‏إظهار الرسائل ذات التسميات ميثيولوجيا. إظهار كافة الرسائل

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 1/05/2022 09:11:00 م

ما هي الحكمة المختبئة وراء أسطورة "ميدوسا" الإغريقية؟
 ما هي الحكمة المختبئة وراء أسطورة "ميدوسا" الإغريقية؟
تصميم الصورة : رزان الحموي
لعلَّ الكثير من الناس قد سمعوا عن "ميدوسا" ولعنتها المتمثّلة في قدرتها على تحويل كلِّ من ينظر إليها إلى حجر، وقد تطوّرت هذه الأسطورة كثيراً مع الوقت، وانتشرت بين شعوب الأرض، حتى بتنا نجد لها شبيهاً في الكثير من الأساطير القديمة، ولكن من هي ميدوسا؟ وما هي قصتها الأصلية؟ وما هي الدلالة التي تشير إليها في وقتنا الحاضر؟

من هي "ميدوسا"؟

تقول الأسطورة اليونانية بأن |ميدوسا | كانت كاهنةً في معبد "أثينا" آلهة الحكمة مع أختيها، وكانت الأخوات الثلاثة في غاية الجمال، ولكن اختيها كانتا خالدتين، فليس للموت من سلطانٍ عليهما، على عكس ميدوسا الفانية، والتي كانت أكثرهنَّ جمالاً، وكان مفروضاً على جميع| الكاهنات| أن يحافظن على عذريتهنّ.

لعنة ميدوسا:

عندما شاهد "بوسايدن" إله البحر ميدوسا، فُتن بجمالها، فأراد الزواج منها، على عادة الآلهة في الأساطير القديمة، ولكنّها رفضت الزواج به، فغضب بوسايدن وقرّر الانتقام منها، فاغتصبها في قلب |معبد أثينا|، وعندما علمت أثينا بذلك، جُنَّ جنونها، لأنها كانت على علاقةٍ ببوسايدن، فألقت لعنتها على ميدوسا، فجعلت شكلها مرعباً، واستبدلت شعرها بمجموعة أفاعٍ، وحكمت على كلِّ من ينظر في عينيها بأن يتحول إلى حجر.

 انتشار قصة ميدوسا:

لم تكتفِ أثينا بإلقاء لعنتها على ميدوسا، بل حوّلت أختيها أيضاً إلى مسخين مرعبين، ثم نقلت الأخوات الثلاثة إلى إحدى الجزر، ومع الوقت انتشرت قصة ميدوسا بين الناس من خلال البحّارة الذين مرّوا بجزيرتها واستطاع بعضهم الهرب منها، ومن الجدير بالذكر أن ميدوسا أنجبت من بوسايدن مخلوقين غريبين، أحدهما الحصان المجنّح "بيكاسوس" والآخر مسخٌ غير مشهور.

سلاح ميدوسا الفائق:

وصلت قصة ميدوسا إلى "بيرسيوس"، وهو أحد أبناء "زيوس" من امرأةٍ بشرية، وكان متيّماً بفتاةٍ تدعى "أندروميدا"، ولكنه لم يكن قادراً على الزواج منها، لأنها كانت منذورةً كأضحيةٍ لوحشٍ مرعب يشبهٍ التنّين يدعى "الكراكن"، ولذلك توجّب على بيرسيوس أن يقتل ذلك الوحش لكي يصل إلى حبيبته، ولفعل ذلك توجب عليه قتل ميدوسا واستخدام رأسها لقتل الوحش.

مقتل ميدوسا:

ذهب بيرسيوس إلى |جزيرة ميدوسا| وتسلل إلى كهفها أثناء نومها، وبمجرّد ان استيقظت، وجدت أمامها درع بيرسيوس العاكس كالمرآة، فتحوّلت إلى حجرٍ بدءً من قدميها، وقبل أن يتحول رأسها إلى حجرٍ، انقضَّ عليها بيرسيوس وقطع رأسها دون أن ينظر في عينيها، ثم أخذ رأسها واستخدمه لقتل الوحش.

