مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/07/2021 03:36:00 م

            قدرنا الأبدي .. يكون مع الغرباءفقط

قدرنا الأبدي .. يكون مع الغرباء فقط                                                                                   تصميم الصورة : وفاء المؤذن
قدرنا الأبدي .. يكون مع الغرباء فقط  - تصميم الصورة : وفاء المؤذن

قدرنا الأبدي .. يكون مع الغرباء فقط !

كانت تسير لوحدها في الشارع العام ، في وسط ازدحامٍ رهيب من البشر ، و ضوضاء خطيرة تُحدثها السيارات و غيرهت من وسائل النقل الحديثة ..
كانت تنظر لما حولها ، تحاول استحضار ماضٍ عريقٍ و دافئ عن هذا المكان ، لم تشهد على وجوده إلا عن طريق الصور الوثائقية ، و أحاديث أجدادها و أهلها ..

فجأةً .. وجدت تجمّع بسيط لفتياتٍ جميلات ، جامعيات ..
ثلاثٌ رابعتهم فتاةٌ ناعمة  تجلس أرضاً .. و البقيات يطوّقنها و يصرخون باسمها  ..

اقتربتْ ، غريزة الفضول و المساعدة القابعة في روحها ، جعلتها تقترب ظناً أنَّ تلك الفتاة فاقدة لوعيها .. و لعلها تستطيع تقديم أي مساعدة تجاهها ..

لم تصب هذه المرة في التخمين ..

كانت تلك الفتاة الناعمة في حال انشداد عصبي ، أعصاب يداها لا تُعطها الإذن لأن تتحكم بهما ..

دون وعٍ مسبق ، و عندما فهمت بثوانٍ قليلة الحالة ، رغم الارتباك الذي زاد من تكاثف أصوات الشارع ..  
و خصيصاً من الفتاة المصابة ، أصبحت تقول بهلعٍ شديد :

يدي ، اصابعي ، لا أستطيع فتحهم ، ماذا يحدث !

شعرتْ أنَّ هذه الكلمات البسيطة المرتجفة ، تحمل خوفاً عظيماً .. و كأنها تحاول القول أنها تشعر بشللٍ كاملٍ في جسدها ..

على رغم رهابها من الدماء ، و كل لمسة أو همسة متعلقة بالطب ..
دون وعٍ منها ، أمسك تلك اليدين المرتجفتين ، و شدتهما نحوها .. و بدأت بهدوءٍ تام تحرك وريدها ..
و تخبرها أن تأخذ نفساً عميقاً ..
شهيق .. زفير .. شهيق .. زفير ..

هدأت الفتاة ..

و الأخرى لم يعد باستطاعتها إكمال تلك الصلابة ..
كانت بحاجة لشخصٍ ما يأخذ عنها ، أو يساعدها في يدٍ واحدة ..

توقفت سيارة سوداء ، نزل منها شابٌ يافعٌ ذو قميصٍ أخضر ، و بنطالٍ بُنيُّ اللون ..
و قال " هل هنالك مشكلة ، أنا الطبيب كريم .. "

من بين كل السيارات ، و الناس المارة ، و الأشجار ، و الضجيج ..
لم تتوقف أي |إنسانية| .. إلا إنسانيته ..
توقفت لترى ما يمكن أن تقدّمه في مثل هذه الحالة ..

أخبرته ما حدث .. أخذ عنها اليدان .. لا يداً واحدة ..
ثمَّ عاد كل شيء طبيعي ..

عادت حركة الفتاة الناعمة طبيعية ، ثمَّ سأل الأخرى :
في أي سنة طب أنت ؟!

لتجيبه : أنا طالبة آداب ..

و قبل أن يلتفت لها ليعبّر عن دهشته ، اختفت ..
دون أن تحصل على شكرٍ من أحد .. فهي لا تريده .. كل ما تريده أن يهدأ قلبها ..
أن يزول ذلك الشعور من حواسها .. و هي تلمس وريد الفتاة الناعمة ..

الحكاية ليستْ هنا ..

بعد سنة من هذه الحادثة ..
عادوا الأبطال الثلاثة ، و اجتمعوا في ذات المكان ..
لقد كان يبحث عنها ، و الفتاة الناعمة .. تبحث عنه ..

الحكاية ليس بالشخص الذي يتمحور حوله الحدث  ، بل بشخصٍ غريب التقينا به لثوانٍ معدودة ، لم نفكّر لثانية واحدة .. أنه سيكون .. كوننا العشقي ..

الحكاية ليست بقرب الأشخاص .. بل بغرابتهم عن أقدانا التي تختارهم .. دائماً ..

شهد بكر ✒️

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.