يعلم بينه وبين نفسه بأن هذا الوقت ليس وقت الغيرة المهنية لذلك كان متعاون مع المحقق كين لأبعد الحدود. 

وبدأ المحقق كين بالسؤال عن الأشخاص الذين كانوا متواجدين في الغرفة في ليلة الحادثة، وأخبره المحقق أبل أن ثلاثة رجال كانوا يقيمون فيها، وهم عمال كهرباء يعملون في إحدى شركات النفط القريبة من الفندق. 

وأخبره بأنه قام باستجوابهم في ليلة الحادثة، وكانت إفادتهم أنهم لم يروا شيئاً غريباً. وهنا قرر المحقق كين أن يستجوبهم مرةً أخرى، ولكن قبل ذلك يجب أن يتأكد من شيء واحد، فطلب إحضار جهاز ليزر ضوئي ليتمكن من تأكيد ما يدور في عقله، وقام بتنظيف الفتحة من كل البقايا العالقة داخلها، وقام بتوجيه ضوء الليزر من خلالها، وكانت المفاجأة أن ضوء الليزر يصل للسرير مباشرةً، في نفس المكان الذي كان جريغ مستلقي فيه ويشاهد التلفاز في تلك الليلة. 

وهنا بدأت جميع الخيوط مترابطة مع بعضها في عقل المحقق كين، حيث راجع في ذهنه تقرير الطبيب الشرعي والصور التي شاهدها، والأثر الصغير الموجود في المنطقة الحساسة للضحية على جانب الفخذ الأيسر، والضرر الذي كان ممتد من المنطقة الحساسة إلى منطقة الصدر و|القلب|. 

وهنا لم يكن هناك أي شك عند المحقق كين وأبل بأن جريغ توفي بشكل طبيعي، بل قتل عن طريق رصاصة. 

ولكن كيف حلل المحقق كين دخول الرصاصة إلى جسده؟ 

عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها
 عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها
تصميم الصورة : وفاء المؤذن
   
استنتج المحقق كين بأن جريغ كان قد قتل عن طريق رصاصة، تم تصويبها نحوه من خلال فتحة في جدار الغرفة المجاورة لغرفته. 

كيف حلل المحقق كين طريقة دخول الرصاصة لجسد الضحية؟ 

دخلت هذه الرصاصة من منطقته الحساسة على الجانب الأيسر الداخلي من فخده، ووصلت إلى قلبه وبطريقة ما، كان أثر هذه الرصاصة الخارجي صغير جداً، بسبب دخولها من هذه المنطقة وبسبب الوضعية التي كان جريغ مستلقي فيها. 

ومن المؤكد أن الطبيب الشرعي قد غفل بطريقة أو أخرى عن ملاحظة هذه الرصاصة، وأحد الأسباب عدم وجود جرح خارجي ظاهر على جسد الضحية، أو لأن أعضاء جريغ الداخلية كانت متضررة بشكل كبير. 

 ولكن المشكلة الكبرى التي وقعوا فيها الآن، هي أن جثة جريغ تم احراقها، وحتى لو كان هناك رصاصة في جسده فمن المؤكد أنها ذابت بسبب تعرضها للحرارة، وتلاشت كما تلاشت بقايا جسد جريغ، فكان من المستحيل إيجاد أي أثر لها. 

النقاش الذي دار بين المحقق كين والطبيب الشرعي

وعندما حاول المحقق الوصول للطبيب الشرعي، وقام بعرض نتائج البحث والأدلة عليه، كانت ردة فعل الطبيب في البداية أنه من المستحيل أن يغفل عن وجود رصاصة داخل الجثة، وأكد لهم أنه قام بفحص الجثة بشكل ممتاز. وهدأ المحقق كين من روعه، وطلب منه أن يراجع الأدلة التي استطاعوا اكتشافها وأن يفكر في الأمر أكثر. 

بدأ الطبيب بتحليل التفاصيل في رأسه، وأخبرهم بأن هذا التحليل منطقي، وهو أن الرصاصة دخلت من المنطقة الحساسة ووصلت لقلب الضحية، وخاصة من خلال الوضعية التي تصورتم أنه كان مستلقي فيها على السرير.

 وعلى الأقل لم يكن الطبيب متزمت ومعتد برأيه بل اعترف أنه ربما أغفل وجود الرصاصة عن غير قصد، وخصوصاً بسبب الضرر الكبير في أعضاء جسد الضحية. 

التحقيق واستخدام بعض الحيل الذكية. 

وكان المحقق كين على ثقة تامة بوجود رصاصة، ومتأكد بأن الفاعل كان أحد الأشخاص المتواجدين في الغرفة المجاورة، وفي هذا الوقت جاء وقت التحقيق والخدع الذكية. 

 طلب المحقق كين من موظفين الفندق  أسماء الأشخاص الثلاثة الذين كانوا في الغرفة المجاورة لغرفة الضحية، وعلى الفور تمكن من الحصول عليهم وهم (تيم ستينمتز، لانس ميولر، ترينت بيسانو)، قرر المحقق كين والمحقق أبل استجوابهم مرة ثانية، ولكن هذه المرة كل شخص على انفراد. 