من هي ميدوسا في الوقت الحالي؟

لم تختر ميدوسا أن تكون وحشاً مرعباً، ولم تختر أن يتحول كلُّ من ينظر إليها إلى حجر، كما أنها لم تختر أصلاً أن تكون جميلةً ليفتتن بها بوسايدن، ولكنها كانت الضحية في البداية، ثم توجّب عليها أن تدفع ثمن جريمةٍ كانت هي ضحيتها، ولم تكن المذنبة فيها، كما توجّب عليها ان تُقتل لكي يصل بيرسيوس إلى حبيبته، ولم تزل |قصة ميدوسا| موجودةً بيننا حتى اليوم، ولعلها تتكرر مع الكثير من البشر الذين يدفعون ثمن أخطاء غيرهم، والذين يتعرضون لشتى أشكال الظلم، ثم يتلقون اللوم والقصاص على جريمةٍ كانوا ضحيتها.

إذا رأيت عبرةً في قصة ميدوسا فشاركها مع أصدقائك.

بقلمي سليمان أبو طافش

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 10/18/2021 08:48:00 م

كيف نشأت و تطورت اللغات - الجزء الثاني 


كيف نشأت و تطورت اللغات - الجزء الثاني
كيف نشأت و تطورت اللغات - الجزء الثاني 


أستكمالاً لما تحدثنا سابقا....


|تطور اللغات مع الإنسان|

بعد أن استخدم الإنسان الصور للدلالة على الأشياء والأصوات، تطوّرت تلك الصور لتصبح رموزاً أكثر بساطةً من الصور الكاملة فسميّت تلك الكتابات بالكتابات الرمزية، وكان من الطبيعي أن يقابل كل رمز صوتاً ما، ما جعل اللغة البشرية منطوقةً ومكتوبةً لأول مرةٍ في التاريخ. وقد استمر الإنسان باستخدام الكتابة الرمزية فترةً طويلةً من الزمن حتى قام الفينيقيون باختراع أول أبجديةٍ في الألف الأول قبل الميلاد والتي تعرف بأبجدية أوغاريت أو أبجدية رأس شمرا والتي كانت أساس الكثير من الأبجديات المعروفة اليوم مثل العربية والإنجليزية وجميع الأبجديات الأوروبية مع بعض التعديلات والاختلافات.


كيف نشأت |الأبجدية الفينيقية|؟

أراد الفينيقيون اختصار الرموز الكثيرة والمعقدة لمختلف الأصوات في مجموعةٍ من الرموز التي يسهل حفظها وكتابتها وتستطيع التعبير عن كل ما يريدون قوله فأعطوا لكل رمزٍ حرفاً واحداً يعبّر عنه بحيث يمكن ربط الحروف مع بعضها لتشكيل الكلمات وبناء الجمل، فقاموا بحصر الأصوات الأساسية فوجدوها 22 صوتاً أساسياً فأعطوا لكل صوتٍ منها رمزاً معيناً فظهرت بذلك أول أبجديةٍ في التاريخ. 

بعد ذلك نشر الفينيقيون أبجديتهم عبر البحر الأبيض المتوسط الذي كان تحت سيطرتهم الكاملة فوصلت أبجديتهم إلى أوروبا وشمال إفريقيا ثم تشكّلت منها جميع أبجديات العالم القديم.


أسباب تعدد و|تنوع اللغات|:

قد توجد العديد من الأسباب وراء تنوّع اللغات واللهجات في جميع دول العالم ولكن السبب الرئيس وراء ذلك هو الانعزال والتطور بشكل مستقل عن الآخرين، ففي وقتٍ مبكرٍ من التاريخ لم يكن التواصل بين الحضارات والمجتمعات أمراً يسيراً بسبب التباعد المكاني وعدم توفر وسائل المواصلات السريعة و المريحة، فكان السفر عبئاً ثقيلاً على الناس ما جعله حكراً على القوافل التجاريّة والباحثين عن العلم والمغامرة غالباً، ولذلك فقد |تطوّرت المجتمعات| البشرية بأشكالٍ مختلفةٍ من عدة جوانب وكانت اللغة إحدى تلك الجوانب، وما يؤكد ذلك هو أن معظم دول شرق آسيا لا زالت حتى اليوم تستخدم الكتابة التصويرية وذلك لأنها كانت بعيدةً جداً عن حضارات الشرق الأوسط وأوروبا فلم تصلها الأبجدية الفينيقية، وبشكلٍ مشابهٍ نجد بعض القبائل الإفريقية لا تمتلك أية وسيلةٍ كتابيةٍ للتعبير عن لغتها بسبب انعزالها التام عن العالم حتى اليوم.


