فَتَحَتْ سَلْمَىٰ بَابَ البَيْتِ بِالمُفْتاَحِ وَدَخَلَتْ ُمُسْرِعَةً ِإلَىٰ غُرفَةِ الجُلُوسِ
تَقَدَّمَتْهَا صَغِيرَتُهَا لِينَا ذَاتُ السِّتِ سَنَوَاتِ الَّتِي انْدَفَعَتْ ِإَلىٰ حَيْثُ تَجْلِسُ الجَدَّةُ وَارتَمَتْ فِي حُضْنِهَا وَهِيَ تَبْكِي
جَلَسَتْ سَلْمَىٰ عَلَىٰ الكَنَبةِ المُقَابِلَةِ وَأَسْنَدَتْ رَأْسَهَا ِإلَىٰ الوَرَاءِ وَقَدْ بَدَتْ مُنْزَعِجَةً غَاضِبَةً
رَفَعَتْ الجَدَّةُ حَاجِبَيْهَا بِدَهْشَةٍ وَهِيَ تَضُّمُ حَفِيِدَتَهَا ثُمَّ نَظَرَتْ ِإلَىٰ كِنَّتِهَا مُتَسَائِلَةً عَنْ َتفْسِيرٍ لِمَا يَجْرِِي َوعَنْ سَبَبِ بُكَائِهَا
تََنهَّدتْ سَلْمَىٰ وَقَالَتْ لِلْجَدَّةِ : اسأَلِي حَفِيدََتكِ مَامَا ؟
لَقَدْ أَزْعَجَتْنِي بِتَصَرُّفَاتِهَا وَسَبَّبَتْ لِيَ الِإحرَاجَ ، لَنْ أَصطَحِبَهَا مَعِي إِلَىٰ السُّوقِ بَعدَ اليَوْمِ وَازْدَادَ بَكَاءُ لِينَا
تَابَعَتِ الأُمُّ قَوْلَهَا : اشْتَرَيْتُ لَهَا دَفْتَرَ أَلْوَانٍ وَدُمْيَةً وَعُلْبَةَ حَلْوَىٰ وَمَجْمُوعَةً قَصَصِيَّةً
لَكِنَّهَا لَاتُرِيِدُ التَّوَقُفَ عَنِ الشِّرَاءِ وَكُلَّمَا مَرَرنَا أَمَامَ بَائِعٍ تَتَوَقَّفُ وَتِلِحُّ لِتَشْتَرِي شَيْئَاً مِنْ عِنْدِه ِ
ضَحِكَتِ الجَدَّةُ وَهِيَ تَمْسَحُ دُمُوعَ حَفِيِدَتِهَا بِحَنَانٍ
قَالَتْ سَلْمَىٰ : تَضْحَكِيِنَ أُمِّي؟
تَضْحَكِيِنْ؟
هَلْ أَعْجَبَكِ تَصَرُّفُهَا؟
قَالَتِ الجَدَّةُ : إِنَّمَا أَضْحَكُ لِأَمْرٍ آخَرٍ
بِالطَّبْعِ ليِنَا مُخْطِئَةٌ وَسَوْفَ تَعتَذِرُ مِنْكِ وَلَنْ َتعُودَ لِمِثْلِ هَذَا التَّصَرُّفِ ، لِأَنَّهَا فَتَاةٌ ذَكِيَّةٌ وَلَطِيفَةٌ
لَكِنِّي تَذَكَّرتُ مَوْقِفَاً مَشَابِهَاً حَصَلَ مَعِي مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثِيِنْ عَامَاً وِاتَّجَهَتْ بِبَصَرِهَا إِلَىٰ لِينَا وَقَالَتْ وَالضَّحِكُ يُغَالِبُهَا :
كَانَ أَبُوكِ آنَذَاكَ صَغِيِراً لَمْ يَتَجَاوَزْ عُمْرُهُ الخَمْسَ سَنَوَاتٍ
اصَطَحَبْتُهُ مَعِي إِلَىٰ سُوقِ الأَلْعَابِ لِشِرَاءِ هَدِيَّةٍ لِطِفْلٍ قَريِِبٍ لَنَا دُعِينَا إِلَىٰ حَفلِ مِيِلاَدِهِ وَكَانَ عَلَيَّ أَنْ أَعُودَ بِسُرعَةٍ ِإلَىٰ البَيْت كَيْ يُوصَِلنَا جَدًّك إِلَىٰ الحَفْلِ
