عرض المشاركات المصنفة بحسب مدى الصلة بالموضوع لطلب البحث صالح شاهين. تصنيف بحسب التاريخ عرض كل المشاركات

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 12/25/2021 12:05:00 ص

رحلة مع التحرّك نحو الجبن الخاص بك (رحلة التغيير) مع من الذي حرك قطعة الجبن الخاص بي للكاتب سبينسر جونسون

رحلة مع التحرّك نحو الجبن الخاص بك (رحلة التغيير) مع من الذي حرك قطعة الجبن الخاص بي للكاتب سبينسر جونسون
تصميم الصورة : رزان الحموي

تمثل هذه القصة الرمزية للكاتب الرائع جونسون وهي من أهم الكتب التي تبين أهمية التغير في الحياة، وتحكي القصة عن قزمان اسمهما الأول هاو والثاني هيم معهما فأرين، وهدفهما في الحياة هو البحث عن |قطعة جبن| في المتاهة ينعمان بها في الراحة والاستقرار، فاتبع طريقة بالبحث عن طريق التجربة والخطأ، فاصطدم بأماكن مظلمة ومسدودة، وفي كل مرة لا يجدان فيهما ضالتهم يرجعان ويبحثان مرة أخرى
 أما |القزمان| فاتبعا طريقة التفكير، فاصطدم بمعتقداتهم وأفكارهم للوصول إلى هدفهم، وكان كل يوم يلبسا أحذية رياضية، ويأخذان طريقتهما في المتاهة للعثور على قطعة الجبن، استمر جميعهم على ذلك، حتى عثروا على قطعة الجبن

بدأوا يحلمون ويخططون منهم من أراد يكون له عائلة، ومنهم من أراد بقطعة الجبن وبطعمها، حتى أن القزمان بنيا منزلين بالقرب من قطعة الجبن، وعلقا صورهما على جدران البيت، وكتب على الجدار "الجبن يشعرنا سعداء".

في بداية الأمر كان الجميع يسارعون إلى موقع الجبن

 سالكين نفس الطريق المعروف، وأصبح روتين خاص، ولكن بعد فترة قصيرة اتبع القزمان روتيناً مختلفاً، فصارا يستيقظان من نومهما متأخرين ويذهبان إلى قطعة الجبن بكسل ودون حذاء رياضي إلى محطة الجبن، فيسترخيان ويتصرفان كما لو أنهما في منزلهما، وشعرا بالاطمئنان لدرجة أنهما لم يلحظا ما كان يحصل، أما الفأران فقد واصلا روتينهما اليومي، فكان يصلا إلى موقع الجبن، ويتفقدان المكان للتأكد من أي تغير قد يحصل، ثم يجلسان لتناول الجبن.

وفي أحد الأيام قدما لنفس المكان ولم يجدوها

 والفأران وصلا مبكرين ولم يستغربا لأنهما لاحظا من قبل تناقصها منذ فترة، ولم يبالغا في تحليل الموقف، لقد تغير الوضع في المكان فلا بد أن يتغيرا، فقررا أن يلبسا الأحذية ويبحثان مرة أخرى في المتاهة عن قطعة جبن في مكان آخر، أما القزمان أصبحا يصرخان ويولولان بأعلى صوتهما من حرّك قطعة الجبن، وأخذا ينعيان نفسيهما ويتساءلان عمن أخذها بدون أدنى حق(وهذا طبع البشر)، لم يصدفا الواقع وما آلت إليه الأمور.

كان سلوك القزمين مفهوماً لأن الحصول على الجبن ليس بالأمر اليسير

 وكان هو مصدر سعادتهما وأملهما الوحيد، وبعد طول تفكير قررا تفحص المكان من جديد، والعودة في اليوم الثاني للتحقق ما إذا تم رجوع الجبن إلى مكانه أو لا، في اليوم الثاني لم يجدها فرجعا، وفي اليوم الثالث لم يجدها فاقترح هيم أن يحفرا.