تعدد اللغات

ومثلما تطورت اللغات من بعضها البعض فأصبحت لغاتاً عديدةً، كذلك تطوّرت داخل اللغة الواحدة مجموعةٌ كبيرةٌ من اللهجات المحلية متأثرةً بالبيئة وبظروف كل منطقة ومدى احتكاكها بالحضارات الأخرى خاصةً في فترة الاستعمار الأوروبي ومحاولته فرض لغته على الشعوب التي استعمرها فظهرت لهجاتٌ هجينةٌ تحمل الكثير من المفردات من اللغة الأم ومن لغة المستعمر. ولا ننسى تأثير البيئة الكبير على طبيعة اللهجة، فمن الواضح أن لهجات أهل البادية أكثر قوةً وقساوةً من لهجات أهل المدينة التي تميل إلى الرقة والابتعاد عن الحروف الثقيلة. 


إذا أعجبتك المقالة فساهم في نشرها. 


بقلمي سليمان أبو طافش✍️

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 10/18/2021 08:46:00 م

كيف نشأت و تطورت اللغات - الجزء الأول


كيف نشأت و تطورت اللغات - الجزء الأول
كيف نشأت و تطورت اللغات - الجزء الأول

اللغات

 لماذا نجد الكثير من اللغات التي يتحدثها البشر إن كانوا جميعاً قد جاؤوا من أصلٍ واحد ومن مكانٍ واحد؟ هل صحيحٌ ما ترويه بعض القصص عن أن اختلاف لغات البشر هو شكلٌ من أشكال العقاب الإلهي أم أن الحقيقة أمر آخر؟ كيف بدأت اللغات وكيف تطورت واختلفت حتى صارت على الشكل الذي نعرفه اليوم؟


|نشأة اللغة|:

لا توجد حتى الآن أية نظريةٍ شاملةٍ تشرح كيف نشأت اللغة ولا أين نشأت، وذلك لعدم توفّر الأدلّة الكافية على ذلك، ولكن يوجد رأيان مختلفان حول نشأة اللغة: الأول يعتبر بأن اللغة هبةٌ من الخالق وقد خُلقت معه، والثاني يعتبر بأن اللغة نشأت في وقتٍ ما بشكلٍ بدائيٍ ثم تطورت وتشعبت حتى أصبحت كما هي اليوم.


 من الواضح بأن الرأي الأول :

هو رأي أهل الدين وهو مفهومٌ ولا يحتاج لأي شرحٍ، ولكنّه لا يقدّم أيّ دليل يثبت صحته وهو رأيٌّ إيمانيٌّ بحت ينتج عن إيمان صاحبه.


أما الرأي الثاني :

 فهو الذي يحتاج إلى الكثير من الدراسة والتحليل وتندرج تحته جميع الفرضيّات التي حاولت شرح كيفية نشأة اللغات وتطوّرها. ويمكن تقسيم تلك الفرضيات إلى شريحتين أساسيتين: الأولى هي الفرضيات القديمة التي ظهرت قبل تطوّر علم الآثار والحفريات والعلوم الأخرى، والثانية هي الفرضيات الحديثة.


تقوم الفرضيات القديمة على تفسيراتٍ بسيطةٍ تفتقر لأبسط الأدلة العلمية، وأشهرها الفرضية القائلة بأن الإنسان طوّر اللغات نتيجة تقليده لأصوات الحيوانات لكي يتواصل مع بني جنسه، والفرضية القائلة بأن اللغات قد تطوّرت من الأصوات |الغرائزية| التي يطلقها البشر تلقائياً منذ ولادتهم.


التفسيرات الحديثة لنشأة اللغات:

تتعامل هذه الفرضيات مع اللغات على أنها نتيجةٌ من نتائج التطور الذي مرَّ به البشر ومن ضمنها ما أصابه من طفراتٍ جينية خلال رحلة تطوره الطويلة، فهي تدرس مواطن التواصل واللغة في المخ وتدرس الصفات البشرية الخاصة به كمرونة الشفاه وبنية الحنجرة وشكل الأسنان وغيرها، ولكن جميع ما قدّمته تلك الفرضيات لا يدعمه أي دليلٍ علميٍ قاطعٍ فبقيت مجرد فرضيات.


