مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 8/02/2021 01:40:00 م

تريد النّوم, حسناً اشرب القهوة


تريد النّوم، حسنا اشرب القهوة!!
تريد النّوم، حسنا اشرب القهوة!! 


نُعاني في حياتنا اليوميّة من ضغوطات عديدة، أغلبها يأتي من العمل أو الدّراسة، وهذه الضغوطات تكون في الغالب نتيجة التّقصير الّذي مارسناه خلال أيام الدّوام. 

ترى الكثير من الأشخاص يتعاملون مع هذه الضغوطات إمّا بالبحث عن حل سحري، وإمّا عن طريق شرب المنبهات بكميات هائلة، أو يقومون بالاستفادة من الجرعات والأدوية المتوفّرة في الصيدليات والّتي تمنحهم شعورا بالنّشاط لكن كل ذلك على حساب أجسادهم وصحّتهم بشكل عام. 

وهنالك مجموعة صغيرة من النّاس تتعامل مع الضغوطات بالاستسلام وعدم المحاولة وهم ليسوا مستهدفين في مقالنا هذا. 

سنتحدّث اليوم عن شرب القهوة أو تعاطي الكافيين

كيف يقوم بمنحنا النّشاط، ما هي الآلية الّتي يعمل من خلالها؟

 وسنتحدّث عن الاستثناء الّذي يحدث عند بعض البشر الّذين ينامون حتى بعد تعاطي الكافيين،

 ما هي الأسباب والتفسيرات العلميّة وراء هذا الأمر؟

 وسنختم مقالنا بخطّة ال Coffee Nap


الأمر المُتعارف عليه أنَّ شرب القهوة يُبقيكَ يقظاً، فهل تساءلت يوماً ما هو السبب وراء ذلك؟

عندما تقوم بنشاطٍ ما فأنتَ بحاجة إلى طاقة، هذه الطاقة تحصل عليها خلايا جسمك من خلال حرق ما يُسمَّى بال ATP(هو أشبه بالوقود الّذي تستخدمهُ السّيارة لتمشي).

ينتج من حرق ال ATP طاقة بالإضافة إلى مجموعة من المواد أبرزها الأدينوزين.

يصعد الأدينوزين إلى الدّماغ، ويكون باستقباله مجموعة من البروتينات تُسمّى مستقبلات الأدينوزين(Adenosen Receptors) ، ويمكن تشبيه هذه المسقبلات بالكراسي، حيثُ يقوم كل بروتين بالجلوس على كُرسيه وهكذا عندما يجلس الجميع، يوصل لك جسمك رسالة تُترجَم على شكل شعور بالتّعب، فتوقف عمل أنت وتذهب للخلود للنّوم.


ماذا يحصل عندما تشرب القهوة؟


كل فنجان قهوة يحتوي على 95 ملغ من مادة الكافيين

 يقوم الكافيين بالجلوس على المستقبلات(الكراسي) المُخصّصة للأدينوزين

 وبالتّالي ستتأخر رسالة الشعور بالتّعب في الوصول إليك، مما يمنحُكَ شعور إضافي بالنَّشاط.

آلية العمل هذه هي السبب وراء النّشاط المرافق لشرب القهوة،

 لكن بالتّأكيد أنت تعرف أو سمعت عن شخص يشرب القهوة وينام، فكيف يحدث ذلك لهذا الشّخص؟

هنالك مجموعة من التفسيرات العلميّة لهذا السؤال، سنتحدّث عنها في الفقرة القادمة. 


الأسباب الكامنة وراء النوم بعد شرب القهوة؟ 


قام العلماء بدراسة هذه الحالة، وخرجوا بمجموعة من الإجابات :

  •    من الممكن أن يكون الشّخص مُعتاد على شرب القهوة بكميات كبيرة (أكثر من فنجانين في اليوم)، هنا يعتاد جسمك على كمية الكافيين هذه كجزء منهُ، فيُخصّص للأدينوزين مستقبلات(كراسي) جديدة، على اعتبار كان يوجد 50 مستقبل(كرسي)-وهو رقم اعتباطي- للأدينوزين، دائما يشغلها الكافيين، فهنا الجسم يجعل عدد الكراسي 90 - أيضا رقم اعتباطي، وهنا أصبح هنالك 40 مستقبل بلا شاغر، فيقوم الأدينوزين بالارتباط مع هذه المستقبلات وإيصال رسالة التّعب لجسمك، بالتّالي تنام حتى لو شربت القهوة، أي لا تأثير لها عليك. 