 وبالفعل في اليوم الرابع مكان الجبن لعل وعسى يجدوها فخاب ظنهما، فعلا صراخ هيم وظل يكرر: من الذي أخذ قطعة الجبن الخاص بي، وعندما شعر بالإحباط حاول هاو أن يقنع هيم بأن يعودا إلى طريق المتاهة والبحث من جديد عن مكان آخر يحصلان فيه على الجبن، مع  شعوره بالخوف من هذه الخطوة لأنه نسي طريق المتاهة ومسالكها، فرفض هيم ذلك وقال أنه مرتاح للمكان ووجد السعادة فيه وأنه كبر على العودة للمتاهة،

 وتساءل هاو أين الفأرين؟ يا ترى هل يعرفا شيئاً؟

 فجاوبه هيم: إنهما مجرد فأرين نحن أذكى منهما، رد عليه هاو: نحن نتصرف الآن بغباء، الأمور تتغير هنا لذا علينا أن نتغير نحن أيضاً، قال هيم : لما يجب أن نتغير فنحن بشر متميزون ولا يجب أن نتعرض لمثل هذه المواقف، نحن أصحاب حق لا بد من تعويضنا، يجب إخبارنا على التغير قبل حدوثه وليس من العدل ان ينفذ الجبن فجأة.

فكر هاو وعقد العزم على التغير وبدأ رحلته لأنه سيهلك إن بقي، ليس هناك من يرجع لنا جبننا علينا أن نبحث بأنفسنا عن جبن جديد (الحياة تمضي فيجب أن نمضي معها)، انطلق هاو وبدأ البحث فمرة يرى طريق مظلم ، وتارة يرى السبل مسدودة، فتأخر في مشواره وبدأ يتسلل اليأس

"أن أصل متأخراً خير من أن لا أصل على الاطلاق"

 بدأ يتخيل أنه وجد قطعة الجبن وبدأ يتذوقها، عندها انكسر حاجز الخوف الذي وقع به في البداية، وبالفعل وجد بعض الجبن القليل، فكتب على الجدار " التحرك في اتجاه جديد يساعد في العثور على جبن جديد"، وبدأ يشعر بالسعادة في المغامرة والاستمتاع بها، وعاد إلى البحث على جبن أكثر، ونسي الخوف تماماً، فكتب على الجدار

 "عندما تتجاوز الخوف الكامن بداخلك تشعر بأنك حر".

وفكر بصديقه هل مازال على قيد الحياة وهل سيلحقه، فقرر أن يكتب له بعض اللافتات "كي لا تفنى عليك بالبحث عن قطع جبن جديدة"، وكتب أخرى "لكي تحصل على قطع جبن جديدة لا بد أن تتخلص من جبنك القديم"، "لكي تحصل على جبن جديد عليك أن تكسر حاجز الخوف لديك".

فما تخشاه ليس بالضرورة أن يكون سيئاً بالدرجة التي يصوّرها لك خيالك، وأن الخوف الذي تدعه يتضخّم في عقلك أسوأ بكثير من الموقف التي تعيشه فعلا.

فالجبن لن يبقى كما هو، وإنما سيتناقص أو يصيبه |العفن|، فعليك أن تأكل قليلاً وتبحث عن جبن آخر لتصل إلى جبنك الملائم، فالتغير نعمة من نعم الله، لأنه سيجعلك تحصل على جبنك الخاص والعثور على قوتك الكامنة، فاكتشاف الذات أهم من قطعة الجبن.

تغير أنت قبل أن تحاول تغيير الآخرين، فهل أنت مع ذلك التغيير أم لا شاركنا رأيك في التعليقات 

بقلمي صالح شاهين

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 12/14/2021 10:08:00 م

التناقضات التي نعيشها هل هي اضطراب هوية تفارقي 
,أم أننا نهرب بها من الواقع نحو الخيال؟ 
سنعرفها مع الكاتبة شهد بكر من خلال رواية جنية كونية

التناقضات التي نعيشها هل هي اضطراب هوية تفارقي  ,أم أننا نهرب بها من الواقع نحو الخيال؟  سنعرفها مع الكاتبة شهد بكر من خلال رواية جنية كونية

فتحت عيناها بعد نوم طويل لم يكن عميق..

نظرت لما حولها بما ساعدتها تلك الكرتان في الوجه.


أهي جثة مستلقية فوق فراش دون إدراك لموتها؟

أم أنها لا تزال على قيد الحزن تحيا بكسل ما تبقى لها من أيام عمرها المجهول؟

اقتحمت أفكار باتت روتينية عقلها المحشو بكتل قدرية لعنت فرار النوم من معالم جسدها، لتحاول تدريجياً النهوض والسير بترنح واضح اتجاه الحمام ثم المطبخ....