ظهور و|تطور الكتابة|:

مهما كانت الظروف التي أدت إلى نشوء اللغات وتطورها فالأهم من ذلك بالنسبة لنا هو ظهور الكتابة وتطورها لأن الكتابة هي الوسيلة الأساسية لتوثيق الأحداث ولحفظ التاريخ والمعارف والعلوم.


قبل اختراع الكتابة كان البشر يتواصلون مع بعضهم بالأصوات والإشارات والإيماءات وغيرها من وسائل التواصل المرئية والمسموعة، إلى أن ظهرت الكتابة لأول مرةٍ في التاريخ وكانت كتابةً صوريةً تستخدم صور الأشياء للدلالة عليها وقد ظهرت أقدم تلك الكتابات التصويرية في بلاد الرافدين في عصر |الحضارة السومرية| في عام 3500 قبل الميلاد وقد سميت بالكتابة المسمارية لأن السومريين استخدموا ما يشبه المسمار لنقش تلك الصور والرسومات على ألواحٍ من الطين. كما ظهرت كتابةٌ تصويريةٌ مشابهةٌ لها في الحضارة المصرية القديمة وفي الحضارة الصينية وبشكلٍ متزامنٍ معها، وليس مؤكداً ما إن كانت الكتابة السومرية هي الأصل لكل تلك الكتابات أم أن تشابهها كان مجرد صدفةٍ لأن الكتابة التصويرية هي الشكل الأمثل الذي يناسب قدرات البشر ووسائلهم المتاحة في ذلك الوقت.


اقرأ المزيد...


بقلمي سليمان أبو طافش✍️

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/06/2021 05:03:00 م

- الجزء الأول -

حقيقة البوذية وتعاليمها
حقيقة البوذية وتعاليمها 


 في إقليم نيبال شمال الهند و في منتصف القرن السادس قبل الميلاد

 عاشت أسرة غنية مالكة للكثير من الأراضي وذات نفوذ كبير، ولد لها فتى أسمته "سودهارتا غوتاما"

الذي نشأ وتربى وعاش عيشة الأغنياء المترفة، 

أخذته الحياة فانغمس في ملذاتها وتزوج باكراً وأنجب صبياً، وعندما بلغ أشده أدرك وجود عالمٍ آخر خارج حدود قصره مختلفٍ تماماً عما يعرفه من أمور الحياة داخل القصر،

 فقرر الخروج من قصره لاستكشاف ذلك العالم و استطلاع أحوال الناس، 

فكان ما رآه صدمةً كبيرةً له، 

حيث وجد معظم الناس يعانون الفقر و البؤس و التعاسة،

 و لعل من أكثر المشاهدات التي فاجأته و أثّرت فيه كثيراً هي رؤية ذلك العجوز البائس الفقير الذي امتلأ وجهه بالكآبة و الأسى، 

و رؤية المريض المنكفئ على نفسه في إحدى زوايا الطريق القذرة وهو يتلوّى من الألم،

 وكذلك انصدم كثيراً عندما رأى جثة رجلٍ فقيرٍ مات من الجوع مرميةً على قارعة الطريق،

 كما شاهد المتسولين المعدمين، فانتابه شعورٌ غريبٌ حول الفارق الكبير بين حياته وحياة هؤلاء،

 وأدرك أن الإنسانية بشكلٍ عام غارقة في المعاناة و الآلام و الشقاء، 

وشعر فجأةً بأن كلَّ ما يتمتع به من ترفٍ ورخاء سيزول يوماً ما،

 و بأن حياة اللهو و البذخ بلا معنى و لا طائل منها ولا بد لها أن تنتهي مهما طال الزمن لأن المرض و الشيخوخة و الموت ينتظرون كل إنسان.

بعد ذلك هجر غوتاما عائلته و أملاكه و حياته السابقة

 بحثاً عن وسيلةٍ تساعده في تخليص نفسه وتحقيق السكينة و الرضا وربما تساعد الإنسانية في الخلاص من كل ما تعانيه.

