حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون) - الجزء الثالث - سليمان أبو طافش
حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون)
(الجزء الثالث)
حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون) - الجزء الثالث تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
تكلمنا في المقال السابق عن فترة مابعد الاسكندر الكبير والتنظيم السياسي للدولة الفينيقية وسنتابع في هذا المقال ..
المواسم والاحتفالات لدى الفينيقيين:
احتفل الفينيقيون بموسمين رئيسيين: الأول هو موسم البهجة والفرح، وكان مع بداية فصل الربيع الذي يرمز إلى ولادة أدونيس، إله الشمس، من جديد. أما الموسم الثاني، فكان موسم الحزن والكآبة، وكان وقته في فصل الخريف الذي يرمز إلى موت الإله أدونيس، وتعود أصول هذين الموسمين إلى اسطورة الإله أدونيس، الذي لقي حتفه بسبب وحشٍ بريٍّ في غابات نهر إبراهيم، فراحت الغابات تتوسل للإله "موت" إله العالم السفلي لإحيائه، فرقَّ لها وأعاده للحياة، فأصبح نهر إبراهيم مقدساً لدى الفينيقيين.
حياة ما بعد الموت:
لم يؤمن الفينيقيون بالحياة الآخرة، بل اعتقدوا بأن الروح تبقى مجاورةً لصاحبها في حالةٍ من السكينة والهدوء، فهي لا تفنى، وكانوا يدفنون ملوكهم وأشرافهم في نواويس حجرية، أما عامة الشعب فكانوا يُدفنون في توابيت من الخشب، وكان اسم الميت ينقش على قبره، ويُدفن معه كل ما يحتاجه الحي من مؤنٍ وحليٍ وأوانٍ، وكان أقرباء الميت يزورونه ويضعون على قبره الزهور والأطعمة اعتقاداً منهم بأن ذلك سيدخل السرور إلى روحه.
آلهة الفينيقيين:
ذكرنا بأن الفينيقيين اعتمدوا على التثليث في معتقداتهم، فكان لكل مدينةٍ ثلاثة آلهة، الأول هو الإله العجوز الذي يتمتع بالحكمة، والثاني هو الأم، والثالث هو الابن القوي المفعم بالحياة، ففي جبيل، نجد إيل وبعلة جبيل الأنثى، وأدونيس الشاب، وفي صيدون كان بعل صيدون وعشتروت وأشمون، أما في صور فنجد بعل شميم وعشتروت وملكارت، كما تكمر الآثار الكثير من الآلهة الأخرى في مدن متفرقة.
حضارات وشعوب خالدة (الفينيقيون) - الجزء الثالث تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
العلوم عند الفينيقيّين:
لا شك بأن الأبجدية هي أعظم ما قدمه الفينيقيون للبشرية، ولكنهم نبغوا أيضاً في كثيرٍ من العلوم، وخاصةً علم الفلك والحساب الضروريين للملاحة البحرية والتجارة، ولعل القرطاجيين أول من عرف الأوراق النقدية مستعملين جلود الحيوانات لصناعتها، كما عرفوا خطوط الطول والعرض، واعتمدوا على نجم القطب الشمالي لتحديد الاتجاهات، وكانت السفن الفينيقية تحفةً فنيةً حقيقيةً في غاية الدّقة والاتقان والجمال.
الفن الفينيقي:
لم يتخلص |الفن الفينيقي| من الاقتياس وتقليد الآخرين، حتى مطلع الألف الأولى قبل الميلاد، فأصبح له طابعه الخاص، وتجلّى في صناعة الأقمشة المطرّزة المصبوغة باللون الأرجواني المستخرج من أصداف البحر، وصناعة الخزف التي برعوا فيها، فجعلوا الكؤوس والقوارير على شكل تماثيل مزيّنةٍ بالنقوش و الألوان، كذلك برعوا في صناعة النقود والأختام وأدوات الزّينة، كما برعوا في فنِّ النحت الذي برز في تيجان الأعمدة والمسلات واللوحات الرائعة، أما في مجال البناء، فقد ظهرت عبقريتهم في هندسة المعابد والهياكل والقصور، وهياكل السفن الحربية والتجارية. كذلك اهتم الفينيقيون بالموسيقى والغناء وكان العود أحد آلاتهم الموسيقية.
آداب الفينيقيين:
منذ اكتشاف مدينة |أوغاريت| السورية، تم العثور على الكثير من الألواح الحجرية المشيرة إلى مختلف علوم وفنون وآداب |الفينيقيين|، ومن أشهر آدابهم ملحمة "بعل – كارت – أقهات بن دانيال" المكتوبة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، ولكن معظم انتاج الفينيقيين الأدبي كان على ورق البردي، فلم يبقَ منه شيء، ولكن المكتشفات الحجرية القليلة تؤكد بأن الفينيقيين كانوا رجال علمٍ وفنٍ وأدبٍ، ولم يكونوا مجرّد تجّارٍ كما حاول البعض تصويرهم.
إذا أردت إنصاف الفينيقيين فانشر المقالة.
سليمان أبو طافش🔭