لكل منا شخصية خيالية تعيش بداخله

 يحاكي من خلالها واقعه بخياله، ويبدأ ما بين الجذب والكذب، يجذب ما يريد ويكذب عما لا يريد، نعيش في دوامة التناقضات دوماً، لكن قد تصيب تعدد التناقضات إن أخرجنا من كل شخصية قطعة البازل ونركبها لتكتمل الصورة لدينا كلياً.


تأخذنا الكاتبة المبدعة " شهد بكر" 

برواية |جنية كونية| عن شخصيتها الافتراضية (آدم) أو قد تكون حقيقية

بواقع افتراضي تريدها أن تكون هي، انتقلت تارة إلى الخوض في تجربة شجاعة من قبل فتاة تبوح بما يجول في بالها وتصارحه، وتارة تكون تلك الشخصية نقيضة لخيالها وتتعايش بصراع ما بين الألم والأمل.

تأخذنا |الكاتبة| بنوع من الشغف مع تلك الشخصية، وتتزين كالفراشة التي تحوم حول القنديل خائفة من الاقتراب ولن تقدر على الابتعاد.

فيظهر فجأة كذبه وأنه قد يغيب لمرض "السرطان" وبعد مدة من عودته يتغير عليها ولم يعد هو كما هو، وتبتعد به بعدها لتظهر الحقيقة أنه استغلها لتحقيق مآرب أخرى،

 لكن في سطورها 

قد ترى أن هناك شخص تحكي له ما جرى ألا وهو زوج لها يطبطب على جراحها من تلك الشخصية الخيالية في واقعها، ولكن تعود إلى الخيال وتسامره ويبدأ بخوض من العراك الشغفي بينه وبينها وتقول بأنها قد نسيته بالفعل، وأصبح حبه رماد، ولكن تناسته ولم تنساه،

 وفي الواقع ينهض حب العنقاء من رماد ويعود ليحيا من جديد ويعود شغفها له...


عندما تنساب بين سطور| الرواية| سيأخذك عقلك في جولة لأحداث مسلسل قيد مجهول أن شخصية "سمير" كان له مرض من نوع انفصام ثنائي القطب أو ما يدعى علمياً بـ " اضطراب الهوية التفارقي"،

 وهنا يريد "سمير" أن يعيش كما يحب ويتقمص شخصية   "يزن" والذي يسعى إلى اكمال شخصية سمير المغلوب على أمرها، وأما يزن فهو الشخصية المكملة له التي قاستها الحياة وتسعى للانتقام والثأر، فتارة يعود لرشده أمام الشرطة التي أخذته بسبب ارتكابه لجرم القتل ويقول "لأني مضيع هويتي " وتارة يذهب بحب الشخصية المرحة المحبوبة...


وهنا نرى أن هناك تشابه كبير لشخصية آدم بأنه يسعى للحب تارة وللانتقام تارة، كما أن الفتاة تصاب باضطراب الهوية التفارقي بشخصيتها التي تتخيل الواقع خيال والخيال واقع وتدور في دهاليز الشتات، أي أن التقيا بمرضهما وأصبحت تتشابك تلك الشخصيات في جنون مثير.

📚 بقلمي صالح شاهين 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 6/29/2022 03:34:00 م
في انكسار الروح لاتتركني وحيدة
في انكسار الروح لاتتركني وحيدة

كان آدم يروي أزهار حديقة منزله في الصباح الباكر، و صوت فيروز الشجي  يصدح "يبكي ويضحك لا حزناً ولا فرحا" ، يدندن معها ويسقى وردة الجوري المائلة إلى احمرار يشتمّها: آه على رائحتك الأخاذة وعبقك الزكي، ما رأيت أجمل منك يا وردتي الجميلة، سمعت كلماته تلك الفتاة التي كانت ترشف فنجان القهوة على شرفتها المطلة على منزل آدم، ظنت أنه يتحرش بها : آدم.. أليس من الأدب أن تكف عن الكلمات المبتذلة؟ ما هذا الصباح يا إلهي!