دُهِشَ أَبُوكِ لِكَثْرَةِ الأَلْعَابِ وَالدُّمَىٰ المَوجُوُدَةِ فِي هَذَا السُّوُقِ وَاسْتَهْوَاهُ دُبُّ قِمَاشِيٌّ كَبِيِرٌ، وَبَدَأَ بِالإِلْحَاحِ، ثُمَّ بالبكاء لِيُرغِمَنِي عَلَىٰ شَرَائِهِ
كَانَ كُلُّ تَفْكِيرِي وَقْتَهَا مَحْصُوُرَاً باِنْتِقَاءِ هَدِيَّةٍ ُمُنَاسِبَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَدَيَّ مُتَّسَعٌ مِنَ الوَقْتِ لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ
لِذاَ لَمْ أُعِر إِلْحَاحَهُ اِهْتِمَامَاً كَبِيِراًَ
لَكِنِّي وَعَدتُهُ بِشِرَاءِ مَا يُرِيِدُ فِي المَرَّةِ القَادِمَةِ
فَجْأَةً تَوَقَّفَ أَبُوكِ عَنِ البُكَاءِ وَعَنِ الِإلْحَاحِ
الحَمْدُ لِلَّهِ لَقَد كَانَ بُكَاؤُهُ يُشْعِرُنِي بِالتَّوَتُّرِ، يَبْدُو أَنَّهُ اقْتَنَعَ أَخِيرَاً
حَمَلْتُ عَلْبَةَ الهَدِيَّةِ بِيَدٍ وَكَانَت سَيَّارَةَ إطفَاءٍ وَأَمسَكْتُ يَدَهُ ُ بِاليَدِ الأُخْرَىٰ لَكِنَّهُ كَانَ يَمْشِي بِصُعُوبَةٍ مُتَثَاقِلَ الخُطُوَاتِ
لاَ بَأسَ لازَالَ غَاضِبَاً لِأَنِّي لَمْ أُلَبِّي طَلَبَهُ
هَكَذَا فَسَّرتُ الَأمرَ وَقْتَهَا، سَحَبْتُهُ مِنْ يَدِهِ وَأَسْرَعتُ الخُطَىٰ
فَجْأَةً سَمِعتُ صِيَاحَاً مِنْ وَرَائِي، لَمْ ألَتَفِتْ فَقَد كُنْتُ مُستَْعجِلَةً وَلاَ وَقْتَ لَدَيَّ لِلفُضُولِ
َ صَارَ الصَّوْتُ أَكْثَرَ قُربَاً مِنِّي ثُمَّ أَحسَسَتُ بِيَدٍ كَبِيرَةٍ ثَقِيِلَةٍ تَهْوِي عَلَىٰ كَتِفِي وَبِصَوْتِ رَجُلٍ أَجِشٍ يَقُولُ : تَوَقَّفِي يَا لِصَّة لَقَد أَمسَكْتُكِ
كَانَ هُوَ صَاحِبُ الصََوْتِ الَّذِي كَانَ يَصِيِحُ قَبْلَ قَلِيِلٍ
الْتَفَتُّ إِلِىٰ الوَرَاءِ فَإِذَا بَرَجُلٍ مُكْفَهِرِّ الوِجْهِ وَالشَرَرُ يَتَطَايَرُ مِنْ عَيْـنَيهِ
غَلَىٰ الدَّمُ فِي عُرُوقِي لَا سَيّمَا أَنَّ الَّناسَ قَد بَدَؤُوُا يَتَجَمَّعُوُنَ حَوْلَنَا وَقُلْتُ لِلرَجُلِ بِاسْتِغْرَابٍ :
تَقْصِدُنِي أَنَا يَاسَيِّدُ ؟ بِالتَْأكِيِدِ أَنَّكَ مُخْطِئٌ
قَالَ بِعَصَبِيَّةٍ لَا لَسْتُ مُخْطئِاً أًَنْتِ لِصَّةٌ
ُ قُلْتُ لَهُ كُفَّ عَنِ الصِّيَاحِ يَا هَذَا لَقَد أَفْزَعْتَ طِفْلِي
فَصَرَخَ وَطِفْلُكِ أيْضَاً لِصُّ سَأسْتَدعِي لَكُمَا الشُّرطَةَ
خَافَ أَبُوكِ مِنَ الرَّجُلِ فَاخْتَبَأ خَلْفَ ظَهّرِي ،
وَإِذَا ِبي أَلْمَحُهُ يَجُرُّ دَبَّا قِمَاشِيَّاً ضَخْمَاً، كَانَ كَبِيِرَاً جِدَّاَ يَا للِهَوْلِ كَيْفَ لَمْ انْتَبِهْ لِلأَمرِ.