هام غوتاما على وجهه بحثاً عن الحقيقة فعاش عيشة الزهد بين نسّاك البراهما وقهقر نفسه لكي يروّض جسده و روحه بالإمتناع عن كل الملذات و الشهوات حتى أنه كثيراً ما بقي في حالة القرفصاء و امتنع عن الجلوس،

 أما فراشه فكان من الأخشاب القاسية و الخشنة، و أما طعامه فكان بضعة حباتٍ من الأرز، 

وقد بقي على هذه الحالة سبع سنواتٍ كاملةٍ يجاهد نفسه و جسده على أمل الوصول إلى السكينة الروحية و السلام الداخلي حتى كاد أن يهلك،

 ولكنه رغم كل ذلك لم يشعر بالرضا ولم يجد أية فائدةٍ من كل ما فعله فاقتنع بأن ما فعله ليس سوى تعذيبٍ لنفسه وبدنه بدون طائل، وأدرك بأن حياة الحرمان و الزهد لا تزيد في قيمتها عن حياة اللهو و الملذات التي عرفها سابقاً.

ذات ليلةٍ جلس كعادته تحت شجرةٍ ستلقّب فيما بعد بشجرة المعرفة،

وكان غارقاً في تأملاته فتراءى له أنه أدرك فجأةً حقيقة هذا العالم وكأنه كان غارقاً في الظلمة و غمره النور فجأة،

 ومن هنا حصل على لقب بوذا أي الرجل المستنير، كما سميّت تلك الليلة بليلة الاشراق،

وفيها شعر بوذا لأول مرةٍ في حياته بالطمأنينة حيث أدرك أن خير الأمور أوسطها و أن الوسطية في كل شيئ هي طريق الخلاص.

إقرأ المزيد...

بقلم سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/06/2021 05:03:00 م

 - الجزء الثاني -

حقيقة البوذية وتعاليمها

حقيقة البوذية وتعاليمها


 طريق الخلاص:

إعتقد بوذا بأن للحياة طريقين مختلفين وعلى كل من يرغب بالوصول إلى السكينة و السلام الداخلي أن يبتعد عن هذين الطريقين.

أحد الطريقين هو حياة اللذة و الترف و الانغماس في مغريات الحياة،

 وهو يرى بأن تلك الحياة وضيعة وتافهة وغير جديرة بأن نحياها بل إنها مخالفة للعقل و المنطق، 

أما الطريق الأخرى فهي حياة الزهد و الحرمان و التقشف

 وهي حياة كئيبة و لا طائل منها، وبذلك تكون الطريق المارة بين هاتين الطريقين هي الطريق المثلى التي يكتشفها كل حكيمٍ وهي الطريق الموصلة إلى "النيرفانا" أي الطمانينة و الخلاص و السلام.

أراد بوذا أن يشاركه الناس معتقداته لكي يتخلّصوا من معاناتهم و آلامهم فراح يدعوهم إلى ذلك 

فقال:" يا من خلّصت نفسك اعمل على خلاص الآخرين" 

كما قال:" إذا كنت قد وصلت إلى شاطئ الأمان فساعد الآخرين لكي يعبروا بدورهم".

عندما امتلك بوذا ناصية الحقيقة بحسب ظنّه فقد كرّس جميع جهوده و إمكاناته لنشر تلك الحقيقة بين الناس

 وأمضى بقية حياته محاولاً هداية الناس إلى ما اكتشفه وقد استمر بذلك مدة واحدٍ وخمسين عاماً حتى وفاته في عامه الثمانين.

الهدف الحقيقي لدعوة بوذا:

يمكن القول بأن كل ما فعله بوذا و ما قاله بعد أن غمره نور الحقيقة بحسب إعتقاده هو محاولة إنهاء معاناة وآلام البشر،

 من خلال مجموعة من السلوكيات التي على الناس اتباعها، فقد رأى بوذا بأن خلاص كل انسانٍ يعتمد عليه وعلى أسلوبه في الحياة، وهو لا يعتقد بأن الخلاص يكون بعد إنتهاء البشرية كما في الأديان الإبراهيمية بل يكون خلال حياة الانسان،

 ولذلك فإن بوذا ليس نبياً ولم يدعي أبداً بأنه نبي كما لم يدعي الألوهية ولم يقل يوماً بأنه يدعو لدينٍ جديد، 

بل إنه رفض التعاليم المقدسة للفيدا الهندوسية

فقال:" إن خلاص الانسان ليس في تعاليم تأتي من عالمٍ آخر بل هو يتمثّل في إطلاق الانسان لقدرته على تحقيق الخير و السعادة لنفسه و للآخرين"،

 وهذا ما يفرض على الإنسان أن يسعى دائماً لتحقيق ذاته لكي يصل إلى حالة النيرفانا التي تعتبر أسمى الحالات في البوذية.