دهش آدم ولم ينبس ببنت شفة، وتذكر محاولاته الفاشلة آنذاك في الحصول على قلب جولي، تلك الفتاة التي لم تتخطى العشرين عاماً، ذات الضفائر الذهبية، على قدٍّ كالآس عيون لوزية تتوشح بلون أخضر، ووجه بريء كالأطفال بنعومته، يشهد أهالي الحي أنها ملفتة لقلوب الشبان، وجميعهم يحاولون أن يلفتوا انتباهها لكنها تأبى أن تلتفت إلى أحد.

قالت حينما التزم الصمت: نعم هذا ما أنت مبدع فيه أن تتحرش بي وعندما أواجهك يأكل القط لسانك، عاد إلى رشده وما زال يمسك بإبريق الماء ينظر إليها وعيناه توسعت حدقتها وفمه مفتوح: جولي أعلم بأنك جميلة كجمال هذه الوردة التي أرعاها، وأعلم أيضا أنه لا يلفت انتباهك شخصٌ مثلي، لكن أتغزل بوردتي الجميلة وليس بك، ما شأني بك ولم ألاحظك حتى .

 تورد خد جولي و طأطأت رأسها إلى الأسفل ولم تدرك حينها إلى أين تذهب بحيائها، أوقعت من يدها فنجانها وتلطخ فستانها الأنيق والذي ستذهب به إلى جامعتها.

مرّ أسبوعٌ على تلك الحادثة، لم يشاهدها ضمن هذه المدّة، تردد كثيراً بأن يسأل عنها لائماً نفسه أنه قد قسى عليها بكلماته من دون أيّ اهتمام لمشاعرها، ولكن بينه وبين نفسه يحبها حباً جماً، يراوده الشك بأن هناك خطب ما قد حدث وأبى أن يذهب إليها لأنه ولد في عائلة شعارها عزة النفس وهي أسمى ما يتسم به الرجل، لن يرضخ لفتاة مهما حدث فسيتعير من قبل أهله، هناك ألف فتاة تريدك، لم تقف الدنيا عند هذه الفتاة أو تلك، ما الذي ينقصك، وكثيرٌ كثير من الجمل التي ترددت في ذهنه ، حينما صارحهم بأن جولي قد رفضته في عدة محاولات، وبين صد ورد بينه وبين واقعه بين أهله ، 

حدثت المفاجأة - قرر أن يكسر عزة نفسه، ويخرج عن القاعدة - 

ماذا؟ هل أنت مجنون ماذا دهاك؟ عقله يضخ بالأفكار وقلبه يضخ بالمشاعر، أيتبع قلبه أم عقله؟ صراع شتت آدم ، لكن آن الآوان أن يرضخ لحكمة القلب لأنه لا يكذب حين الحب يقع فإنه يشعر إن كان حدث قد حصل أم لا، فالأرواح حين اعتناقهما يتأصل بروح واحدة في جسدين منفصلين، ما إن تألم جسد شعر الآخر به..

في انكسار الروح لاتتركني وحيدة
في انكسار الروح لاتتركني وحيدة

ارتدى ثيابه وتعطر بعطره المعروف "بلو تشانيل" و حدد وجهته نحوها دون أن يأبه لثرثرة أقاربه، صعد درج بنايتها إنه في الطابق الأول قلبه يخفق..

صعد إلى الثاني ازداد خفقانه، وحين وصل إلى بابها في الطابق الثالث، وقد اشتد وزر قلبه وغليانه ،حاول أن يطرق بابها، تردد وانسحب قال قلبه: لا تتوانى افعلها، عقله: الانسحاب أفضل لك، وقف مع صراع في أفكاره وتوقف الزمن به على حين غرة،عندما رأى يده من دون أن يشعر بها وكأن أحد هو الذي يرفعها ليطرق باب جولي، دقة دقتان ثلاث دقات.. الزمن لا يتحرك الضجيج قد توقف من حوله، نظر إليها بتمعن حين فتحت له الباب..

ارتمت جولي بين ذراعيه، شاحبة اللون، جسمها نحيل أكثر، تتعرق كثيراً، لمس جبينها وإذ حرارتها مرتفعة، قال آدم : جوولي ماذا دهاك؟، لم يدرك أن يفرح بأنها بين ذراعيه أم يحزن لما أصابها، وبدون أن يتلكأ حملها بين ذراعيه، وذهب بها إلى أقرب طبيب،

 نزل إلى أسفل البناية من دون أن يشعر بثقلها، جال في الطرقات يبحث عن سيارة أجرة، مرّت  أكثر من خمس سيارات ممتلئة، إلى حين أوقف السادسة رامياً نفسه أمامها، صرخ صاحب السيارة أأنت مجنون؟؟، فقال له: أناشدك الله بأن تذهب بي إلى أقرب طبيب، فنظر السائق إلى ما بين يديه: ماذا حصل؟ مما تشكو؟، فقال له لا أعلم، ساعده الرجل بحملها وذهبا بها إلى الطبيب، إنه على بعد شارعين عن عيادة الطبيب فواز المتخصص بالأمراض المستعصية.