  •    ربّما تكون غير معتاد على شرب القهوة بكميات كبيرة بشكل يومي، ومع ذلك ليس لها تأثير عليك إذا قمت بشربها قبل أن تنام!! أنت هنا من العشرة في المئة من الأشخاص الّذين يمتلكون في أكبادهم إنزيم يقوم بتكسير الكافيين بكميات أكبر من أولئك الأشخاص الّذين لا يمتلكون هذا الإنزيم، أو يمتلكونه لكن بكميات قليلة. 
  •    عندما تشرب القهوة، فإنّ الكافيين لا يصل إلى الدّماغ ويستقر إلا بعد مضي ما يقارب العشرين دقيقة، من الممكن أن تكون أكثر أو أقل، وذلك تبعا لمدى كفاءة آلية الامتصاص لديك. فإذا كُنت أنت من أولئك الّذين ينامون خلال فترة قصيرة (أي أقل من عشرة دقائق)، أي الأشخاص الّذين لا يُعانون من التفكير الزائد أو من الذكريات السّيئة-الّتي تصيب معظم النّاس عندما يضعون رؤوسهم على الوسادة-، فأنت بهذه الحالة وصل الأدينوزين إلى المستقبلات الموجودة في الدّماغ قبل وصول الكافيين، بالتّالي وصلت رسالة التّعب والاستجابة كانت سريعة، فنمت بلا أي عوائق تُذكر. 


كيف أستفيد من شرب القهوة؟ 


على اعتبار أن لديك امتحان أو واجب عليك القيام به، وشعرت بالنُّعاس،

 فهنا هل سوف تنام أم ستشرب القهوة وتُكمل العمل؟ 

في الحقيقة أنت سوف تقوم بالأمرين معاً، عن طريق آلية تُسمّى

(Coffee Nap)

في البداية تناول فنجان من القهوة، واخلد للنّوم، وقم بضبط المنبِّه لكي تستيقظ بعد مضي عشرين دقيقة (وهو الوقت الّذي يستغرفه الكافيين للوصول إلى الدّماغ). 

بعد مضي هذه العشرين دقيقة، سوف تستيقظ وأنت نشيط وذلك بسبب تأثير القيلولة الخفيفة وبسبب بدء ظهور تأثير الكافيين عليك. 


إذاً عزيزي القارِئ هذه هي المعلومات الّتي وددت طرحها عليك، ولكن لتعلم أن جسمك مُبرمج ويعمل بنظام لا يُضاهيه في الدّقة أي نظام موجود أو سيوجد، 

فلا داعي لأن تُكلّف نفسك وتضغط عليها، نظّم وقتك، ومارس عملك، حقّق أهدافك بشكل يومي، وتذكّر تراكم النجاحات الصّغيرة يولّد النّجاح الكبير،

 أثر هذه النجاحات كأثر قطرة المطر الّتي تنحت في الصّخر لا لِقوَّتها ولكن لاستمراريتها، أنجز واجباتك بشكل يومي، لا داعي أبداً لأن تؤجِّل، فلكُلِّ تأجيل تقوم به ضريبة، 

وستصل في النهاية عندما ترى المقدار الكبير الّذي قمت بتأجيله سوف تضعف همّتك ويقل نشاطك، وسوف تعاني من مزيد من التأجيل إلى أن يضيق عليك الوقت، فعندها ستشعر بضرورة البدء،

 لكن هذه الانطلاقة سوف تستنزف طاقة جسدك، أي سوف تكون أنت الخاسر الأكبر. 


اعتذر منك لقد أطلت عليك الحديث لكن كان لا بد من الإضاءة على هذه الفكرة لأنّها وللأسف قد انتشرت في مجتمعنا بشكل كبير، كالنّارِ في الهشيم، لذلك لا داعي لأن تستعين إلّا باللّه وبنفسك، اترُك الكافيين واترُك كل ما يُعطيك نشاط على حسابك أنت. 

إلى هنا نكون قد أنهينا الحديث عن الكافيين وآلية عمله والاستثناء الحاصل عند بعض الأشخاص الّذين لا يؤثّر عليهم شرب القهوة. 

أتمنى أن يكون مقالي هذا مفيداً، ومُقدّماً للآلية بطريقة سهلة ومُبسّطة ومفهومة. 

إن أحسنت فمن الله، وإن أسأتُ فمن نفسي. 

إلى اللّقاء..

بقلم الدكتور علي سويدان 



إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.