ما معنى النيرفانا؟

المعنى الحرفي لكلمة نيرفانا هو الانطفاء، وهي حالة تشبه حالة انطفاء الشمعة، فهي تعمل على إطفاء ثلاثة أشياء في الانسان هي الجشع و الكراهية و الوهم،

 ولها في البوذية بعدان:

البعد الأول دنيوي بحت 

بحيث تتحقق عند وصول الانسان إلى السلام الداخلي و السكينة و الراحة من المعاناة و الآلام.

البعد الثاني هو بعد ميتافيزيقي

 يتمثّل في كسر دورة الحياة والموت و الإنبعاث عن طريق التناسخ و الوصول إلى التحرر الكامل من الآلام والمعاناة بشكلٍ نهائي.

  يعتقد بوذا بأن الأشياء الثلاثة التي تطفئها النيرفانا هي مصدر كل معاناة البشرية و مشاكلها و بالتغلب عليها يمكن الوصول إلى حالة الحياة الفاضلة و الحكيمة

 فيتحول الانسان إلى إنسان يتصف بالسعادة والسلام و الراحة الروحية العميقة فتنتهي بداخله كل عوامل الشك و القلق و التوتر و الخوف.

إقرأ المزيد ...



🔭بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/06/2021 05:03:00 م

- الجزء الثالث - 

حقيقة البوذية وتعاليمها

حقيقة البوذية وتعاليمها 


الغوص أعمق في البوذية:

يرى بوذا بأن الوصول إلى النيرفانا سيمنع الولادة المتكررة للإنسان على طريقة تناسخ الأرواح لينطفئ بعدها بشكلٍ كاملٍ في نيرفانا الوجود التي تعني الراحة والسلام الأبديين.

كيف نصل إلى النيرفانا؟

بحسب بوذا فإنه لا يمكن الوصول إلى الراحة والسلام إلا عبر طريق الحياة الفاضلة والحكيمة بالإلتزام بالفضائل و مكارم الأخلاق والفهم العميق لحالة الوجود البشري

 وهذه حالة معرفية عميقة تُكتسب بالتأمل و التفكير العميق بالتوازي مع تطهّر القلب و العقل و الوجدان، فيمكن القول بان النيرفانا هي مزيج من الفضيلة والحكمة.

على كل إنسان أن يسلك درب الفضيلة عبر الحقائق الأربعة النبيلة التي توصل إليها بوذا تحت شجرة المعرفة وهي:

الحقيقة الأولى: الحياة معاناة:

 على الإنسان أن يدرك بأن حياته مليئة بالألم و المعاناة وأن كل ما يمر به منذ ولادته من المرض و الشيخوخة والرغبة الدائمة بالمزيد و الشعور بالعجز وعدم تحقيق الأهداف كل ذلك من أشكال المعاناة،

 وكذلك فإن مجالسة من لا نحب معاناة، و فراق من نحب معاناة،

 الخوف الدائم من الموت هو معاناة،

بل إن كل سعادة وقتية نشعر بها ستعقبها معاناة،

 وكل الظروف الصعبة من فشل و إحباط و خيبة أمل ستبب لنا المعاناة، فكل حياتنا سلسلة من المعاناة.

الحقيقة الثانية: سبب المعاناة هو الرغبة و الشهوة:

جميع مشاكل الإنسان ومعاناته تبدأ من رغباته غير المنتهية وشهوته وتعطشه للمزيد 

فإذا كانت المعاناة كالنار فالرغبة و الشهوة مثل الوقود لها.

الحقيقة الثالثة: من الممكن إيقاف المعاناة:

وذلك بإخماد الرغبة و الشهوة داخل الإنسان عن طريق التحكم والسيطرة على حياتنا و رغباتنا فعند معالجة أساس المشكلة تنتهي جميع أشكال المعاناة. 