وتم الاتصال بأحدهم وهو تيم ستينمتز وأخبروه بأن هذا إجراء روتيني باستعادة أقوال الشهود الذين كانوا متواجدين في ليلة الحادثة، مجرد إجراء اعتيادي لأخذ الأقوال النهائية فقط. 

وبالفعل جاء تيم لمركز الشرطة وجلس في غرفة التحقيق بحضور كاتب محلف من المحكمة من أجل توثيق أقواله، وطلب منه المحققين إعادة سرد الأحداث التي حدثت من وجهة نظره، أخبرهم بنفس الكلام وبقي مصراً على أقواله، ولم يحدث شيء غريب تلك الليلة سوى حادثة انقطاع التيار الكهربائي. 

فهل سيقتنع بأخبارهم بالحقيقة أم سيبقى مصراً على رأيه. 

عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها
 عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها
تصميم الصورة : وفاء المؤذن 
 
  تيم كان مصراً على أقواله، وهنا سأله المحقق إذا كانت هذه هي أقوالك النهائية، فإن الكاتب المحلف قد كتبها ونريد منك أن توقع عليها تأكيداً عليها، وإضافة إلى ذلك أن تقوم بإدلاء قسم بأنك أخبرتنا بالحقيقة كاملة في هذه الإفادة بدون نقص. 

 طريقة الإيقاع بالفاعل. 

وبعد ذلك اعتقد تيم بأن كل الأمور سارت على ما يرام، وطلب منهم السماح له بالمغادرة، لكن المحقق كين أخبره بأنه قد ورط نفسه بتوقيعه على هذه الورقة، فقد قدم تقريراً كاذباً إلى الشرطة، حيث أن مضمون إفادته كاذب وهذا سيؤدي إلى دخوله السجن. 

 في تلك الأثناء دخل المحقق أبل، وأخبر تيم بأنه يقدر ويحترم غايته النبيلة في حماية أصدقائه، لكنهم على علم بكل ماحدث وكيف تمت جريمة القتل، وأنه في هذه اللحظة على وشك أن يوقع نفسه وعائلته في مصيبة وورطة كبيرة جداً، وأن الأمر لا يستحق كل هذا. 

في الواقع لم يكن لدى المحققين أي دليل ملموس على جريمة القتل، وخصوصاً أن الرصاصة اختفت، ولكن الطريقة التي التف فيها المحقق كين حول المشتبه به لإجباره على الاعتراف وتقديم التفاصيل لهم، كانت حركة مراوغة ذكية جداً ولابد أن تثمر لهم بنتيجة. 

 وشعر تيم بأنه أوقع نفسه في ورطة، وساد الصمت لبرهة وكان يفكر في مخرج له من هذه المصيبة، قطع عليه المحقق كين سلسلة أفكاره وقال له سأقدم لك عرضاً لأنقذك من هذه الورطة التي وضعت نفسك فيها، وهي أن تعترف بالحقيقة كاملة، مقابل نسيان كل الأكاذيب التي أخبرتنا بها. 

 في تلك اللحظة، رد عليه تيم بنبرة مهزومة بأنه موافق على الإدلاء بالتفاصيل كاملة. وأول ما بدأ تيم كلامه أقسم لهم بأنه كان مجرد حادث، وأخبرهم بأنه رجع هو وصديقه لانس إلى الغرفة في تلك الليلة ومعهم كمية كبيرة من |الكحول|، وبعد فترة قصيرة لحق بنا صديقنا الثالث ترينت، ولسبب ما ذكر لانس بأنه يملك مسدس في سيارته ونزل لإحضاره. 

لم يكن هناك أي هدف من إحضاره سوى التباهي أمامنا، فبدأ يحركه ويرميه في الهواء بدون مبالاة، وبشكل خاطئ ضغط على الزناد وخرجت رصاصة في الجدار، وأصبنا جميعنا بحالة من الذهول وساد الصمت. 

وانتظرنا حدوث أي ردة فعل أو صراخ يدل على إصابة أحدهم، وعندما لم نسمع شيء قمنا بتغطية الفتحة بمعجون للأسنان. واعتقدنا في تلك اللحظة أن الأمر مر بسلام ولم يصب أحد بأذى. 

وعندما استيقظنا في صباح اليوم التالي، وسمعنا خبر وفاة الشخص الموجود في الغرفة المجاورة، وقد كان تقرير الشرطة بأن الوفاة طبيعية، وليس هناك أي أثر لجروح خارجية. 

 وبعد هذه الشهادة والاعتراف أصبح كل شيء واضح أمام المحققين، وتم تأكيد هذه الرواية من قبل ترينت بيسانو، وأمام هذه الأدلة والشهادات لم يكن أمام لانس ميولر سوى اعترافه بارتكاب هذه الجريمة الغير متعمدة، بسبب حالة السُّكر. 

حكم القاضي على ميولر بالسجن عشر سنوات، ولم يتم اتهام الآخرين أو إصدار أي حكم بحقهم. وباعتقادي أن هذا الحكم مخفف جداً بحق شخص بسبب شرب الكحول سرق حياة إنسان آخر. 

هل كان ميولر يستحق الحكم عليه بأكثر من ذلك من وجهة نظرك؟ 


ننتظر آرائكم بالتعليقات

تهاني الشويكي

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.