مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 8/28/2021 01:36:00 م

 - الجزء الثاني - 

الهجرة الخالصة... سيرة عطرة ومنهج حياة


في " الجزء السابق " لم ننتهي من معنى الهجرة ....

فالكلام عن الهجرة هيمن على القلوب والنفوس

 لأن معناها أنك طلقت الدنيا ثلاثاً أقبلت على الله

تلك الهجرة التي سيطرت على النفوس المؤمنة حتى غدا المسلمون الأولون من الصحابة يفتدون دينهم بأعز مايملكون 

وهكذا ينبغي أن نكون كصحابة النبي بأخلاقنا وأعمالنا وتعاملنا في بيعنا وشرائنا ومع أزواجنا وأولادنا وجيراننا  والناس كلهم  

فهذا مصعب بن عمير

غيرت الهجرة حياته كلها فقد تخلى عن الثراء كله ودخل الإسلام ورفض إسلامه أن يتميز عن باقي الصحابة وهو يغدوا في الثراء فأصبح سفيراً للإسلام يدعوا إلى الله ينشر الإسلام في كل مكان .

الهجرة غيرت وجه الحياة والتاريخ فكانت الدنيا مظلمة فاستنارت واستقامت بعد اعوجاج 

إذ وحد النبي بهجرته إلى المدينة المنورة بين قبيلتي الأوس والخزرج وألف الله بين قلوبهم ونزع من صدورهم عوامل الحقد والحسد واعتصموا بحبل الله وأصبحوا إخواناً متحابين

 وهكذا ينبغي أن نكون نحن على طريق أسلافنا ،

 وأعطت الهجرة الفداء والرجولة التي تمثلت بسيدنا علي بن أبي طالب 

لما أرادوا ان يقتلوا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

 فما كان من سيدنا علي إلا أن ينام مكان الحبيب المصطفى ودعا الله أن يعمي أبصارهم عنه فكان قول الله:

( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لايبصرون) ومر النبي من أمامهم وقد غشيهم النوم وقصد بيت صاحبه ورفيق دربه في الهجرة أبي بكر الصديق واختبآ في الغار ثلاثة ايام ثم خرجا إلى المدينة 

ولحق بهم سراقة بن مالك يريد قتل النبي فرآه أبا بكر فقال يارسول الله  إن العدو قد أدركنا فقال له النبي ماذكره القرآن :

( لاتحزن إن الله معنا) 

أعطتنا الثقة الكبيرة بالله وحسن الظن به أن مهما هزتك العواصف تذكر ( إن الله معنا) وسوف يبدل الله لك حزنك ويزيل همك

 فإذا داهمك من تخافه من البشر فقل :( اللهم اكفناهم بما شئت وكيف شئت ) فإن الله يحفظك منهم  ويفرج عنك.

ثم سار النبي حتى وصل المدينة المنوره وهو في رعاية الله وحفظه وأسس فيها الدولة الإسلامية الجديدة 

استهدف إصلاح الفرد وتعاون الجماعة والتآخي ثم دخل مكة فاتحاً منتصراً

 لأن الهجرة أعطتنا النصر بعد الصبر والفرج بعد الشدة .

فالهجرة تخاطبنا كل يوم أن نهاجر إلى الله ورسوله بأرواحنا وعقولنا وتعاملنا مع بعضنا حباً لله وإخوةً صادقين 

فكانت الهجرة درساً في صناعة الأمل من أجل التعاون بدلاً من التفرقة والنزاع 

وأعطتنا توحيد الأمة وجمع شملهم فاستحقت هذه الأمة أن تحظى بثناء الله بقوله سبحانه:( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله).

وأخيراً يقول الإمام الشافعي عن الهجرة 

( تغرب عن الأوطان في طلب العلا وسافر ففي الأسفار خمس فوائد :

 تفريج هم واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد) 

فالهجرة سيرة عطرة ومنهج حياة اجعلها منهجك في هجرتك إلى الله مقبلاً عليه تائباً إليه .

هنيئا لمن قرأ فوعى وعاهد ومضى مهاجراً إلى الله مسبحاً مستغفراً.

     بقلم محمد عيسى جمعة

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.