مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 7/04/2021 07:54:00 م

 أهمية الخريطة المفاهمية والقيمية وبناء تصور عن العالم

أهمية الخريطة المفاهمية والقيمية وبناء تصور عن العالم
أهمية الخريطة المفاهمية والقيمية وبناء تصور عن العالم

من فترة كلمتني وعرفت أنك مسافر لمدينة أول مرة تذهب إليها ، فأنا اقترحت عليك تأخذ الخريطة كيلا تضيع ، فأنت عجبتك الفكرة وأخذت الخريطة ولما استخدمتها أكثر من مرة رأيتها مفيدة ، ومرة بعد مرة أثبتت فعاليتها معك فأصبحت تعتمد عليها أكثر فأكثر ، لدرجة إنك صرت تتعامل معها والبيانات التي فيها على أنها المدينة نفسها وليس مجرد رسم للمدينة ، فأنا حتى أبقى أعيش محتاج خريطة أو تصور عقلي للعالم في دماغي والتصور هذا أكونه من المعلومات التي أجمعها في حياتي والقيم والأفكار التي موجودة والتي اقتنعت بها في السابق ، وهذه طريقة مفيدة جداً وتساعدك ، وبالدرجة التي يمكن أن تساعدك هذه الخريطة بالقدر التي يمكن أن تضرك أيضاً ، خصوصا مع مرور الوقت ستثق فيها أكثر بالمعلومات التي تقدمها وهذا قد لا يساعدني على معرفة النقص والعيوب التي فيها ، فتوجد ثلاثة عيوب في كل الخرائط بصورة عامة في الخريطة ذاتها أو في تصورنا عن العالم .

- العيب الأول وهو التعميم :

 فالخرائط معممة فتعمم على أن كل من نوع الواحد على أنهم متساويين أو مثل بعض بالضبط ،   فعلى الخريطة نرسم الصحراء بنفس الشكل و نلونها باللون الأصفر وكذلك البحار وبعد ذلك أي بحر يقابلنا فنعامله نفس المعاملة التي في دماغنا عنه ونرسمه بنفس الشكل ، وهذا يسهل الكثير لكن هل هذه الطريقة صحيحة ؟

هل يجب ان تكون كل البحار شبه بعضها عند رسمها ؟ فكل بحر له طبيعة خاصة وممكن أن يكون مختلف عن كل البحار ونفس الشيء نبنيه عند تصورنا عن العالم التي في دماغنا .

نحن نتعرض لموقف معين ليكن مرة او عدة مرات وبعدها نكون تصور عن الموقف هذا ونعمموا على كل المواقف المشابهة ، وهذه حالة جيدة في بعض الحالات ، فمثلا وضعت يدي على النار فاحترقت ، فعندما أُعمم تصوري عن النار فإني أحمي نفسي من أن أحترق بالمستقبل ، وهكذا التفصيلة في الخريطة فقد حمتني وكانت مفيدة ، لكن مثلا تخيل أن شريكك خدعك أو سرقك فأنت تطبق نفس المبدأ في التعميم ، وترى أنه من الحكمة عدم الثقة بأحد تفاديا لسرقتك مرة أخرى ، فهنا تصورك عن العالم بدأ يضرك فبدل أن يساعدك على فهم العالم يحبسك وتقفل على نفسك الأبواب .


- العيب الثاني عدم الإكتمال :

فالخريطة دائما ناقصة ، فلا توجد خريطة تكتب كل أبعاد الواقع مثل ما هي موجودة في الحقيقة بالضبط ، فالجبل الكبير جداً ذات ثلاث أبعاد طول وعرض وارتفاع هو في الخريطة مجرد رسمة مثلث ، فكما تتعامل مع الخرائط هكذا تعامل مع التصورات التي تبنيها عن العالم ، فتبسيط الأمور يوقع مننا أبعاد ثانية للموقف ، ففي مثال شريكك الذي سرقك قد بسطنا المسألة جداً فبدل ما كانت مشكلتنا مراعاة تفاصيل الإختيار ونعدلها لأنها لم تكن مناسبة فسنبط الأمور أكثر وسنرى أن مشكلتنا مع مبدأ الشراكة ، فتعامل مع تصورك للعالم على أنه ناقص فهناك الكثير من التعقيدات والأبعاد التي لا نتصورها عن طريق الحواس ، فلو شخص قد كشر بوجهك ولم يسلم عليك ولمَّا أدركك كمَّل طريقه واستمر بالذهاب فالذي أنت الذي تراه ليس كل أبعاد الحقيقة فممكن أن يكون هناك أجزاء وأبعاد جديدة للموقف نحن لم نراها، فتصورنا عن العالم ثابت أما العالم فهو متحرك ومتبدل ، والمعلومات التي كانت ثابتة في الحاضر ففي المستقبل قد تفقد الكثير من المصداقية بحكم التغيرات التي حصلت مما يحتم عليك بناء تصور جديد عن العالم بمعلومات جديدة .

 بقلم جمال نفاع

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.