 رأت السكرتيرة الشاب والسائق وبيديهما الفتاة، هرعت نحوهما ونادت الطبيب: دكتور فواز أسرع هناك حالة إسعافيه، لم يتوانى لحظة أدخلها إلى عيادته، وبدأ يتفحص ضغطها ويقيس حرارتها ،وبعد فحص دقيق لها تعرق الطبيب لأنه في تلك الفترة ظهر مرض جديد يدعى "كوفيد 19 " يصيب الشعب الهوائية ويتملك في جسد المريض إن لم يعالج في فتراته الأولى قد يودي بحياة المصاب به، فقال : اذهبا إلى الخارج ولا تخالطان أحد لعشرة أيام، دهشا ولم ينبسا ببنت شفة، لا تقل لنا أنه ذاك المرض الذي تتحدث عنه الإذاعات ومواقع الانترنت، رد الطبيب: أشك في ذلك، احجرا نفسيكما لخمسة أيام إن ظهر عليكما أي أعراض عودا إليّ، تعرق السائق وشحب لونه، و آدم لم يأبه لأي شيء إلا أن يطمأن عن جولي فقال له : سأبقى معها مهما حصل إن كان الخبر صحيح فأحب أن أشاطرها إياه،

بعد مناوشات كثيرة بينه وبين الطبيب وافق بأن يظل في الغرفة المجاورة لها والتي هي غرفة خالية من كل شيء إلا سرير وبجانبه أريكة، و بعيدا عن الناس وألبسه الكمامة وعقم يديه بحيث لا يصافح أحد، أخذ الطبيب عينة من جولي ليرسلها إلى المخبر، لكن عليه أن ينتظر ثلاثة أيام إلى أن تظهر النتيجة.

في انكسار الروح لاتتركني وحيدة
في انكسار الروح لاتتركني وحيدة

قرر الطبيب أن يجعل الغرفة المجاورة مكان عزل ل آدم ولها لأنه يخشى ان يكون مصاب، فلم يرسله إلى منزله وأبقى عليه هناك، وبرفقتهما ممرضة متمرسة تتناوب عليهما إلى أن يأتي الطبيب، بعد الرفض الشديد من آدم أن يذهب إلى قسم العزل في المستشفى، لقد مرت السويعات الأولى كأنها دهرٌ، يجول في الغرفة ذهاباً وإياباً، والغريب أنه لم يسأل أحد عنها.

 حتى اتصل به صديقه العزيز أحمد، تردد في الإجابة عليه لكن يحتاج إلى النقود كي يبقى لثلاثة أيام، رد عليه: آدم ماذا هناك أين أنت؟، قطعت دموع آدم حديث أحمد حين قال له: صديقي ساعات قليلة لدي ولا أعلم ماذا سيحدث بعدها، أريد منك أن ترسل لي نقوداً  فأنني عند الطبيب ، يرشح أن أكون مصاب بذاك المرض اللعين، صعق أحمد : كيف ذلك ومتى؟ رد آدم: سأخبرك لاحقاً هذا العنوان من فضلك ابعث لي نقوداً، وقطع الاتصال.. 

مر اليوم الثاني وعيون آدم لم تعرف النوم ولو لدقائق، فيراوده كابوس أن سيفقدها غير آبه أنه مصاب أم لا، والغريب ألا أحد قد سأل عنها لا أهلها ولا أصدقائها في الجامعة، أخذ آدم هاتفها الخليوي الموجود في جيبها يتفحصه، لا أحد سوى رسائل شركة الاتصالات.

ها قد حان اليوم الأخير لمعرفة النتيجة، كان ذلك اليوم الخامس من شهر أيلول الخريفي ينذر بالتشاؤم، أتت التحاليل والطبيب يقرأها بتمعن، أنصت أدم بشدة سينهار عما قريب فالتعب قد أحال بحاله..