الحقيقة الرابعة: يوجد طريق يقود فعلاً إلى إنهاء المعاناة:

و هو الطريق الوسط بين طريقي الانغماس الكلي في ملذات الحياة وطريق الزهد الكامل وهذا الطريق الوسط يقوم على ثماني قواعد هي:

  1. الرؤية الصحيحة
  2.  النية السليمة
  3.  عفة اللسان
  4.  العمل الصالح
  5.  العيش بطريقة سليمة بعيداً عن الرذائل
  6.  التفاني في الجهد
  7.  الوعي الصحيح لمصادر الحكمة
  8.  التأمل السليم في معاني الحكمة.

عند التزام المرء بقواعد هذه الطريق يمكنه التغلب على ثالوث الجشع و الكراهية و الوهم و استبدالها بالفضيلة و الحكمة و ذلك ما يوصله إلى الخلاص الدنيوي و الخلاص الأبدي.

إقرأ المزيد ...

🔭بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/06/2021 05:03:00 م

- الجزء الرابع -

حقيقة البوذية وتعاليمها

حقيقة البوذية وتعاليمها 


 ماالذي يميز البوذية عن غيرها:

البوذية ليست ديانةً رغم أن البوذيين يعترفون بوجود الآله و قد يتشابهون مع الهندوس في كثيرٍ من النواحي الغيبية ولكن ما يميز البوذية عن الهندوسية وعن الديانات الأخرى هو ما يلي:

أولاً

لا تهتم البوذية بإرضاء الآلهة ولا بما تريده الآلهة بل إن محور إهتمامها هو الإنسان نفسه وما يريده و ما يتوجب عليه فعله لبلوغ النيرفانا.

ثانياً

الطقوس البوذية ليست مقدمة لارضاء الآلهة ولا تكترث مطلقاً لما تفعله فلا نجد عند البوذيين أية قصص و أساطير عن الآلهة.

ثالثاً

يعتقد البوذيون بأن كل شيءٍ في تغيرٍ مستمر، وهذا التغير يؤدي دائماً إلى المعاناة والشقاء.

توجد ثلاث حالات للإنسان في البوذية هي:

1) دوكا:

 المعاناة لاشباع الغرائز من طعام و جنس و غنى وغيرها وهي لا تشبع أبداً فتستمر معها المعاناة.

مبدأ الكارما: ويقوم على نتائج الأعمال،

 وترتبط الكارما مع الرغبات التي نحاول إشباعها، 

فكل عمل نقوم به له نتائج، ونتائجه هي ما تخبر عنه بمعنى أن الأمور مرهونة بنتائجها و الكارما هي نتاج كل أعمال و أفكار الانسان خلال حياته وهي ما ستحمله إلى المرحلة الانسانية الثانية المسماة سامسارا.

2) سامسارا: 

ومعناها حلقة الموت والولادة:

 فالبوذيون يؤمنون بتناسخ الأرواح، وهم يعتقدون بأن كل حياة يعيشها الانسان مرتبطة بالحياة التي قبلها فالكارما التي يحملها المرء من حياته السابقة هي ما ستحدد مقدار تعاسته في الحياة الحالية،

 ومع تكرار الولادة و الموت قد يولد الإنسان كحيوان بائس كما قد يحيى حياة الرغد و الرفاه 

فالثواب و العقاب عند البوذيين هو في هذه الحياة وليس بعد انتهاء البشرية.

3) النيرفانا: 

وتعني بلوغ السعادة و السلام و الراحة الأبدية، 

ولكن بلوغها قد يتطلب عدداً كبيراً من الحيواة التي يعيشها الإنسان، ومع بلوغ حالة النيرفانا تنكسر حلقة الموت و الولادة ويحصل الانسان على الراحة الأبدية بالموت الذي لا تعقبه ولادة فتنتهي معاناة الانسان وشقائه.

كيف نبلغ النيرفانا؟

لبلوغ النيرفانا لا بد من المرور بثلاثة مراحل:

المرحلة الأولى:

 هي درجة الحكمة: فيجب أن يؤمن البوذي بأن الموت لا يعني النهاية وهو مجرد انتقال لحياة جديدة، ولذلك يجب التخلي عن ملذات الحياة و البحث الدائم عن المعرفة العميقة.