أَدرَكْتُ الآنَ لِمَاذا كَانَ يَسَيِرُ مُتَثَاقِلَ الخُطُوَاتِ
إِنَّهُ أَكْبَرُ مِنْهُ حَجْمَاً
عَقَدَتِ الصَّدمَةُ لِسَانِي ، إذاً فَالرَّجُلُ مُحِقٌّ يَا لَلْعَارِ
شَدَدْتُ الدُّمْيَةَ الضَّخْمَةَ مِنْ يَدِهِ ِلأُعطِيهَا ِللرَّجُلِ لَكِنَّهُ رَفَضَ وَقَالَ : لَقَد أَتْلَفَهَا وَلَدُكِ ، أَلَاتَرَيْنَ كَيْفَ يَجُرُّهَا عَلَىٰ الأَرضِ؟
أُرِيِدُ ثَمَنَهَا
هَزَزْتُ بِرَأسِي مُوَافِقَةً… لَمْ أَجْرُؤْ عَلَىٰ الِإعتِرَاضِ
ثُمَّ قُلْتُ بِِصَوْتٍ خَافِتٍ مُتَلَعْثِمٍ وَكَمْ تُرِيِدُ ثَمَنَهَا؟
قَالَ بِفَظَاظَةٍ أَلْفَ لَيْرَةٍ .
شَعَرتُ أَنِّي فِي وَرطَةٍ كَبِيَرَةٍ إِذْ لَمْ يَتَبَقَّ مَعِيَ المَالُ الكَافِي لِدَفْعِ ثَمَنِ هَذَا الدُّبِ
لَيْتَنِي لَمْ أَشْتَرِ الهَدِيَّةَ بَعْد.
رَفَعْتُ نَظَرِي بحِيِرَةٍ وَإِذَا بِي ألْمَحُ أَخِي يَمُرُّ مِنْ هُنَاكَ
كِدْتُ أَطِيرَ مِنْ فَرَحِي، اسْتَجْمَعُتُ مَابَقِيَ لَدَيَّ مِنْ شَجَاعَةٍ وَنَادَيْتُهُ بِأعْلَىْ صَوْتِي
الحَمْدُ لِلَّهِ لقََدْ أَرسَلَهُ الَّلٰهُ لِإِنْقَاذِي مِنْ وَرطَتِي
تَكَفَّلَ أَخِي بِالمَوْضُوُعِ وَعُدنَا ِإلَىٰ البَيْتِ وَمَعَنَا الدُّبَ الكبَِيرَ وَأَبُوكِ يَكَادُ يَطِيِرُ فَرَحَاً بِهِِ
اتَّجَهَتِ الجَدَّةُ بِبَصَرِهَا إِلَىٰ دُبِّ البَانْدَا الكَبِيِرِ الَّذِي يَتَرَبَّعُ فَوْقَ التَرَابِيزَةِ فِي زَاوِيَةِ الغَرفَةِ وأشَارَتْ ِإلَيْهِ
فَشَهَقَتْ لِينَا : هَذَا هُوَ الدَّبُ جَدَّتِي!! ؟
هَزَّتْ جَدَّتُهَا رَاْسَهَا وَقَاَلتْ : نَعَمْ حَبِيِبَتِي نَعَمْ إِنَّهُ هُوَ بِعَْينِهِ
أَبُوكِ يُحِبُّهُ كَثِيِرَاَ وَيَرفُضُ الإِسْتِغْنَاءَ عَنْهُ
ضَحِكَتْ سَلْمَىٰ وَقَالَتْ : إِذَاً لِينَا لَمْ َتفْعَلْ شَيْئَاً بِالنِسْبَةِ لِمَا فَعَلَهُ وَالِدُهَا
فَتَحَتْ ذِرَاعَيْهَا فَرَكَضَتْ لِينَا وَارتَمَتْ فِي حُضْنِهَا وَهِيَ تَقُولُ أُحِبُّكِ مَامَا سَامِحِيِني
تٌنَهَدَتِ الجَدَّةُ وَقَالَتْ فِي سِرِّهَا الحَمْدُ ِللَّهِ حُلَّتِ المُشْكِلَةُ وَانْتَهَتِ الأُمُورُ عَلَىٰ خَيْرٍ
أنتظر أن أعرف ماذا تعلمتم من| قصّة اليوم |في التعليقات بلهفة ..
🤍دمتم برعاية الله أحبائي🤍
👵🏻|كانت معكم جدتكم المُحبَّة هدى الزعبي|