نطق الطبيب بتلك الكلمات: آدم إنها مصابة فعلاً، أريد منك أن تكون قوياً، سنتجاوزه معاً بالإرادة، انهار آدم أمامه، لكن يشعر بأن هناك قوة بداخله تقول له أنها ستنتصر على المرض..

بدأت رحلة العلاج ولم تظهر على آدم أي أعراض فإنه يبقى على قوته كي يرعاها، تعامل معها وكأنها قطعة منه، رغم كل شيء يحبها، وما لفت انتباهه أن لا أحد يهتم بها وبشأنها..

إنه اليوم السادس من رحلة العلاج حتى تكلمت إحدى صديقاتها، ورد آدم عليها وحين سماع الخبر أقفلت الخط ولم تعاود الاتصال وكذلك فعل أهلها، ظناً منهم أن المرض يعاب به بعدما سمع أمها قائلة له: لا تخبر أحد به، لقد ألحقت بنا العار، ماذا عار أهي جريمة شرف؟ ما هذه العقول بحق السماء؟

تتوالى رحلة العلاج يوما بعد يوم:

وظلت جولي وحيدة تتعافى، وآدم معها يقتات من الطعام القليل كي يحافظ على رباطة جأشه.

اليوم التاسع لم تعد الحرارة كما السابق فاستقرت، لكنها تجد صعوبة في التنفس، رأت آدم متكأ على الأريكة، لم تستطع أن تكلمه، ولكن دموعها تتعزز على خديها، استيقظ آدم و رآها، وعلى عجل ذهب إليها و بطرف يديه أزال دموعها وقال لها: ستنتصرين لا تأبهِ أنت أقوى من المرض، وهي تبكي، فلا أحد بجوارها من الأصدقاء ولا الأهل فقد لفظوها وكأنها عائبة، الشعور بالخذلان من أعز المقربين لك هي أصعب ما يمر به الشخص، المفارقة كانت جارحة، تناول هاتفه وبدأ يقص عليها مواقف مضحكة قد حصلت وتارة يقص عليها بضع حكايات عن نساء كيف صمدت إلى أن نالت الشفاء مثل بسمة وهبة الإعلامية المصرية انتصرت على السرطان و كيلي مينوغ الاسترالية أيضا وغيرهن، يبث في جوفها الأمل كي لا تفقده أبداً ليتسع بها نحو طريق الشفاء، وبقي اليوم تلو الآخر يضحكها ويشجعها على الحياة حتى تتناسى ما حل بها.

إنه اليوم الرابع عشر، حان موعد أخذ عينة أخرى كي تتأكد من سلامتها، أخذ الطبيب العينة وانتظر النتيجة لثلاثة أيام كالعادة، وفي هذه الأثناء ارتد لونها كما كان من قبل، ومشى في جوفها نشاط كبير، لكن مازال وهن يصيب أعضائها حين تتحرك، لكن لا بأس ستتحسن فيما بعد، أخذ آدم يدها يجعلها تمشي رويدا رويدا في أنحاء الغرفة، ويوم بعد يوم تتماثل بالتحسن إلى أن أتى اليوم الآخير للنتيجة النهائية للعينة.

ترقبا بصمت وكان يده على قلبه ويدها بيده الأخرى، في الخارج كان رذاذ المطر يطرق على تلك النافذة، وقلبهما يشارك تلك الدقات، كل شيء أصبح يشاركهما من حولهما إلى أن اعلن النتيجة: مبارك لكما انتصرتما وأخيرا، هنيئا لصمودكما، ومن شدة فرحهما لم يتوانا على ضم بعضهما البعض ودموع الفرح تتساقط راقصة بين هدبهما وأخذ بيدها للخارج تحت المطر يراقصها ناسياً بذلك أنه ليس حبيبها بل حبه من طرفه فقط، أدرك بعد لحظات حين قاطعهما الطبيب : بني لا تجعلها تتبلل فجسمها هزيل الآن أي مرض ستتدهور حالتها، اخرجها بسرعة واحتمى تحت شرفة العيادة، وهما بالرحيل بعدها وعندما أوصلها إلى منزلها وقبل أن يغادرها قالت له: لا تتركني وحيدة.

بقلمي: صالح شاهين

يتم التشغيل بواسطة Blogger.