المرحلة الثانية: 

هي درجة الأخلاق: فعلى البوذي التحلي بدرجة عالية من الأخلاق الكريمة و الأفعال الحميدة فيترفع عن كل ما يسئ لنفسه أو لغيره من الناس أو من الكائنات الأخرى.

المرحلة الثالثة: 

هي درجة التأمل: وهي المرحلة الأصعب لأنها تفرض على البوذي أن يرفض الأفكار الحسية و الغريزية وهي حالة مهمة لأنها تسمح للمرء أن يتعرف على جسمه ومكوناته و على أشكال الطاقة التي تتصارع داخله حتى يبلغ التركيز المطلوب لدخول حالة التأمل الشديدة

 لدرجة أن الإنسان قد يسيطر على جسده فلا يشعر بالألم و الجوع و الرغبة 

و ذلك هو الهدف الأسمى الذي يقود إلى النيرفانا.

إقرأ المزيد ...لنعرف اكثر ..



🔭بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 9/06/2021 05:03:00 م

 - الجزء الخامس - 

حقيقة البوذية وتعاليمها

حقيقة البوذية وتعاليمها


 مبدأ هام عند البوذيين:

رغم أن لقب بوذا قد أطلق لأول مرة على مؤسس هذه المجموعة الفكرية و العقائدية وهو يعني الرجل المستنير، 

إلا أن أي إنسان يبلغ مرحلة التأمل الشديد ويقترب من النيرفانا يحمل لقب بوذا أيضاً، مع العلم أن كلمة بوذا هي كلمة سنسكريتية (اللغة الأصلية للهند) 

ومعناها الحرفي: 

الشخص الذي خرج من أشد الظلمات إلى النور. 

وبما أن الكثير من الناس حملوا لقب بوذا فإننا نجد الكثير من القصص حول شخصية بوذا

فلكل رجل يحمل لقب بوذا قصته الخاصة التي قد تكون حقيقية وقد تكون مختلقة.

ما هي التماثيل التي يبنيها البوذيون ويصلون لها؟

البوذيون يبنون تماثيل لشخصيات معينة عاشت ووصلت إلى مرحلة البوذا وتلك التماثيل لا ترمز أبداً للآلهة وهي ليست مقدسة بل محترمة ومبجّلة 

و الناس يصلّون لهؤلاء الأشخاص لأنهم بلغوا مرحلة النيرفانا فكسروا حلقة الموت و الولادة و أصبحت أرواحهم خالدة فيمكن لها ان تساعد أرواح الآخرين لبلوغ النيرفانا أيضاً.

أكثر ما يلفت النظر في البوذية أنها مسالمة جداً فهي لا تحمل أي شكل من أشكال التحريض على الآخرين

 بل تعتبر الإساءة للآخرين من بشرٍ و حيوانات بمثابة المعاصي التي تسيء كثيراً إلى (كارما) الإنسان،

 وهذا شيءٌ جميلٌ لا نجده عند معظم الديانات، 

ولعل هذا سبب انتشارها الكبير في العالم حتى في أوروبا و أمريكا حتى أصبحت رابع أكثر الديانات انتشاراً بعد المسيحية و الإسلام و الهندوسية،

و رغم أن الكثير من أتباعها الغربيين لا يتبنون تفاصيل البوذية وكل فلسفتها ولكنهم يتمسكون بالقيم السامية التي تحملها وتحث عليها.

الخلاصة:

رغم أن معظم الناس يصنفون البوذية كديانة وثنية إلا أن بوذا الأول لم يقل أبداً بأنه نبي و لا أنه صاحب ديانة جديدة بل كان يرفض كل الأديان و يعتقد بأنها إحدى وسائل السيطرة على عقول الآخرين و أفعالهم،

 ورغم أن البوذية مجرد أفكارٍ بشريةٍ قد تجد الكثير ممن يعارضوها ولا يتفقون مع تفاصيلها خاصةً ما يخص التناسخ و الولادة على شكل حيوان وهذا نوع من العقاب إلا أنها تحمل في طياتها قيماً ساميةً

 فيكفيها أنها لا تحرض أحداً على أحد و لا تجبر أحداً على شيء وهي منفتحة على الجميع و تقبل الجميع وتسعى لخلاص البشرية جمعاء.

شارك المقالة إذا أعجبتك.


🔭بقلمي سليمان أبو طافش 

يتم التشغيل بواسطة Blogger.